النظام الأريتري ودبلوماسية إبتزاز أوروبا من خلال التحكم في تجارة البشر . بقلم/ محمد علي موسى

5-Aug-2016

عدوليس ـبالتعاون مع إذاعة المنتدى

قد يبدو الحديث عن مشاركة نظام الطاغية إسياس أفورقي في عمليات الإتجار بالبشر وكأنه نوع من الخبط العشواء أو كالذي يقذف بالتهم جزافا من خلال أحكام مرسلة، وذلك لان نظام الحكم في أسمرا دأب علي إتهام جهات أخرى إقليمية وعالمية في ممارسة هذه العمليات غير الإنسانية .لكن الوقائع علي الأرض تؤكد إدارة نظام أسمرا لمسارات الإتجار بالبشر وإستخدامها كأداة ضغط سياسية ودبلوماسية علي الدول الغربية وأداة تنفيس الغضب الشبابي عبر تسريبه خارج البلاد.ومع هذا لا غرابة خاصة إذا علمنا بأن نظام حكم الفرد المستبد في أريتريا يسمي نفسه حزب الديمقراطية والعدالة . وهنا لسنا بصدد الحديث عن أسباب ودوافع فرار الشعب الاريتري عن وطنه ، فهذه مسألة يتحملها النظام السياسي الحاكم سواء شاء

ذلك أم لم ابى ، لأنه الطرف الوحيد الذي يحكم البلاد، فليست هناك ثمة أشباح أخرى تشاركه حكم البلاد ، وأن الفرار الجماعي للشعب الأريتري من وطنه سببه سياسات الحكومة في أريتريا . ما نود الإشارة إليه في تعليقنا هذا، كون نظام حكم الفرد المستبد في أريتريا يدير عمليات الإتجار بالبشر بإزدواجية محكمة لأهداف متعددة ومتداخلة، منها الإنحناء لموجة الفرار الجماعي عن أريتريا، وإدارتها بهدف تطويعها بالقدر الممكن لصالح النظام ، فأولا الإستفادة منها في مسألة التفريغ اللازم للقوى الشبابية المتذمرة والغاضبة ، وإلي جانب ذلك التأثير في عقلية الشباب الهارب والتحكم في طريقة تفسيره لأسباب هروبه من أريتريا ، وحصرها في عوامل إقتصادية وجعل بعضهم يرددون “النظام حتى وإن تركناه لظروفنا الخاصة يظل الاب الرحيم” ،ثم لإبعادهم عن تأثيرات قوى المعارضة ، وزرع الفتنة الاثنية والإقليمية والدينية فيما بينهم، وكذا تجميع الأموال الضخمة التي تنفقها الاسر علي هذه الرحلة المأساوية، لصالح أفراد الأجهزة الأمنية وعملياتهم، وأخيرا التحكم في مسار هذه العملية وتأثيراتها كورقة ضغط علي أوربا مثلما إستخدم ذلك معمر القذافي في سنواته الأخيرة حيث طالب أوربا بمبلغ خمسة مليارات يورو مقابل إيقاف تدفق المهاجرين من ليبيا إلي أوربا، وهذا هو طاغية أرتريا يقتفي أثر رفيقه ويطالب أوربا بالدعم المالي والفني وغض النظر عن سياسات الإستبداد حتى يوقفعنهم تدفق الشباب الأريتري إلي أوربا . ولتجسيد هذه المهام نجد النظام قد وضع سفراء ذات خلفيات أمنية وإستخباراتية علي رأس بعثاته في مسار أسمرا الخرطوم طرابلس ، ومسار أسمرا كينيا. ويديرهذه السفارات مسؤول ما يسمى الأمن الوطني أبرها كاسا ،وميدانيا يزورهم في السفارات تخلي منجوس وجوقتة، ويتفقدهم بالغطاء الدبلوماسي المناسب السيد يماني قرآب ، وهنا تدار إجتماعات الحبكة المعقدة والمتداخلة الأهداف تحت غطاء دبلوماسي وسياسي .هذه السفارات تقيم علاقات سرية وخاصة مع أفراد أرتريين تنحصر مهامهم في الإتجار بالبشر، يزورونهم في بيوتهم وفي فنادق خمس نجوم ، ويضعون أموالهم مع السفراء مستفيدين من الحصانة الدبلوماسية ، وتحاك في هذه اللقاءات الكثير من المؤامرات والمبادلات والدسائس،فمثلا تمنع مجموعة إقليم بعينه من السفر، وتسافر مجموعة إقليم آخر بنصف القيمة ،ويسافر فلان وعلان دون دفع أي قيمة، ويتم التبليغ بالمجموعة التي يقودها فرد مستقل ويزج بأفرادها في السجون، وتمنح بطاقات الجنسية لكل من سجل في مكتب الأمم المتحدة ، ويتم دفع المبالغ المطلوبة للأجهزة المعنية لإطلاق أحد العناصر الذي تم القبض عليه من أجهزة الأمن للدول، ويتم تقديم المعلومات والرشى لأجهزة الأمن بتلك الدول لإعتقال شبكة منافسة. وإذا تعرض سمسار السفارة لأي مخاطر يُخبأ لمدة زمنية طويلة في منزل السفير إلي حين أن تتم عملية إسكات الجهة الأمنية التي تطارده ماليا، أوحمايته عبر وسائل غير أخلاقية ، وإذا تعذر كل ذلك تتم عملية إستخراج جواز سفر مناسب له وتأشيرة خروج إلي جهة أخرى،ليرحل من البلد الذي يطارده بعد أن تقوم السفارة بالإجراءات ومن خلال موظفيها وتحت رعايتها وحمايتها . علي ذات السياق أوردت منظمة تهتم بمسألة السلام والإستقرار والتنمية بالقرن الأفريقي، في فبراير الماضي 2016م تقريرا مطولا عن ظاهرة الإتجار بالبشر، وثقت فيه عملية إشتراك دبلوماسي النظام الأرتري بصورة ممنهجة في هذه العملية التي تعد جريمة ضد الإنسانية، ووزعت ذلك علي دول القرن الأفريقي . فالتقرير الذي يقع في 39 صفحة أوضحت فيه المنظمة ذات العلاقة بمنظمة الإيغاد لحكومات القرن الأفريقي بأن بعض الافراد من الحكومة الأرترية وسفاراتها وبعض الأفراد من أرتريا يعملون بتكتم شديد و سرية كاملة وضمن عملية معقدة في عمليات الإتجار بالبشر ، وأن هذه العملية المستفيد منها هم أرتريين والمتضرر منها أيضا أرتريين، وأن أغلب ضحاياها من أرتريا وبعض الإعداد من الصومال وإثيوبيا والسودان . ومن الأسماء المعروفة شخصا يدعى جون هبتو المعروف ب “أوباما” ، وقد أُتُهم من قبل السلطات الأمريكية ، وإعترف بالتهمة التي وجهت إليه، وفرد آخر ينشط في أيطاليا وهو أفريم مسقن ،ظهر في العام 2012م في أكثر من موقع في بالسويد مع يماني قبرآب المستشار السياسي للرئيس إسياس أفورقي، وما خفى أعظم .