مقالات

للخير عنوان ! قباش فى رحاب الله والمشروع مستمر: نعمان حب الدين*

14-Jan-2008

المركز

في العام 1995 و برفقة زميل رزت د.احمد قباش فى منزلة اسرتة فى كسلا وكان اول مره اتعرف فيها على قباش الانسان والطبيب ،كنا وقتها طلاب فى الجامعة وكان مديرا للوحدة الصحية في الشوك.بساحة الفرح التى يخلقها احمد لزواره دوما ،استقبلنا وفرش المكان باريحتة وسماحته ، فكاننا التقينا قبل ذلك مرار وتكرار او اننا كنا زملاء دراسة معه فى بغداد الرشيد،

تسامرنا وطاف بنا فى جو بهيج وكان المنتهى اوضاع الاجئيين الصحية ،الموضوع الحاضر دوما فى دفاتر قباش ،وقدم نصائح لطلاب فى بداية مراحل دراسة الطب وابت نفسه الكريمة الا يهدينا كتابا مهما من مكتبته الطبية وهو كتاب المهارت السريرية واصر على يصحبنا بسيارتة الى الجامعة ، وتواصلت القاءات بعد ذلك والنصائح والمشاورات ؛فقد اسهم فى قوافل الاتحاد العام الى معسكرات الاجئين ،وكان اخا وابا ومرشدا ، الى حمل حقائبه عائدا الى اريتريا ليستقر به المقام فى فى تسنى . وشاءت الاقدار ان نلتقى مرة اخرى على الحدود فى مايو 2000 اثناء الغزو الاثيوبى الذى هجر سكان تسنى، هو قادم الى السودان ونحن نستقبل الهاربين من جحيم الحرب فى عياده على الهواء الطلق ، فى ذلك اليوم استقبلنا طبيبن وقد رحلا اليوم كلاها ، هما د.هاشم حامد عثمان و د.احمد قباش ، كانت ايام حزينة وثقيلة ، وقد انهار حلم العودة والسلام والاستقرار . تاهت نفسى بين التكذيب والتصديق والسلوى ،رغم اننى كنت متابعا لاوضاع د. احمد الصحية من بعيد، الشمعة التى تحترق من غير شكوى ،فقدان احمد كان شيءا من الخيال بالنسبة لى ، ما كنت احسب نفسى اننى سوف لن اسمع الضحكة المجللة التى تملا المكان املا وبشرى ، كانت كينيا اخر المحطات حيث شارك فى سمنار قدم فية ورقة عن الاجئيين واتصلت به فور عودته ، كان يتحدث عن المستقبل رغم انه كان يتوه الما ، ويتحامل على نفسه حتى يشعرنى بالحال ، طلبت منه اوراقا ، بخصوص منظمه كنا نسعى لاستقدامها الى معسكرات الاجئيين ،قال سوف ارسلها لك فور عودتى الى الشوك قلت يجب ان ترتحاح فانت يبدوا انك مريض .قال وذات الضحكة الاولى تملا المكان وتعطر الاثير ، سوف اعود الى الشوك قريبا فقط، قد احتاج الى قليل من الراحة ، لكن من خلف الاسلاك كنت اشعر ان الشمعة بدا ضوئها يملا المكان وكنت اخاف الرحيل وقلت للاخوة فى الجمعية احمد يعانى ولن نحتمل فقدانه . واحمد رحل وتعطلت كل الامانى الحلوة فى لحظة عشم، وتوسد الثرى الرجل الباسم قى وجه الصعاب دوما ،وكيف يملا المكان نور بعده والمنافى تستدعى كل يوم ابناء الاجيئن للبحث عن وطن جديد وحلم بحياة الكريمة بات كالسراب. الجمعية الطبية الاريترية فى دفاتر الراحل قباش الجمعية الطبية الاريترية فكرة ولدت من رحم معاناة الاجئيين الاريتريين ،فكلما تلاقى الزملاء فى القواقل الطلابية الى معسكرات الاجئيين فى شرق السودان والجزيرة ،او تداعى الزملاء لمساعدة مريض انقطعت به السبل فى الخرطوم ،برزت فى الافق فكرة خلق كيان لمنتسبى المهن الصحية من ابناء الاجئيين ، ومن سكن الاطباء فى مستشفى ابراهيم مالك فى الخرطوم انطلقت الفكرة الى اولى المحطات فى الشوك، حيث احمد قباش وتجولت مرارا بين عيادة د. خليفة ومكتب د. احمد قباش فى الشوك ، اعداد اوراق ومناقشات وتمهيد بين امل واحباط وشروط ومتطلبات وعجز ونجاح، الى تكللت المساعى بعقد المؤتمر التاسيسى فى اكتوبر 2004 ، وفى ذلك اللقاء التاريخى انتخب د..احمد رئيسا للمؤتمر بالاجماع ، و قدمت التحضيرية الاوارق و ادار الاجتماع . واعجز ان اصف اليوم ذلك اللقاء رغم اننى اتذكرة كانه بالامس ، العبرة تخنق قلمى وترجفف يداى بين الحروف ، لقد حضرت مؤتمرات كثيرة لكن ذلك اللقاء، كان فريدا ومتميزا ،لان مديرة كان فذا ومتفردا ، لقد اضفى احمد على القاعة جوا من المرح الجاد ، المهذب والراقى ، وقرب المسافات بين الحضور ، ولخص الافكار فى غير ما تجنى اواقصاء ، والجميع قد اكد ان من اهم عوامل نجاح اللقاء الادراة الراقية والافق الجميل الذى اضفاه عليه د. احمد قباش .لم يكن مؤتمر انما كان نزه على ارصفة المحبة والوفاق ،حتى اكثر الاوارق جفافا بسطها فى اريحيه والتزم الجميع بالوفاق ، وانجز المؤتمر مهامه فى اقل من الوقت المقرر، كانت بغداد حاضرة وتجربة د. احمد فى عاصمة الرشيد فيها الكثير من المواقف اللطيفة ، وعطاؤه الطويل فى معسكرات الاجئيين كان من منجزات المؤتمر حيث قدم ورقة عن الاوضاع الصحية اقرت كوثيقه من غير نقاش او اضافه لداثامتها والمامها بالموضوع . وانتخب عضوا فى المجلس الادارى فى الجلسة الاجرائية ، وبالاجماع وتحت الضغط تم اخياره رئيسا للجمعية الطبية الاريترية ليدير المجلس الادارى لدورتين على التوالى .مضت اكثر من عامين لم التقى فيها احمد حسا ومواجهة ولكننى كلما اطلعت على وثائق الجمعية اتذكر الشوك وبغداد وتسنى ،وادارة الدرن بالاقليم الشرقى ،ومراحل الجمعية ومؤتمرها التاسيسى واحمد دوما حاضر فى الذاكرة وعلى الخط يرسل الضحكة المجللة ، والامل فى فجر غير كاذب . نور الشمعة اضاء من جديد اخر الشمعة قبل ان تنطفى كان وهجا وشعلة. فقد كانت هناك اتصالات مستمرة ومتواصله مع اخوة كرام فى الولايات المتحدة الامريكية تهدف الى تكوين شبكه انسانية من اجل الاجئين فى السودان ، وابراز المساة المنسية والمصير المجهول الذى يواجهه الاريتريون فى شرق السودان ،كان الاخوة فى الولايات المتحدة ياملون فى دفع منظمه طبية امريكية للعمل فى شرق السودان وتحديدا فى معسكرات التجميع والاستقبال ، وكان الباب والمدخل د.قباش وبين امل واحباط وفرح وياس استمرت الاتصالات ولاتزال، لكن الشمعة انطفات وخبا النور طالما ملا المكان واضاء فيضا واملا. فى اخر اتصال لم يشكو الصابر من الالم ولكننه قال بهدوء( انا مريض وربما احتاج الى فترة نقاهة ، ولم احدث الشباب بذلك وارجوا الا تفعل وبلغ تحياتى الى د. خالد فى امريكا وفور عودتى الى المكتب سوف ارسل لكم المطلوب) كان هذا اخر الكلام واوله منذ ان التقينا قبل ثلاثة عشر عاما ، مضى الرجل وتركنا فى اول المشوار ، المكتب فى الشوك قد خلا من احمد وكذا دار الجمعية والمشاريع المنثور على الورق والامال العراض وكان اخرها شاهدا فى لحظات الالم والمرض والرجل يتحامل على نفسه لننجز شيئا مما حلمنا به . لقد فقدنا د. احمد اخا وزميلا ، وفقدناه قضية ومشروع وهم ، وانسانا سمح السجايا والخصال ، الكثيرون يملاؤن الارض ضجيجا من غير عطاء ، واخرون اعلى مثلهم مساعدة المحتاجين ، واحمد الطبيب الانسان كان واحة عطاء فى نكران ذات . بين الذكرى المحفورة فى دواخلنا والم الواقع البائن، بون شاسع ووادى سحيق ، لكن احمد باق مابقي الانسان المؤمن بقضيته وشعبه يمد يده للخير دوما ، والله وحده يلهم ال قباش وزوجته واطفاله الصغار الصبر وايانا واعزى اخوانى وزملائى فى كل مكان فى هذا الفقد الجلل والمصاب العظيم ، وقبلهم الاجئيون الاريتريون فى المعسكرات كلها ، فهم وحدهم يدركون فداحة المصاب .د. احمد سوف يبقى فى دائرة الخير حيا كما عاش فى ذاكرة التضحية الدكتور الشهيد يحى جابر ، وكما ان مركز الدكتوريحى جابر مشروع ينتظر التمويل،فان الجمعية الطبية مشروع سوف يكتمل بعون الله ، وسوف ينبلج فجر السلام والخير ونبنى فى بلادنا مئات المراكز والمستشفيات والجامعات تحمل اسماء رموزنا ، الذين مضوا فى صمت وتضحية. نعمان حب الدين استكهولم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى