أخبار

إريتريا تمنح إسرائيل قاعدة عسكرية بالبحر الأحمر مقابل صفقة سلاح بمليار دولار

27-Apr-2014

عدوليس

أسمرة حصلت على 30 طائرة عسكرية.. و230 دبابة.. تل أبيب تسعى لتقليم أظافر مصر والسيطرة على مضيق باب المندب

كشفت مصادر عسكرية أن الكيان الإسرائيلي نجح في إقامة قاعدة عسكرية بميناء “مصوع” المطل على البحر الأحمر بدولة إريتريا مقابل صفقة أسلحة تقدر بنحو مليار دولار تتضمن 30 طائرة عسكرية من نوع ميج 29 و25 إضافة إلى تزويد سلاح المدرعات بـ230 دبابة طراز تي 72 و62 وسنتوريوم، وهو ما اعتبره استراتيجيون بداية لقطع أطراف مصر الجنوبية من أجل فقدان سيطرتها على البحر الأحمر.وأكد خبراء الشأن الافريقي والإسرائيلي أن خطورة التوجه الإسرائيلي لدولة إريتريا، يأتي من أنها كانت تقف حجر عثرة أمام طموحات “إثيوبيا” الحليف الاستراتيجي لإسرائيل في صراعها المائي مع مصر.
وأكد استراتيجيون أن إسرائيل قامت خلال الأشهر الأخيرة بعدة تحركات تجاه دولة إريتريا تمثل خطورة كبيرة على الأمن القومي المصري مستغلة حيلة التعاون العسكري والاستخباراتي ومد الجانب الإريتري بكل مستلزماته العسكرية، على أمل فرض هيمنتها المطلقة على المدخل الشمالي للبحر الأحمر ممثلا في ميناء إيلات، والمدخل الجنوبي عبر مضيق باب المندب، بهدف وقف الضغط الإريتري المساند لمصر في أزمة سد النهضة، وذلك من خلال إقامة قواعد عسكرية في هذا المثلث الحيوي المطل على البحر الأحمر .
التوغل الإسرائيلي في القاره السمراء هذه المرة استهدف “إريتريا” تلك الدولة التي تمثل لمصر ثقلا استراتيجيًا خاصًا، فتلك الدولة الحديثة ساعدتها مصر في الانفصال عن إثيوبيا عام 1993، بعد انتفاضتها ضد حكومة أديس أبابا منذ 1965 تعرض خلالها شعبها للإبادة على يد ميليشيات الجيش الاثيوبي خلال ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي، ولم تجد سوي اليد المصرية لتساعدها في التخلص من الطغيان الاثيوبي .
ولكن بسبب انشغال مصر طيلة العقدين الماضيين بملفات داخلية مثل توريث الحكم من حسني مبارك لنجله، اتخذ الكيان الصهيوني من اريتريا قاعدة ارتكاز بحري من خلال مواني عصب ومصوع وجزر دهلك، إلى جانب ارتكاز بري عن طريق إقامة محطات رصد واستطلاع في داخل الأراضي الإريترية وقاعدة جوية.
والكارثة الآن أنه في الأشهر الأخيرة فقط ومن خلال اتصالات مكثفة بين أسمرة وتل أبيب، أصبحت إسرائيل المصدر الأول لتسليح الجيش الإريتري، مستعينة في ذلك بداهية صهيونية يعرف بالجنرال “موشي إسنيه” الذي شغل منصب وزير الدفاع سابقًا وتحول مؤخرًا إلى كبير موردى السلاح ومبعوث الجيش الإسرائيلي لتزويد أفريقيا بالسلاح، وقد نجح بالفعل في تعزيز العلاقات بين الجانبين في الفترة الأخيرة من خلال خدعة التحالف العسكري والتكفل بمستلزمات إريتريا العسكرية .
وبالفعل وفرت إسرائيل لإريتريا 30 طائرة حربية، و15 طائرة طراز ميج 29، ومثلها ميج 25، إضافة إلى حوامات سكورسكس وبيل الأمريكية وطائرات استطلاع من نوع إسكاي سكان للاستطلاع البحري، وكذلك سفينة بحرية من طراز “علياه” وزوارق سريعة من نوع دفورا، إضافة إلى 150 دبابة من طراز تي 72 و62 اشترتهما وزارة الدفاع الإسرائيلية من أوكرانيا، و80 دبابة أخرى من طراز سنتوريوم البريطانية القديمة بعد إجراء تعديلات عليها .
المفاجأة أن تلك الصفقات والمنح التي قدرها الجنرال الإسرائيلي “إسنية” بأكثر من مليار دولار، ليست لوجه الله وإنما في مقابل الحصول على قواعد عسكرية بحرية وجوية دائمة ومحطات للاستطلاع والرصد لخدمة قيادة العمق الإسرائيلية في مياه البحر الأحمر.
الأدهى من ذلك أن التعاون الإسرائيلي الإريتري الجديد لم يتضمن فقط تقديم السلاح لإريتريا مقابل القواعد العسكرية، وإنما تضمن أيضا تعاونًا في نواحٍ أخرى على رأسها مواجهة ما وصفته إسرائيل بـ”التهديدات القادمة من السودان” ضد التحالف مع الإيراني، وظهر ذلك جليًا بعد ضبط السفينة الإيرانية التي كانت تحمل شحنة أسلحة قادمة من إيران إلى بور سودان في طريقها إلى قطاع غزة .وقد أشرف على هذا الاتفاق، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال “أفيف كوخفي” خلال زيارته الأخيرة لأسمرة خلال شهر مارس الماضي، مؤكدا أنه لترسيخ أسس التعاون الاستخباراتي بين الجانبين، وقد ساق كوخافى حججًا واهية لأهمية التواجد الإسرائيلي في تلك المنطقة، بقوله: إن منطقة شرقي السودان المجاورة لإريتريا تشكل تهديدًا لأمن إسرائيل بسبب شحنات الأسلحة القادمة من إيران إلى بورسودان ثم تذهب إلى غزة، وهو ما يستدعي التواجد الإسرائيلي في هذه المنطقة .
من جهته، قال الدكتور جمال يوسف عبد الحميد أستاذ العلوم السياسية وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية إن التعاون الإسرائيلي الإريتري يُنظَر إليه من خلال عدة نقاط هامة أولها أن لإسرائيل حسابات خاصة تتعلق بمصالحها مع العديد من الدول الأفريقية، موضحًاَ أنه بسبب علاقات إسرائيل المستقرة مع إثيوبيا فهي تحرص على سرية علاقاتها مع إريتريا وتفاصيلها لأنها تدرك أن أي مساعدات عسكرية من جانبها ستؤثر بصورة مباشرة على الصراع الإثيوبي الإريتري.
وأضاف أن إسرائيل تسعى دائمًا لتقديم مبرر مقبول لإثيوبيا لهذا التعاون لإخفاء دعمها لإريتريا سواء بتبرير حماية مصالحها، أو رغبتها في تحجيم تواجد العناصر المتطرفة والإرهابية المتواجدة في إريتريا أو حتى مواجهة التواجد العربي الذي تراه يضر بمصالحها، مشيرا إلى أن خطورة تفعيل تل أبيب لتحالفها مع أسمرة تأتى استثمارًا للصراع الإثيوبي الإريتري الذي تسعي لتعميقه واستمراره دون حسم لتستخدمه لصالحها في علاقتها بالطرفين ولتكون مؤهلة عند الضرورة لأن تصبح وسيطًا مقبولا بينهما بما يحقق لها دور يعزز تواجدها في إفريقيا.وأشار يوسف إلى أن إسرائيل تعمل على جعل هذا التعاون مع الجانب الإريتري يبدو وكأنه لا يعدو أن يكون تنمويًا ويأتي في إطار برامج إسرائيل لمساعدة الدول الأفريقية لإظهار أنه غير موجه لأي طرف على علاقة تعاون مع إسرائيل لكنه في النهاية يحقق مصالح عديدة لها، موضحًا أن تواجد إسرائيل في القرن الإفريقي يرتبط من ناحية بوجود جاليات يهودية في بعض دول المنطقة كإثيوبيا واليمن يسمح لها بلعب دور مكمل للدور الأمريكي الذي ينسق مع الدور الأوربي لتحقيق مصالحهم المشتركة.
ولفت إلى أن إسرائيل تسعي جاهدة لدعم علاقاتها مع العديد من الدول الإفريقية في الوقت الذي تراجع فيه الدور المصري في إفريقيا خلال العقد الماضي والذي تزايد بعد ثورة 25 يناير 2011، مضيفًا أن إسرائيل بذلك تحاول ملء فراغ هذا التراجع المصري .وقال أحمد حجاج رئيس الجمعية الأفريقية أن توجه إسرائيل في الفترة الأخيرة إلى إريتريا لا يختلف كثيرًا عن اختراق إسرائيل للقاره الإفريقية وبعض الدول العربية والذي يأتى في إطار نشر نشاطها وتأمين مصالحها وخاصة بسبب موقع إريتريا المميز على البحر الأحمر والذي من خلاله ستأمن تجارتها وتواجدها في تلك المنطقة المهمة.
وأوضح حجاج أن إريتريا ليست لها صوت ولا تأثير في أزمة سد النهضة لأنها تعتبر إثيوبيا عدو وتحتل جزءًا من أراضيها، مشيرًا إلى أن الوجود المصرى في إريتريا قاصر على البعثات التعليمية والمنح الدراسية للطلاب الإريتريين وإنشاء خط طيران مباشر من مصر للطيران وبعض العلاقات التجارية.
وقال اللواء جمال أبو ذكرى، الخبير الأمنى: إن التوغل الإسرائيلي في القاره الإفريقية بات أمرًا طبيعيًا نتيجة لتراجع الدور المصرى في هذا الجزء الهام ما يؤثر بشكل مباشر على أمننا المائى والقومى، وأن ما تفعله إسرائيل من اختراقات للقارة السمراء لا يمكننا أن نلومها عليه لأنه يأتي في إطار تقوية علاقتها بدول العالم وبالتالي فعلينا الرجوع إلى دورنا الريادى في إفريقيا بدلًا من تعليق مشاكلنا على الشماعة الإسرائيلية .
وشدد أبوذكرى على أن للأزهر الشريف والكنسية الأرثوذكسية دورًا مهمًا للغاية عليهما لعبة مرة ثانية في إفريقيا لإعادة ترسيخ علاقتنا بالقاره السمراء، متسائلا: لماذا لا تستغل مصر علاقتها الحميمة مع إريتريا والتي بدأت منذ آلاف السنين علمًا بأن اللغة العربية تستخدم كلغة ثانية في إريتريا، كما أن هناك ربطا تاريخي بين البلدين حيث كانت أول هجرة في التاريخ الإسلامي من مكة إلى إريتريا، حيث كان النجاشي – ملك الحبشة وقتئذ مقيمًا بها، ولماذا لا تلعب الكنسية الأرثوذكسية دورًا في توطيد علاقتنا بإريتريا علمًا بأن أغلب مسيحيي إريتريا من المذهب القبطي الأرثوذكسي وكانت كنيستهم تابعة للكنيسة المصرية حتى انفصلت مع الكنيسة الإثيوبية؟ كما أن جزءًا من إريتريا كان تابعًا لمصر إبان حكم الخديو إسماعيل، ومازالت توجد مبان في “مصوع” تعرف بأنها بنيت إبان عصر الحكم المصري .
المصدر : البوابة نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى