مقالات

مشروع الوطن الذي تغيب عنه الديمقراطية !!!!!! صالح أشواك

24-Mar-2012

المركز

الحاضر لا ينفصل عن الماضي بأي حال من الأحوال و إستداعاء التأريخ و إسقاطه علي الواقع ربما يكون من أفضل المداخل في أستشرف المستقبل علي نحو يجعل كل الظروف متوافرة بشكل يفضي إلي تحليل سليم كما أن الظروف الذاتية والموضوعية الخصوصية الوطنية والتعاطي معها بتجرد لا يخل بالوصول إلي الحقيقة لذا فأن إي تصور وقراءة في الواقع الماثل و وصولاً إلي استشراف أفاق المستقبل

أري من الضرورة بمكان ربطها بالتجربة الوطنية الحديثة التي تشكلت في ظل الإستقطابات الفكرية سواء كان منها ما هو أممي أو ما هو قومي وهذا يجعل فترة تشكل الوجدان الوطني عبر نشوء أحزاب وطنية لما قبل الكفاح المسلح غير معنيين بها لجهة إنها كانت تتسم بالخصوصية الوطنية من حيث أبعادها الفكرية والسياسية مع الأخذ في الاعتبار لتشكل حركة تحرير إرتريا التي تعد من الإرهاصات المبكرة لفترة الكفاح المسلح ولذا يمكن التعاطي مع هذه الحركة كجزء من مرحلة الكفاح الوطني التي كانت تستمد موجهاتها من البعد الإنساني لحركات التحرر العالمية والتيارات الفكرية الأممية والقومية و مع إيماني المطلق بأن كل الذين انبروا لقيادة الثورة الإرترية من خلال تبني خيار الكفاح المسلح عبر تشكيل جبهة التحرير الإرترية بكل مفاصلها العسكرية السياسية كانوا متقدمين فكرياً لجهة إيمانهم بالكفاح المسلح و تبنيه كخيار يقابل الإستعمار الفاشي كونه عنف غاشم لا يرده إلي عنف ثوري منظم فأن هذا الإدارك كفيل بأن يضعهم في خانة العظمة وبالإمكان أن نسبغ عليهم بأنهم قادة تاريخيين وينفي كل التهم التي حالوا من خلالها التقليل من شأن الرواد الأوائل ولكنهم من جهة أخرى أجزم بأنهم كانوا يفتقدون للبوصلة الفكرية التي تستند إلي الخصوصية الوطنية وليس أدل علي ذلك من تبنيهم لأسم جبهة التحرير الإرترية علي الرغم من أن هذا الاسم من الأسماء التي نعتز بها في تأريخنا الوطني لأن هذه العنوان كان صرعة حركات التحرر الوطنية و التي تشكلت ضمن الحالة الخاصة لكل بلد ولكنها كعنوان ومدلول سياسي فأن الجبهة تعني تجمعاً لتيارات فكرية متباينة علي الأقل نظرياً ولكنها تتوافق علي ثوابت وطنية ولكن الذين شكلوا اللبنة الأساسية لجبهة التحرير الإرترية ربما لم يستندوا إلي هذا الفهم عند اختيار الاسم لأنهم ببساطة لم يكونوا تيارات سياسية متباينة بل كانوا تياراً وطنياً أستشعر أهمية الكفاح المسلح و الشاهد علي ذلك أن كل دساتير جبهة التحرير الإرترية لم تشير إلي التعددية السياسية بأي حال من الأحوال ولا في كل أدبياتها الثقافية والفكرية بل أن الجبهة في مرحلة من مراحلها ضاقت علي المكون الوطني ولجأت إلي معارك حاسمة لكل ما هو خارجها ناهيك عن من كانوا داخل الجبهة وربما تعرضت بعض التيارات السياسية والفكرية للتنكيل والإقصاء وفي أفضل الأحوال التهميش . الأمر لم يختلف عند الفصيل الأخر الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا علي الرغم من أن الأمر كان أكثر وضوحاً في أحادية هذا التنظيم الذي تبنى مبكراً منفيستو خاصاً به عبر تبنية لوثيقة ( نحناً علامنا) نحن وأهدافنا ولكنهم ركنوا أيضاً إلي صيغة الجبهة والتي كانت ابعد عنهم لكونهم ينتمون لوثيقة خاصة و لرؤية فكرية واحدة ولكنهم تبنوا خيار الجبهة أيضاً كمسمي وعنوان علي الرغم من كل التناقض الواضح كما أنهم بذات القدر لم يتم الإشارة إلي التعدد في دساتيرهم المتكررة عبر كل المؤتمرات وكذلك تبنوا خطاً أكثر تطرفاً عبر سياسة التصفية لكل ما يتناقض مع خطهم ومرة أخرى سقطت صيغة الجبهة في ميدان أخر كاسم جامع لمكونات فكرية وسياسية متباينة و أستمر سيناريو السقوط الديمقراطي عندما سيطرة هذه الطغمة الفاسدة علي مقدرات الوطن عبر تبنيها خيار الشمولية الفكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية و في كل مفاصل الحياة الوطنية كنمط لحكم البلاد لتنهى كل بارقة أمل في أن يكون الوطن وعاء يستوعب كل ألوان الطيف السياسي والديني والفكري لتدخل التجربة الوطنية في مرحلة أكثر تعقيداً. إذاً إنه من المؤكد بأن الديمقراطية كخيار وكمنهج ظلت غائبة في تجربتنا الوطنية إلا في حالات خاصة وحتى التيارات الإسلامية الحديثة لم تسلم من المرور عبر نفق الإقصاء من خلال الانقسام الذي لازمها عبر التصنيف من أن هؤلاء سلفيين و هؤلاء أخوان وحتى وصل الأمر إلي صقور وحمائم في داخل التيار المذهبي الواحد إذا صحت العبارة وربما أدت بعض الانقسامات إلي تراجعات فكرية أقل ما يمكن وصفها به بأنها كانت محاولات إستيعاب الواقع بصورة مغايرة للحقيقة الفكرية التي يتأبطونها مما يجعلها موضع شك لدي الأخريين وبدا ذلك جلياً في بعض التنظيمات السياسية التي تأرجحت بين كل الخطوط وحتى الآن لم تجد ما تستقر عليه من شكل تحالفات. و الحركات الإسلامية خاضت عمليات التطهير الفكري والإقصاء ولكن في ساحات محدودة تنسجم مع المساحات التي تتواجد فيها . من كل ذلك نصل إلي خلاصة مهمة وهي إن الديمقراطية كانت غائبة في مشروعنا الوطني و بالتالي فأن أمر فرضها ضمن مشروع الوطن الذي ننشد يتطلب الكثير من الفهم والإدراك و كذلك إلي أن ينبجس القيح عن بعض جروحنا في ظل ما ترتب من قهر علي مكونات المجتمع الإرتري من خلال الممارسات التي مارسها النظام والتي اختلفنا حول تسميتها مابين ديكتاتورية وطائفية و توافقنا إلي تسميتها بالشفيونية عائدين إلي ذات مربع الاستلاب الفكري الذي لا يستوعب الخصوصية الوطنية النظام مارس ممارسات طائفية واضحة علي مسلمي إرتريا و علي المسلمين الفصل بين النظام والمسيحيين والوطنيين منهم سواء من كانوا داخل النظام أو خارجه و حتى الذين كانوا مطية النظام من المسلمين فأنهم يتحملون ما يتحمله النظام قدر ممارساتهم الإجرامية أولى الخطوات التي ترسخ لمفهوم الديمقراطية يجب أن تتكئ علي الإقرار والقبول بمظلومية الأخر أما أن نستلب فكرياً ونسقط تعريفات لا تنسجم مع الواقع الماثل من ممارسات طائفية واضحة ومكشوفة لا يختلف عليها اثنان فأن هذا أول مفترقات الطرق التي تجعل مشروعنا الوطني في مهب الريح وحتى لا نسقط هذا المشروع علينا أن نؤطر لفهم وطني لا يستند إلي المحاصصات الطائفية والجهوية والإقليمية علي الجميع أن يلعب علي المكشوف لأن هذا أدعى لفتح حوار وطني يسهم في خلق مناخ ديمقراطي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى