كلمة رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الوطني للتغيير الديمقراطي .
كلمة رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الوطني للتغيير الديمقراطي الدكتور نقاش عثمان في تدشين مباردة لم الشمل بمدينة ملبورن الأسترالية في 22 فبراير الجاري .
المربي الوطني الفاضل/ الأستاذ عبد الرحيم خليفة محمود،
الإخوة الأفاضل/ القائمين على مبادرة لم الشمل الإرتري،
السيدات والسادة،
الحضور الكريم،
أصالة عن نفسي ونيابة عن قيادة المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي، أتقدم بجزيل الشكر والعرفان لدعوتكم الكريمة لنا لنشارك معكم في هذا الملتقى الوطني الهام الذي يجمع نخبة من الشخصيات التي بذلت جهدًا مقدرًا علىى مدار شهور طويلة من أجل أن يساهم الجميع بفعالية في المهمة الكبيرة المتمثلة في لم شمل الإرتريين وتحقيق اصطفاف وطني شامل، متمنيا كل نجاح لملتقاكم والخروج برؤية تعزز نضالات قوى المقاومة الوطنية الإرترية من أجل إنقاذ الشعب والوطن من براثن النظام الديكتاتوري القائم. كما أعبر عن سعادتي البالغة بزيارة هذه القارة التي تضم كوكبة من الوطنيين الأحرار الذين ظلوا لسنين طويلة يقارعون النظام الديكتاتوري وأدواته في هذا البلد، الأمر الذي وضعهم في مقدمة صفوف طلاب الحرية والعدالة من أحرار إرتريا.
السيدات والسادة،
ينعقد هذا الملتقى الوطني الهام في وقت نحن في أمس الحاجة إلى حشد قوانا وتوحيد جهودنا لمواجهة استحقاقات الحاضر، والاستعداد للمستقبل الذي نرجو من الله أن يجعله آمنًا وواعدًا بمرحلة يطوي فيها شعبنا مرة وإلى الأبد صفحة المآسي والحرمان التي عاشها لعقود طويلة، إن كان في حقبة الاحتلال البغيض أو خلال الحكم الوطني الجائر، ويلج إلى مرحلة تتحقق فيه تطلعات شعبنا الإرتري الأبي.
إن إرتريا ومنطقتنا تشهدان تطورات سياسية بالغة التعقيد. فمن ناحية لا يزال النظام الديكتاتوري القائم في إرتريا يواصل نهجه المدمر المبني على سياسة الهيمنة والتهميش والإقصاء والتهجير القسري وسياسة “فرق تسد” الممنهجة، وتفكيك المجتمع الإرتري عبر خلق صراعات وهمية بين مكوناته المختلفة، وذلك سعيًا وراء إطالة أمد حكمه الجائر. ولا جدال بأن هذا النهج يهدد السلم الاجتماعي والوفاق الوطني في إرتريا ويلعب دورًا كبيرًا في تعميق أزمة الثقة وتأجيج روح الضغائن والكراهية بين مكونات شعبنا المختلفة، الأمر الذي يعطي أهمية كبيرة مثل ملتقاكم هذا حيث تتاح لنا جميعًا التفاكر حول الوضع المأساوي الذي يعيشه شعبنا وتلمس الوسائل الناجعة لإفشال مثل هذا المخطط الخبيث. ومن ناحية أخرى وكما تتابعون جميعًا، بأن منطقتنا أصبحت بؤرة توتر على المستويين الإقليمي والدولي، حيث تعيش معظم دولها صراعات وحروب عبثية. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن الزمرة الحاكمة في إرتريا جعلت من بلادنا ساحة لتأجيج تلك الصراعات الإقليمية والدولية من خلال توريطها في المحاور والأحلاف المتصارعة في المنطقة، وانتهاك حرمة ترابنا الوطني من خلال السماح لقوى مختلفة بإقامة قواعد أو معسكرات عسكرية. إن استمرار هذا النهج المغامر للزمرة الديكتاتورية الحاكمة يعرض بلادنا لمخاطر جمة ويشكل تهديدًا صارخا لسيادتنا الوطنية وسلامة ترابنا الوطني. إن الأوضاع في المنطقة وخاصة في السودان وإثيوبيا، تشهد تدهورًا بالغًا نتيجة لفشل النخب السياسية في تلك البلدان في حل مشاكلها بالحوار البناء الذي يصون وحدة تلك البلدان ويحافظ على مصالحها الوطنية العليا، ونتابع بحسرة وألم سيادة عقلية التنافس والتناحر العقيم بين قواها السياسية على الرغم من أن تلك الحروب والصراعات أنها خلفت ولا تزال دمارًا شاملًا على كافة المستويات.
السيدات والسادة،
إن هذه الأوضاع التي تمر بها إرتريا والتطورات المتسارعة التي تشهدها منطقتنا، تحتم على القوى الوطنية الإرترية أن ترتقي بنضالاتها وتوحد صفوفها من أجل التصدي لمهامها الحقيقة من خلال تسريع الخطى باتجاه تخليص شعبنا من الحكم الديكتاتوري البغيض وإحداث التغيير الديمقراطي المنشود. ولا شك بأن حالة الضعف التي تمر به قوانا السياسية جعلتنا عاجزين عن التعامل مع الأحداث المتسارعة والمتغيرات الإقليمية والدولية، بشكل تخدم الأهداف التي ينشدها شعبنا الإرتري. وليس لدي أدنى شك بأن هذا الملتقى يأتي في سياق السعي المخلص لتجاوز حالة الضعف التي نعيشها ويساهم في تلمس طريق الخلاص الذي ينشده شعبنا العظيم.
إننا في المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي نعتقد جازمين بأن المقاومة الوطنية الإرترية مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالوقوف مع الذات وتقييم مسيرتها النضالية في الفترة الماضية بصدق وبموضوعية، وتحديد جوانب القوة والضعف في أدائها، وتلمس العوامل التي أصبحت تحول دون تثوير الشارع الإرتري ضد نظام “هقدف”. وهذا لن يتحقق مطلقًا إذا لم نتمكن جميعا من تخطي حواجز أزمة الثقة وينصب جُلَّ اهتمامنا في القضايا الوطنية المشتركة التي تواثقنا عليها في مؤتمرات المعارضة الوطنية الإرترية.
السيدات والسادة،
إن الشعب الإرتري العظيم أكد للقاصي والداني خلال مسيرة نضاله الطويلة بأنه مستعدٌّ للزود عن حياضه وللدفاع عن سيادته الوطنية التي تحققت بتقديم أرواح أنبل وأكرم أبنائه قرابين في سبيل الحرية والانعتاق. إلا من سخريات القدر أن تربعت على عرش الحكم زمرة خانت أهداف الثورة وتنكرت لأرواح الشهداء. وعليه، فليس أمامنا خيارٌ آخر سوى الاستمرار في النضال وتقديم الغالي والنفيس لإسقاط هذه الزمرة المتسلطة وتحقيق تطلعات شعبنا في الحرية والانعتاق والحكم الراشد.
وإدراكًا لهذه المهمة النضالية ظل المجلس الوطني الإرتري يسعى جاهدًا من أجل توحيد كلمة الإرتريين على أسس وطنية تجعل من أولوياتها الخلاص من نظام الفرد الواحد في إرتريا وبناء وطن يسع الجميع. وعلى الرغم من أننا لا ندعي بأن هذا الجهد قد بلغ غايته إلى أن علاقات مجلسنا مع كافة القوى الوطنية المقاومة تجاوزت حالة التنافر والتشاحن وهي في وضع أفضل بكثير مما كانت عليه خلال الفترات الماضية. ومبدؤنا في هذا “نعمل فيما نتفق عليه ونعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه”.
إن حرصنا على المشاركة في هذا الملتقى الوطني الهام جاء تعبيرًا عن قناعتنا بأنه يأتي في سياق توحيد الجهود الوطنية الإرترية، وخاصة أن القائمين عليه كان لهم دومًا دورًا مشهودًا في الدفاع عن الوطن ووحدته. وكلنا ثقة بأن تدشين هذا العمل الكبير سيشكل إضافة نضالية نوعية لمعسكر القوى الوطنية الإرترية. ونحن في المجلس الوطني الإرتري على استعدادٍ تام للتعاون المخلص والبناء لتحقيق الاصطفاف الوطني الشامل الذي يعتبر شرطًا رئيسيًّا لتحقيق الانتصار الذي يتطلع إليه شعبنا الأبي. ولن نألوا جهدًا، وخاصة ونحن على أعتاب انعقاد المؤتمر الثالث للمجلس لتعزيز الدور الذي ظللنا نلعبه من أجل توحيد جهود كافة الوطنيين الأحرار. وفي هذا السياق ندعو القائمين على هذا المشروع الوطني الهام أن يسعوا إلى توحيد جهودهم مع المبادرات الإرترية المتشابهة، التي تسعى لتحقيق الأهداف نفسها التي تعلمون في سبيلها.
مرة أخرى أحييكم باسم المجلس الوطني الإرتري وأعبر لكم عن أمنياتنا الصادقة بالتوفيق والنجاح، ونؤكد على حرصنا المبدئي باستمرار العلاقات النضالية بيننا لما فيه مصلحة إرتريا وشعبها. وأسمحوا لي أن أتقدم بالشكر أجزله لأحرار بلادي في هذه القارة، والذين أحاطوني بالمحبة والمودة الوطنية الصادقة، واعتبره تكريمًا ليس لشخصي الضعيف، بل تعبيرًا عن تقديرهم للمجلس الوطني الإرتري الذي كان لهم القدح المعلي في إنشائه واستمرار نضاله. شكرًا لكم ولن أنسى ما حييت هذه الدفء الأسري الذي شعرته خلال إقامتي القصيرة في بيرث وملبورن وكانبرا.
عاشت إرتريا حرة ومستقلة !
النصر لنضالنا المشترك من أجل التغيير الديمقراطي!
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار !
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته