هل تم أختراق الجهاز الأمني للحكومة الإريترية عبر تنظيم ( دمحيت ) !! تساؤلات كتبها / جمال همــد
22-Sep-2015
عدوليس ـ ملبورن
عبر الشارع الإريتري في الداخل عن سروره البالغ لما جرى على الحدود الإريترية ـ الإثيوبية ـ السودانية ، وقد تبدى الأمر بتناقل الخبر في المجالس الخاصة والمقاهي والحانات بمزيج من التهكم مع أضافات ما يجود بها الخيال الشعبي .الحاكم في العاصمة الإريترية أسمرا والمزدري للإعلام عاد لعادته التي خرج عنها فيما يخص اليمن والعلاقة مع الجارة العملاقة الرياض ، إلا انه سوف لايخفي طويلا تبرمه من الدور السوداني تجاه ما حدث في المثلث الحدودي .السؤال المركزي ليس هو كيف إستطاعت المخابرات العسكرية الإثيوبية أختراق الحركة الديمقراطية لشعب تقراي المعروفة إختصارا بالـ ( الدمحيت ) بل هل يمكن القول ان هذا مؤشر لإختراقها لأجهزة الأمنية الإريترية ؟
تبدو الإجابة صعبة للغاية ، ولكن المتتبع للسيرة الذاتية للجبهة الشعبية لتحرير إريتريا يجد الكثير الدلالات الكافية لتلمس الإجابة . الجبهة الشعبية التي تسترشد في مسيرتها العامة ونهجهها الأمني بفكر وتاريخ ( كوريا كيم إيل سونغ وورثته ، والنظرية الماوية ونهج المانيا الشرقية وشاوسيسكو الأمني ..الخ ) برعت طوال أكثر من عقدين في إختراق التنظيمات المناوئة لها خاصة في السنوات الأخيرة قبيل التحرير ، كما أستطاعت إحكام قبضة حديدية شديدة الصرامة على عضوية التنظيم ليتحول التنظيم برمته إلى قوى شديدة الفعالية ، لكن في الجوانب العملانية والتنفيذية المتفانية فقط ، تأسيسا على مقولة الرأس والأطراف وترسيخ مفهوم إزدراء الجدل والحوار لعامة أعضاء التنظيم ، لانه يجب ان يترك للخاصة . وقد ظهر خلل هذا البناء الهرمي الضخم وشديد التماسك عندما دارت ماكينات الدولة ، لجأ العقل المدبر للتنظيم لعملية جراحة عاجلة وسريعة مسترشدا بتجارب كوريا وسوريا والعراق وليبيا القذافي وذلك بخلق عدد من الأجهزة الأمنية ( المخابرات الجوية والبحرية والعسكرية … الخ ) ، في محاولة لانهاء دور جهاز الـ ( 72) و(حرس الثورة ) والحد من تمركز السلطات الأمنية فيهما حصرا ، وكذلك أضعاف دور الجيش الإريتري . هذا التعدد مع انه تحت قبضة وخدمة الرئيس إلا ان الروح التنافسية دائما ما تحكم العلاقات بينها وقد عبر ذلك عن نفسه في الصدام بين الأمن الداخلي والمخابرات العسكرية وكاد ان يذهب بحياة العقيد قبر دنقل المسؤول الاول في جهاز الامن الداخلي ، كما ان تقسيم البلاد لإقطاعيات عسكرية سُميت بمناطق العمليات على رأس كل منها قائد عسكري واسع الصلاحيات بما في ذلك تشكيل وحدات أمنية ومعتقلات خاصة قد وسع من دور الأجهزة الأمنية وتضارب صلاحياتها ، وأخيرت يمكن الأشارة للصراعات الإقليمية والمناطقية بين القيادات الأمنية والعسكرية. ولسنا هنا لسرد تاريخ الجهاز القمعي للجبهة الشعبية لتحرير إريتريا ولهذا مساحة أخرى ولكن يمكن القول بالمجمل ان كل الأجهزة الأمنية الإريترية رغم فعاليتها الظاهرة إلا انها بالجمل تعاني من خلل بنيوي كتنظيم الذي تنتمي إليه لذا فهي قد تراخت كتراخي التنظيم ، لتكتشف مقولة ( نمر من ورق ) هذا جانب جانب آخر ان التعامل مع ( دمحيت ) تم على ذات الأسس التي يقوم عليها الأسس الجديدة للعصبة .فقد تأسس التنظيم على خلفية الإنقسام الذي حدث في الجبهة الشعبية لتحرير تقراي والذي قادة القيادي ( سييي أبرها ) وزير الدفاع الأسبق ورفاقه في مواجهة ملس زيناوي ومجموعته ، إثر الخلاف حول عدد من المشكلات التنظيمية والفكرية ولتأتي العلاقة مع إريتريا أسياس افورقي وإدارة سير المعارك في الميدان ولينتصر زيناوي ويخرج أبرها من الخارطة السياسية ، وكما هو معروف ان ابرها ينتمي لمنطقة ( تنبين ) وهي منطقة أخوال الرئيس الاريتري الذي حاول إستثمار الغضب “التنبيني” لصالحة لذا أولاهم رعايته الخاصة من تدريب وتسليح وإعداد .1/ بالنتيجة لما ورد في خلفية التنظيم فإن قادته كانوا على تماس مباشر مع الخاصة الرئاسية إبتداء من العقيد تسفالدت رئيس الحرس الرئاسي والممسك بعدد من الملفات الخاصة داخليا وإقليميا .2/ وكما ورد في المؤتمر الصحفي للجنرال أسقدوم ( الحوار ) بينه وبين المخابرات الإثيوبية أستمر مدة عام.3/ تولى الجنرال مولا أسقدوم دفة القيادة بعد إغتيال المؤسس أسفها ابرها في عملية لم تتضح معالمها حتى الآن ، علما بإن المغدور مناضل سابق ومن خلفية أمنية في الجبهة الشعبية لتحرير تقراي سابقا .4/ في 23 يونيو 2015 وقع نائب رئيس حركة ( 7 قنبوت ـ مايو ) في فخ التنسيق اليمني ـ الإثيوبي في مطار صنعاء وتم تسليمه لأديس ابابا علما بإنه كان يحمل جواز سفر إريتري عادي ، بدل جوازه الأجنبي ،كان ان تحركاته كانت سرية دائما .5/ العملية العسكرية الجوية مترافقة مع اجتياح محدود لقوات خاصة للعمق الإريتري وتدمير مستودعات عسكرية تابعه للجيش الإريتري ومعسكر للمعارضة الإثيوبية في الإقليم الجنوبي وإلحاق اصابات بمناجم تعدين الذهب في “بيشا ” غربي إريتريا في وقت سابق من هذا العام .6/ وجود أعداد من ضباط المخابرات العسكرية الإثيوبية بجانب طواقم الأمن التابعة للسفارة الإثيوبية في الخرطوم في مدينة القضارف والتعامل السوداني السلس مع الموقف وعمليات الإجلاء السريع للأراضي الإثيوبية .كل تلك الأحداث لايمكن ان تمر بسهولة ويسر في دوله بوليسية تعتمد على المعلومات مهما صغر شأنها ، ومع ذلك يمكن طرح عدد من الأسئلة الجوهرية فيما يتعلق بالعملية :1/ لوحظ ان الجنرال أسقدوم ظهر لوحده في المؤتمر الصحفي الذي نظم له في العاصمة الإثيوبية ، كما ظهر لوحده في الميدان في الفيديوهات التي تداولت في بعض مواقع التواصل الإجتماعي .2/ العدد الكلي للذين وصلوا حامدايت ما بين ( 800ـ إلى 1000) والتقديرات السابقة من عدد من المصادر كانت تقول ان قوات الـ ( دمحيت ) يترواح بين ( 12 ــ إلى 20 ألف ) أين ذهب البقية ؟ 3/ أسمرا المعروفه بإلتزام الصمت وإستخدام سلاح المباغته هل تعلن قريبا عن ان ما حدث هو إنقسام فقط .. وان دمحيت بخير إمعانا في التعمية ؟ .4/ نقطة أخيرة ومهمة وتتعلق بالدور الأقليمي والعربي والمصالح الإستثمارية الخليجية ، والمحاولات التي تجري تحت الطاولة من بعض العواصم الخليجية من أجل ردم الهوة بين أسمرا وأديس أبابا ولم تتضح معالم ولا ملامحم تلك المحاولات حتى الآن. مجمل القول ان الأختراق إذا لم يحدث بالفعل لبعض قيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية الإريترية إلا انه أقترب خطوات من خلق قنوات التواصل ، هـذا إ ذا أ خذنا بعين الإعتبار جملة من الموجبات منها التأثير المناطقي والإقليمي والقروي المدروسة بعناية من قبل الحلقة الضيقة للرئيس تجاه تولي المواقع العليا القيادية في هذه الأجهزة التي يغلب عليها أبناء (كبسا ) من قومية التجرنية ، والمزاج العام الذي يقربهم من تجراي ثقافيا وإجتماعا فضلا عن ( النضال ) المشترك للجبهتين طوال فترة الثمانينات ، وأخيرا الأختراق حادث بالفعل لكون ( الرفيق ) مولا أسقدم قد حمل الكثير من الملفات هي الآن على منضدة تشريح المخابرات الإثيوبية .