مقالات

في وداع عبد الله إدريس بقلم حسن اسد*

24-May-2011

المركز

تميز القائد الراحل عبد الله إدريس بين القادة الاريتريين بتمتعه بقدرات تنظيمية وقيادية عالية على الصعيدين العسكري والسياسي اكتسبها عبر تجربته النضالية الطولية. ففي المجال العسكري ساهم بشكل ملحوظ في تطوير جيش التحرير الاريتري من خلال المناصب القيادية التي تقلدها في صفوفه بعد تخرجه ضابطا في الكلية العسكرية بسوريا

. كما كان له دورا بارزا في معالجة الآثار السالبة للبنية المناطقية التي انتظمت على أساسها وحدات جيش التحرير الاريتري حتى أواخر ستينيات القرن الماضي، حيث توجت جهوده مع كوكبة من رفاقه في الميدان بإعادة تنظيم جيش التحرير على ركائز تجسد الوحدة الوطنية وتبني فكر المقاتل الاريتري على أساس وحدة التراب والإنسان الاريتري في مصير واحد، وكذلك لعب القائد عبد الله إدريس دورا بارزا في إحداث نقلة نوعية في تسليح جيش التحرير الاريتري وقدراته القتالية مما حمل رفاقه بتشبيهه بالقائد الفيتنامي الجنرال جياب. ويشهد سفر الكفاح المسلح بان عبد الله إدريس خاض معارك بطولية وحقق جيش التحرير تحت قيادته اكبر انتصاراته حيث حرر كامل الريف الاريتري ووجه ضربات قاصمة لجيش الاحتلال الإثيوبي حتى انحصر تواجده في المدن الكبيرة وتحت مطرقة حرب الاستنزاف التي كان لها دورا بارزا في إحداث تغييرات جوهرية في الإمبراطورية الإثيوبية عام 1974 . كان عبد لله إدريس قائدا ميدانيا بين رفاقه قادة الوحدات العسكرية ووسط مقاتلي جبهة التحرير الاريترية في الأراضي المحررة بأسرته، الأمر الذي اكسبه محبة وتقدير مرؤوسيه في جميع المستويات. ولم ينحصر دور أبو إبراهيم في الوسط العسكري في الميدان بل امتد إلى الوسط الشعبي لمختلف مكونات المجتمع الاريتري الذي كان يتواصل معه بانتظام، كان أيضا قائدا سياسيا محنكا وذو تأثير قوي في تعبئة الجماهير للتفاعل مع أهداف الثورة بوعي متقدم. وعندما تولى قيادة جبهة التحرير الاريترية في أعقاب المؤامرة التي استهدفت إقصاء جبهة التحرير الاريترية من الساحة الاريترية في سياق مخطط دولي يرمي إلى تدجين الثورة الاريترية وفق مواصفات تتفق مع مصالحها في المنطقة، استطاع عبد الله إدريس بنظرته الثاقبة أن يكشف الدور الموكل إلى الجبهة الشعبية بقيادة اسياس، وكان يحذر دول المنطقة وقواها السياسية من مغبة الاستخفاف بالتطورات التي شهدتها تلك المرحلة الأمر الذي دفع نظام افورقي إلى القيام بعدة محاولات لتصفيته. وعلى ضؤ تعنت حكومة افورقي ورفضها بشكل قاطع العمل على تعزيز الاستقلال الوطني بوحدة وطنية تتجاوز اثأر صراعات وخلافات حرب التحرير، واحتكارها الحياة السياسية في البلاد، بذل القائد الراحل جهود استثنائية لتوحيد صفوف فصائل المعارضة الاريترية في إطار مشروع مقاومة الدكتاتورية وتحقيق تغيير ديمقراطي، وأسفرت تلك الجهود عن إقامة جبهة وطنية عريضة تضم تلك الفصائل. كما كان القائد الشهيد حامد إدريس عواتي مفجر الكفاح المسلح قائدا عسكريا وسياسيا فذا رهن حياته وخبراته القتالية والسياسية للدفاع عن شعبه بالتصدي لمختلف أشكال العدوان من قبل العصابات وقطاع الطرق الذين دأبت حكومة الإمبراطور هيلي سلاسي أن تستخدمها في سبيل كسر عزيمة الشعب الاريتري وإخضاعه للاحتلال الإثيوبي البغيض من خلال نهب ثرواته وترويعه بغية تهجيره من أرضه، كان كذلك القائد عبد الله إدريس رمزا وطنيا مكملا لمسيرة عواتي ورفاقه الميامين، ظل يكافح من اجل تحقيق عودة الشعب الاريتري إلى وطنه الذي مهر تحريره بدماء غزيرة ليعيش فيه عزيزا مكرما باستحقاقاته الوطنية ولكي تصبح اريتريا دولة مساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وليس أداة تهديد وهدم لأمن وعلاقات دول المنطقة وشعوبها وكان يعمل بكل جد وإخلاص لإعادة بناء الوحدة الوطنية التي الحق بها نظام افورقي ضرر بالغا.
• نشر في صفحة نافذة على القرن الإفريقي-صحيفة الوطن السودانية -20مايو2011م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى