إريتريا : بعد مضي خمس سنوات، يظل أعضاء البرلمان والصحفيون رهن الاعتقال السري بدون محاكمة، مع وجود مخاوف من أن يكون بعضهم قد توفي في الحجز
21-Sep-2006
المركز
تحل الذكرى السنوية الخامسة لاعتقال 11 عضواً سابقاً في البرلمان و10 صحفيين ومئات من الرجال والنساء الآخرين دون تهمة أو محاكمة، ممن قُبض عليهم في حملة قمع ضد منتقدي الحكومة الذين دعوا إلى إجراء إصلاحات ديمقراطية في سبتمبر/أيلول 2001.
وقد جرى علناً تداول مزاعم في الآونة الأخيرة تفيد أن عدداً من كبار الشخصيات الحكومية السابقة الأحد عشر الذين اعتُقلوا في سجن سري وبعض الصحفيين الذين قيل إنهم محتجزون معهم، قد توفوا رهن الاعتقال بسبب الظروف القاسية وحرمانهم من العلاج الطبي. وزُعم مثلاً، من دون أن يصدر رد عن السلطات الحكومية يمكن التحقق من صحته، أن الجنرال أوجبه أبرها، رئيس أركان الجيش السابق توفي في يوليو/تموز 2002 متأثراً بجروح أصيب بها نتيجة محاولة انتحار فاشلة، برغم تقديم العلاج الطبي له. وزُعم أن الوفيات الأخرى حدثت في السنوات الأخيرة عقب إصابة المعتقلين بالمرض. ولم تتمكن منظمة العفو الدولية من الحصول على تأكيد لهذه المزاعم وهي تجري مزيداً من التحريات. وبرغم المناشدات العديدة التي قُدِّمت على مر السنين والقلق الدولي إزاء اعتقالهم، لم تفصح السلطات قط عن مكان وجودهم أو أوضاع اعتقالهم أو تسمح لأحد بمقابلتهم.ولتوضيح وضع هؤلاء المعتقلين الذين “اختفوا” فعلياً عقب توقيفهم، تدعو منظمة العفو الدولية الحكومة إلى تشكيل فريق تحقيق مستقل وحيادي لزيارة السجن السري الذي يُحتجز فيه المعتقلون، وإجراء مقابلات معهم على انفراد، ورفع تقرير علني حول وضعهم وأوضاع اعتقالهم وصحتهم. وتحث منظمة العفو الدولية مجدداً على وجوب جعل الاعتقالات تتماشى مع إطار النصوص الدستورية والقانونية الإريترية، فضلاً عن المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها إريتريا، بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يحظر الاعتقال التعسفي وبمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة للسجناء والمحاكمات الجائرة.وكان الأعضاء الأحد عشر في البرلمان (المعروفون أيضاً بأعضاء مجموعة “الخمسة عشر” ومن ضمنهم وزراء سابقون في الحكومة) قد اتُهموا علناً “بالخيانة” خلال الحرب مع إثيوبيا، واتُهم الصحفيون المعتقلون بمساندتهم من خلال مطبوعاتهم بوصفهم “جواسيس ومرتزقة”. ولم تُوجَّه إليهم أية تهم أو يمثلوا أمام المحكمة. وتعتبرهم منظمة العفو الدولية سجناء رأي سُجنوا لمجرد تعبيرهم عن آرائهم وانتقادهم للحكومة. وتجدد المنظمة مناشدتها المستمرة للإفراج غير المشروط عنهم، فضلاً عن الإفراج عن جميع سجناء الرأي الآخرين، بمن فيهم أولئك المسجونون بسبب معتقداتهم الدينية.ويُحتجز معظم آلاف السجناء السياسيين والدينيين في إريتريا بمعزل عن العالم الخارجي في سجون سرية أمنية أو عسكرية، بدون أن توجه إليهم تهم أو يمثلوا أمام المحكمة. وغالباً ما لا تعرف العائلات مكان احتجازهم أو حتى ما إذا كانوا على قيد الحياة. وقد قالت لهم السلطات إنه “لا يحق لكم أن تسألوا”. والعلاج الطبي رديء للغاية. واستمر نمط سوء المعاملة، الأوضاع القاسية غالباً في حاويات شحن معدنية، على حاله دون تغيير عاماً بعد عام. ويتواصل استخدام التعذيب بصورة منتظمة كعقاب لسجناء، مثل المجندين في الجيش والسجناء الدينيين.استمرار الاضطهاد الدينييتواصل نمط الاضطهاد الديني الذي أشارت إليه منظمة العفو الدولية في ديسمبر/كانون الأول 2005. وبحسب ما ورد قُبض على حوالي 50 طالباً في مايو/أيار 2006 بسبب عدم مشاركتهم في مهرجان أقيم في يوم الاستقلال. وقُبض على 29 مصلياً في اجتماعات منـزلية لأداء الصلاة بالعاصمة أسمرة وبلدة كرين وميناء مصوع في منتصف شهر أغسطس/آب 2006.ويُحتجز ما مجموعه نحو 2000 رجل وامرأة وطفل، بينهم 35 قسيساً ينتمون إلى الكنائس المسيحية الإنجيلية التي أُغلقت في العام 2002 في حوالي 14 سجناً في مختلف أنحاء البلاد. وتظل منشدة الإنجيل هلين برهان التي قُدمت آلاف المناشدات العالمية من أجلها، من دون أية استجابة من قبل الحكومة، محتجزة بمعزل عن العالم الخارجي طوال أكثر من عامين لدى الجيش. وبرغم أنه عُرض عليهم الإفراج إذا وقعوا على إفادة يوافقون فيها على التخلي عن عقيدتهم والكف عن التعبد السري، إلا قلة منهم فعلت ذلك، حتى عندما تعرضوا للتعذيب.كذلك يُعتقل 31 من شهود يهوا، ثلاثة منهم دخلوا الآن عامهم الثالث عشر في السجن، فضلاً عن أربعة رجال دين ينتمون إلى الكنيسة الأرثوذكسية الإريترية التي ورد أن كبير أساقفتها (بطريركها) موضوع قيد الإقامة الجبرية.ويُعتقل زهاء 70 عضواً في جماعة إسلامية منشقة بدون تهمة أو محاكمة منذ سنتين.خلفيةنالت إريتريا استقلالها رسمياً في 24 مايو/أيار 1993، عقب استفتاء أجرته الأمم المتحدة وسنتين من الاستقلال الفعلي عن الحكم الإثيوبي في العام 1991، عندما شكلت الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا حكومة جديدة. ومنذ النـزاع الحدودي الذي نشب مع إثيوبيا في الأعوام 1998-2000، فإن عيسياس أفورقي الزعيم السابق للجبهة الشعبية لتحرير إريتريا والرئيس الحالي وزعيم الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة أرجأ إلى أجل غير مسمى العمل بنظام تعدد الأحزاب والانتخابات اللذين يشكلان جزأين رئيسيين من دستور العام 1997. وتظل قضية الحدود الإريترية/الإثيوبية دون تسوية وتسبب توتراً إقليمياً شديداً. وفي مطلع سبتمبر/أيلول 2006، انتقدت الأمم المتحدة مجدداً القيود التي تفرضها الحكومة الإريترية على أعمال المراقبة التي تقوم بها بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في المنطقة الحدودية وترحيل خمسة موظفين دوليين وإلقاء القبض على متطوع تابع للأمم المتحدة.ولا يُسمح بعمل أحزاب المعارضة والمنظمات المستقلة للمجتمع المدني أو مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان. وأُغلقت وسائل الإعلام غير الرسمية منذ سبتمبر/أيلول 2001 ويُعتقل ما مجموعه 14 صحفياً. ويتم قمع الانتقادات الموجهة للحكومة بشدة. وتُمنع العبادة الدينية من جانب المجموعات الدينية التي رُفض تسجيلها الرسمي (أي جميعها باستثناء الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية واللوثرية والإسلام)، على نحو يتعارض مع الحماية التي يوفرها الدستور للحق في حرية المعتقد.وقد فر عدة آلاف من الرجال والنساء من إريتريا منذ العام 2001. وتعرض الذين أُعيدوا قسراً من مالطا في العام 2002 وليبيا في العام 2004 للاعتقال والتعذيب. ورفضت الدول الغربية طلبات اللجوء التي قدمها عدة طالبي لجوء إريتريين، ويوجد بعضهم قيد الاعتقال بانتظار إمكانية إبعادهم إلى إريتريا. وحتى الآن كانت هناك مراعاة عامة للمبادئ التوجيهية للمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة التي تعارض إعادة طالبي اللجوء المرفوضين إلى إريتريا بسبب سوء أوضاع حقوق الإنسان فيها. واعتُقل 300 طالب لجوء إريتري في ليبيا كانوا قد فروا إليها من السودان، ومن ضمنهم 80 امرأة وثلاثة أطفال صغار، في ليبيا في أغسطس/آب 2006 ويواجهون إمكانية إعادتهم القسرية إلى إريتريا