مقالات

السيادة الوطنية بين قدسية المكان ..والولاء للسلطان !؟ : عمر جابر عمر

7-Apr-2012

المركز

وطنى لو شغلت بالخلد عنه …نازعتنى اليه فى الخلد نفسىهكذا أنشد أمير الشعراء (شوقى) وتغنى بالوطن …لكن ماذا هو هذا (الوطن)؟هل هو الشجر والحجر أم الناس والبشر ؟ هل هو النهر والجبل والسهل أم الذكريات والأنتماء والأصل ؟ ما هو هذا (الوطن)الذى نتغنى به أذا رحلنا عنه ونقبل ترابه أذا وصلنا اليه ونضحى من أجله أذا نادى المنادى؟ هل الوطن مأوى وعنوان أم (قلب) ينبض فى جسم أنسان؟ هل للمكا ن (الوطن) معنى بدون الأنسان ؟ يقول (قيس بن الملوح )فى حبيبته (ليلى العامرية ) :أمر على الديار ديار ليلى …أقبل ذا الجدار وذا الجداروما حب الديار شغفن قلبى …ولكن حب من سكن الديار

أذا فأن الأنسان هو المبتدأ وهو الغاية –هو الذى يعطى للمكان قدسيته ومحتواه وأسباب قيامه.منذ بدء الخليقة كان الأنسا ن يبحث عن الأمن والأمان أولا ثم عن العيش والرفاهية ثانيا . أنسان الكهوف كا ن (الكهف) هو موطنه يحميه من الوحوش والمجهول …ثم عندما بدأت المجتمعات فى التكوين نشأت العلاقا ت والمصالح المشتركة والعمل الجماعى وبناء المجتمع المتكامل على بقعة من الأرض …الوطن.فكرة( الوطن) ونظرية السيادة الوطنية مرت بتطورات تاريخية وجدليات فكرية على مر العقود …كان السا ئد أن الملك أو الحاكم المطلق يملك حق السيادة على الأرض وعلى من فيها من بشر …ثم تغيرت تلك المفا هيم وفى عام 1577بداية بمساهمات المفكر الفرنسى (جان بودان ) …وفى عام 1879 صدر أعلان حقوق الأنسان الذى نص على أن السيادة هى للأمة وأصبحت سلطة الحاكم مستمدة من الشعب .وظهرت تبعا لذلك فكرة الرقابة السياسية (البرلمان ) والقضائية وفصلها عن السلطة التنفيذية.ما هى الخلاصة ؟ مرتكزات وشروط السيادة الوطنية هى:أن يقرر شعب ما بكامل أرادته تقرير مصيره فى موطنه …تحديد وترسيم الحدود الجغرافية للدولة وتأكيد الأعتراف الدولى بها.أن ينتخب الشعب ممثليه الذين يقومون بسن القوانين والتشريعات نيابة عنه.أن يختار الشعب قياداته (السلطة) التى تدير شئون البلاد وترعى مصالحه.-أن يكون هناك قضاء مستقل يبسط العدل ويطبق القانون فى البلاد وفق دستور يقره الشعب.أن يجد المواطن حقوقه كاملة فى التعبير عن رأيه والتنظيم وأختيار العمل والسفر…أذا طبقنا المعايير السابقة على الوضع فى أرتريا سنصل الى نتيجة محددة :منذ الأستقلال كانت السيادة الوطنية الأرترية ناقصة ومنقوصة !؟ليس ذلك فحسب بل أن تلك السيادة أصبحت تتلاشى مع الأيام …الأرض ضاعت بعد أتفاقية الجزائر حيث أن جزءا من التراب الوطنى أصبح خارج سيطرة الدولة ( 25كيلومتر)– للتاريخ فأن وزير خارجية أرتريا السابق (هيلى درع ) رفض توقيع تلك الأتفا قية لكن دكتاتور أرتريا أصر على توقيعها لأن ما كان يهمه هو البقاء فى السلطة حتى مع السيادة المنقوصة!أذا أضافة الى (بادمى ) فقدنا أرضا أخرى.حرية الأنسان وكرامته هى التى تعطى معنى للوطن وسيادته – كل القيم يمكن أن تتبخر أذا لم يشعر الأنسا ن بعزته وأنتمائه الى تلك البقعة التى تسمى (وطن) – لذا فأن الدفاع اليوم عن (سيادة الوطن )هو فى حقيقة الأمر دفاع عن السلطان لأنك تدافع عن سيادة منقوصة والبديل هو أزاحة النظام حتى تكتمل تلك السيا دة.الأ رض لن تضيع ولكن الأ نسا ن يمكن أن يتم أ ستلابه وتغيير هويته وهذا ما يفعله النظا م – وأذا (ضا ع ) الأنسان كيف يمكن أستعادة السيادة الوطنية ؟ الشتات الذى يعيشه الأرتريون فى بقاع العالم علامة من علامات ضياع تلك السيادة – أزدواجية الأنتماء التى يعانى منها الأرتريون خاصة الأجيال الجديدة تعكس عمق الجراح التى أصابت الذاكرة الجمعية الأرترية.حتى الذكريات التى تربط الأنسان بالوطن أصبحت تختفى ويطويها النسيان والسلطان لا يهمه من أمر الوطن وسيادته الا أن يسود هو ويبقى على الكرسى.الغريب أن من يصرخون ويلطمون الخدود ويشقون الجيوب على ضياع (السيادة الوطنية )ينسون ويتجاهلون الأنسان الأرترى وحاله ويتحدثون عن (التراب) ؟ الأنسان الأرترى ضحى من أجل تحرير ذلك التراب ليعيش هو فى كرامة وعزة وحرية …أين كل ذلك ؟ أذا كان النظام الحالى قد سرق السلطة عنوة وغدرا كيف يمكن أن يكون مؤتمنا على سيادة الوطن ؟ ألا تكفيكم تجربة عقدين من الظلم والطغيان لتقنعكم بأنكم تصفقون لأنتصارات وهمية فى حين أن الوطن يتبخر وسيادته تتآكل وشعبه يتبعثر وتؤيدون نظاما يخوض معاركا (دون كيشوتية )وسيأتى اليوم الذى سيترككم فيه فى العراء وستندمون سا عة لا يفيد الندم!؟عندما قال ( لويس الرابع عشر )فى فرنسا : أنا الدولة !! كان ذلك مفهوما فى ذلك الزمانلكن أسياس أفورقى أكد ذلك كتابة – بعد أ نتخابه رئيسا للدولة من قبل اللجنة المركزية للجبهة الشعبية كتب بنفسه صلاحيات الرئيس :هو رئيس الدولةهو رئيس مجلس الوزراءهو القائد الأعلى للقوات المسلحةهو رئيس المجلس الوطنىهو القائد الأعلى للشرطة !وأعطاها للمستشار لنشرها فى الجريدة الرسمية– لكن المستشار طلب منه فى حياء أسقاط الفقرة الأخيرة لأن الشرطة جزء من القوات المسلحة ..وقد كان !!وتتحدثون عن سيادة وطنية ؟مفوضية الدستور عملت لأكثر من عام فى أعداد دستور وقدمته الى أسياس ولكنه رمى به فى سلة المهملات فقط لأنه تضمن فقرة عن اللغة العربية …وتتحدثون عن سيادة وطنية ؟لجنة أعداد قا نون الأ حزا ب والتحول الديمقراطى أنهت أ عما لها وطلبت أجتما عا لمنا قشة ما توصلت اليه ..لكن الدكتا تور رفض ..وعندما نشرت اللجنة تقريرها فى الصحف ..تم أعتقال البعض وهرب البعض خا رج البلاد ..وتتحدثون عن سيا دة الوطن؟عجبت لمن نا ضل من أجل تحرير الوطن وضحى ثم نراه يصفق ويهلل للدكتا تور ؟حسنا.. نصبوه ملكا .. أو ملك الملوك خا صة وأن المنصب أ صبح شا غرا بعد رحيل القذافى!الملوك لا يتم أختيا رهم وهو لا يحب الأ نتخا با ت – لتكن مملكته (شما ل بحرى )أو( رأ س مدر ) لكن فى كل الأ حوا ل ستكون نا قصة السيا دة!؟ سيا دة الوطن لا تكتمل الا برحيل الدكتا تور – المعا دلة هى:لا سيا دة مع الدكتاتورية – وكل السيا دة مع الديمقرا طية وحكم القا نون.عندما يختار النا س حكا مهم طواعية وبقنا عا تهم ثم يحدث أعتداء على الوطن من الخا رج فأ ن الد فا ع عن الوطن فى تلك الحا لة يكون دفا عا عن النفس – عن الأ ختيار – عن الأ رادة وليس عن السلطا ن – أما وأن على رأ س السلطة مغتصب وسا رق لها ومفرط فى سيا دة الوطن ويقول (أنا ربكم الأ على )فأ ن الدفا ع هنا سيكون عن ذلك السلطا ن وبمعنى آخر سيكون ضد سيا دة الوطن !؟ أما ما نشا هده من مشا حنا ت ومبارزة بين النظا مين الأ رترى والأ ثيوبى تا رة با لكلام وتا رة أخرى با لقتا ل فهو عبا رة عن ( رقصة الأ فا عى )ستنتهى بموت أحدهما ولا تتعلق با لسيا دة الوطنية بقدر ما تتعلق بمحا ولة كل منهما تأ كيد سيطرته على شعبه وبسط نفوذه فى منطقة القرن الأ فريقى.سيبقى الوطن عزيزا شا مخا كا مل السيا دة متى ما أستلم الشعب زما م الأ مور وعا دت الحرية وحكم القا نون الى البلاد وأ صبحت العدا لة ملك الجميع.أذا غا ب أو تم تغييب دور الأ نسا ن فى بنا ء الحيا ة وصياغة الحا ضر ورسم المستقبل –أذا فقد الأ نسا ن حريته وعزته وخيا را ته– أذا أصبح الأ نسا ن همه الأ ول البحث عن( مكا ن )يجدد فيه حيا ته ويبدأ مستقبلا واعدا – عند ئذ يكون ذلك المكا ن (الوطن) مجرد( معبد وثنى) يتعبد فيه الذين أ صا بهم العمى السيا سى والصمم العقلى ويقدمون فيه فروض الطا عة والولاء للسلطا ن !؟كا ن الله فى عون الشعب الأ رترى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى