مقالات

حفريات أفقية أشجان أرتيرية.. أو عن المعنى! بقلم / عادل كلر

3-Sep-2016

عدوليس ـ نقلا عن الأيام السودانية

ثمة أيقونات تلمع في ذاكرة الفرد على مستوى الثورة ومعنى التحرر، والذي بلا شك أو تمييز ينطلق من أرضية أفريقية سمراء، شاسعة المعاني، ومن خضم هذى الفيوض، تبرز أسماء الثوار والآباء المؤسسين: البوركيني فاسو “توماس إيزادور نويل سنكارا”، والأنغولي “أنطونيو أغوستينو نيتو”، الكنغولي “باتريس لومومبا”، الإرتيري “حامد إدريس عواتي”، والسودانيان “عبد الوهاب زين العابدين عبد التام والتجاني الطيب بابكر” لما لهما من دلائل تربط ملاحم الإستقلال عشية 1956 بـ”ثورة اللواء الأبيض” 1924.

وعلى مستوى البناء الوطني في عقابيل التحرر والبناء الوطني، تبرز أسماء: “الجنوب أفريقي “كريس هاني”، والمصري “زكى مراد”، الجزائرية “جميلة بوحيرد”، والسودانية “خديجة صفوت”، وغيرهنَّ، وغيرهمَّ من شهب. وصولاً لايقونات العهد القريب كالنيجيري، “كين سارو ويوا” الذي قضى في 1995 على يد ديكتاتورية ساني أباتشا، في الخبر المعلوم عن شركة (شل)، وأشغال التنقيب عن البترول في أفريقيا.
غير أن لوقع ثورة التحرير الأرتيرية، صدىً خاص في الوجدان والذاكرة السودانية، وليس صدفةً أن نشرتُ على أثير السوشيال ميديا، بعضاً من وثائق هذا الزعم، تلكم المراسلات التي جرت في العام 1970، بين ممثل مكتب ثورة التحرير الأرتيرية بالخرطوم وعضو القيادة العامة بالميدان وأسرة جريدة الثورة (عثمان حسن عجيب) إلى رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد الطلبة بمدرسة الجيلي الثانوية النموذجية (إبراهيم عبد الله هدي) الذي هو والدي، رحمه الله. هذا على مستوى التاريخ الشخصي لفرد سوداني في أقصى أقاليم البلاد: الإقليم الأوسط-سابقاً، ومثلي وأبي، كثر في بلاد الميل ميل مربع التي كانت، فيما يخبر واقعنا المعاصر، عن علائق أخرى تمتد في قوس ثوري خصيب، منذ أيام العمل المسلح للمعارضة السودانية على “الجبهة الشرقية” من داخل الأراضي الأرتيرية، ومؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 1995، وما وفره ذلك من وقوف مطَّلع وعليم على خبايا الداخل الإرتيري، وصولاً إلى ما وفرته ثورة الإنفوميديا، من إتصالات “مقروءة ومسموعة ومرئية” مع أطياف الشتات الإرتيري في المهجر، على شتى المظان، سياسية كانت أم أدبية، بمساعدة كريمة من الصديق العزيز وزميل المهنة الذي يتبوأ مهجره الآن بأستراليا: جمال همد، بعد أن ضاقت بنا سماوات الخرطوم.. وأصدقاء أرتيريون-سودانيون و”سودارتيريون” كثر، يضيقون عن سعة هذا المجال؛ دون أن نحتكر هذا الجهد بصورة شخصية، ودوننا التاريخ الذي يخبر عن إلتحاق مئات السودانيين بركاب الثورة الإرتيرية وصولاً لدرجة الإستشهاد كالشهيد “آدم أبو بكر” (إستشهد بمعركة حلحل) والشهيد “عمر عبد الماجد” والشيخ” فاروق عوض الكريم-أبو هاجر”، على تباين المنطلقات والآيديولوجيا.ويجي هذا الملف التذكاري (المتواضع) ضمن هذي الشائكات، ردماً لهوَّة تفصل القاريء السوداني عن محيطه الإقليمي [تقرأ: أخوته الأقربين!]، ودعماً في المقام الأول، وإيصالاً لصوت الشعب الأرتيري، المكلوم، وإستعادة لقيم وتقاليد التضامن الأخوي المستحقة، ضمن أي واجب ثوري ممكن، في إطار التغيير وإتاحة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكرامة الشعب الأرتيري على مختلف مكوناته، والخلفيات.
وثمة في الحلق غصَّة بائنة، تتعلق بالأسرى، االسجناء، معتقلي حرية الرأي والضمير، وكنموذج عشوائي منهم يبرز إسم المناضل الأفريقي: إبراهيم توتيل، حاكم إقليم البحر الأحمر السابق، وأحد أبرز قيادات جبهة التحرير ثم الجبهة الشعبية، ورفاقه الأماجد، ومن قبل، سجناء ومعتقلي محاولات التحرر من ربقة الشمولية، وما تبقى منهم على قيد الحياة، وتطول القائمة وتطول، إنما يبقى.. السؤال!
أخيراً، لم أفجع مؤخراً بالحالات التي أقدم فيها المتظاهرون الإرتيريون على حرق العلم الوطني، في محافل وتظاهرات شتى، كونه هذا العلم يرمز لسيادة بعينها، لم يبذل الشهداء دمائهم الزاكيات من أجلها، ولم يضح الجمع الإرتيري لتكون ضمن أولوياته، لكنه شأن يخص تقديرات المكوِّن الإرتيري، إنما تقديره معلوم، أن أرتيريا: جارة البحر ومنارة الجنوب، لا تزال تنتظر.. التحرير، بعد..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى