مقالات

مجرد… اقتراح بقلم / محمد محمود حامد

8-Feb-2014

عدوليس ــ نقلا عن موقع مبادرة http://www.mubadara2.com/archives/501

اتصل بي ذات مساء الأخ يسين محمد عبدالله، وأخبرني برغبته في تأسيس موقع اعلامي الكتروني يأمل منه ان يكون بالقدر المتاح منبرا جديا يتعامل مع المشكلأ ت الحقيقية للبلاد، والذي يتم غالبا اخفاؤها أوتجاهلها. لن يحصر الموقع اهتمامه في السياسة بمعناها المبا شر واليومي، بل سوف يحاول ان ينقب عما هو مشترك في ثقافة البلاد،

ممايساعد على التنبيه الى الروابط المشتركة بين الارتريين، ويساعدهم في بناء دولة وطنية حقيقية بدلا من الدولة الفئوية القائمةعلى قاعدة العنف المطلق، والهيمنة الثقافية والسياسية الفئوية. وكذلك سوف يهتم( الموقع )بمشكلات البلدان المجاورة لارتريا لتشابه مشكلات هذه البلدان مع المشكلات الارترية و تداخل هذه المشكلات. بعد ان شرح لي ( ألاخ يسين) تصوره لكيفية سير العمل في المشروع اقترح علي بمايشبه اذا امكن أن أساهم في الموقع بالكتابة فيه، ودون تردد وافقت على ذالك، وعدم ترددي هذا ليس ناتجا من ثقتي ان هذا المشروع سوف يكون مشروعا ناجحا عكس كل مشارعنا السابقة، بما في ذالك مشروع الاستقلال نفسه، بل لأنني افتقد الى حدما القدرة على التقييم السريع للأشياء مما يورطني احيانا في موافقات لاضرورة لها، هذا من جهة ومن جهة اخرى كل المشاريع التي شاركت فيه حتى هذه اللحظة كانت مشاريع فاشلة تماما، الا أن هذا المشروع اوحى الي بامكانية النجاح و أنا ابحث منذ فترة طويلة عن النجاح دون كلل، ودون نجاح، مماشجعني على الموفقة مباشرة. لكن بعد ما اغلقت السماعة فكرة في الامر قليلا، فلم أجد نجاح هذا المشروع امرا سهلا كماتخيلته، فعمل من هذا النوع يتطلب جهدا كبييرا، ومعرفة معقولة باوضاع ارتريا والمنطقة، وتضافرجهد جماعي لتحقيق ذالك ،. لكنني لم توقف عند هذه الصعوبات كثيرا فالمهمة المطلوبة مني واضحة وهي المساهمة بالكتابة وهذا امر يمكن النجاح فيه بقليل من الجهد مما يحررني من اضافة فشل جديد في( حالة الفشل) في ارشيفي المليئ بالمشاريع الفاشلة وفي حالة النجاح بالتأ كيد دوري يكون محفوظا ، لكن السؤال ما الذي سأكتبه؟ وبعد برهة من التفكير قررت ان اكتب مقالا يتضمن اقتراحات حول سير العمل في المشروع، وبدأ ت الكتابة دون توقف، وملأت صفحات كثيرة، واعتقدت أن المادة تصلح ان تكون مقالين بدلامن مقال واحد وبعد ان نال مني التعب ذهبت الى النوم وانا منتشي بما انجزته. في الصباح عندما قرأت ماكتبته لم افهم منه شيئا، والانسان عندما لايفهم شيئ كتبه نستطيع ان نطلق عليه اي اسم دون حرج ولكن بالطبع دون تحامل. هذه الحالة أرقتني كثيرا وبعد جهد جهيد وجدت لها تبريرا والتبريرككل تبريراتنا لم يكون مقنعا لكن أقتنعت به اما كيف فلن اقول لكم لأنكم تعرفون ذالك، وقد فعلتم ذالك مرات عدة . استأنفت الكتابة مرة اخري ولكن بحماس أقل وسودت صفحات كثيرة، لكن النتيجة لم تكون افضل من اليوم السابق. لكن هذه المرة لم تنفع جميع المبررات التي صغتها و لم تعط مفعولا مطمننا، وتوقفت عن الكتابة خوفا من ان يتحول عجزي الى اللامعنى. في المساء ذهبت الى النوم باكرا أملا ان استيقظ باكرا ايضا، واحاول مرة اخرى، لكن لم أتمكن من النوم وتنازعتني افكار مختلفة حول ماحدث معي وأنا مابين النوم واليقظة طرأت فكرة على ذهني، وهذه الفكرة كنت قد لاحظها باستمرار في حياتنا السياسية واليومية، فنحن الارتريين على وجه العموم لانعرف معنى المشروع الجماعي القائم على جهد الجميع، ولمصلحة الجميع، ولاتوجد لدينا محرمات من خصخصة اي مشروع جماعي أو اي مشروع عام وخيرمثال على ذالك خصخصة الدولة برمتها بعد الاستقلال، وخصخصة التاريخ النضالي، وكذلك .خصخصة الشهداء لتبرير خصخصة الدولة، وتستطيعون مالايحصى من الخصخصات غير المشروعة . لهذا السبب في المرتين السابقتين لم استطع ان اقدم اقتراحات حول الموضوع الذي كنت أعالجه اولا لأنه لم يكون مشروعي الخاص، وثانيا ليس لدي فكرة عن العمل الجماعي، والأعمال الجماعية التي ساهمت فيها على الرغم من قلتها كنت احس باستمرار انني الاهم من شركايئ فيها جميعا، مما كان يمنحني الاحساس بان المشروع الجماعي الذي نعمل فيه بشكل جماعي في نهاية الامر يخصني وحدي. هذه المرة ايضا انني مضطر ولوذهنيا على امتلاك المشروع الذي طلب مني ان اساهم فيه مساهمة متوضعة، حتى اتمكن من كتابة هذه المساهمة ولاتقلقوا من اكتشاف أمري لأنني فعلت ذالك قبل ان اخبركم فمن يود الاستيلاء على حقوق الاخرين ليس بحاجة الى اخبارهم ولم يفعل ذالك في التاريخ الحديث علنا سوى أسياس أفورقي. لكن بعد ان اصبحت صاحب المشروع لم يتخل عني العجز الذهني،ولم اجد اي فكرة مناسبة واصبح العجز هذه المرة جديا، وكل الأساليب التي اعتدت اللجؤ اليها من قبل لم تعد صالحة. لكن هذه المرة لم اتوه كثيرا فقلت لنفسي لماذا لااكتب عن اوضاع بلدنا التي تمارس فيه السياسة بوصفها توزيعا للغنائم، ومن اجل الحصول على غنيمتك تستطيع ان تكتب ماتشأ، وتقول ماتشأ، وتفرخ ماتشأ من هياكل سياسية واجتماعية ، ولااحد يعترضك، واذا اعترضك احدا احتفظ بقليل من ضميره تستطيع ان تفتح معه معركة بجميع الوسائل ولن تعدم من يصفق لك. لذالك الكتابة عن بلد مهمل أمراسهلا لأنها خالية من تحمل أي مسؤلية . بعض ان قررت الكتابة في المسألة العامة اول شيئ فعلته، طرحت سؤالا ما المشكلة في بلدنا؟ والجواب هنا يختلف على حسب طارح السؤال فمن يرى لامشكلةوان وجدت مشكلة، فهي مفتعلة من قبل طرف زئد في البلاد، وهناك من يرى أ ن هناك طرفا في البلادلايمكن التعايش معه ويحدد هذا الطرف رؤيته على قاعدة نحن وهم ولاأدري ماذا تعني هذه القاعدة؟ وهناك اجوبة اخرى بلاعدد. وفي رأيي المتواضع حقا ان المشكلة تكمن في فهمنا لمفهوم الوطن نفسه، فمفهوم الوطن لدى اى شعب من الشعوب هو الذي يحدد طبيعة الوطن القائم اوالقادم، فقد يكون وطنا كوطننا مثلا مؤسس من اجل الغاء البشر من الوجود أو في أحسن الأحوال تنظيم اذلالهم اويكون وطننا حقيقيا يقوم تكوينه على اساس قانوني ودستوري، يجعل الارض متساوية تحت اقدام جميع المواطنين فيه، فيحصلون على فرص متساوية ،ويتنافسون على هذه الفرص، ومن تساعده قامته يحصل على اكبر الفرص الممكنة وافضلها، وفي وطن من هذ ا النوع بالضرورة يختفي التمايز المنتج للصراعات الأهلية، وذهنية العنف والقسوة، والتفنن في عمليات صناعة الخصوم ومايرافقها من جنون جماعي ، الذي يحول حياة الناس الى جحيم دائم، تقضي على المجتمع وفعاليته. للاسف مفهوم الوطن عندنا كان مختلفا عما هو مذكوراعلاه فكان يقتصر على اساس انه مجرد علاقة تمايزية عن الاخر، وبقعة جغرافيةتخصنالاغيرنا،هذه الثقافة البدائية في فهم ماهية الوطن هي التي ساعدت في خلق وطن مريض يعاني من خلل في بنيته وتركيبته السياسية والاجتماعية، من يقوده يعتمد في قيادته على وسا ئل الترهيب والتركيع، فتحولت السلطة فيه بسرعة هائلة لم يسبقها اليها احد من قبل، الى سلطة امنية على قاعدة العنف المطلق، وبذالك قام وطن يجمع في بنيته الفساد السياسي والاداري المحمي بالتسلط والهيمنة الفئوية، التي ادت ومازالت تؤدي الى احتقار من يوجدون خارج هذه الفئة، وتستخدم ضدهم قسوة متعددة الأبعاد، كقسوة التهميش السياسي، وقسوة الالحاق الثقافي، ، وقسوة الابقاءفي اللجؤ، وقسوة الحرمان من العمل الحكومي. وقسوة الخضوع لحاكم بالغ التفاهة في تفكيره السياسي، يمارس هذ التفاهة على اجساد من يحكمهم، تساعده كأدات تنفيذية بيروقراطية مدنية وعسكرية تنتمي الى مجموعة واحدة، شديدة الارتباط بولاءتها الأولية ،تعتقد بشكل جازم أن الوطن يخص فئة واحدة، وبقية السكان مجرد هومش قابلة للتطويع . تفكير من هذا النوع ادى بالضرورةالى التمايز المنتج للصراعات الاهلية الصامته، واضعف لغة السياسة ومنطقها في المجتمع، والسياسة نفسها باعتباره توزيعا للقوة، فتعطلت فعالية المجتمع في حل مشكلاته، وغابت من حياته السلطة الوطنية التي تعبر عن الكل الاجتماعي على قاعدة التعدد الثقافي والسياسي القائم على الحق والقانون . على الرغم من وضوح هذا الامر ينكر بعض معارضي هذا النظام ان تكون البلاد قد رتبت بطريقة ظالمة، وعلى اساس تمييزي، يحكمها نظام طائفي من حيث بنية الحكم وتوزيع العمل العام، يفرض على من هم خارج دائرته الاجتماعية هيمنة ثقافية وسياسية غير معلنة، فخفض قيمتهم الانسانية،وقضى على احساسهم بقيمة وجودهم في وطنهم الذي كان حلمهم الوحيد ، ومن ينكر قيام هذا الترتيب الظالم الذي حصل في ا لبلاد بعد الاستقلال يرغب بكل تأكيد في ادامة اوتجديد سيرة اسياس افورقي مرة اخرى ، هذه السيرة القائمة على الاستعلاءوالهيمنة باشكالها المختلفة وخاصة في شكلها الاكثر بشاعة أعني الهيمنة السياسية المستندة على هيمنة ثقافية، والتي اجبرت ضحياها الى اغلاق ذاكرتهم أمام ثقافتهم وفتحها أمام ثقافة حكامهم، فغادروا ثقافتهم ولم يتمكنوا من الالتحاق بثقافة حكامهم فتحولوا الى كائنات تستعصي علىالتسمية. ومن يدعون تمثيلهم يلجؤون لموجهة ذلك الى تأ سيس هياكل سياسية واجتماعية منافية لروح الديمقراطية، والعدالة كقيمة وجودية لآي مجتمع مزقه الظلم والاقصاء، وعدم اعطاء ادنى اهتمام للوحدة الجغرافية والسياسية للبلاد(كنوع من المناكفة للفئة الحاكمة) واستبدالها بنوع من الفدرالية القبلية المتناحرة كل منها تتربص بالاخرى وتحذف من ذاكرتها التاريخ المشترك، وتنقب عن قيم التنافر والصراع لتوظيفها في المشروع السيا سي الجديد ، والتناسل المستمر للتنظيمات القومية هو تعبيرا حقيقيا عن هذه العقلية . اردت ان اقول في النهاية لنتعامل مع قضايا شعبنا بجدية واحترام اكثر ولنتجنب الخفة في التعامل مع القضايا المصيرية ولنحاول ان نجرب غباؤنا السياسي في اماكن اقل ضررا. انني أمل أن يلعب هذا الموقع دوراً في القضايا الاساسية لبلدنا بشفافية واضحة .هذا هو اقتراحي اعتقد انه بسيط وصعب لكنه ممكن التحقيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى