مقالات

حوار بلا تاريخ : التقي محمدعثمان

7-Feb-2008

المركز

الصحافة: التقي محمد عثمانقد يبدو الأمر غريباً للوهلة الأولى، أن يجتمع متحاورون وأول ما يقررونه أنهم بلا تاريخ حواري، ولكن هذا بالضبط ما اجمع عليه المتحدثون في ورشة «الحوار الارتري – الارتري.. التحديات والآفاق» باستثناء متحدثين اثنين قالا ان الحوار سمة ضاربة بجذورها في التربة الارترية، وساق كل فريق أدلته، وعدا ذلك لم يختلف المتحاورون أمس بقاعة الشهيد الزبير في شئ بل أجمعوا على توفر السودان على امكانية تقديم مبادرة لجمع الصف الوطني الارتري لما يتمتع به من صلات مع الحكومتين الارترية والاثيوبية، اضافة لعلاقته مع المعارضة الارترية، وهنا لابد من التنبيه إلى ايثارنا ايراد اجماع المجمعين لمرة واحدة في ثنايا هذا لرصد.. ولكن ستجدونها أيضاً في صفحة الأخبار..

منبر مناسبفي مفتتح ورقته التي تحمل عنوان الورشة عرَّف عبد الرازق كرار الحوار بأنه «لغة مشتق من الحوروهو الرجوع، انه ظن أن لن يحور، أي لن يرجع والحوار هو مراجعة الكلام، والمحاورة هي المجاوبة، واصطلاحاً الحوار لفظ عام يشمل صوراً عديدة منها المجادلة والمناظرة ويراد به مراجعة الكلام والحديث بين طرفين دون أن يكون بينهما ما يدل بالضرورة على الخصومة» ماضياً إلى القول ان الحوار عبر التجارب التاريخية يأتي نتيجة احساس الطرفين أو الاطراف بضغط المشكلة وضرورة تجاوزها، متحدثاً عن الحوار الاريتري الاريتري عبر مراحل، الاولى مرحلة النضال العسكري والثانية مرحلة ما بعد الاستقلال في 1991م ثم معرجاً على الحوار على مستوى المعارضة والتجارب الوحدوية وحوار الحكومة والمعارضة حيث «لم تشهد الساحة أي حوار بين المعارضة والحكومة نتيجة لموقف الاخيرة الرافض للاعتراف بوجود معارضة ارترية» خالصاً إلى تعدد القوالب وتواضع النتائج «فالحوار لم يصل إلى غاياته المرجوة في أية مرحلة تاريخية».ويمضي كرار إلى مناقشة آفاق الحوار الارتري ومستقبله خاصة في بعده الرئيسي – حوار الحكومة والمعارضة – مؤكداً امتلاك الطرفين نقاط قوة وضعف «تشكل نوعاً من التوازن» ونقاط قوة الحكومة في امتلاكها الاعتراف الدولي وسيطرتها على القوة في الارض واعلامها الأكثر قوة وتنظيماً ووجودها داخل ارض الدولة، بينما فاعلية المعارضة خارج ميدان المعركة أما نقاط ضعفها ففي غياب الشرعية الدستورية والوضع الاقتصادي والامني المتدهور وغياب التخطيط الاستراتيجي ومركزة الدولة في يد الرئيس والفساد السياسي والمالي والاخلاقي، بينما نقاط قوة المعارضة في طرحها لمفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان والحكم الرشيد، أما نقاط ضعفها فتتجسد في الخلافات المستمرة بين فصائلها وغياب العلاقات الدولية وضعف تأطير المعارضة بجماهير وعدم وجود قيادات جماهيرية ذات كاريزما.ويشير كرار إلى ان فرصة اقامة حوار ارتري – ارتري تظل قائمة طالما ان المشكلة السياسية قائمة، كما تعتبر فرص نجاحها على المستوى النظري كبيرة جدا لكنه يجزم ان نجاحها على المستوى الواقعي «تظل مجرد بدايتها بعيدة عن التخيل» مضيفا «لعل هذا هو المحير في المشكلة الاريترية» ولكنه لا يني في جعل الباب موارباً حين يقول «بما ان الحوار الاريتري ـ الاريتري بإرادة ارترية غير متوقع نتيجة عوامل تتراوح بين النفسية والتاريخية والسياسية وحالة عدم الثقة المتبادلة، لكن في ذات الوقت فإن امكانية نجاح الحوار اذا قام ابتداء في منبر مناسب، وعادة المنابر والوسطاء يجب ان تتوافر فيهم شروط مناسبة منها امكانية تأثيرهم على طرفي الحوار وان يكونوا اصحاب مصلحة في انجاح الحوار وبالتالي فإن السودان وبدعم عربي (مصر، السعودية ـ قطر) هو منبر مناسب لادارة شروط مناسبة منها امكانية تأثيرهم على طرفي الحوار وان يكونوا اصحاب مصلحة في انجاح الحوار وبالتالي فإن السودان وبدعم عربي (مصدر السعودية ـ قطر) هو منبر مناسب لادارة حوار بين الطرفين» مشددا على ان الفرصة مواتية الان وليس غدا للسودان للاستفادة من علاقاته المتوازنة مع اثيوبيا وارتريا والمعارضة في اتخاذ القرار لبدء خطوة اكثر تأثيراً وفاعلية وهي حوار وطني ارتري ـ ارتري.حوار.. وحوارفي تعقيبه قال حسن سلمان ان فكرة الحوار يتفق عليها كل العقلاء وهي السبيل لحل كل المعضلات، واضعاً المنشار على العقدة حين يؤكد ان السائد الآن هو ثقافة الاقصاء والابعاد «فالحوار لم يصل الى ان يكون ثقافة»، مشيرا الى ان مسألة الحوار كثيرا ما تطرح حينما يكون طرف في حالة ضعف مستشهدا برفض النظام الحاكم لاريتريا للحوار قائلاً «كما تكونوا يولي عليكم» ولكنه ينبه الى اهمية الحوار في الوقت الراهن لان كلا طرفي الصراع يتمتع بواقعية شيء من الشرعية فالحكومة تمتلك حق القوة والمعارضة تمتلك قوة الحق، مشددا على ان الحوار اصبح واجبا لما يعانيه الشعب الاريتري حيث هرب في الفترة الاخيرة ما يقارب من الـ 400 الف اريتري الى خارج اريتريا محذرا من مغبة ان تصبح اريتريا دولة بلا شعب، مشيرا الى تضاؤل فرص اسقاط النظام من خلال القوة المسلحة يقابل ذلك عدم قدرة الحكومة على تجاوز المعارضة، مناديا باعتراف متبادل بديلا لمفردات التخوين والاسقاط، حاثاً المجتمع الدولي على القبول بشرعية المعارضة.من جانبه، اشاد علي محمد محمود بالبداية الموفقة قائلا ان «الحوار بدأ الآن» ولكنه اشار الى اهمال المتحدث الرئيسي للاسباب الحقيقية لغياب الحوار، مؤكداً انه لم يكن هناك حوار حقيقي في اريتريا الا ما ندر، منبها الى ان الحوارات غائبة داخل التنظيمات نفسها «فهي تعقد مؤتمراتها ولا تدعو لها الاخرين، وظل هذا التقليد مستمرا ولم ينقطع الا منذ ثلاث سنوات فقط»، مشيرا الى ان الحوار لم يكن موجودا في اريتريا في يوم من الايام متنقلا كعادة من شيخ القبيلة الى الوسط السياسي، مضيفا «وحتى اثنيا نحن نتحفظ على الحديث حينما يكون هناك اخرون». ويمضي الى القول ان المجتمعات الاريترية اما جبلية او رعوية متسائلا «من أين يأتي الحوار» مشيرا ايضا الى ان الثقافة والتاريخ الاستعماري لم يساعدا في خلق ثقافة حوار، منبها الى وجود سدود تمنع الحوارعلى امتداد التاريخ الاريتري فعلى الدوام كانت هناك كلمة «بعد»، بعد التحرير، بعد الترسيم، بعد الاسقاط.اما ابراهيم فار من جبهة التحرير الاريترية فقد قال ان الحوار يجب ان لا يحصر بين الحكومة والمعارضة وانما الاولى ان يكون بين جميع المكونات، داعيا الى تعميق الحوار وجعله يتناول المشاكل المجتمعية حيث تتكون اريتريا من عدة اديان واعراق وثقافات رافضاً تركيز الحوار في مشاكل سياسية آنية مطالبا بعقد اجتماعي سياسي في الدستور.بينما رفض جمال عثمان همد مدير المركز الاريتري للخدمات الاعلامية القول بانعدام ثقافة الحوار في اريتريا، فهي تتجلى في جلسات الصلح التي تعقد في المرتفعات والهضاب والوسط مستشهداً بعدم سيادة ثقافة عنف في المجتمع الاريتري، مؤكداً ان انتفاء ثقافة الحوار توجد في العمل السياسي فقط لتناسل التنظيمات من بعضها البعض «لذا كان كل تنظيم يحاول نفي الآخر ليبقى هو».ويعضد محمد علي عبد الله، الذي قال انه متعدد الجنسيات«سوداني اريتري بريطاني» من الرأى الاخير مستشهداً بتعايش 229 قبيلة في رقعة محدودة متسائلاً «اذا لم يكن الشعب الاريتري يعرف الحوار فكيف تعيش كل هذه القبائل داخل هذه المساحة الصغيرة؟».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى