حوارات

في الذكرى الرابعة والأربعين لمعركة تقوروبا : حوار مع قيادي في جبهة التحرير الإرترية

17-Mar-2008

المركز

‎ونحن نحتفل بالذكرى الرابعة والأربعين لمعركة تقوروبا 15/3/1964م التي فتحت دروباً جديدة أمام الثورة الإرترية في مواجهتها للمستعمر ودشنت مرحلة فاصلة من مراحل الكفاح المسلح الى أن توج بنصر مستحق ، التقينا السيد محمد اسماعيل همد عضو اللجنة التنفيذية لجبهة التحرير الإرترية فكانت هذه الإفادات ..

أرجو أن تلقي لنا الضوء حول الظروف التي أحاطت داخلياً وخارجياً بمعركة تقوروبا ؟كان عمر الثورة عند إندلاع معركة تقوربا عامان ونصف العام على وجه الحصر وهذا يعني أن الثورة كانت في بداياتها وكانت تعمل على توسيع رقعة إنتشار رسالة الثورة وطبيعة القضية التي تدافع عنها وكانت تعمل على كل الأصعدة ، أوساط الجماهير على كسب الشعب وتثويره وبالتالي تحويل الثورة من ثورة تقودها طليعة مقاتلة تعمل على أساس مبدأ حرب الغوريلا الى ثورة شعبية عارمة يرفدها الجميع ويدافعون عنها وبهذا كانت الثورة داخلياً تعمل على توسيع قاعدة المنتمين لها والمنضوين في صفوف جيشها المسلح وكانت الدعوة جديدة وسرية تحتاج الصبر كما كانت تسعى لتوسيع تشكيلاتها الجماهيرية وسط شعبنا في المدن والأرياف وفي المهجر وكانت بالطبع حرية الحركة والنقاش في الخارج أوسع ، كما كانت خارجياً تعمل على تبصير أبناء شعبنا والشعوب المحيطة ببلادنا بحجم الظلم الذي تعرض له الشعب الارتري والذي أجبره على حمل السلاح وطلب المساندة والتأيد من الأشقاء أفراداً وأحزاباً ومجتمعات مدنية ودول هذا من ناحية الظروف العامة أما واقع مناضلينا في تلك المرحلة فكانت أعداد المنتسبين لجيش التحرير قليلة جداً كما كانت أعداد المدربين في الجندية أقل أيضاً وكانت جملة قوى الثورة وجيش التحرير في ذلك الوقت مجموعات صغيرة و ثلاث فصائل كاملة من حيث الرجال ، كانت الأولى بقيادة أبوشنب وكانت فصيلتنان بقيادة كل من عمر إزاز وابورجيلا وكانتا بالصدفة في موقع واحد وخاضتا معاً معركة باب جنقرين وبعد فترة منها وبسبب مرض القائد الشهيد عمر أصبحتا تحت قيادة مناضل واحد وهو المناضل أبو رجيلا وبالنظر للضغط الكبيرة الذي شكله العدو في تلك المنطقة بعد معركة باب جنقرين وعمليات المطاردة الكثيفة التي شنها إنسحبوا عن طريق جبال الماريا الى منطقة ساوا وهناك وفي منطقة تقوربا خاضوا ولأول مرة معركة مع الجيش الاثيوبي النظامي وكانت المعارك قبلها مع البوليس وكانوا من الارتريين وكانت قيادة الثورة تعتبرهم من قوى الشعب التي يجب كسبها لصالح الثورة والقضية ولهذا كانت التعليمات للرعيل تحاشى التصادم معهم بقدر الامكان .بهذا كان يعني إبادة قوى الثورة في معركة تقوربا بالنسبة لجبهة التحرير الارترية إنتكاسة كبيرة لأنها كانت تشكل ثلثي قوات الثورة الفعلية على الأرض الارترية ثلثي القوى المدربة في ذلك الوقت ، كانت تعني على أقل تقديرتأخير العمل النضالي لبعض الوقت حتى تتمكن الجبهة من إستيعاب الهزيمة وتعيد ترتيب نفسها .لماذا دون غيرها تم إختيار معركة تقوروبا يوماً لجيش التحرير الارتري ؟ إن إختيار معركة تقوربا يوماً لجيش التحرير الارتري يوماً للمقاتل الارتري البطل تم بإعتبار أن تقوربا كانت أول معركة في التاريخ الارتري الحديث يخوضها أبناء إرتريا الثوار الأحرار المناضلين من أجل تحرير إرتريا وشعبها ضد الجيش الأثيوبي النظامي كما كانت المعركة التي هزم فيها مناضلينا البواسل من رعيل جيش التحرير نخبة الجيوش الأثيوبية القادمة بعد المشاركة في معركتي كوريا والكونغو ، كانت معركة تقوربا هي الأولي بين ثوار من أجل الحرية في إرتريا وجيش الاستعمار الإلحاقي الأثيوبي وكانت المعارك قبلها ضد البوليس كما ذكرنا وهذه كانت ميزتها الأساسية كما أن النصر في تقوربا وشهدائها الثمانية عشر الذين علقوا على أعواد المشانق بكثافة في مدن غرب إرتريا ( هيكوتا ـ بارنتو ـ أغردات ـ كرن ) ساهم في تمكين مناضلينا وتشكيلاتنا السرية من شن اوسع دعاية لصالح الثورة في كافة أرجاء إرتريا مستفيدين من جريمة العدو في تعليق جثامين أبناء إرتريا والتمثيل بها ، وبهذا كانت تقورباً الحدث الذي سلط عقول وقلوب الجماهير على الثورة وأهدافها العادلة بأعظم ما يكون .ماهي نتائج تقوربا المباشرة واللاحقة لمعركة تقوربا على مستوى الجيش والتنظيم ؟ إنتشر إنتصار تقوربا وحدث تعليق جثامين شهدائها في كافة أرجاء بلادنا في المدن التي رأت جثامين أبنائها على أعواد المشانق وفي الأرياف والمدن التي لم تشهد ذلك ذاعت فيها الأخبار وأصبح الخبر حديث الناس في البيوت وفي المقاهي وخلق هذا الحدث الضخم واقعاً إرترياً جديداً أصبحت الثورة فيه واقعاً ملموساً وأخذ الشباب يتطلعون نحو الثورة وبدأت موجات الشباب من مدن وقرى وبوادي إرتريا بالتدفق نحو الريف حيث الثورة والثوار بغية الالتحاق بصفوف جيش التحرير الارتري ، كان ذلك الحدث أضخم دعاية لثورة شعبنا الارتري ويذكر مناضلي الرعيل ممن شهد واقعة تقوربا وبشكل خاص قائد معركة تقوربا المناضل أبو رجيلا أطال الله عمره أنهم فقدوا في تلك المعركة ثمانية عشر شهيداً من أصل مايربو على السبعين مناضلاً وفي غضون أيام إلتحق بهم 25 مناضلاً ثم واصل سيل الملتحقين بالثورة تدفقه حتى نمت الثورة بسرعة عالية قياساً بما كان قبلها ووفرت هذه المعركة بالنسبة للتنظيم كثيراً من الوقت والجهد وسهلت مهام التعبئة والتحريض لشعبنا .بمناسبة تقوروبا يشتكي رواد النضال الارتري من العسكريين والمدنيين من الإهمال ومن التهميش ومن كل فصائل المعارضة ومن التحالف بماذا تعلق ؟ إن فصائل المعارضة الارترية قوة لاتزال تناضل من أجل الحرية الحقيقية والمواطنة التي فقدت إعتبارها ومعناها في بلادنا ولم يتمتع مواطنينا بأدني النذر من مطلوباتها رغم ميلاد الدولة ورغم أن ذلك الميلاد دفع شعبنا ومناضلينا وعلى مدار سنوات الثورة المسلحة الثلاثين ثمنه غالياً وجميع منسوبي المعارضة يعدون في طليعة المهمشين والمفروض عليهم الاقصاء بل وحتى الالغاء ويعيشون في واقع قاسي لاتخطؤه العين وبالتالي فإن طرح المسألة بهذا الشكل دون الأخذ بعين الاعتبار لظروف المعارضة ذاتها سواء تلك الظروف الذاتية أو الموضوعية يعد أمراً فطيراً وغير متبصراً وهو إلغاء للكلام على عواهنه وسعي لامعنى له لتحميل المعارضة إفرازات المرحلة القاسية التي نناضل فيها ( مرحلة ميلاد الدولة ) البعض في المعارضة له وجهة نظر قد لاتعتبر مسألة الرعيل برمتها كما أن البعض المتعجل حمل هذا العنوان التاريخي النبيل ( الرعيل ) فوق إحتماله وطبيعته المفترضة وجعل منه عنواناً للتراشق والمماحكات البينية والبعض من حيث يدري أولايدري سهل تلك المهام عندما أخرج مسألة الرعيل من سياقها التاريخي والطبيعي وجعل منها موضوعاً للأخذ والجذب وأمراً مفتوحاً والسوأل هل الرعيل مؤسسة تجمع مناضلين تاريخيين لثورة شعبنا أم حالة أقرب للتنظيم ذو المواصفات الخاصة ؟ أم هي تنظيم بصفاته وقسماته ؟ البعض في التحالف لايؤمن بالرعيل ويعتبره جزء من ظرف تاريخي لايؤمن به أصلاً ولكن هذا البعض ولدواعي سياسية مستعد أن يستخدم الأمر في المماحكات والمناورت السياسية وهذا ينعكس في السلوك والرعيل أكبر وأنبل من هذا فهم آباء الثورة ورواد النضال وينبغي الحفاظ على مقامهم العالي فوق التجاذبات والمماحكات والتراشق البيني ، أما التهميش الحقيقي الحاصل مع رعيل الثورة وشعبها وجيش التحرير الارتري فهو من النظام الاستبدادي الذي تنكر لحقوقهم ويحتكر كل شيئ في بلادنا . أما المعارضة فليست في موقع يمكننا أن نقول أنها همشت أو أقصت أو أهملت لأنها ببساطة تناضل في أقسى الظروف ونعتقد أن الجميع يعرف هذه الحقيقة ولكنه يحاول أن يقول ويسقط أشياء لانعتقد أنها صحيحة وحتى نلغي التهميش الحقيقى علينا أن نناضل معاً لتغيير الواقع الاستبدادي الماثل في بلادنا وعندها يمكن للجميع أن يطالب بحقوقه الفردية والجماعية .ماذاعن العمل العسكري في الصراع القائم مع النظام في أسمرا ؟ العمل العسكري عمل له شروطه الخاصة جداً فهو ليس بالعمل المزاجي بقدرما هو عمل يحتاج العمل فية توافر شروط موضوعية وذاتية وهذه الشروط عوامل ضرورية جداً تمكن من تفعيل العمل وإتساعه وتمكنه ، ونحن بالنسبة لنا في جبهة التحرير الارترية فإن جيش التحرير الراهن هو مواصلة لذات جيشنا مع الأخذ بعين الاعتبار تبدل الأجيال والظروف التنظيمية وما فيها من عوامل والظروف الموضوعية محلياً وإقليماً ودولياً ، وهوإمتداد لذات الجيش الذي كان يناضل ضد الاستعمار الاثيوبي ونحن لسنا تنظيم نشأ ضد نظام الشعبية بل نحن إمتداد لثورة شعبنا التي قادتها جبهة التحرير الارترية وهذا الجيش عندما إنطلق لم يكن أساساً موجهاً ضد الجبهة الشعبية التي ولدت بعد ميلاد جبهة التحرير الارترية وجيش التحرير الارتري ب 15 سنة ومسألة الشعبية هي بمثابة الجملة الاعتراضية في مسيرتنا وبهذا فإن التعامل معها بهذه الصورة أو تلك وعلى مدار التاريخ فرضته الشعبية نفسها والجميع يعرف ا، الشعبية فصيل لايعترف بالآخر ويعمل إجتثاثه بل وإلغائه من الحياة نفسها والآخر بالنسبة له ليس أشخاص فحسب بل واقع واسع من الجماهير الارترية وتعرف أن رأس النظام حتى اللحظة ينكر وجود لاجئين وتارة يقول أنهم موجودون على أرضهم !! وهذه التصريحات تكشف طبيعة مخططات الشعبية وعقليتها أما المواجهة فلم نخترها نحن في يوم من الأيام فهي التي إختارت السير على نهج الاقصاء والتصفيات وبالتالي إحتكار البلاد والسيطرة على العباد والعمل العسكري في نظرنا وسيلة تحريرلشعبنا الارتري سواء من الاستعمار أو من سيطرة الاستبداد والنظام الطاغوتي الحاكم وهو كغيره من أساليب النضال ووسائله ولكن هذا العمل يحتاج لجملة واسعة من الشروط حتى يحقق المأمول منه خاصة ونحن اليوم وفي مواجهة الاستبداد نفسه نواجه إرتريين حتى ولو كانوا متراساً يحمي القهر والاستبداد والنظام السيئ فهم في نهاية المطاف إرتريون وهذا أمر قاسي علينا وأمر التعامل معهم بالقوة هو أمر إجباري أمر يقال فيه مكره أخاك لابطل فنحن نجابههم بحكم أنهم متراس يحمي الاستبداد والديكتاتورية يحمون السجون والقهر والاضطهاد لشعبهم ويساهمون في تمزق البلاد من جراء تنفيذ الأوامر التي ألغت شعبنا من الفاعلية والوجود وأياً كان شكل المواجهة فإن كل الذي يموت إبن من أبناء إرتريا وهو أمر موجع نقص فادح لشعبنا الارتري ولكن هذا الخيار فرضه علينا النظام الديكتاتوري .إذاً العمل العسكري وسيلة من وسائل النضال ضد الاستبداد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى