مقالات

الخدمة الاجبارية ( العبودية ) : فوزي شهابي

31-Jul-2013

عدوليس

مع بزوغ الفجر تهاجم قوات الجيش المدينة التي كانت تحاصرها ليلا دون ان يعلم أحد الناس آمنين نائمين في بيوتهم غير مدركين بان هذا الصباح ليس كآي صباح ..

يتغلغل الجيش داخل المدينة بكامل عتاده وافراده وينتشر فيها وقراها المحيطة بها..
عنوان العملية هو الخدمة الاجبارية ( الكشة )..
التعليمات هي : جلب اي شاب ، رجل ،بنت ، استاذ ، تلميذ ، طبيب ، موظف وحتى المختلين عقليا ( مجانين) ..
يجب ان ينتهي هذا الشيئ في غضون ساعات قليلة..
يقرع باب منزلك مرتين ،ولا مجيب.. انتم في نوم عميق.. ثوان ويتسلق الجندي حائط المنزل ليقوم بايقاظ اهل الدار بنفسه واحدا تل والاخر.. ثم يلتجق به رفاقه والفوضى تعم منزلكم ..تراهم ينزعون الثوب من امك التي تنام بالقرب منك ليتاكدو ان كان هذا رجل ام امراة ( لان هناك من يموه متنكرا في زي امرأة ) لاحديث هنا عن انتهاك حرمة المنزل والعرض والكرامة. فكل شيئ مباح..تفتيش دقيق للمنزل .. تفتح الثلاجة ،حقائب الملابس ، دورات المياه ، اسطح المنزل .. الخ.. عسى ولعلى هناك من يختبئ..
ضجيج داخل المنزل وهنا الجندي يطلب منك ان ترافقه. لاوقت لتغيير ملابس النوم . اوامر يجب ان تتبعها دون جدل والا…..
هذا مايحدث في كل منزل وكل شارع هذا الصباح في هذه المدينة المنكوبة..
يقتادونك ومن معك الى نقطة تجميع مؤقتة داخل الحي وغالبا في الشارع وستجد هناك العشرات من امثالك وسترى من لم تراه في احلامك..
بضعت دقائق وسيقترب العدد من ال 100 شخص . وقبل ان تاخذ الى مركز الاحتجاز الكبير لابأس بمحاولة فرار فالتكن الاولى..
سريعا نحو الاتجاه الذي فيه اقل عدد من الجنود وبسرعة البرق وانتبه هناك اثنان من الجنود يركضون خلفك وطلقات تحذيرية في الهواء. ان كنت بارعا ومحظوظا فقد خرجت من هذه المحنة. وان كنت عكس ذلك فهنا عقابك.. ضرب مبرح وركل وصفع والفاظ بذيئة واهانات .. وها انت عائد معهم الى حيث كنت . وتلك الجموع المحتجزة تتفرج عليك من بعيد . وجلاديك يبلغون قائدهم بانهم قبضو على فريستهم فيامرهم بضمها الى ذلك القطيع.. هناك جنود شرفاء يغضون النظر عن اي شخص يحاول الفرار ثم يتحملون مسؤلية فراره ويعاقبون على ذلك..
وصلنا الى مركز الاعتقال ( الغربال ) هي ساعة الحقيقة.. والشاحنات التي ستقلكم على اتم الاستعداد.. لكن قبلها على كبار مسؤولي المدينة ان يأتو كي يخرجو من هو تابع لهم فمثلا مدراء المدارس لاخراج التلاميذ ( طبعا الذين يحملون البطاقة المدرسية ).. ومن لا يحمل شيئ عليه ان يتحمل قليلا..
الباقون.. انتم المطلوبون..
تعليمات بالصعود الى الشاحنات.. والامهات اللات جئن يهرولن الى هنا في انتظار نظرات الوداع لفلذات الاكباد.. وربما تكون هناك فرصة لاعطائك شيئ يقيك من البرد او الحر ..
واثناء تسلقك الشاحنة انت ومن معك، وجوهكم حزينة وعيون تكاد تدمع وهي تودع الاهل والاحبة والمدينة.. ( مكرهين غير طائعين )..
اما الوجهة… ؟؟؟ وغالبا ماتكون اقصى البلاد واقسى البلاد بتضاريسها ومناخها. انها مناطق وعرة ..
في داخل الشاحنة المكشوفة المكدسة باعدادكم ، الصمت هو سيد الموقف .. كل شيء ممنوع عدا التنفس..
الشاحنات في طريقها الى الخروج من المدينة التي توقفت فيها الحياة لساعات لتعود اليها بعد ساعات وتتوقف عندك لسنوات..
المدينة من خلفك … الكل يتفقد احوال الاخر والكل يتسائل عن من قبض ومن فر . وهذا هو حديث الساعة لهذا اليوم ولا حديث غيره ..
المدينة لم تنساك بعد واقربائك وامك يدعون لك بان يحفظك المولى.. امك ثم امك ثم امك.. هي لن تنام هذه المرة حتى تفيق من هذه الصدمة . رسالة خطية منك بعد مدة طويلة ستسعدها..
مازالت شاحنتكم المكشوفة في الطريق وهي تنطلق باقصى سرعتها.. محاولة اخرى للفرار .. لكن هذه المرة ليس وحدك. وبما انه لا مجال للحديث فتحدث مع زميلك الذي هو جالس امامك بلغة العيون. غمزة اولى تعني التشاور والتفكير في الهروب والثانية هي الموافقة والتنفيذ.. قفذة سريعة وخطيرة من على فوق الشاحنة المسرعة .. قعقعة السلاح من حولكم والتصويب نحوكم سيرعبكم. زميلك عداءا ماهرا وقد راوغ الذخيرة التي امطرتم بها ولاذ بالفرار. ولانك سيئ الحظ فقد تمكن الجنود بالقاء القبض عليك للمرة الثانية . ولم تتمكن من الفرار نسبة لحدوث كسور في رجلك اثناء قفذك من الشاحنة..
الوصول الى معسكر الويلات والعذاب… وهنا جميعكم ستواجهون صعوبات كثيرة وكبيرة في التاقلم والوضع الجديد.. هناك من سيمرض وهناك من س …….
ربما في المرة الثالثة ستتمكن من الفراررر واراك في احدى دول الجواررر …
ليتني لم اولد كي لا ارى… هذا …في وطني… هذا… في عصرنا …هذا …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى