مقالات

مشروع للحوار الوطني.. تقدمه:مبادرة الإصلاح الإجتماعي

5-May-2010

المركز

نبذة تعريفية:ـ
نحن مجموعة من الشباب والكهول جمع بيننا العديد من العوامل والظروف والأقدار والمصائر، لقد كنا ولا نزال ننتمي الي مذاهب سياسية شتى، ولكن جمع بيننا الميل الفطري نحو تغيير الواقع البائس. كما أن السيولة السياسية وزوال الفروق والسدود بين الكثير من المذاهب السياسية والفكرية لم يشتت أفكارنا أو يصيبنا بعمى ألوان سياسي يحجب عنا الرؤية الواقعية الصائبة لما نعيشه ويعيشه غيرنا من واقع سياسي، اقتصادي، اجتماعي، فكري مؤلم،

مما جعلنا نفكر جدياً في التحاور مع كل القوى التي تشاركنا الهموم للبحث عن حلول ومخارج من الأزمة الشاملة التي تتعرض لها بلادنا علي أيدي النظام الدكتاتوري من جهة وما تعانيه المعارضة من انقسام الي أجنحة وتكتلات شغلتها عن مهمتها الأساسية من جهة أخرى. وفي هذه الآونة التي تكتظ فيها الساحة السياسية المعارضة بالمجادلات الباحثة عن مخارج، رأينا أن ندلي بدلونا في إثراء وتعميق الرؤية الواقعية للمشكلات الحقيقية والحلول الجادة، مرحبين بأي تفاعل إيجابي يشاركنا الرؤية ويضيف لنا تفاصيل مفيدة وداعمة، ذلك لأننا نحس أننا بدون الآخرين قطرة ماء عذب في بحر. بناءاً علي ذلك تبادلنا الآراء حول هذه المشكلات عبر ورش مناقشة خلال عامين معتمدين علي إمكاناتنا الذاتية في التمويل بالرغم من ظروفنا المالية المتواضعة وخلصنا الرؤية الواردة أدناه والتي نرجو أن تكون نافذة تلاقي وحوار جاد حول هموم الوطن والمواطن. مقدمة:ـ الحوار نوع من التواصل بهدف بلوغ غاية محددة إثر اختياره لأنجع الوسائل والأدوات وإطلاق العنان للعقل واللسان لحل كثير من قضايا الانسان بعيداً عن أدوات القتل والإرهاب، ومهما كانت طبيعة وحجم القضية العالقة، فإن الحل الأمثل هو الحوار، والتفاوض هو نهاية الصراعات الدموية، وقد علمنا تاريخ البشرية القديم والمعاش أن أي صراع لم تجلس أطرافه علي طاولة التفاوض يمكن أن ينفجر مجدداً، والمدخل الطبيعي لحل جميع الصراعات الدموية من حروب كونية، اقليمية أو محلية هو الجلوس للتفاوض والاقرار بمشروعية مصالح الأطراف المتحاورة، لأن أساس الخلاف منذ بداية الخليقة ممركز في الشرطين الضروريين للحياة، الإطعام من الجوع والأمن من الخوف.إن تاريخ التطور البشري وخوض الحوار من أجل الاستقرار وتكوين الأسرة بدأ بمبادرة من المرأة لحاجتها للرعاية في فترة المخاض والحضانة، لذا اشترطت أن يتضمن عقد الزواج تبني الرجل لتوفير الحماية والإعالة لها في هذه المرحلة بالذات، وقد عرفت هذه المرحلة بالمجتمع الانثوي، وشهدت البشرية تقاسم المصالح في إطار أوسع إبان الحضارة اليونانية القديمة التي تشكلت علي نمط مملكة النحل.جاءت الشرائع السماوية تخاطب الناس برعايتها لمصالحهم، فقصة سيدنا يوسف وتنبؤه بالسنوات العجاف وتعيينه حفيظاً علي خزائن الدولة، وتوفير طعام المن والسلوى لقوم موسى ورغبتهم في تنويع مصادر الغذاء وتحملهم لمشاق الهبوط ( الذهاب ) الي مصر بحثاً عن ذلك التنويع، وناقة ثمود التي كانت مصدر رزقهم مما تطلب إنزال أشد العقوبات العاجلة بالذين اعتدوا عليها وذلك لأنهم هددوا مصلحة العباد ( المجتمع ). وهكذا تتوالى رعاية شعائر السماء لمصلحة العباد حتى تختتم صورة المشهد في قوله تعالى في سورة قريش: ( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف ).كذلك فإن الحركات الاصلاحية التي تلت سنن السماء في التأثير علي الفكر والممارسة البشريين، رفضت التقليد والتسلط باسم الدين علي مصالح العباد، فعندما خالف تطبيق الشرائع السماوية من قبل القائمين علي أمر الدين مصالح العباد كانت هناك حركة الإصلاح الديني في اوربا ( مارتن لوثر ) بعد تسلط الكنيسة علي رقاب العباد والاستيلاء علي أموالهم بغير وجه حق مقابل صكوك مزعومة لغفران الذنوب والآثام والسماح بدخول مملكة السماء ( الجنة )، فقامت النهضة الاوربية علي أفكار ترعى مصالح المجتمع، كما قام الفكر الشيوعي أو الاشتراكي علي أساس انتزاع حق الطبقات المستغلة من عمال وفلاحين، فكان شعار الحركة الشيوعية ( يا عمال العالم اتحدوا ) مرفوعاً في وجه القوى الاستغلالية اقطاعية كانت أو رأسمالية، بغية توجيه طاقات الناس لمصلحتهم العامة، وملاحم العمال ضد أصحاب العمل وتكوين النقابات وسن قوانين تنظيم علاقة العمال مع أصحاب العمل ومزايا العامل مقابل ما ينتجه، هذا فضلاً عن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي أسدلت الستار علي الحروب الكونية والاقليمية، كل هذه الصراعات في تاريخ البشرية وما حصلت عليه الشعوب والدول بموجب نتائجها من مزايا أساسية تؤكد أن الصراع كان أساساً بين المصالح. إذاً أي صراع أساسه هو اعتداء علي حق الآخر دون مراعاة لأية قواعد قانونية أو أعراف قائمة أو مفترضة، وأن أنجع الوسائل للحل في هذا العصر الذي تعقدت فيه الحياة وتشابكت فيه المصالح المحلية والاقليمية والدولية، هو خلق قناة تؤمن الانسياب السلس للعلاقات بين الأطراف المتناقضة أو المتباينة من منطلق الاعتراف بالآخر والاقرار بوجوده والتأكيد علي حتمية التعامل معه في إطار جدلية الوحدة والتباين، ومن العلاقات التي نشأت حديثاً والتي تحتاج لحماية ضرورية هي علاقة الدولة والمواطن وأساسها إدارة الدولة لشؤون المواطن وتفجير طاقاته للانتاج وانصياع المواطن لقوانين الدولة مقابل المساواة في المواطنة وحمايته عبر المؤسسات الهرمية للدولة الحديثة، الأمر الذي يترتب عليه بالضرورة أن إحساس المواطن بإخلال الدولة بشروطها يضطره هو الآخر الي الاخلال بالشروط الواجبة عليه، وهكذا أصبحت جل دول العالم الثالث تعيش أزمة مخاض التحول من مرحلة المجتمعات القبلية التي كانت سائدةً في المرحلة السابقة الي الدولة الحديثة، إذ أضحت الحكومات لا تلبي احتياجات المواطن مهما ادعت في دساتيرها المساواة في المواطنة مما نتج عنه أزمة الدولة مع المواطن وسيطرة العلاقات التقليدية علي أجهزة الدولة ومؤسساتها الخدمية والانتاجية واستحواذ مجموعة عرقية بعينها علي مراكز الدولة رغم تنوع الشعارات من أقصى اليمين الي أقصى اليسار، مما جعل المهدد الأساسي للدولة القطرية يكاد ينحصر في الإقصاء الداخلي الذي بدوره يشجع ويفتح شهية التدخلات الخارجية.ارتريا تعيش مشروع دولة يحمل عوامل وأده في أحشائه، ويعزى فشل الدولة االارترية الي العوامل التالية:ـ 1-حداثة الكيان الجغرافي الارتري الذي تشكل كيفما اتفق من بقايا حطام الاستعمار الاوربي. 2-التباين الثقافي والحضاري الشاسع بين مكونات هذا الكيان جغرافياً وديموغرافياً.3-الدور التخريبي للنظام في تعميق خميرة الظلم الاجتماعي والثقافي.4-التأثير الكمي والنوعي الهائل للتطورات في الجارين الكبيرين، السودان واثيوبيا علي ارتريا.إن مستقبل الكيان الارتري الموحد والحفاظ علي الإرث الوطني للشعب الارتري الذي حطم مشاريع التقسيم ودفع ثمناً باهظاً لاستنقاذ كيانه الوطني المستقل من فم أسد يهوذا مسئولية تاريخية تقع علي عاتق القوى السياسية الارترية جميعاً. يجب أن نعلم أنه وبعد قيام الدولة القطرية الحديثة في العالم الثالث، فإن أية مشاريع دون الدولة الموحدة هو هدم قصر وبناء أكواخ علي أنقاضه لا تستطيع حماية نفسها أمام أية أطماع اقليمية أو دولية ولو للحظة وذلك لأهمية ارتريا الاستراتيجية، علماً أن الغبن والاحتقان الداخلي الذي كرسه النظام في اسمرا قنبلة موقوتة يتطلب إبطال مفعولها مجهود القوى السياسية والمثقفين والخيرين من أبناء الأمة وكذلك الأصدقاء من دول الجوار والمحيط الاقليمي والدولي، ذلك أن اتساع رقعة الانفلات الأمني له أثره علي كل شعوب المنطقة والعالم لإطلال ارتريا علي هذا الممر الحيوي للعالم، البحر الأحمر، وقضية الصومال والقرصنة شاهد حاضر علي خطورة هذه القنبلة. إن الخروج من هذه الأزمة يتطلب بالدرجة الأساس الحوار السياسي المسئول والذي نلخص عوائقه فيما يلي:1-الشوفينية التنظيمية.2-عدم وجود طرف محوري ضامن في القوى السياسية الارترية. 3-انقطاع أو صعوبة لغة التواصل الثقافي الناتجة عن التباين الثقافي المشار اليه آنفاً.4-تعقد ضرورات الحياة المعيشية.5-العولمة والتدخلات الدولية والاقليمية.إذاً فإن تجاوز العوائق بين القوى السياسية يتأتى بالحوار الجاد وإجراء عملية جراحية تعمل علي اجتثاث المرض قبل استفحاله وسيطرته علي سائر جسد كياننا الوطني، والجراحون المعنيون بهذه الجراحة الضرورية هم بالتأكيد ليسوا من خارج كوكب الكيانات السياسية، المدنية، الاجتماعية والدينية القائمة، ولكن يأتي دور القوى السياسية في المرتبة الأولى لكونها توجد في أطر منظمة بالإضافة لوجود رابط يجمع بينها يتمثل في التحالف الديمقراطي الارتري الذي بات يمثل الوجه السياسي لكل المقاومة أو المرآة التي تعكس مستقبل الوطن والمواطن في العيش الكريم فوق تراب الدولة الارترية، علي أن تكون منطلقات الحوار بين فصائل المعارضة علي النحو التالي:ـ 1-اعتماد الشفافية في الحوار لتعميق الثقة.2-التأكيد علي الخيار الديمقراطي وعمل ورش حول التحول الديمقراطي والمفاهيم الديمقراطية التي ترعى خصوصية الشعب الارتري. 3-التأمين علي الهوية الثنائية التي تجمع بين الثقافة العربية والاسلامية من جهة والثقافة المسيحية والافريقية من الجهة الأخرى ومد جسور التواصل بينهما.4-الاعتراف بوقوع الإقصاء الثقافي للمسلمين بالذات وتهميش دور معظم القوميات الارترية والبحث عن السبل الكفيلة بمعالجة ذلك الاختلال. 5-إعادة النظر في موضوع القوميات الارترية وإعادة تصنيفها بما يدعم وحدة الوطن. 6-تصنيف التنظيمات والأحزاب علي حسب برامجها وإيجاد صيغ تعامل بين الفصائل المتقاربة برامجياً. 7-تفعيل ميثاق التحالف الديمقراطي الارتري وتطويره فكراً وممارسة حتى تكون غايته الأولى إسقاط النظام أو إجباره علي الحوار.8-اعتماد الواقعية الجدلية لا المثالية الحالمة وترسيخ الاحترام المتبادل علي أساس قناة تؤمــِّــــن الانسياب السلس للتحاور بين العلاقات المتناقضة.9-نشر ثقافة المصير المشترك لأبناء الوطن الواحد خاتمة:ـ إن العوامل الطبيعية التي يمر بها كوكب الأرض وانعكاس الصناعات ومدخلات ومخرجات التطور البشري الذي أضحى مهدداً لحياة البشر وما نتج عن ذلك من ظاهرة الاحتباس الحراري التي أدت الي تغيرات مناخية عالمية لم يشهد لها العالم مثيلاً منذ آمادٍ بعيدة، فضلاً عن ارتفاع أسعار الطاقة وهاجس الفجوة الغذائية العالمية، وأخيراً زلزال الأزمات الاقتصادية والوبائية العالمية التي ما أن تظهر في بلدٍ ما حتى تعم العالم كله في ظرف أيام أو أسابيع، كل تلك العوامل باتت تقلق علماء العالم وساسته، وتضطر الانسانية اضطراراً الي التفكير الجاد في الخروج من الأزمة بإجراء بحوث تهدف الي اكتشاف كوكب أو كواكب بديلة لكوكب الأرض، مع توحيد الجهود لدرء الكوارث والاستفادة من موارد الأرض التي باتت مهددةً بالنفاد، والي أن تتحد الشعوب والدول وتتعاون من أجل مواجهة مصاعب الحياة المعقدة، فهناك الوحدة الاوربية التي أصبحت واقعاً ملموساً وليس حلماً بين دول أبادت الملايين من أبنائها في الحربين الكونيتين الأخيرتين، فالمانيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا، هذه الدول التي خاضت صراعات مريرة بينها، طوت صفحة الماضي وفتحت صفحة الحاضر المعيش، لتعيش اليوم اتفاقية توحيد السوق والأمن وحرية التنقل، كما تشهد منطقة الخليج الاندماج التدريجي من توحيد للعملة وإلغاء التأشيرات.إن كانت الحاجة الملحة للحوار لها عائدها الإيجابي علي الدول والشعوب، فحريٌّ بنا أن نوسع مساحة المنطق ونتيح الفرصة أمام الحوار بين أبناء الوطن الواحد، وأن نستفيد من الإرث الانساني كله حتى نبدأ من حيث انتهى الآخرون. وأن نزيل الحواجز الوهمية بالحوار المتواصل والجاد، علي ألا يكون طرحنا طرحاً انتهازياً لاستدرار العواطف ولكن ضرورة ملحة تقتضيها المخاطر المحدقة بكيان الوطن، وذلك عبر الحوار العقلاني الهادئ والهادف والدفع بذوي العقل والحكمة لإدارة الحوار والخروج بالوطن من الأزمة الي الانفراج بدلاً من أن تلد الأزمة أزمة أخرى، ذلك أن علاقة التقارب التي تنتج علي أساس تأمين المصالح المشتركة بين أبناء ارتريا من الممكن أن يكون لها أكبر مردود حضاري، فالهدف يجب أن يكون ليس خلق عقائدية سياسية تخفي التناقضات وتسحق كل التمايزات ولكن تنظيم الاندماج والتوحيد من أجل تطوير الانتاجية المسلحة بالمعرفة لإذابة أي جليد يعيق تطور المواطن ويؤدي الي تفتيت النسيج الاجتماعي ليواكب الشعب الارتري التطورات من حوله ويلعب دوراً فعالاً في حفظ السلم والاستقرار بين مكوناته ويسهم في السلم القطري والاقليمي من أجل رفاهية الأجيال القادمة. عنهم / محمود عمر للتواصل :agamat1977@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى