مقالات

عبـد الله اٍدريـس الاٍنسـان : إبو إيهاب

8-Jun-2011

المركز

بســـم الله الـرحمـن الـرحيـم وبـه نسـتعـين في اٍمـور الـديـن والـدنيـا .. وبعـد: السـادة الحضـور .. السـلام عليكـم ورحمـة الله وبـركاتـه.تعلمـون أن رفقـاء السـلاح وقـادة النضـال وكوادرهـم المتقـدمـون ـ هـم وحـدهـم مـن يحسـن الحـديث عـن المناضلـين، وعبـد الله اٍدريـس هـو عبـد الله اٍدريـس الـذى تعـرفـون، فهـو المناضـل الوطنـى، والقائـد العسـكـرى، والناشـط السـياسـي الـذى يسـتحق الـرثـاء بـل والاسـهـاب في ذكـر مناقبـه وخصـالـه .. وبمـا أننـى لا أدعـى الانتمـاء لحملـة السـلاح أخترت أن أتحدث عـن عبد الله اٍدريـس المـواطن العـادى الـذى كان يضحـك ويبكي ويجوع ويشـبـع ويخطأ ويصيب، وأرجـو أن أوفـق في ذلك.

•ولـد الـراحـل في بيئـة قـرويـة نقيـة تتميـز بالطهـر والتسـامح شـأن سـائـر القـرى الارتـريـة التـى تعـرفونهـا جميعـا، وهى ناحيـة ” شــلاب” التى تقـع فى منطقـة ” بـركا لعـال” المتاخمـة لثـلاث مـديـريـات متجـاورة هى ” سـرايي، حماسـين، سـنحـيت” ممـا أكسـبه ذلك اٍلمامـا بعـادات وتقاليـد وثقافـات المكـون الأهلـى لتـلك المـديـريـات .•بـدأ الشـهيـد تعلـم أولـى أبجـديـات القـراءة والكتابـة على يـدي والـده الشـيخ/ اٍدريـس محمـد سـليمـان آل أبكيـراي الـذى كان أحـد أبـرز شـيوخ منطقـة ” شـلاب” ومـن واجهاتهـا الاجتماعيـة التى كانت تشـارك في تنظيـم شـئون القـريـة في تـلك الحقبـة التـى أفتقـرت فيهـا معظـم قـرانـا الى مـن يحسـن القـراءة والكتابـة، وكان يتحلـق حـولـه رجالات القـريـة لتصحيـح فـروض صـلـواتهـم وصيامهـم وتحـديـد مقـدار زكواتهـم، بالاضافـة الى التفاكـر في شـئون القـريـة لمـا تميـز به الشـيخ مـن علـم وطهـر وورع ووقـار. أيضـا كان يجلـس اليـه أطفـال القـريـة ليعلمهـم القـراءة والكتابـة وتحفيـظ القـرءان الكـريـم ومبـادئ دينهـم الحنيـف، ولا شـك أن شـهيـدنـا قـد تأثـر بثقافـة وأصـالـة الـريف الارتـري ونهـل مـن أخـلاقيـاتـه الطيبة وتعاليمـه الحميـدة وتطبـع بطباعـه وخصاله الجميلة وتتلمـذ على يـدى ذلك الشـيخ الـورع، ومـن ثـم أمّ مـدارس ومعاهـد مختلفـة حتى أسـتقـر بـه المقـام في معهـد أم درمـان العلمـى ومـن ثـم المعهـد الازهـرى بالقاهـرة. وكانت حصيلتـه مـن ذلك اٍجـادة اللغـة العـربية وآدابهـا وتاريخهـا والاطـلاع في سـيـرة فـرسـان وأبطـال العـروبـة والاسـلام الـذيـن تأثـر ببعضهـم، وفيمـا بعـد أجـاد التغـرينية التى كان يحفـظ الكثير مـن أمثالهـا ومفـرداتهـا.•كان الشـهيـد صـديقـا للكتـاب ومغـرمـا بالمسـرح الـذى كان يـرتـاده كلمـا سـنحت لـه سـانحـة مـن وقتـه الثمـين .. وكان يتمتـع بـذاكـرة قـويـة سـاعـدتـه على حـفظ أسـمـاء سـائـر معارفـة الكثـر بمـا في ذلك مناضلـى جيـش التحـريـر الارتـري الـذيـن كان يمازحهـم ويناديهـم بأسـمائهـم وألقابهـم. •كان الشـهيـد مـن القلائـل الـذيـن كانـوا يـداومـون على كتابـة مـذكـراتهـم اليوميـة التى بـدأهـا منـذ قـدومـه الى الميـدان في عـام 65/ 1966م. وعلى مسـتوى الواقـع اليومـى ـ كان يســتمتـع الشـهيـد بالجلـوس الى مـواطـني الـريف الـذيـن بادلـوه حبـا بحـب وثقـة بثقـة، وان شـاء الله سـيصـدر لـه ” كتـاب جـديـد ” في القـريب العاجـل أحسـب أنـه سـيـرفـع الحجـاب عـن أحـداث وحـوادث ومواقف كثيـرة، وقـد يغطى معظـم أحـداث سـنوات النضـال، وقطعـا سـيـرد الكتـاب على الكثيـر مـن التسـائـلات والاسـتفسـارات التى ظلـت محـور تسـاءل ملح مـن جانـب الجماهيـر الارتـريـة بمختلـف فئاتهـا التنظيمية، هـذا اذا تـم نشـر المـذكـرات دون أن تتعـرض المـادة للحـذف أو الحجـر على بعـض أجـزائهـا نـزولا عنـد متطلبـات أمنيـة أو تنظيميـة.•كان الشـهيـد موفقـا في خلـق العلاقـات الانسـانيـة محليـا واقليميـا، عـربيـا وافـريقيـا، ممـا سـاعـده ذلك في تـذليـل الكثيـر مـن العقبـات التى كانت تعتـرض مسـيـرة الجبهـة، والجـديـر بالـذكـر ان بعـض تـلك الشـخصيـات كانـوا مـن ضمـن مودعيـه الـذيـن لـم يتعـرف عليهـم معظـم الحضـور، وليـس سـرا أن عـددا مقـدرا مـن السـياسـيين والـدبلوماسـيين والعسـكـريـين والاعلامـيين السـودانـيين قـد سـاهمـوا في تسـهيـل نقـل الجثمان ومـن ثـم جاؤوا لأداء واجـب العـزاء بصفتهـم الشـخصيـة، وبعـض هـؤلاء رثـاه كتابـة او شـفاهـة .. ولـم يتخلـف العـرب والأفارقـة عـن وداعـه والتـرحـم عليـه فقـد كان بعضهـم حضـورا في صيـوانـات العـزاء ومشـاركا في وداعـه الأخيـر، وآخـرون شـاركـوا في مجالـس الـرثـاء التى اقيمـت فى شـتى مـدن وعواصـم المعمـورة.•هـذا ورغـم كـم الخلافـات السـياسـية والتنظيميـة التـى ضاقـت بهـا سـاحة النضـال أبـان فتـرة الكفاح المسـلح والتى ما زالـت بقاياهـا تتوالـد تباعـا ـ تميـز الشـهيـد بهـدوء مسـئول وبصفـاء القلـب ورجاحـة العقـل وظـل هاشـا باشـا لا يضمـر الشـر ولا يحمـل الضغينـة لأي مـن الناس وأولهـم رفقـاء السـلاح والنضـال الـذيـن كان يحـرص على تكـريمهـم وعـدم المسـاس بهـم مهمـا تباعدت المسـافات أو تبايـنت الـرؤى بينهـم، هـذا ولـم يجاهـر الشـهيـد يومـا مـا بالخصـومـة والعـداء، ذلك لأنـه كان يحمـل قلبـا كبيـرا ونيـة صافيـة وكان قادرا على كبح جماح غضبه وتغليب مساحة الحـوار على مسـاحـة الخـلاف.•ولأنـه انسـان شـأن سـائـر البشـر كان يفـرح ويصـفق للانتصـارات ويكـره الهـزائـم والانكسـارات، وعلى سـبيـل المثـال ـ مـازلت أتـذكـر غبطتـه وفـرحـه الكبيـر بيـوم العبـور عنـدمـا قفـز مصفقـا للجيـش العـربي المصـرى بالـرغـم مـن آلام جـراحـه الـذى لـم ينـدمـل بعـد .. أيضـا كـنت شـاهـدا عليـه عنـدمـا بكـى وأجهـش راثيـا الشـهيـد محمـد حامـد عثمـان تمسـاح الـذى أسـتشـهـد مغـدورا بـه، وايضـا عنـدمـا عجـز عـن مواصلـة كلمتـه التى ألقاهـا في وداع الشـهيـد ادريـس أبـراهيـم هنقــلا، وكان هـذا حالـه كلمـا تـذكـر أبطالنـا الـذيـن رحلـوا مغـدورا بهـم .. عجـيب/ هيلى قـرزا/ سـعيـد صالح/ ولـد داويت/ محمـود حسـب وغيـرهـم، وهنـاك مواقف اخـرى تـؤكـد صحـة قلبـه المحـب وطبعـه المـرح ومـروءتـه الـريفيـة التى أملـت عليـه القـرب مـن المواطـن والحـرص على مشـاركـتـه في السـراء والضـراء. •وعلى المسـتوى الشـخصي ورغـم تعارفنـا الـذى مضى عليـه نصـف قـرن مـن الـزمـان منـذ لقائنـا الأول في عـام 1963م حينمـا كنـا طلابـا بالقاهـرة، ورغـم زمالتنـا التى كللـت بالصحبـة الاجتماعيـة وتوجـت بأواصـر الصـداقـة التقليـديـة أو ما يعـرف بـ (التبادل الوزاري في الأفـراح) كمـا هـو في عاداتنـا وتقاليـدنـا الأهليـة ـ رغـم كل ذلك .. لا أدعى معـرفـة الـرجـل أو منافسـة أصـدقـاء القـريـة الـذيـن شـاركـوه فتـرة صبـاه الأول، كمـا لا أنافـس زمـلاء رحلـة البحـث عـن العلـم والمعـرفـة والسـيـر على الاقـدام والتعـرض لأذى الـزواحـف والـذئـاب والكلاب الضالـة والجـوع والعطـش بالاضـافـة الى خشـيـة الوقـوع فى أيـدى خفـر السـواحـل وشـرطة الحـدود المنتشـرة بـين مـدينة ” حلفـا” السـودانية و ” أسـوان المصـريـة، وقطعـا لا انافـس زمـلاء النضـال الـذيـن شـاركـوه همـوم الوطـن وويـلات الحـروب. عليـه أتـرحـم على روحـه الطاهـرة داعيـا لـه بالـرحمـة والمغفـرة، ومـن منبـر الوفـاء هـذا يسـرنى أن أحيي وأعـزى أخيـه وصـديقـه المكلـوم الـذى لا ينافـس في حـب الشـهيـد ومعـرفـة أسـراره، ذلكم هـو المناضـل محمـد ابـراهيـم علي اٍزاز المشـهـور بـ (العلـى) متعـه الله بالصحـة والعافيـة.•وفي مـا تبقـى لـي مـن زمـن الحـديث أحيي كافـة أهـل الوفـاء وشـركاء النضـال وكل الـذيـن بكـوه ورثـوه والـذيـن شـاركـوا في وداعـه وتـرحمـوا على روحـه، أشـقـاء وأصـدقـاء ومعـارف، رسـميين وشـعبـيين، سـياسـيين وعسـكـريـيين، سـودانـيين وارتـريـين، والشـكـر للـذيـن أتصلـوا أو ظلـوا جلوسـا لسـاعات طويلـة في صيـوانـات العـزاء التى أقيمـت في أكثـر مـن موقـع جغـرافي على وجـه المعمـورة، وتحيـة اخـرى لمواقعنـا الارتـريـة والسـودانية التـى نعتـه ومـن ثـم سـاهمـت في تغطيـة الحـدث قبـل وبعـد نقـل الجثمـان وأثنـاء مـواراتـه الثـرى في مثـواه الأخيـر .. أحيي مـوقـع ” أدوليـس” ومـديـره الاعلامي النشـط الاسـتاذ/ جمـال عثمـان همـد الذى كان لـه القـدح المعلـى فى تغطيـة الحـدث مـن البـدايـة وحتى النهايـة، تـارة عبـر صفحـات جـريـدة الوطـن الغـراء وأخـرى عبـر موقعـه الالكتـروني الـذى كان مـرابطـا فيـه، ومتواجـدا بـه، هنـا وهنـاك في آن واحـد منـذ ورود النبـأ الجـلل وحتى انتهـاء مـراسـم العـزاء .. أيضـا أحيي الاسـتاذ/ يسـن محمـد عبـد الله همـد مـديـر” مـركـز سـويـرا لحقـوق الانسـان” الـذى شـارك وتضامـن وتحالـف مهنيـا وأخـويـا وانسـانيـا ووطنيـا بنفـس رضيـة وروح أبيـة وقلـب مفتـوح، فسـاهـم بمـا عجـز بعضنـا عـن المسـاهمة بـه، أحيي مـوقـع ” عـركوكبـاي” ومـديـره الاعلامي، الاداري النشـط الاسـتاذ/ عبـد الـرحمـن محمـد سـيـد موسـى الـذى أفـرد مسـاحة اعلاميـة مقـدرة لاٍبـراز الحـدث وامتصـاص الفجيعـة .. مـوقـع ” النهضـة” ومـديـره المناضـل الـوفي الاسـتاذ/ محمـد علي شـيا .. مـوقـع ” عونــا” وادارتـه الاعلاميـة والانسـانيـة التى تعمـل جاهـدة لجبـر كسـور الفقـراء ومسـح دمـوع أبنـاء الشـهـداء .. أحيي موقـع ” فـرجـت” وادارتـه الوطـنية المثابـرة .. موقـع عـواتي سـيـد الـرجـال واٍمـام الثـوار .. موقـع ” قبيـل” القبائـل الـذى جـاء ممثليـه في صـدارة المعـزيـن والمتصلـين .. موقـع واذاعـة التحالـف الـديمقـراطي الارتـري مظلتنـا الوطـنية التـى نهـيب بهـا أن تظـل ظليلـة ومسـتمـرة حتـى بلـوغ الأهـداف والغايـات، وكافـة مواقـع ” الفيـس بـوك” وغـرف البالتـوك العـربية التى يـديـرهـا شـبابنـا الوطنى الحي، ولا شـك انهـم قـادة الحاضـر والمسـتقبـل سـواء اسـتقـرت البوصلـة الوطـنية أو لـم تسـتقـرـ وانطلاقـا مـن ذلك أحيي موقـع الشـاب النبيـل الاسـتاذ/ صـلاح حجـاي الـذى سـاهـم بقـدر كبيـر في متابعـة وتوثيـق الحـدث بـدءا بمطـار الخـرطـوم ومـرورا بمقبـرة ” الـدومـات” بمـدينـة ” كسـلا ” وانتهـاءا بخاتمـة أيـام العـزاء التى أمتـدت لشـهـر كامـل، والقائمـة تطـول وتطـول .. عليـه أجـدد التحيـة لكافـة المواقـع المقـروءة والمسـموعـة التى سـاهمـت في توثيـق الحـدث الجـلل، والتحية موصـولـة لـكل الـذيـن علمونـا وحـدة الأقـوال والأفعـال ومـن ثـم دعـونـا الى وحـدة المعـاول والأشـياء، وسـاهمـوا معنـا في توحيـد فعاليـات وداع شـهيـد الثـورة والوطـن. •كان بـودى ان أتحـدث عـن موقـع ” أومـال” ومـديـره الهمـام ـ ولكـن أمسـكت عـن ذلك لأننـا جميعـا كنـا في ضيافتـه باٍعتبـاره هـو مـن نعـى الشـهيـد الى سـائـر قطاعـات الشـعب الارتـري ودعانـا الى التماسـك والتعاضـد وأوصانـا أن نـودع الشـهيـد سـويـا، وان نناضـل معـا، وأن نتعاهـد على جعـل يـوم رحيـلـه يـوم تكاتـف وتعاضـد ويـوم توحيـد النضـال ورص الصفـوف التى تهـدف الى تحـريـر الكائـن والكيـان .. فهـل نفعـل ..!!؟. •الشـكـر الجـزيـل لـكل الجنـود المجهولـين الـذى سـاهمـوا بالمـال والـزمـن وشـاركـوا في توحيـد العـزاء ووداع الجثمـان ورفـع المعنويـات، والشـكـر أجـزلـه للحضـور الكـريـم الـذى صبـر علينـا باٍعتبـاره هـو المضيـف ونحـن الضيـوف، وهـو صاحـب الجمـل والناقـة، وهـو الجـارح والمجـروح والمعـارض والمـوالـى .•رحـم الله شـهيـدنـا البطـل الـذى جمـع كافـة الـرايـات الوطـنية والمعـاول الفاعلـة في حيـاتـه ومـن بعـد مماتـه .. الله أكبـر .. ألله أكبـر .. الله أكبـر .. و .. انـا لله وانـا اليـه راجعـون ولا حـول ولا قـوة الآ بالله الحي الـدائـم …. وشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكـرا.•أبــــــــــــو اٍيهـــــــــــــــــاب ـ المملكـة المتحـدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى