مقالات

التغيير الديمقراطي في إرتريا والعنصر المفقود ( 2-2 ) : عبدالرازق كرار عثمان

25-May-2016

عدوليس

خلص الجزء الأول من المقال إلى أن قوى التغيير في الخارج هي الأنسب للعب دور المُحفز في عملية التغيير الحتمية في إرتريا ، ولعب هذا الدور بواسطة قوى التغيير ليس خياراً من جملة خيارات أخرى بل يكاد يكون الخيار العملي الوحيد المتاح للمعارضة ، ويتوقف نجاح قوى التغيير في لعب هذا الدور الحاسم في تحديد موعد التغيير ومُخرجه ، في إدارك قوى التغيير لطبيعة هذا الدور ومطلوباته ،

من ثم القناعة بهذا الدور والعمل على تحقيق مطلوباته بوعى كامل ، عبر برنامج عمل مفصل ، وتجويد قوى التغيير في الخارج للعب دورها ينعكس طردياً على سرعة حدوث التغيير وجودة المُخرج ومقاربته لطبيعة التغيير المطلوب وهو تغيير بإتجاه دولة ديمقراطية مستقرة ، وقد حدد الجزء الأول أن المعيقات التي تواجه قوى التغيير المحتملة في الداخل هي ثلاثة قضايا رئيسية ، أولها هو غياب المعلومات والأثر النفسي السلبي المترتب علي ذلك وهو ما يحتاج معه الى إعلام موجه وواعي برسالته ، وثانيها هو صورة النظام في الخارج التي تصل الى قوى التغيير المحتملة في الداخل الناتجة عن الشباب المهاجر في الخارج الذي سرعان ما يرتبط بالنظام بشكل غير مبرر سوى انعدام البدائل امام هؤلاء الشباب ، مضافاً اليه النشاط المنظم لشبيية النظام في الخارج عبر المؤتمرات والمهرجانات ووسائل التواصل الإجتماعي ، وهو ما يتطلب عمل جماهيري موازي من قبل قوى التغيير في الخارج للاستفادة من المزايا الايجابية التي يتيحها لها وجودها في دول في معظمها تنسجم مع أطروحاتها للديمقراطية وحقوق الانسان ، وهو جهد يحتاج الى خطط عملية قابلة للتقييم والتقويم وليس الاكتفاء بالشعارات ولوم الذات والآخر ، وختام هذه القضايا الجوهرية هي تقديم إجابات فيما يتعلق بمستقبل الدولة في حال حدوث التغيير في ظلّ النماذج الفاشلة في كل من الصومال ، ليبيا ، سوريا واليمن ، وكلها تجارب ناتجة عن التغيير او محاولات التغيير ، وهذا يتطلب توافق سياسي بين قوى التغيير حول مستقبل إرتريا بعد التغيير خاصة فيما يتعلق بالمرحلة الإنتقالية الحاسمة بعد كل تغيير ، وكما أن التوافق السياسي بين هذه القوى يفترض أن ينعكس في برنامج عمل يحدد طبيعته وأدواته ، حتى وأن تعدد الفاعلون المساهمون في هذا البرنامج يفترض أن يكون برنامجاً منسجماً يقوم على التكامل وليس التنافس . إذاً هذه هي المعيقات وسيتم تقييم وضع المعارضة لمعرفة جاهزيتها للعب دور المُحفز في عملية التغيير بناء على قربها وبعدها من القضايا الثلاث التي تم إثارتها.
المعارضة في الخارج كأفضل الخيارات المتاحة كمحفز للتغيير:-
إن لعب المعارضة للدور الحاسم في تحديد توقيت وطبيعة مخرج التغيير من خلال أداء الدور المفقود في عملية التغيير وهو دور المُحفز ليس قضية تلقائية تتم نتيجة لوجود قوى التغيير في الخارج ، ولكنه دور يفترض ان تدركه قوى التغيير وتختار أداءه عن وعي كامل وإدراك ، وأى بحث عن دور أخر رغم مشروعيته ولكنه يجانب الواقعية ، فإحداث التغيير عن بعد (Remote change) هو عملياً غير ممكن ولا يوجد ما يدعم هذا الخيار على أرض الواقع أو التجارب المماثلة اقليمياً او دولياً ، كما أن احداث التغيير عن طريق العنف (إجتياح عسكري) هو خارج نطاق تفكير هذه القوى لأسباب ذاتية وموضوعية لا تغيب عن ذهن المتابع ، وأن خيار التفاوض مع النظام من خلال وسيط او حواراً مباشراً هو مما لا يتناسب وطبيعة النظام التي لا يرى وجود مشكلة في الاساس وحتى المشكلات الموجودة يعزوها لمطامع قوى دولية أكثر منها انعكاساً لأزمة داخلية قابلة للمعالجة من خلال الحوار ، ويبقى الخيار الأمثل وهو تكامل قوى الخارج وقوى الداخل من خلال تقاسم الأدوار بناء على طبيعة ومقدرات ومكان تواجد هذه القوى . وعلى بساطة الفكرة ووضوحها لكن نجد أن قوى التغيير جلّها إن لم يكن كلّها رغم سعيها النظري لإحداث التغيير إلا أن خيالها يعجز عن تحديد سيناريو التغيير الذي تسعى له ، وبالتأكد إذا غاب ذلك عن خيالها فإنه غائب لا محالة عن برنامج عملها ، والحقيقة هي أن معظم قوى التغيير تعتبر مسألة إحداث التغيير مسألة مبدئية أكثر منها برنامج عمل قابل للتقييم والمراجعة والتطوير ، وبالتالي ليس بمستغرب ان أصبحت الرغبة في التغيير نوع من الروتين الحياتي المُمل لدى هذه القوى لا يوجد فيه أى إبداع أو مفاجآت أو إختراقات على أي من الاصعدة المطلوبة لإحداث التغيير.
العلاقة مع الداخل:-
لظروف تاريخية تتعلق بطبيعة تكوين جُلّ قوى المعاضة بالخارج فإن إرتباطها بالداخل تنظيمياً هو شبه معدوم ، ليس هذا وحسب بل إحساسها بما يجري في الداخل يكاد يكون تقديرياً بحتا ، وبالتالي فلاغرابة في أن تقييمها للكثير من الاحداث يجانب الواقع ، وإذا كان الغياب التنظيمي مبرراً ، لكن غياب خطاب هذه القوى عن الداخل لا يوجد ما يبرره ، خاصة في ظل التطور الكبير الذي شهدته وسائل التكنولجيا والاتصالات ، والمقصود هنا أن المعارضة لم تستطيع إنشاء آليه إعلامية فعالة تستطيع من خلالها توصيل رسالتها الى الداخل ، وفضح أكاذيب النظام التي لا تجد من يعريها في ظلّ غياب وسائل إعلامية فعالة في مواجهة البث الموجه للنظام في الداخل ، وللحق فإن إعلام النظام مقارنة بإعلام الدول المحيطة يعتبر الاكثر فعالية وتأثيراً ، خاصة الإعلام المرئي الذي يعتبر النافذه الوحيدة للإرتريين التي يلجأون إليها لإطفاء لوعه الحنين المشتعلة نتيجة للغربة المتطاولة والتي لا يبدو سقف نهايتها في الأفق المنظور.
إن الرسالة الإعلامية التي يمكن أن تساهم في تحفيز علمية التغيير الحتمية في الداخل وتسارع من تفاعلاتها هي رسالة تقوم على الواقعية الايجابية ، بالتركيز على نقاط القوة التي تميّز شعبنا بصورة عامة وقواه الحية التي يتوقع أن تلعب دوراً اساسياً في عملية التغيير ، ولذا فإن الرسالة الاعلامية يجب ان تتضمن موجهات خاصة للرتب المتوسطة والدنيا والأفراد في جيش الدفاع ، والعاملين في الخدمة المدنية ، الزراع والتجار ، المرأة والشباب ، يجب أن تستصحب الحلول الواقعية الجذرية للمشكلة الارترية التي لا يمكن أن تُحّل من خلال الحلول الفردية المتمثلة في مغادرة البلاد ، بل عبر التحرك الجماعي للتخلص من النظام الذي تسبب ولا يزال بتشريد القطاعات الحية من شعبنا ، رسالة تسثير حميّة شعبنا مستندة الى تاريخه البطولي الذي لا يعرف الاستسلام والخنوع ، ويقدم التضحيات من أجل عزته وكرامته ، رسالة تركز على المشتركات بين مكونات شعبنا وأن تعدده الاثني والثقافي هو مصدر ثرائه إذا ما تم احسان استثماره ، رسالة تركز على أن التعايش والسلم والتوافق الإجتماعي والسياسي هو السبيل الوحيد من أجل بناء دولة مستقرة تقوم على مبدأ المواطنة والشراكة الحقيقية ، وأنه أى محاولة للهيمنة والاقصاء او التهميش ما هي الإ محفز على استمرار دورات العنف على المدى المتوسط والطويل وبالتالي فإن المصلحة تقتضي العيش في داخل الوطن الموحد على قيم مشتركة ومتوافق عليها. وبالمقابل فإن الرسالة الإعلامية يجب ان تكشف محاولات النظام المستمرة للعب على سياسة فرق تسد لإطالة عمره في السلطة دون أى اعتبار لمصلحة الوطن والمواطن ومستقبلهما ، وفضح الاسافين التي يحاول زرعها بين مكونات المجتمع الإرتري ، ومحاولات الإذلال التي أصبحت من سمات إرتريا الحاضر . وحتى تتكامل الرسالة الاعلامية وتؤدي دورها فإنها لابد من أن تطرح بدائل تطمئن لها قوى التغيير في الداخل ، بدائل تستطيع أن تساهم في الحفاظ على الدولة وسيادتها ، وتملك خططاً واقعية للنهوض بكافة جوانب الحياة من أجل الوصول على دولة مستقرة ومزدهرة ، وبالتأكيد فإن اختيار الوسيلة التي من خلالها تصل الرسالة يجب أن تكون وسيلة فعالة تراعي محددات الزمان والمكان للقوى المستهدفة في الداخل .
إن قياس جهود قوى التغيير في الخارج ، تنظيمات سياسية او مدنية أو افراد ناشطين في هذا المجال بالرغم من المحاولات المقدرة لكنها لا تتناسب أبداً وطبيعة الدور المطلوب في عملية التغيير ، ليس فقط لغياب الامكانيات المادية ، ولكن لغياب الرؤية نتيجة للضابية في طبيعة الرسالة الإعلامية والمستهدفين بها وضعف التنسيق بين هذه الوسائل ، واختيار الزمان الغير مدروس ، والوسيلة الغير فاعلة ، وعليه فإنه يمكن القول بأن قوى التغيير في الخارج لا تزال بعيدة جداً عن تحقيق متطلبات الدور المرجو منها في عملية التغيير.
العمل الجماهيري:-
العمل الجماهيري بشقيه الايجابي والمقصود به هو تفعيل العضوية التي تعتبر نفسها في معسكر قوى التغيير وتعمل له بغض النظر إن كان عملها ضمن إطار تنظيمي أو فردي ويدخل ضمن هذه الجماهير الرافضين للنظام علناً ولكنهم غير راضين عن معسكر المعارضة الحالية ، أو العمل الجماهيري الوقائي والمقصود به العمل الدؤوب لكسب أو تحييد الجماهير المنتظمة أو المتعاطفة مع النظام ، أو كسب الجماهير المحايدة لصالح معسكر التغيير او على الأقل تحييدها عن دعم أو التعاطف مع النظام ، هذه الدوائر المتداخلة للعمل الجماهيري تعتبر حلقة مهمة في استكمال المطلوبات للعب دور المُحفز في عملية التغيير . إن دور الجماهير المؤطرة في تنظيمات سياسية أو مدنية هو مما لا يخفى على أحد حيث يتعدد دورها ابتداءً من دعم مشروع التغيير عبر كافة سبل الدعم المطلوبة ، وانتهاء بتفريخ القيادات المستقبلية التي من المفترض ان تقود هذه التنظيمات او المنظمات وفق دورات العمل التي تنظمها النظم الأساسية لهذه الكيانات.
لكن الذي يعلب الدور الأبرز في تحفيز قوى التغيير في الداخل لخوض المغامرة هو كسب أو تحييد الجماهير الداعمة أو المحتملة للنظام وفي مقدمة هذه الشريحة تأتي قطاعات الشباب المهاجر حديثاً . إن معظم القطاعات الداعمة أو المحتملة للنظام خاصة القطاعات الشبابية بما في ذلك شبيبة النظام هم بكل المعايير فئة قابلة للكسب أو التحييد ، ذلك أن الدافع لأي مهاجر ترك وطنه وأهله هو عدم رضاه عن الوضع في وطنه سياسياً كان أو اقتصادياً ، إن أى شاب سأم الوضع في وطنه ، وتحمل كافة المخاطر في سبيل الخروج منه ، ورضي بالغربة ومستعد لدفع ثمنها من عمره وعمر اسرته لن يرضى بالتأكيد بأن يدعم استمرار الوضع القائم إلا في ظل إنعدام البدائل ، وهو تلقائياً أقرب الى معسكر التغيير منه الى معسكر استمرار النظام ، ، ولكن ما نشاهده من إنحياز لمعسكر النظام لهو نتاج سياسة العصا والجذرة من قبل النظام ، وعدم وجود استراتيجية لمعسكر قوى التغيير لمواجهة متطلبات المرحلة الانتقالية التي يعيشها الشباب في هذه المرحلة ، إن تعويل قوى التغيير على وعىّ الشاب وضميره وتوقع إنضمامه التلقائي الى معسكر التغيير دون أى جهد حقيقي هو مما يدخل في إطار الأماني وليس خطط العمل ، إذ أن الشاب في هذه المرحلة يمّر بظروف مادية ونفسية معقدة ، وفي الغالب في إن سياسة الباب الموارب التي يتبعها النظام تؤتي ثمارها. وبالغوص في الدوافع التي تجعل المهاجر يساهم في استمرار الوضع القائم يمكن تعداد محاولات تسويق النظام لنفسه على أنه الوطن ، وانه بذهابه سوف يذهب الوطن ، مضاف الى ذلك الأمل الذي يعطيه النظام لهؤلاء المهاجرين بامكانية العودة والاستمتاع مع أهلهم وأحبتهم بما جمعوه من أموال خلال سنوات تغربهم عن وطنهم ، لا ينسى النظام أن يسوق للكرت الطائفي بشكل مباشر او غير مباشر ، وكل هذه الاستراتيجيات التي يستخدمها النظام هي استراتيجات يسهل مواجهتها وتعريتها بممارسات النظام المتناقضة ، ويساعد في ذلك أن أن طبيعة النظام وممارساته يتناقض تماماً مع القيم التي تتمتع بها هذه الشريحة في بلدان المهجر وهو ما يعتبر مأزق سهل استدعاءه اخلاقياً والتلويح به قانونياً ، ولكن إبتداءً حتى يتم كسب هذه الشريحة أو تحييدها على الأقل يجب التعامل معها من منطلق انها شريحة قابلة للكسب والتعاطي معها بعقلانية بدلاً عن الادانات والحكم المسبق حيث أن مساهمتهم في استمرار النظام تُعبّر عن فشل معسكر قوى التغيير اكثر من نجاح معسكر النظام وكوادره .
إن ارتباط المهاجر بالنظام في بلاد المهجر ، لديه تأثيرات متعددة على قوى التغيير المحتملة في الداخل على عده مستويات ، أولها المستوى النفسي للمهاجر ولقوى التغيير في الداخل ، فالحقيقة هي إن أى شاب يقبل تحمل كافة المخاطر التي تعتري مشروع هروبه من الوطن يكون مليئاً بالغبن واليأس من النظام ، وبعد احساسه بالأمان ويجد أن الخيار العملي الوحيد الذي يمكن أن يحقق فوائد حقيقية أو متخيلة هو النظام ، وبالتالي ينضم الى المعسكر المؤيد للنظام علناً او سراً ، ونتيجة هذا الخيار هو تبخر مخزون الغُبن واليأس والذي كان يحمله الشاب ، والتصالح مع ممارسات النظام وتقبلها ، وهو ما يتناقض تماماً مع فكرة التغيير ، بيد أن الأثر المباشر لهذا السلوك الجمعي للشباب المهاجر ينعكس ينعكس سلباً على إرادة التغيير لقوى الداخل ، حيث يرون أن فكرة التغيير هي غير صالحة للتنفيذ او غير مجديه ، وهذا آخر ما ترغب فيه قوى التغيير في الخارج التي لا تستطيع ان تغير النظام بنفسها ، وبالتالي تفقد الأمل الوحيد وهو بتحرك او تحريك قوى التغيير في الداخل . المستوى الآخر هو التحويلات المباشرة لهؤلاء الشباب والتبرعات المباشرة التي تسهم في تقوية النظام ، كما أنها تضعف التعاطف الدولي مع فكرة التغيير في الداخل ويكون أقصى مايمكن أن يصل اليه طموح المجتمع الدولي إجراء تحسينات في الوضع بحيث تقّل أو تتوقف موجات الهجرة.
الواضح إن قوى التغيير في الخارج ليس لديها اى استراتيجية لمواجهة هذه المعضلة ، وما هو موجود لا يتجاوز محاولات بعض التنظيمات لكسب بعض هؤلاء الشباب الى صفوفها التنظيمية وعادة فإن المحصلة النهائية مخيبة جداً ، ومالم توحّد قوى التغيير في الخارج استراتيجتها في التعاطي مع هذه الشريحة بحيث تكسبها الى معسكر التغيير او تحيدها فإن مكاسب النظام في هذا المضمار سوف تتواصل ، وبديهي القول أن المعارضة في هذا السياق لم تستوفي شروط لعب المُحفز في عملية التغيير.
مخاوف مرحلة ما بعد التغيير:-
إن الحلقة المهمة المكملة للعب دور المُحفز في علمية التغيير هي تقديم إجابات واضحة حول مرحلة ما بعد التغيير ، الخوف مما يخبئه الغد هو فطرة مغروسة في الانسان ، وأيضاً في العقل الجمعي للمجتمعات ، ويزداد القلق من الغد كلما كانت المعلومات شحيحة ونماذج مماثلة في المنطقة تدعو الى مزيد من الخوف من التغيير. إن قوى التغيير في الخارج حاولت كثيراً لتقديم إجابات لمخاوف مرحلة ما بعد التغيير (المرحلة الانتقالية) بيد ان قوى التغيير خاصة القوى المنظمة منها ممثلة في مظلات المعارضة – التحالف الديمقراطي والمجلس الوطني – اقروا ضمن ميثاقهم ملامح المرحلة الانتقالية . بيد أن تهدئة المخاوف هي اكبر من مجرد التوافق حول وثيقة تحدد ملامح المرحلة الانتقالية ، وتزاد المخاوف عندما تختلف القوى المتوافقة في مرحلة لاحقة حول ذات القضايا التي توافقت عليها في الماضي ، ويتعذر على هذه القوى العمل ضمن الإتفاقات السابقة لمبررات لا تقنع حتى العضوية المنتظمة داخل هذه القوى دع عنك قوى التغيير المحتملة بالداخل المتشككة أصلا في مقدرة قوى التغيير في الخارج في تجنيب إرتريا بعد التغيير نماذج الدول الفاشلة التي سبق ذكرها . إن الخدمة التي يمكن تؤديها قوى التغيير في الخارج بهذا الخصوص تنقسم الى جزئين اساسين ، وهما التوافق على ثوابت وطنية ومن ثم الترويج لهذه الثوابت الوطنية ، إن قضايا وحدة الأرض والشعب واللغة والإرض والتدوال السلمي للسلطة ضمن نظام ديمقراطي يقوم على مبدأ المواطنة ، والالتزام بالمواثيق الدولية ، والتمييز الإيجابي في التنمية القائم على دراسات بحثية جادة تعتبر أهم القضايا التي يجب ان يكون فيها توافق ملزم بين قوى التغيير ، توافق يتجاوز المماحكات السياسية للقوى السياسية او التردد المعيب للنخب الإرترية . أما الجزء الآخر وهو التوافق على اسقاط النظام وفق برنامج عمل قابل للتنفيذ يقوم على التكامل ويتضمن آليات للتقويم والتقويم ، ويتضمن تفاصيل المرحلة الانتقالية ولا يغفل دور قوى التغيير الأساسية في الداخل .
إن تقييم تجربة قوى التغيير في هذا المضمار محبطة جدا ، والسبب الأساسي لهذا الإحباط هو حالة التراجعات المستمرة عن المكاسب التي تحققها دع عنك أن تحافظ عليها. على قوى التغيير في الخارج أن تدرك إن إقامة تحالف وطني ، أو مجلس وطني ليس هو تحالف تنظيمات سياسية متنافسة حول سلطة ، بقدر ما هو توافق على تقديم تضحيات من أجل التغيير ، وإن التصدعات الغير مبررة التي تحدث في جسم هذه التوافقات هي مما يزيد القلق لدى القوى المحتملة لخوض غمار التغيير في الداخل . إن الصورة أوضح مما يحتاج الى تفصيل فالمعارضة السياسية المنظمة اليوم تدرك قبل غيرها أنها غير مستعدة على الإطلاق للعب أى دور في التغيير او ما بعد التغيير . إن إنجاز بحجم المجلس الوطني كان يمكن أن يعلب دوراً اساسياً في هذا المضمار ولكن حجم التفريط في المجلس من القوى التي يفترض أن تكون الأحرص عليه وتقدم التنازلات الكافية لحمايته لأمر محزن جداً ويصعب تبريره.
إن الوضع الذي تعيشه قوى التغيير في الخارج يسهم بشكل كبير ليس في عملية تأخير عملية التغيير وحسب ، بل ويتجاوز ذلك إلى أضعاف الأمل في دولة ديمقراطية تقوم على مبدأ المواطنة والتداول السلمي للسطلة ، وهو ما يؤشر بقوة الى إستمرار حلقة العنف بين مكونات الشعب الإرتري نسخاً لتجارب الدول التي سبق ذكرها وبالتأكيد لا يتمنى أى إرتري غيّور ان يرى إرتريا بعد كل هذه التحضيات على ذات المسار.
خاتمة:-
إن ضمان تغيير سريع ، ومأمون العواقب ويؤدي الى دولة ديمقراطية يحتاج الى تكامل الكثير من العوامل ، إن قوى التغيير في الداخل مثلها من كافة الشعوب لديها الاستعداد للإمساك بزمام المبادرة في حال تهيأت الظروف الملائمة ، والشعب الإرتري دون غيره من الشعوب عرف على إنه ذوإصرار وعظيمة لا تلين وأنه غير هياب للتحديات مهما كانت كبيرة ، ونتيجة لهذه الميزّات استطاع الصمود لنصف قرن في مواجهة تحالفات إقليمية ودولية وخرج منتصراً في نهاية المطاف ، إن الاستقلال الذي طال إنتظاره لعب دوراً في تخدير شعور التحدي لدى شعبنا ، كما أن تكتيكات النظام من جهة وضعف قوى التغيير في الخارج وعدم تحديدها للدور المنوط بها وفق عوامل محددات الزمان والمكان لعب دوراً في إطالة أمد النظام الدكتاتوري الذي لا يتناسب وطموحات ورغبات الشعب وقواه الحية ، ولكن جينات التحدي الكامنة لدى شعبنا في الداخل هي جينات غير قابلة للاستئصال فقط تحتاج الى تنشيط وفق منهج مدروس حاول المقال أن يقدم أهم الشروط اللازمة لعملية التنشيط وصولا الى التغيير الذي يؤدي الى مسار ديمقراطي.
للتواصل مع الكاتب :razig2002@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى