مقالات

توقيعات في دفتر رحيل الفقيد محمد نور سعيد علي

18-Oct-2019

عدوليس ـ ملبورن

رحل الإسبوع الماضي بالعاصمة السودانية الخرطوم الفنان التشكيلي والمصصم الفني ونائب رئيس تحرير “صحيفة إريتريا الحديثة ” الحكومية محمد نور سعيد علي الذي أتى إليها مستشفيا. حل أبو خلدون بعد رحلة عطاء ونضال طويل إستمرت لأكثر من نصف قرن.عرفت محمد نور سعيد علي منذ عام 1979م بدمشق وهوطالبا بكلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق وكان آخر إتصال لي معه وهو بالخرطوم مستشفيا وقد بلغني الزميل والصديق أحمد داير بخبر مرضة .

أتصلت عليه والألم يعتصرني فأتى صوته ضاحكا منشرحا ومبددا حزني ، ولينقل ضفة الحديث في السؤال عن الزملاء والأصدقاء.
عاش بسيطا متواضعا نقيا نضيف اليد واللسان ، يشع الحبور وروح الدعابة دون تكلف أو اصناع أو غرض في كل مجالسه.
وقد كتب رفاقة من مناضلي الثورة الإريترية أو من زامله في الإعلام الإريتري المسموع والمكتوب والمرئي معددين مناقبه ساردين ذكرياتهم معه معربين عن فقدهم العميق.فقد خص المناضل الإريتري علي محمد صالح عدوليس وعدد من المواقع الإريترية برثاء حار والسير الذاتية والنضالية للفقيد وهو الذي أرتبط بعلاقات شخصية مع الفقيد أبو خلدون منذ مرحلة جبهة التحرير الإريترية حيث إلتقيا بالعاصمة السورية دمشق ، ثم في التنظيم الموحد وأخيرا بالعاصمة الإريترية أسمرا.
ولد المناضل محمد نور سعيد علي في مدينة اغردات الصمود و التى كانت تعرف ب(وهران) اريتريا في ستينيات القرن الماضي، انتقل بعدها إلى مدينة كرن لدراسة المرحلة الثانوية .ارتبط المناضل محمد نور بالعمل منذ بدايات الدراسة حيث كان ضمن الخلايا السرية لفرع مدينة اغردات، وأود أن أشير هنا بأن المناضل نورالدين محمد عبدالله رئيس فرع الجبهة بمدينة اغردات آنذاك كلف الراحل المقيم لرسم خريطة توضيحية لبنك اغردات وقد كان الأمر الذي سهل على الفدائين تنفيذ العملية بكل سهولة ويسر وهى العملية التي قادها المناضل محمد عثمان ازاز والشهيد محمود حسب، وكانت صدمة قوية للسلطات الأمنية والعسكرية بالمدينة بسهولة الاختراق ، ومن ناحية ثانية كانت دفعة معنوية لجبهة التحرير الاريترية.
واصل الراحل المقيم ابو خلدون دراسته الجامعية في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق بالقطر العربي السوري الذي نال منها شهادة البكالوريوس ، اشتهر بلقب دافنشي لإبداعه في الرسم كما الفنان العالمي المشهور دافينشي.
بعد تخرجه تفرغ للعمل الوطني في قسم الإعلام الخارجي لجبهة التحرير الارترية . كان دوره الفني مميزا فقد ساهم في رسم معظم أن لم يكن كل الملصقات والبوسترات وتصميم مجلة الثورة الارترية ، عاد إلى الوطن بعد التحرير مع أسرته، له أربعة من الأبناء وهم خلدون ويعمل مشرفا في احدي الجامعات الكويتية ويحمل ماجستير في اللغة الانجليزية، محمود خريج كلية الاقتصاد من الهند ، أيوب مهندس مدني من جامعة اسمرا وآدم طالب جامعي.
في اريتريا التحق بوزارة الإعلام وكان مسؤل قسم التقرايت في التلفزيون الارتري ثم تم نقله إلى جريدة ارتريا الحديثة نائبا لرئيس التحرير.
ومن الصدف أن يتزامن رحيله بعد أيام معدودات من رحيل صديقه ووزيره في عرسه الراحل المقيم عبده يسن.
الراحل المقيم العزيز ابو خلدون رجل متواضع طيب المعشر اجتماعي محبوب وكان يحظى باحترام زملائه ومعارفه جميعا، كان من هواة الشعر وكان يترنم بقصائد الشاعر التونسي الشهير ابو القاسم الشابي” .
الفنان التشكيلي سليمان بخيت عبرا عن حزنه وفقد لإستاذة ابو خلدون وهو الذي يرتبط بعلاقة قرابة مع الفقيد كتب بالقول :
“عايشت حبك للفنون وبصفة خاصة الفن التشكيلي وكانت اول مرة أرى فيها شخص يرسم امامي بهذا الجمال والوضوح مما جعلني احب الفن واتخصص فيه لاحقا.
كنت انت يا ابا خلدون اخا كبيرا واستاذا وراعيا لي, بل ومساهما في بناء شخصيتي.فيما بعد عندما التحقت انا بجامعة دمشق – كلية الفنون الجميلة , كنت انت قد تخرجك من نفس تلك الكلية وكنت تعمل في مكتب الاعلام للجبهة في دمشق. وطوال مده دراستي الجامعية في سوريا لم أرك في يوم غاضبا او مكفهرا او عابسا كانت ابتسامتك تغطي محياك ، كنت طيبا نعم كنت طيبا جدا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان. يشهد كل من عرفك على إخلاصك وتفانيك ويؤكد كل من تعامل معك على لطفك وكرم أخلاقك وحسن معشرك.
ولا يمكن ان ننسى الدور الهام الذي قمت به كفان تشكيلي عبر الرسم والتصمم والاخراج لمجلة الثورة التي كانت تصدر في ذلك الوقت , بالاضافة الى اللوحات التشكيلية التي رسمتها والتي كانت تبرز وتوثق جرائم ذلك العدوان المجرم . لوحاتك الفنية الصارخة بالألم والوجع كانت تعكس ملاحم البطولة والصمود في مواجهة ذلك العدوان الهمجي.
كنت رحمة الله عليك سريع البديهة حاضرالنكتة والقفشة كانت تعليقاتك الساخرة تزرع الفرح وترسم الإبتسامة على وجوه من حولك”.
من جهته كتب الزميل محمود أفندي الذي زامل الفقيد في الإعلام الرسمي الإريتري في صدر صفحته بالفيسبوك:
” كنت احب الجلوس معه وهو كذلك خاصة عندما علم انني شقيق صديقه المرحوم عبدالكريم ماجيلان عليه الرحمة ومن اجمل هذه الجلسات اذكر تلك التي كانت تجمعني بحضرة المرحوم محمد ابراهيم دبساي حيث تحلى وتحلى وننسى كل المصاعب والهموم في بلد الهموم ويصبح المكان عامرا ويزداد العدد الى ان يختم الراحل المقيم دبساي الجلسة بمفرداته الجميلة”.وأضاف معددا خصال الفقيد : “كان الراحل متفاني في عمله لا يعرف الكسل حتى عندما يمرض كان يأتي ويقول ما اجمل الجلوس معكم. عمل بالتلفزيون في قسم “التقرايت” وعندما تم تعينيه في صحيفة إريتريا الحديثة تأثر كل زملائه في القسم، وابدع في صحيفة اريتريا الحديثة وكانت لمساته تزين صفحاتها، ثم تم تعينه رئيسا للقسم العربي للاذاعة ،وكنت ضمن اعضائه كانت من اجمل الفترات واذكر منها انها كانت فترة لمنح الثقة للاعضاء خاصة الجدد علاوة على دماثة الاخلاق والروح الابوية والاخوية. حقا كان مربيا والكل يشهد لعادته ربما قل ان نجدها حيث كان الشخص الوحيد الذي يجلس لاقرب طاوله في ساحة المقهى دون ان ينتقي الجالسين على عكس الاخرين ممن يختاروا مجالسهم حسب انتماءاتهم”.رحم الله الفقيد ابو خلدون وألهم اسرته الصبر الجميل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى