تقارير

تقرير مراسلون بلاحدود للعام2008م : إريتريا

15-Feb-2008

المركز

إن هذه الدولة الصغيرة من القرن الإفريقي الخاضعة لسلطة اسياس أفورقي منذ نيلها استقلالها ، ترد للمرة الأولى في المرتبة الأخيرة من التصنيف العالمي لحرية الصحافة التي أعدته مراسلون بلاحدود .

والسبب بسيط : لايزال الوضع في تدهور مستمر لاسيما بعد عزل البلاد عن العالم نتيجة لحملات الإعتقال الكبرى التي نفذتها السلطات في أيلول سبتمبر 2001م ووفاة أربعة صحافيين على الأقل في المعتقل .انهارت كل الآمال التي وضعها الإريتريون في استقلال بلادهم مع أنه استقلال نالوه في 25 أيار / مايو 1993م بعد نضال طويل دام 30 عاماً .ففي 18 ايلول /سبتمبر2001م ، كلف الرئيس اسياس أفورقي ومعاونوه المقربون الشرطة السياسية بتعقب الحركة الإصلاحية في الحزب الحاكم . وكانت الحربمع اثيوبيا قد انتهت للتو كما كان عدد من المنادين بالحرية يزداد يوماً بعد يوم . فباتت العاصمة ساحة لصيد المعارضين أو المفترضين كذلك . ولم توفر السلطات رفاق السلاح السابقين والوزراء ومستشاريهم في حملتها ، فإذا بها تقدم على زجهم في السجن مع جنرالات نافذين ، وتتولى تعليق الصحف المستقلة النادرة التي كانت تصدر في العاصمة أسمرا ، وتعمد إلى توقيف مدرائها ورؤساء تحريرها بحيث أن كل انتقاد يوجه إلى النظام يعد بمثابة انتهاك للأمن القومي . وفضلاً عن مئات الشخصيات السياسية والعسكرية شملت حملات الإعتقالات 13 صحافياً احتجزو جميعاً في السجن رقم 1 في أسمرا قبل احالتهم إلى مراكز اعتقالات سرية في نيسان أبريل 2002م لأنهم تحلو بالجرأة والشجاعة للمطالبة بالخضوع لمحاكمة . ومنذ ذلك الحين ، لم يظهر لهم أي أثر .وافوا المنية في السجن :إن الأخبار الصادرة عن إريتريا نادرة بقدر ما هي مرعبة .ففي العام 2006م كشف حراس السجن الذين تمكنوا من الفرار إلى الخارج عن وفاة ثلاثة صحافيين على الأقل تم توقيفهم في العام 2001م ، في السجن بين العامين 2005و2006م . وفي 11كانون الثاني /يناير ، حان دور أحد أبرز الوجوه الثقافية في البلاد ليرحل نيجة لظروف الإعتقال المضنية .فلم يتمكن الشاعر والمخرج المسرحي وأحد مؤسسي مجلة سيتيت Setit فسهاي يوهانس المعروف ب( جوشوا ) من البقاء على قيد الحياة في معتقل عيرارو شمال شرق البلاد حيث يحتجز أكثر الأسرى أهمية . إلا أن أسرته لم تبلغ بوفاته ولم تسترد جثته . وبهذا الوضع المخيف ، استحقت إريتريا المرتبة الأخيرة من التصنيف العالمي للحرية الصحافة للمرة الأولى منذ أن بدأت مراسلون بلاحدود إعداده .أما المراسلون الأجانب النادرون المتواجدون في أسمرا فيتقدمون بتقاريرهم مباشرة إلى وزير الإعلام علي عبدو الذي لايتردد عن تعليق تؤاخيص عملهم عند أدنى إنحراف أو عن زج كل من يتحدث إليهم في السجن على الفور . والواقع إن التوجه إلى إريتريا يقتضي أشهراً طويلة من الصبر يضطر الصحافيون خلالها لإقناع السفراء الإرتريين في بلادهم بفائدة التقارير التي ينون إعدادها . ومن البديهي في هذه الحال أن يكون الطرد مصير كل من يذكر وضع انحطاط الحريات المدنية والسياسية في مقالاته .سجن في الهواء الطلق :إن الإرتريون مجبرون على العيش منعزلين عن العالم في سجن في الهواء الطلق تشكل فيه وسائل الإعلام الرسمية أجهزة بروبغاندا سوفيتية النمط . وفي ظل الرقابة المشددة التي يفرضها على عبدو ، يتحول الموظفون في التلفزيون الرسمي إيري تي في Eri-TV وإذاعة ديمتسي حافاش Dimtsi Hafash ( صوت الجماهير ) ، والصحف الحكومية إلى جنود صغار في خدمة أوامر الحكومة . وبفضل رسائل الإعلام هذه ، ينمي الرئيس ومستشاروه الأساسيون والعسكريونة ذهاناً هذيانياً يتمثل في الإعتداء الإثيوبي الدائم الذي يسمح بإبقائهم على عرش السلطة .فيعززون الخشية من حرب وشيكة يومياً وينقلونها إلى الجالية المنتشرة في أرجاء العالم بما أنها تشكل المصدر المالي الرئيس للحكومة .نظراً إلى هذه الجالة الكارثية ، من الطبيعي أن يفرغ البلد رويداً رويداً من ناسه . وأسبوعياً يتقدم 120 إريترياً بطلب اللجوء الإنساني تماماً كما هي حال ال130000فار الذين يعيشون في مخيمات وكالة الأمم المتحدة للاجئين في السودان .جنود هاربون من الجندية ، شبان فارون من تجنيد لا ينتهي ، معتقلون سابقون ، جامعيون ، فنانون ، فلاحون ، رياضيون ، كل الفئات الإجتماعية تتكدس في مخيمات الدول المجاورة بانتظار أن تقبل إحداها استضافتهم . وقد اتار عدد كبير من الصحافيين في المؤسسات الرسمية طريق الهجرة لأنهم لم يعودوا يحتملون حالة الاختناق التي تفرضها الحكومة عليهم . فيهرب البعض منهم سيراً على الأقدام تابعين دروباً فتحها المارون إلى السودان وإثيوبيا ، ومخاطرين بإمكانية تعرضهم للضرب على يد عناصر حرس الحدود الذين تلقوا الأوامر بإطلاق النار على أي كان ،أو للتوقيف كأيوب كيسيت العامل في قسم اللغة الأمهرية في ديمتسي حافاش Dimtsi Hafash أو الفني جوني حيسابو العامل في إيري تي في Eri-TV المحتجزين في مكان ما من البلاد منذ إلقاء القبض عليهما خلال العام . وقد كلفت هذه المغامرة نفسها حياة الصحفي العامل في قسم اللغة الأمهرية في إيري تي في Eri-TV باولوس كيدان في حزيران/ يونيو . فبعد ستة أيام من السير والتعب ومعاناته داء الصرع ، اضطرلترك زملائه يرحلون على بعد بضعة كيلومترات من الحدود . وأخذ ينتظر بالقرب من إحدى البلدات على أمل استعادة القوة ليتمكن من متابعة سيره . وبعد عدة أسابيع من اختفائه ، أطلع وزير الإعلام الإريتري أسرته والموظفين في المؤسسات الإعلامية الرسمية على وفاته ( العرضية ) في أواخر حزيران /يونيو .كان باولوس كيدان من أكثر الصحافيين شهرةً في أسمرا . وقد اختار مغادرة بلاده إثر تعرضه للتوقيف مع ثمانية موظفين آخرين من وسائل الإعلام الرسمية ابتداءاً من 12 تشرين الثاني / نوفمبر2006م بسبب تغيب عدة صحافيين مشهورين آخرين عن العمل . وأقدمت السلطات على اعتقالهم لأنها تشتبه ببقائهم على اتصال بالفارين أو سعيهم إلى الفرار بأنفسهم .وقدج أعلم الصحافي مراسلون بلا حدود بأنه تعرض وزملاؤه للضرب والتعذيب في السجن لرفضهم الكشف عن كلمات السر لولوج بريدهم الإلكتروني (مضيفاً أنهم استسلموا في النهاية لأن الألم كان شديداً ) . وبعد الإفراج عنهم بسند كفالة ، فضلت السلطات إبقاء أسرى تشرين الثاني / نوفمبر هؤلاء تحت الرقابة المشددة تماماً كما هواتفهم . وقد أجبروا على العودة إلى عملهم ومنعوا رسمياً من مغادرة أسمرا. ومن بين الصحافيين الموقوفين التسعة ، أطلق سراح سبعة وحسب ، فقد جدت الشابة فتحية خالد المذيعة في قسم اللغة العربية في إيري تي في Eri TV، بالقوة في الجيش فيما لم يخرج دانيال موسي العامل في قسم الأورومو في ديمتسي حافاش Dimtsi Hafash من السجن قط .الفشل الأوروبي :إن المأساة لتدل على الفشل الواضح ل ( الديبلوماسية الصامتة ) التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي . ففي أيار / مايو ،منح المفوض الأوروبي لوي ميشال دولة إريتريا برامج للتنمية بقيمة 122 مليون يورو لمدة خمسة أعوام . وفي المقابل ، طلب الإتحاد الأوروبي من الحكومة الإريترية ( اعتماد مقاربة بناءة في حل الأزمات الإقليمية وإحارز تقدم في مجال حقوق الإنسان وحرية الصحافة ) ولكنه يوم توقيع الإتفاقية ، في 4 أيار/ مايو ، ازدرى الرئيس الإرتري بأسئلة الصحافيين الأوربيين الإنتقادية حول وضع حقوق الإنسان في بلاده من خلال مؤتمر صحافي مشرتك في بروكسل ع لوي ميشال الذي أشار إلى تشرفه باستقبال اسياس أفورقي في المفوضية . ورداً على هذا الإزدراء تناضل مراسلون بلاحدود في سبيل اعتبار الرئيس الإرتري ووزرائه أشخاصاً غير مرغوب فيهم على الأراضي الأوربية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى