مقالات

ملحمة جنيف الوقائع والدلالات وتأثيرها على الفعل السياسي المعارض . بقلم/ يوسف بوليسي من جنيف

1-Jul-2015

عدوليس

قد يقال الكثير عن هذه الملحمة التي سطرها ابناء شعبنا في المهجر بتاريخ السادس والعشرين من يونيو.. الا ان مجمل ما يمكن ان يستخلصه المرء من عبر، هو ان هناك وعيا جديدا بدأ يتشكل في وسط المقاومة الارترية بمختلف مشاربها والياتها ويتمثل ذلك في الرسالة الواضحة التي بعتت بها هذه الملحمة الا وهي ان العمل الانفرادي لا يحقق الامال بل يقضي على احلامنا في التخلص من الطغيان والاستبداد، وان الوحدة الوطنية كمطلب شعبي بد لا يمكن ان نحيد عنه في كل مراحل نضالنا .. فبالوحدة حققنا الكثير من المكتسبات في الماضي وبغيابها وأدناها في فترات ما بعد الاستقلال.

ملحمة جنيف جاءت في وقتها وكانت بمثابة استفتاء اعاد الامال لنا ولاهدافنا في تحقيق الديمقراطية والعدالة وصون حقوق شعبنا في الحرية والانعتاق وبالتالي تحقيق الرفاهية والنماء التي ضحى من اجلها شعبنا.. بإعتبار ان الاستقلال في حد ذاته لم يكن غاية وانما وسيلة لتمتع شعبنا بجميع الحريات.لا اود ان اتحدث عن النظام الاستبدادي الذي سرق مكتسبات ثورة شعبنا، لان ما قيل عن النظام طوال الفترات الماضية ومحاولات تعريته لم تعد ذات جدوى في هذه المرحلة بحكم انه هو الذي يقوم بتعرية نفسه بنفسه وبذا يكون قد اختصر الكثير من الجهود على قوى المعارضة التي ينبغي عليها استغلال مخرجات ملحمة جنيف ايما استغلال ، حيث عليها في اسوأ الاحوال الاتفاق على خارطة طريق بعيدا عن تأثير الخارج ولفظ كل الانتهازيين الذين يعتاشون على حساب العمل المعارض وترسيخ مفاهيم الوحدة واحترام الرأي الاخر والتعايش السلمي فضلا عن ضرورة الابتعاد عن المسائل الانصرافية.ملحمة جنيف اكدت ترابط الخارج مع الداخل حيث جسدت مدى تغمس ابناء شعبنا الاوفياء بالمهجر لهموم ومعاناة شعبهم بالداخل وهو حافز للحراك المقاوم للنظام بالداخل لتجويد نشاطه وتفعيل خلاياه الخامدة والتي تنتظر مثل هذه الملاحم في سبيل الحفاظ على الكيان الوطني.. وبالتالي تعني هذه الملحمة ظهور عنصر مهم في العمل المعارض بشقيه الخارجي والداخلي، الا وهو عنصر توحد الرؤى والعمل على تحقيقها والتي تعني القضاء على النظام الاستبدادي وفق اسس سليمة تضع الهم الوطني ضمن اولوياتها الاساسية. ونقطة اخرى ينبغي عليها… اي قوى المعارضة سواء كانت تنظيمات او منظمات مجمتع مدني او جمعيات فئوية … الاهتمام بها هي تقييم العلاقة مع اثيوبيا وبالتالي وضع اسس صحيحة للعلاقة مع هذه الجارة الشقيقة والهامة.. اي تصحيح مسار هذه العلاقات بحيث تصان فيه استقلالية قرارنا دون تدخل من احد او املاءات او انتظار ما يطلبه او ما يقدمه الاخر.بالعودة الى ملحمة جنيف .. يتحتم علينا سرد ما سبقتها من احداث ووقائع وذلك تعميما للفائدة وتوثيقا لهذا الحدث الجلل الذي يعتبر من قبل الكثير من النشطاء والسياسيين نقلة نوعية في العمل الارتري المقاوم.اثناء مظاهرة السادس والعشرين، التي سطر فيها ابناء ارتريا الاوفياء ملحمة جنيف التاريخية، انعقدت جلسة مداولات سفراء الدول الاعضاء في مجلس حقوق الانسان الاممي حول التوصيات التي تقدمت بها لجنة تقصي الحقائق… والتي حضرها نشطاء ارتريون وتابعوها عن كثب في غياب يبدو انه متعمد من ممثلي النظام لحالة الاحباط التي يعاني منها، حيث اكدت المداولات توافق الاعضاء حول محتواها وان تمريرها، حسب النشطاء الارتريين، خلال انعقاد المجلس في الايام المقبلة وبالتحديد يوم الجمعة القادم في شكل قرارات باتت مسألة مفروغ منها. وللتذكير يمكننا ان نذكر اهم التوصيات التي تقدمت بها لجنة تقصي الحقائق تعميما للفائدة:1- بما ان الانتهاكات في ارتريا تتم بطريقة ممنهجة وفي بئة تنعدم فيها آليات قانونية، طالبت اللجنة بتطبيق دستور عام الف وتسعمائة وسبعة وتسعين، متجاهلة دستور النظام الذي وعد به الطاغية اسياس ب في عام الفين واربعة عشرة.2-اطلاق سراح السجناء والمعتقلين.3- انهاء الخدمة الوطنية مفتوحة الاجل. 4- انهاء ممارسة التعذيب في السجون والمعتقلات.5- احترام حرية التعبير والحركة والمعتقد وغيرها من الحريات العامة.يوم الرابع والعشرين قدم السيد مايك اسميث رئيس لجنة تقصي الحقائق حول حقوق الانسان تقرير اللجنة اكد فيه على انتهاكات جسيمة وواسعة الانتشار وومنهجة لحقوق الانسان ووصفها بأنها نادرة الحدوث في اي مكان بالعالم مما ينبغي عدم الاستمرار في تجاهله من قبل المجتمع الدولي.الموضوع الآخر الذي برز لحد كبير واخذ حيزا كبيرا من اهتمام الحضور هو تأكييده على ان بعض الانتهاكات التي تمارس في ارتريا ربما ترتقي لجرائم ضد الانسانية وذكر من ضمنها التعذيب والقتل خارج الاطر القانونية وكذا الاعمال الشاقة التي تمارس بإسم الخدمة الوطنية ، وطالب المجلس بإتخاذ الاجراءات الكفيلة لضمان اكمال التحقيق والتأكد من حدوث جرائم ضد الانسانية… وهو ما يعني خلق اليات جديدة وفق صلاحيات الزامية بغية التحقق من حدوثها.اكدت الدول التي خاطبت المجلس يوم الرابع والعشرين عن انزعاحها العميق بما ورد في التقرير حول انتهاكات ترقي الى جرائم ضد الانسانية، وطالبت جميعها – عدا ممثل الصين الذي تقدم بخطاب مائع- باجراء التحقيقات اللازمة للتأكد منها واعلنت تضامنها مع اعضاء اللجنة الذين تعرضوا الى تهديدات من مؤيدي النظام وهو موضوع جاري التحقيق فيه من قبل الشرطة السويسرية. كما طالبت النظام بالتعاون مع اللجنة وتطبيق قرارات المجلس وتوصياته. النظام ممثلا في السفير تسفاميكئيل قرهتو،استخدم الفاظ سوقية لا تليق بالالفاظ المستخدمة في المجلس من اساءة مباشرة لاعضاء اللجنة، فضلا عن تشويهه للجنة قائمة بموجب ميثاق المجلس كقوله بأن لها اجندة سياسية خفية، واستنكر رئيس المجلس اسلوب ممثل النظام والفاظه ووبخه عليها وحذره من استخدامها مرة اخرى.في الرابع والعشرين ايضا خاطب المجلس نشطاء المنظمات الحقوقية الارترية الذين شاركوا في الدورة منذ بداية انعقادها، وهم :السيد سليمان حسين ممثل منظمة سدريالسيدة السا جروم من المنظمة الارترية المهتمة بحقوق الانسان السيدة سلام كيدانى من منظمة ريليز ارترياالذين عبروا عن تأييدهم للجنة وتقريرها كما طالبوا بالمزيد من التحقيق فيما اورده رئيس اللجنة عن احتمال حدوث انتهاكات ترقي لجرائم ضد الانسانية في ارتريا وطالبوا باتخاذ كل الاجراءات التي تضمن تطبيق التوصيات المقدمة من اللجنة. في هذا السياق ادان السيد سليمان حسين في خطابه امام المجلس، التهديدات التي تعرض لها اعضاء اللجنة من قبل مؤيدي النظام وقال انها لا تختلف عن الجرائم والانتهاكات التي يقوم بها في داخل الوطن.كما خاطبت الدورة المقرر الخاص بحالة حقوق الانسان في ارتريا السيد شيلا كيثاروس بتقديم تقريرها الذي لم يختلف في مضمونه عن تقرير لجنة تقصي الحقائق وبنفس الطريقة اكدت الدول الاعضاء عن تأييدها لها، معبرة في نفس الوقت عن انزعاجها بحالة حقوق الانسان في ارتريا وطالبت النظام بالسماح لها بزيارة البلاد للتحقق والوقوف على حالة النسان في ارتريا.كل الدول الاعضاء التي خاطبت المجلس ادانت عدم تعاون النظام من لجنة تقصي الحقائق والمقرر الخاص.. وجددوا مطالبتهم للنظام بالتعاون مع الهيئات الاممية كما تنص عليه لوائح منظمة الامم المتحدة.ملحمة جنيف اكدت بما لا يضع مجالا للشك ان قوى التغيير في ارتريا، مطالبه بالتحرك السريع في ثلاث محاور مهمة اولها بالطبع تنسيق جهودها في الارتقاء بالعمل الجماهيري الى مستوى تطلعات هذه الجماهير، بمعني عليها تناسي خلافاتها والتحرك السريع لتضييق نقاط الخلاف وتطوير نقاط الالتقاء ووضع خارطة طريق سياسية تصلح لهذه المرحلة والمرحلة التي تعقب سقوط النظام.المحور الثاني هو محور الاعلام .. لا شك ان الاعلام المهاجر لعب دورا هاما من خلال عكسه لمعاناة شعبنا ونقد حالة قوى المعارضة وابتعاده عن المهاترات خلال الفترة الماضية وهي محمدة تحسب عليه رغم بعض النشاز الذي يحاول ان يعيش الحاضر بنظرة الماضي التعيس. فعليه في هذه المرحلة تقع مسئوليات جد عظيمة مما يحتم عليه التحرك السريع لضبط اليات معينة تعينه على القيام بمسئولياته بصورة فعالة. حيث على القائمين على كل المواقع الاعلامية والصحفيين والكتاب والمثقفين خلق اطر تنظيمية معينة من خلال عقد لقاءات تشاورية في اسرع الاجال، فضلا عن البحث السبل الكفيلة بتوصيل رسالة ملحمة جنيف والاجواء الايجابية التي خلقتها الى العالم عبر خلق قنوات مشتركة والتباحث حول كيفية اختراق الاعلام العالمي عبر العناصر الاعلامية المتعاطفة مع قضايا شعبنا وما اكثرها في هذه المرحلة. المحور الثالث الذي ينبغي على قوى المعارضة ان تهتم به هو المحور الدلبوماسي ، حيث لم يعد من المجدي عقد هذا التنظيم او ذاك لقاءات بمسئولي هذه الدولة او تلك بشكل انفرادي، لان التاريخ يحدثنا بأن العمل المنفرد يبقى دون جدوى عكس التنسيق وخلق اليات جامعة لقوى المعارضة تنشط بإسمها جميعا وهو اقل ما ينبغي ان تفكر هذه القوى وذلك بغية الاستثمار الافضل للواقع الجديد الذي اعقب ملحمة جنيفا.ما تبقى هو ان ملحمة جنيف تعد اكبر مظاهرة شهدتها المدينة في تاريخها من حيث العدد الكبير الذي شارك فيها وهي اول مظاهرة تعكسها وسائل الاعلام السويسرية لان المعروف عن جنيف انها مقر المظاهرات حيث لا يخلو يوم الا وتستضيفه فيه لمظاهرة ما ولا تعتبر المظاهرات في حد ذاتها حدثا اعلاميا بالنسبة لجمهور هذه الوسائل، عكس هذه المظاهرة التي امتلأت بها شوارع المدينة وشهدها اوسمع بها اغلب سكانها مما شكل شكل حدثا كبيرا في المدينة ودفع الاعلام بتناولها ضمن برامجه الاخبارية والتحليلية. الشكر لابناء وطني على هذه الملحمةولك المجد يا شعبي يا قاهر الظلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى