مقالات

أزمة التغيير الديمقراطي في إرتريا بين النظام والمعارضة : حسن محمد أدم

11-Oct-2010

المركز

في محددات الصورة التي يرسمها النظام الإرتري بلون واحد هو الأسود القاتم والتسطيح والفوضى وتعويم أزمته الداخلية المركبة على مشجب الحكومة الإثيوبية وعلاقاته الدولية بأمريكا,اضافة لتعقيدات الوضع الداخلي الإرتري.

وأولى الخطوات العملية باتجاه تحقيق مشروع التغيير الديموقراطي هو: أولا: معرفة موازين القوة المادية والسياسية والشعبية بين النظام والمعارضة . وثانيا :ً بين النظام المعزول والشعب الذي يغلي على أكثر من نار , موازين القوة المعتمدة على صدقية وواقعية مشروع كل منها محمولة على خطاب سياسي وطني واضح تجاه الشعب ومستقبله , لكن يجب أن تأخذ المقارنة شكلها الواقعي, إذ من العبث مقارنة أجهزة وأدوات قمع النظام وأساليب عملها والذي لاتقره المعارضة الارترية سياسيا ً وأخلاقيا ً ولاتملك منه شيئ بل تعمل على إلغائه سياسيا ً من الحياة الوطنية وتأسيس البديل الديموقراطي والحقوقي عوضا عنه , أو بمقارنة الإمكانات المادية بين نظام ديكتاتوري قمعي غريب البنية وبين حركة ديموقراطية وطنية ناشئة , لكن المقارنة تأخذ بعدها العملي الصحيح على أرضية طبيعة المشروع والهدف لدى الطرفين أولا ً وطبيعة العلاقة مع الشعب ثانيا ً وكيفية الوصول إلى الهدف ثالثا ً وماهي الخطوة التي تلي التغيير رابعا ً و ذلك في مستوى الحفاظ على الثوابت الوطنية ( السيادة – الإستقلال – الكرامة الوطنية ) وبمقارنة بسيطة نرى أن النتيجة تصب في صالح المعارضة الارترية نظريا ً ويجب تحويلها إلى شكلها العملي , وحتى لاننزلق في باب الوهم والرغبات وأحلام المشاريع النظرية الفاشلة والمخدرة التي مل منها الشعب على مدى عقود, وأيضا ًمايلحق بمفهوم الديموقراطية من تشويه بفعل النظام وممارسات بعد تنظيمات المعارضة المتنفذة في التحالف والظروف الإقليمية الحالية , بل يجب الدخول إلى الواقع االإرتري من خلال حركته اليومية وعلاقاته السياسية وروابطه الداخلية وفهمها والتفاعل معها وتوليد صلات وعلاقات صحيحة مع الشعب وتطويرها عن طريق ربطها بأهدافه القريبة والبعيدة, أي أن تتحرك المعارضة في مساحة الواقع الممكنة الآن وتوسيعها لتأخذ أبعاد المجتمع وجغرافية الوطن وربطها عضويا ً مع حاجات الشعب الأساسية وأهدافه الوطنية وبوسائل ملموسة ونتائج محسوسة تزيد الأمل بجدية وإمكانية تحقيق هدف التغيير الديموقراطي في إرتريا. هل التغيير الديموقراطي ممكن في ظروف إرتريا الراهنة ؟ وهل هناك خطورة ما في التغيير ؟ وماهي القوة التي تملكها المعارضة وتراهن عليها في الداخل الإرتري القادرة على ضبط التغيير باتجاهه الديموقراطي ؟ وأخيرا ً ماهي آلية التغيير التي تؤشر ملامحه العامة على مستقبل الوطن الإرتري ؟ اولا ًكل الخطورة على مستقبل إرتريا تكمن في استمرارالنظام نفسه وفي سياسته العشوائية وفي افتقاره إلى مشروع سياسي محدد يسير عليه أو استراتيجية واضحة يهتدي بها ,وثانيا : في عدم قدرته على تجديد نفسه الذي أنتج عدم تجديد الحالة السياسية في إرتريا.باختصار شديد هوفي حالة تآكل لماتبقى من هياكله السياسية القديمة ومتماسك حتى الآن بحكم سببين إثنين الاول- ضعف معسكر المعارضة الذي عجز عن تحريك الشارع الإرتري وتأليبه ضد النظام. .ثانيا- تماسك الأجهزة الأمنية وقوتها التي تشكل النظام نفسه في حقيقة الأمر مغطى ببعض الشعارات والبرامج اللفظية التي أكل الدهر عليها وشرب وهي لم تعد خافية على أحد في إرتريا. اذن الخطورة تكمن في استمرار تدهور الوضع المعيشي المرتبط بحياة الشعب اليومية وعدم قدرة النظام في إيجاد حلول له بل واستمراره في عملية الخداع السياسي التي لاتنتج سوى المزيد من المعاناة للشعب الارتري المحشور بين فشلين سياسي واقتصادي أنتجا فشلا ً وطنيا ً عاما ًيتحرك في حاضنة من الفساد المتفشي في بنية النظام والدولة ويتحمل الشعب كل نتائجه, من هنا تعصو إمكانية التغيير في إرتريا. التغيير الذي يولده وضع داخلي على وشك الإنفجار والجديد فيه هو أن النظام أوصل الشعب إلى حالة التناقض الكامل والعجز التام عن إمكانية تحقيق الحد الأدنى من القدرة على الحياة,وإنعدام التفاعل مع الحد الأدنى من الحرية والكرامة الإنسانية نتيجة لاستمرار القمع ومصادرة الحريات ووقف كل حراك سياسي وطني يساهم في إخراج إرتريامن محنتها. إنطلاقامن هذه الحالة البائسة يجب على المعارضة أن تتعامل مع الوضع في الوطن وأن تتحرك باتجاه اخذ البعد الشعبي العام أي ربط التغيير بمشروع وطني اقتصادي اجتماعي مشتق من واقع الشعب وليس من خطاب إيديولوجي محلي أو محمول على خطاب سياسي أفرزته تناقضات الوضع الإقليمي المحيط بإرتريا. لكن المقلق هو ديمومة زمن الإنتظار من قبل المعارضة في وقت داخلي وخارجي لانقول حاسم بل ضاغط باتجاه التغيير وخياراته قائمة بمستوياتها الداخلية والإقليمية والدولية ولكل منها أجندتها الخاصة والمرتبطة بشكل كبير بسلوك النظام الإرتري. على المستوى الإقليمي وبمدى السيطرة على التناقضات الإقليمية التي تهز المنطقة ومنها إرتريا , وبقدرة القوى الفاعلة إقليميا ً على حسم أمورها بمساحة تحركها الحالية أو حاجتها إلى توسيع دائرة فعلها على طريق تصفية صراع الإستراتيجيات الخارجية على الساحة لإفريقية وهذا شأن يجب على المعارضة الإرترية فهمه بشكل دقيق وعدم الإنزلاق فيه. ان من ضروريات نجاح مشروع المعارضة الوطني و الديموقراطي يكمن فى تثبيت الإستقلالية عن الخارج بكل مايعنيه ومايفعله وماينوي فعله على الساحة, والعمل على الإمساك بالخيوط الداخلية في إرتريا وإحكام الصلة مع الشعب وإعلان برنامج واضح لتعبئة الشعب باتجاه العصيان المدني السلمي وتوفير كل متطلبات ضبطه وسبل نجاحه وهو الخيار الوطني القادرعلى التغيير في إرتريا ويضمن سلامة ارضها وشعبها . والخلاصة : في تعدد احتمالات التغيير في إرتريا : أولا ً – داخلية سواء ً من بنية النظام نفسه , أو من حاضنة النظام السياسية التي هي الحزب الحاكم , أو من حاضنته المادية التي هي الجيش والأجهزة الأمنية , أو باشتراك كل ذلك لكنها كلها وبحكم فهم طبيعة النظام وطبيعة القوى الحاملة له إلى الآن تبدو احتمالات ضعيفة . ثانيا ً – احتمالات خارجية مؤسسة على تداعيات الوضع في الصومال وقرارمجلس الامن رقم1907, أو على تفاهمات جديدة تفرضها صراعات المنطقة المتورمة ورسم صورة جديدة لقرن إفريقي جديد غير معروف. كل هذه الإحتمالات تبقى مراهنات على ظروف لاتملك منها المعارضة والشعب شيء , ولاتملك إلى الآن من أوراق ضغط تجعلها مؤثرة فيها بشكل من الأشكال . يبقى خيار العصيان المدني هو السبيل الأكثر فاعلية ً والأسهل وصولا ً والأكثر استقلالية ً وأمنا ً على حسم موضوع التغيير في إرتريا,وقد نجح هذا الخيار في العديد من دول العالم وأكثرها مطابقة لظروف إرتريا اليوم. وهذا يحتاج إلى برنامج وطني عام أهم مافيه هوتخلص تنظيمات التحالف من الحقد,والغيرة القاتلة وعدم الثقة غير المبررة وعدم التفريط علي التحالف وميثاقه.ثم القيام بتعبئة الشعب باتجاه تجاوز الخوف وتنمية الوعي المعارض لديه ونقله من الهامشية إلى حالة المبادرة على أرضية المطالبة بحقوقه عبر ارتباطه بمرجعيات سياسية واجتماعية ومدنية وأهلية تعمل بتوافق وبخطة جماعية لتحقيق مطلب التغيير الديموقراطي وتعزل عملية التغيير عن تأثيرات المحيط الإقليمي السلبي وتضبطه على مصالح وأهداف الشعب الإرتري عن طريق تفعيل حركة الشعب بأكمله وخاصة الخائفين من التغيير وصهرها في حركة وطنية عامة محددة البداية وواضحة النهاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى