مقالات

هل يطلق القرن الأفريقي شرارة الحروب العربية الأفريقية ؟؟ : محمد الحسن أحمد

1-Nov-2006

المركز

يبدو أن القرن الإفريقي على وشك الاشتعال في حروب لن توفر أية دولة فيه، وقد تمتد إلى دول أخرى مما قد يدخل القارة بأسرها في نشاطات وحروب قد تعرف بداياتها ولكن يصعب التكهن بنهاياتها.

فحرب دارفور الممتدة منذ ثلاث سنوات أخذت انعكاساتها تتعدى حدود تشاد إلى النيجر التي قررت فجأة طرد نحو 150 ألف عربي ظلوا يعيشون على حدودها مع تشاد منذ أكثر من عشرين عاماً بعد أن هجروا من تشاد نتيجة لحروبها السابقة. والصومال المفتت أصلاً أخذت حروبه الداخلية تنعكس على كل دول الجوار المحيطة به سواء بتدخلها المباشر أو غير المباشر فيها، أو إدارة حروبها بالوكالة على أرض الصومال المشتعلة أصلاً، أو نتيجة لأطماعها المتجذرة في جزء من أرض الصومال، وفوق هذا وذاك يقترب سوء العلاقات الإثيوبية- الإريترية من العودة إلى إشعال حرب جديدة- بين البلدين بسبب النزاع الحدودي الذي أدى إلى الحرب السابقة مضافاً إليه مستجدات حرب الصومال وتدخلات الطرفين فيها بصور شتى.والمفاجأة في كل هذه الحروب والمستجدات هو دخول النيجر على الخط وإعلانها بلا مقدمات طرد مائة وخمسين ألف عربي من قبائل المحاميد المنتشرة في تشاد والسودان أيضاً. والذين يعيشون في ولاية ديفا شرق البلاد، وقد أعلن والي ديفا أنه “حان الوقت لأن يحزم العرب أمتعتهم وأن يعودوا إلى بلادهم تشاد”. بينما قال زعماء المحاميد: “إن قرار حكومة النيجر يأتي على خلفية سياسية بسبب تدهور علاقاتها مع السودان، وتجدد الهجمات التي يشنها المتمردون في تشاد”، ولكن السلطات المحلية في النيجر لم تفصح عن المبررات الحقيقية وراء قرارها المفاجئ، ورفض الزعماء العرب لقبائل المحاميد القرار وأعلنوا أنهم سيقاومونه وسيستخدمون حقهم في اللجوء إلى القضاء لإنصافهم ومنع الحكومة من تنفيذ قرارها الجائر.وفي ذات السياق، تردد أن الزعيم الليبي القذافي يسعى للتوسط لدى رئيس النيجر الذي يتمتع بعلاقات وطيدة معه لحثه على التراجع عن تنفيذ قراره بطرد السكان العرب. وأياً كان الأمر فإن تفاعلات موقف النيجر لايزال في بداياته، لكن يخشى أن يتطور إلى أن يتحول إلى صراع عربي- إفريقي على مستوى القارة، ولهذا يجب الإحاطة به وتطويقه وهو لايزال في المهد، ولا ينبغي للجامعة العربية أن تنأى بنفسها عن هذا الأمر البالغ الحيوية في مدار العلاقات العربية- الإفريقية المتداخلة أصلاً.أما على صعيد الأجواء بين السودان وتشاد فقد عاد إليها التوتر من جديد بسبب الاتهامات المتبادلة من الجانبين حول دعم المتمردين هنا وهناك، وتبدو تشاد هي الأكثر تورطاً لأن الهجمات الأخيرة التي شنت على الجيش السوداني ما كان لها أن تلحق تلك الخسائر لولا الدعم والإسناد العسكري من تشاد، ومع ذلك سارعت بتقديم شكوى ضد السودان لمجلس الأمن الإفريقي، ولا بد أن يكون للقرار الصادر من النيجر بترحيل العرب إلى تشاد سبب في إزعاج الحكومة التشادية التي تخشى من إخلال توازن الأعراق فيها إذا قدر لعرب النيجر الهجرة مرة أخرى إلى تشاد، فضلاً عن خطر التهديد الذي قد يمتد ليشمل حروباً عربية إفريقية في القارة.وبين إثيوبيا واريتريا زادت حدة التوتر إلى درجة تنذر بإشعال الحرب مرة أخرى في أية لحظة بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي عن حشد عشرة آلاف جندي إريتري على الحدود مع إثيوبيا، وقال إن إثيوبيا لن ترد إلا إذا تعرضت للهجوم، لكنه أضاف ان الحكومة الاريترية هي المورد الرئيسي للأسلحة والمدرب للمجاهدين وسيكون من السذاجة افتراض أن الانتهاك الحالي للمنطقة الأمنية التي ترعاها الأمم المتحدة هو مجرد صدفة.وفي الوقت نفسه توسع المحاكم الإسلامية من بسط سلطاتها على المزيد من المدن الصومالية وتضيق الخناق على الحكومة التي تبدو شبه محاصرة في بيداوا التي تهدد أحياناً باجتياحها وأحياناً تلوح بالمهادنة ريثما تعقد الجولة الثالثة من مفاوضات الطرفين في الخرطوم، ومن المقرر أن تبدأ غداً الثلاثاء.وإذا كانت مسألة قسمة السلطة تشكل عقبة كبرى في المصالحة بين الطرفين فإن مسألة نشر قوات من الاتحاد الافريقي لبسط وحفظ السلام تعتبر كبرى العقبات كون اتحاد المحاكم الإسلامية يرفضها رفضاً لا مساومة فيه، بينما مجلس السلم والأمن الافريقي أقرها، وقدر تولي قيادتها لدولة أوغندا التي تكفلت بإرسال أربعة آلاف جندي مع الكلفة المالية لمدة ستة أشهر بانتظار رفع مجلس الأمن الدولي لحظر السلاح المفروض على الصومال. وهناك بالطبع تخوف دولي من سيطرة المحاكم الإسلامية على الصومال، ومن أن يصبح الصومال قلعة للإرهابيين على شاكلة جماعة القاعدة، ولهذا لوحت الولايات المتحدة بزيادة عدد القوات الأمريكية في القرن الإفريقي لمنع تحول المنطقة إلى “ملاذ آمن” للإرهابيين.وفي ضوء كل هذه المستجدات والتداعيات ونذر الحروب الآتية فإن القرن الإفريقي كله مرشح لحريق كبير قد تمتد ألسنته إلى ما بعده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى