مقالات

مفاتيح : الغولاغ الإريتري .. رؤية القبُو من الداخل :جمال همد*

18-Jun-2011

المركز

( إن الحقيقة تستعاد دائما بينما يمكن أن تدفن الحياة إلى الأبد ) بهذه الحكمة لرازميخين في الرواية العالمية الجريمة والعقاب للكاتب الروسي فيدور ديستيوفسكي. يستهل السجين السابق في أقبية قوات حرس الحدود الإريتري والذي يقوده الجنرال تخلي منجوس في كتبه الموسوم الغولاغ الإريتري ــــ مشاهدات سوداني في معتقلات الجبهة الشعبية ( للديمقراطية والعدالة ) .

على مدى 78 صفحة من القطع المتوسط يصاحبنا الزميل والناشط السياسي أمير بابكر عبدالله في رحلة وسط أقبية وسجون يديرها رجال نزع الجنرالات إنسانيتهم وحولوهم لوحوش كاسرة ، تُقابلها إرادات تحتمي بإنسانيتها وأجساد تتمسك بالحياة مقاومة .. اشباح إنسانية من مختلف الأعمار ومختلف الخبرات والأعرق والإثنيات تعيش خارج نطاق الكون وقوانينه، لتتعايش مع قوانين وأساليب هي أقرب لقوانين القرون الأسطى منها إلى القرن الحالي، ومن أجل ذلك عليها إيجاد قوانينها الخاصة البايلوجية والنفسية، التي تشكلت من خبرات إنسانية تراكمية . قوانين تحصن الفرد ضد البطش وأهدار آدميته . أمير بابكر يغوص في تخوم النفس الإنسانية ليكشف قدراتها الباطنية التي أودعها فيها خالق الكون . أمير بابكر السوداني الجنسية والقيادي في التحالف الوطني السوداني وجد نفسه بشكل مباغت في مواجهة العنف والتعذيب وأهدار الكرامة في معسكر (أدر سار ) على الحدود الإريترية السودانية تديره قوات حرس الحدود الإريترية . وجد نفسه أمام (غولاغ ) حقيقيى يختلف عن ذاك المتخيل كالذي كان يجده في الأدب الروسي المنتج عن حقبة ستالين . والغولاغ هو معسكر إعتقال جماعي في سيبيريا أقامه (بيريا) الرهيب لكسر شوكة معارضي الحزب الشيوعي السوفيتي سواءا من داخل أو خارجه . يقول أمير في ما يشبه المقدمة : ( هي مجرد رؤية لما حدث .. ولمشاهدات وروايات يملي علي ضميري نقلها ، ولا أود هنا رواية مسببات اعتقالي لمدة شهر كامل في سجن تحت الأرض من قبل الاستخبارات الإريترية وما مارسته ضدي من تعسف ومحاولات يائسة لقهري وتطويعي ـ إلا بالقدر الذي يتيح لي أن أعكس ما سمعته وما رأيته هناك من معاناة يرزح تحتها المواطن الإريتري. ) تسامي على الجرح الخاص بطريقة أقرب إلى سلوك المتصوفة التطهريين ــــــ وهي سمة تطبع سلوك المناضلين في كل العالم . الكتاب الذي نشرته دار مدارك للطباعة والنشر والتوزيع الواقعة في شارع الجمهورية بالخرطوم في مطلع 2011م يحوي عدد كبير من المشاهدات اليومية إبتداءا مكتب الرائد (قرماي مزقنا) مدير مكتب الجنرال تخلي منجوس مرورا بفيلا فاخرة في حي 0space 20 ثم سجن (تراكبي) سيء السمعة وصولا إلى غرب البلاد جلوسا في وضع القرفصاء على سطح حديدي لشاحنة ماركة مارسيدس ، مع عدد كبير من المواطنين والجنود المقيدين بسلاسل غليظة . …. ونواصل * نشر في صفحة نافذة على القرن الإفريقي – صحيفة الوطن السودانية -17 يونيو 2011م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى