مقالات

التحالف الديمقراطي ..محاولة التحليق بأجنحة معطوبة (1-2) : عبد الله محمود*

18-Jun-2011

المركز

•من المعلوم أن أي عمل سياسي معارض ،خاصة إذا كان ينطلق من الخارج ، فإنه يستند على ركيزتين أساسيتين ، ويحلِّق بجناحين نحو تحقيق أهدافه وبرامجه ، هذان الجناحان هما العمل الدبلوماسي والعمل الإعلامي فالأول يعمل على كسب التأييد والتعاطف لصالح القضية ويسعى لتوفير السند المادي والمعنوي ، أما الأخير فيلعب دوراً مسانداً للأول في بلورة الرؤى والبرامج التي يقوم عليها الكيان المعارض للمحيط الخارجي بالإضافة لدوره الداخلي كجهاز للتنوير والتعبئة التي تهدف إلى اصطفاف المجتمع حول الكيان وأهدافه.

•وبقراءة عجلى في دفتر القوى الناشطة في العمل المعارض في بعض دول الجوار نجد أنها استفادت من هذين المجالين أيما فائدة ، إذ أنها أقامت مراكز إعلامية في جميع العواصم الغربية ، وقد لعبت هذه المراكز كسفارات موازية مما وفر ضخاً إعلامياً كثيفاً مهد الطريق للجانب الدبلوماسي فاستطاعت تلك القوى أن تشهر قضيتها خلال فترة لا تتجاوز الستة أشهر وجعلت تفاصيل معاناتها على كل لسان مما كفل لها الدعم المعنوي والسند المادي الذي أخذت تستقوي به في عراكها مع النظام .
•وإذا ألقينا نظرة حول هذين المجالين ومدى فاعلية دورهما في التحالف الديمقراطي الإرتري نخلص أن هذين الجهازين عجزا عن أداء دور فعال يوازي حجم التحدي ويواكب حساسية المرحلة التي تمر بها إريتريا الشيئ الذي جعل التحالف كسيحاً عاجزاً عن القيام بالضغط اللازم على النظام الإريتري رغم إحكام طوق العزلة الخارجية على عنقه.
•الفرص التي اتيحت للمعارضة الإرترية بشكل عام ، والتحالف الديمقراطي على وجه الخصوص كبيرة جداً ، وقد توفرت نتيجة للسلوك غير الراشد للنظام الإريتري الذي عمل على إشعال فتيل التوتر في المنطقة مما جعل مجلس الأمن يصدر قرار بمعاقبته يحمل الرقم 1907 ،هذا غير تدخله في اليمن إبان تمرد الحوثيين وإنتهاكاته الواسعة لحقوق الإنسان وتجميد عضويته في المنظمات الإقليمية وقضية المعتقلين البريطانيين الأربعة.
• تمر هذه التطورات كمر السحاب والتحالف في سبات عميق كأن هذه الأحداث تدور في البرازيل وإن تجاوب معها فبإصدار بيانات خجولة تبقى حبيس اضابير التحالف ولا يطلع عليها أحد.
•لقد تبدى عجز التحالف في المضمار الخارجي والإعلامي في إهداره لهذه الفرص والسوانح وعدم الاستفادة منها في لفت أنظار المجتمع الدولي إلى أهمية دعم المعارضة الإرترية وتسويقها كبديل للنظام القائم مما جعل الأول يبحث عن بدائل داخلية تسد الفراغ الذي ينجم عن سقوط النظام وذلك حسب وثائق ويكليكس التي نشرت خلال هذا العام.
•أيضاً من الفرص المتاحة للتحالف الديمقراطي إنطلاق نشاطه من أديس أبابا التي تعتبر إحدى العواصم الإفريقية التي تحظى باهتمام دولي وإقليمي كبيرين باعتبارها مقراً للاتحاد الافريقي وعدد من المنظمات الإقليمية واعتبارها أيضاً مركزاً لوسائل الإعلام العالمية والإفريقية ،وبالمقابل لا نجد أي أثر لقضية المعارضة الإرترية في الصحف الإثيوبية ناهيك أن تصل إلى بقية وسائل الإعلام أو سفارات الدول المهتمة.
•وتوفرت للتحالف أيضاً فرص للتحرك في مختلف أرجاء العالم وقاراته إلا أن محصلة هذه الزيارات لا تذكر نسبة لعدم الإعداد الجيِّد ولغياب الخطة المناسبة لاستثمار الزيارات بصورة مثلى.•جملة من الأسباب أدت إلى حالة العجز الدبلوماسي التي يعيشها التحالف منها غياب الرؤية الواضحة للعمل الخارجي والدبلوماسي بالإضافة إلى ضعف التخطيط وعدم ترتيب الأوليات في عمل المعارضة وعدم صياغة خطاب دبلوماسي وإعلامي متماسك قادر على إقناع الأطراف المستهدفة .•وأهم الأسباب التي أقعدت هذين الجهازين المهمين عن القيام بالدور المنوط بهما هو عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، إذ أن تولية الدوائر التنفيذية في التحالف تخضع لمعايير ليس من بينها الكفاءة والقدرات بقدر ما تخضع لموازنات أخرى .
•فالعمل الدبلوماسي اسند منذ أعوام إلى قيادات ترفض الانفكاك عنه قيد أنملة وهي مع ذلك أبعد ما تكون عن الدبلوماسية حتى في تعاملها اليومي وتعاطيها مع الأحداث ..
•قيادات لا تنظر إلا تحت قدميها ،ولا تبصر أبعد من أرنبة أنفها ، قيادات أدمنت مجالس النميمة السياسية ومعارك طواحين الهواء الدونكيشوتية والعنتريات الفارغة التي ما قتلت ذبابة وأهدرت جل أوقاتنا بل كلها في عراك ساذج حول السراب، ،قيادات تحركها المواجد الشخصية وتوقفت عقارب الزمن عندها عند أزمان الإشتجار والمؤامرات والخلافات.
•إن خروج التحالف من المأزق الحالي في العمل الدبلوماسي رهين بمعالجة هذه الإختلالات باختيار الشخصيات المناسبة للعمل الخارجي والدبلوماسي وصياغة خطاب متماسك ووضع رؤية واضحة حتى يتسنى له إقناع القوى المهتمة بالشأن الإرتري بقضيته وقدرته على سد الفراغ الذي قد ينجم بسقوط النظام.
* نشرت في صفحة نافذة على القرن الإفريقي – صحيفة الوطن السودانية 17 يونيو 2011م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى