مقالات

الاجتماع الطارئ للمجلس الوطني: رؤية من الداخل – بقلم د. عبدالله جمع ادريس

5-Jan-2015

عدوليس ـ ملبورن ـ

مقدمة: كتبت المقال الأصل لهذا الموضوع في طريق عودتي من أديس أبابا , وقد حرمني ذلك من متعة الحديث الي رفيقي العزيز طيب المعشر حلو الحديث الأخ منير عبدالحي. وكنت أود نقل صورة حية لما دار في الاجتماع الطارئ للمجلس لفائدة القارئ. غير أنه قد سبقني بها الأخ الفاضل حسن ادريس فتوقفت عن نشر مقالي الذي صادف تواتر في أفكاره مع المقال المذكور حد مطابق العنوان , واعتبرت ذلك دليل صدق ما جاء في المقالين , بالإضافة لعدم جدوي نشر مقالي للقارئ. ثم ألح عليَ بعض الأخوة لنشر مزيد من المعلومات لإزالة بعض الغموض حول مخرجات الاجتماع موضوع المقال.

الاجتماع ميلاد جديد للمجلس الوطني:
كاد المجلس الوطني أن يندثر وأن تتلاشي معه أحلام الجماهير الإرترية في عماية التغيير الديمقراطي. فقد سأمت تلك الجماهير أسليب التسويف وتضييع الوقت هباءً في الصراعات الهامشية وفيما لا يجدي من الاختلاف علي تفسير مواد النظام الأساسي حيناً وشرعية القرارات أحياناً أخري , ناهيك عن التكتلات والصراعات في المجلس وداخل التنظيمات المكونة له مما أعطي انطباعاً سلبياً عن المعارضة خاصة مع التردي التنظيمي المتتالي لمكوناته. وقد أوجد ذلك المناخ حالة من اليأس والقنوط لدي ركاب سفينة التغيير الديمقراطي وهم يعايشون تمايل سفينتهم فوق موج متلاطم وقد فقد الربان السيطرة علي المركبة وضلت عنه حكمة القيادة , وأصبح جزءاً من المشكلة بدلاً عن أن يكون هو الضامن لوصول السفينة لبر الأمان.
وكان الاجتماع الطارئ هو طوق النجاة الذي استعصمت به غالبية عضوية المجلس رغم الصعوبات اللوجستية والانقسام النسبي حول ضرورة عقده , خاصة مع تمنع الرئاسة في بداية الأمر. ويمكن تفهم ذلك التمنع من الخوف من تحميلها المسؤولية كاملة عن مشاكل المجلس الوطني دون سواها من الأطراف. وذلك الخوف قد ثبت أنه كان وهماً وهاجساً لا أساس له من الصحة , وأظن شخصياً أن تلك المعلومة قد وصلت الي الرئاسة قبل الاجتماع مما ساعد في تفكيك الموقف الممانع للاجتماع. وقد قطع الاجتماع الطارئ قول كل خطيب, وذهبت الأوهام مع الرياح القوية التي صاحبته والتي دفعت سفن المجلس الوطني تجاه بر الأمان , وأسترد المجلس ارادته وصحح أوضاعه.
وكانت ضربة البداية الصحيحة في اختيار سكرتارية محايدة لقيادة الاجتماع , خاصة بوجود المناضل حاج عبدالنور حاج علي رأسها بحكمته وحياده الذي بعث رسالة طمأنة لكل الأطراف. وقد كوفئ علي حكمته في نهاية الاجتماع بإيلائه وزملائه في السكرتارية المناضلين تخلاي أبرها وكفلي يوهنس ولدي جرجيس بثقة الاجتماع ووضعوا في قيادة المجلس والمكتب التنفيذي. وكان التكليف محدداً وهو الوصول الي المؤتمر الوطني الثاني.
وقد خرج الاجتماع الطارئ بنتيجة ايجابية ما كان ليتخيلها أكثر المتفائلين قبل عقد الاجتماع. فرغم الهنات والاشكاليات التي واجهته فقد مثلت النتيجة النهائية ميلاداً جديداً بحق. وقد فتح توالي الاستقالات الجماعية والطوعية الباب لعملية تغيير واصلاح واسعة وسلسة في كل هياكل المجلس بما يبشر بانبثاق فجر جديد للتغيير الديمقراطي وايجاد حالة من التوافق تجاوزت كل ما سبقها في سابق الايام الغابرة. فقد قام الاجتماع بإجراء عملية محاسبة دقيقة للمواقف السياسية , ومراجعات عميقة لأساليب العمل , ووقف علي مواطن الخلل , وانتهي الخلاف دون أن يكون هناك خاسر وبالتالي توصل الاجتماع الطارئ لمعادلة ربحية للجميع بما بدا من حرص علي المصلحة العامة مما أفضي الي تنازلات جادة وزهد في المناصب وتفاهمات ذكية وصلت لدرجة الاجماع علي كل القرارات الصادرة عن الاجتماع وعدم وجود أصوات نشاذ عن الموقف العام , فحاذ جميع المرشحين علي الفوز بالتزكية ودون وجود معارضين لترشيحهم ممتنعين عن التصويت , وتجاوز الاجتماع الرهان علي فشله وانتصر المجلس الوطني علي رهان انقسامه , وتخطي بعزم أعضائه صعوبة الموقف ووقف أول الطريق الي المؤتمر الذي كان قبل الاجتماع أقرب الي السراب الذي يتراءى للمشفقين علي مستقبل العمل المعارض. ويتأكد اصرار أعضاء المجلس علي عقد المؤتمر بوضع شروط قاسية أمام المكتب التنفيذي في أداء دوره في مساندة اللجنة التحضيرية للمؤتمر , واسناد مهمة التحضير لمناضلين أكفاء بقيادة المناضل بشير اسحق. وقد توجت عملية التوافق بالخطاب الحماسي لكل من المناضل صقاي يوهنس رئيس المجلس السابق ونائبته المناضلة فريويني هبتيماريام والذي اتسم بالصراحة والتأثير جلب لهما التصفيق والامتنان لدوريهما في المرحلة السابقة , فكان وداعا حافلاً حين توقف الاجتماع وحرص الجميع علي وداعهما الي خارج قاعة الاجتماع واللذين كان عليهما اللحاق برحلتهما وقد بدا عليهما التأثر وتجاوز مرارات الماضي.
كل تلك الملاحظات تقودني الي الوصول الي قناعة بأن الاجتماع الطارئ أعاد الحياة الي شرايين المجلس الوطني , وبث الأمل في عهد مشرق لعملية التغيير الديمقراطي من خلال المؤتمر الوطني الثاني في فترة أقصاها ثمانية أشهر , فهل تدعم الجماهير الإرترية هذا الأمل الغالي علي نفوس الجميع بوقوفها الجاد خلف قيادة المجلس الجديدة؟
سؤال قد تحدد الاجابة عليه مستقبل الوطن الإرتري ومستقبل شعبنا المثابر والصبور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى