مقالات

نداء لتأسيس تنظيم سياسي جديد..مختلف، لماذا؟ وكيف؟

عبد الله الشريف

في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة من مسيرتنا السياسية، التي اصبح عندها استمرارية الكيان الإريتري كدولةٍ مستقلةٍ ذات سيادة، وبلدٍ مُوحدٍ أرضًا وشعبًا مهدد، ليس من الطامعين والأعداء التاريخيين كما تعود، بل من أهله هذه المرة، وذلك بالفشل المستمر والتمسك به من قبل الجماعة الحاكمة ومن لفّ لفهم من الأنصارِ والتابعين من الرفاقِ هذا من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى التفكير الخاطئ المغلوط، الناتج عن قصورٍ في الفهمِ والتحليل للواقع الاريتري من المهتمين بشكلٍ عام، سيما عدم رؤيا سياسية واضحة من قوى التغيير، ترقى إلى مستوى التحديات المصيرية التي يواجهها الوطن هذه الأيام، فضلاً عن ظاهرة التضليل والوعود الكاذبة المبالغ فيها عن الواقع الاريتري البائس، من قبلِ أنصار النظام الجُدد، الذين تفوقوا على السلطة الحاكمة في هذا الأمر، وهي مسألة خطيرة تدعو إلى الانتباه الشديد!!، فالسلطة لم تُحسن شيئًا في حكمِ البلاد على مدى ثلاثة عقود من الزمان، كما أحسنتْ فن..التضليل.


وفي هكذا أجواء سياسية استثنائية بكل المقاييس، ورغم كثرة التناظيم السياسية المقاومة للنظام، وغيرها من الجماعات والأفراد هنا وهناك، التي نراها تمارس في أحسنِ حالاتها شيء أقرب إلى  الترف السياسي، وفي حالات كثيرة نجدها غارقة فيما يشبه الدروشة السياسية، حيث الاستسلام والتسليم  للأمر الواقع على أنه شيء مُقدر، على أملٍ أن ينصلح الحال في المستقبل، وكأن هناك وعي بالمستقبلِ وآفاقه!!. أو على فرضية ان المجهول هو الأسوء..وهو الأخطر، وكأن الحاضر لم يكن هو السيء الأسوأ..الأخطر!!. حالة من التخمينات، ومن الفرضيات يعيشها الكثير منا هذه الأيام، خاصة بعد الحرب الأخيرة في المنطقة، بل اصبح البعض يتعاطى معها على أنها حقائق وليست أشياء من صنعِ خيالهم، وعقولهم التي يبدو أنها لم تصل إلى مستوى من الوعي، يجعلها تستوعب التغيير.


وبقراءةٍ حصيفة وعقلانية للتاريخ، وتحليلٍ موضوعي للمشهد السياسي الإريتري الحالي المتعثر لعقود وعقود، وبالوقوفِ قليلًا مع بعض الحقائق التاريخية. بدءًا (بالجماعة_الثورية_الحاكمة) في إريتريا، التي استمدت شرعيتها من الثورة منذ أكثر من ثلاثة عقود، وهي الحقيقة الثابته في المشهد، التي لم تتغير بعكس طبيعة الأشياء. فشلت في بناء دولة المواطنة في بدايات الدولة الوطنية، حيث كانت الأجواء حينها..مهيئة، وذلك بسبب (غرور قادة الصف الأول فيها، وضيق أفق كوادرها السياسية الصاعدة)، التي كانت وما تزال أراها عاطفية، شأنها شأن الكثير منا (عاطفي جدًا). فبقدر ما فشلت سياسيًا في البدايات، فشلت عسكريًا لاحقًا في عشريتها الأولى، واستمرت في فشلها بذات القوة والتمسك، والإصرار عليه لعشرينيه أخرى “إذا صح هذا التعبير”. إلا نفرُ قليل منهم، سجل موقفًا وطنيًا حتى لو جاء متأخرًا، لكنه يسحق التقدير والاحترام، من كونه كان بُطوليًا بالدرجة الأولى، وكان مُكلفًا.ولكن، ولأن الأمور تُقاس بمآلاتها، ولأن جميعنا يعرف ما آلت اليه الأمور في بلادنا، التي عُرفتْ ببلادِ الحربِ الموتِ والتشردِ للأسف الشديد. ولأننا معنيون بالأمر أقول: لأولئك الذين يتحدثون عن الإصلاح، وعن التفاؤل المزعوم. هناك من الأشياء ما يكمن إصلاحها، والعكس بالعكس، وأن هذه (الشلة) الحاكمة، وصلت في فسادها واستبدادها إلى الحد الذي اصبح فيه (النظام والفساد) جسمُ واحد لا يمكن فصل بعضه عن بعض، ولا يمكن إصلاحه بأي شكلٍ من الأشكال.فإما قبوله كما هو بفساده وعلاته، والتعامل معه ومع ثقافته الاستبدادية المُتأصلة المتجددة باستمرار، وكأنه هو الطبيعي. أو رفضه رفضًا كاملاً، وتفكيك منظومته الفاسدة إلى أجزاءٍ وأجزاء، ورميها بعيدًا حتى لا تُفسد ما تبقى!!..


الخيارات هنا واضحة، لا تحتاج الى مدارسٍ لمحوِ (الأميةِ) حتى يُدرك المرء خطورتها. نحن نتحدث عن نظامٍ،  وعن شلةٍ تعيش بيننا تأكلُ وتشربُ..وتحكمُ، وأخذت من الفرصِ القدر الكافي (ثلاثة عقود) حتى تُصلح من حالها، أو تقبل مُحاولات نُصح الإصلاحيين الأوائل، بالحديث الهادئ مراتٍ ومرات “أحمد القيسي”، وبالصبر الجميل آلاف المرات من الغالبية العظمى، وهي (أي شلة أسمرة) لم تعبأ لا بنصحِ الرفاقِ، ولا بصبرِ المساكين. إنه غرور المتكبر المستبد الذي يحمل في طياته كثيرُ من الجهلِ، وكثير من..الإنكار!!. 
أسياس أفورقي في كل مراحل حُكمهِ كان وما يزال مُغامر بالدرجة الأولى أكثر منه سياسي، ينتهى من مُغامرةٍ تُفقدته كل شيء، ليبحث عن أخرى جديدة في محاولة للتعويض، حتى عُرفتْ الدولة الإريترية، بدولة الحروب والمغامرات، وعُرف الرجل (أي أسياس) محليًا وإقليميًا وكذلك دوليًا بالمغامرِ الذي لا يسطيع العيشَ بدون حربٍ، وبدون عدوٍ. فكيف يمكن الحديث عن إصلاحًِ رجلٍ وجماعةٍ ظلت تعبث بالحكم ، وبالبلاد واهلها، وبمنجزاتها الوطنية التاريخية لثلاثة عقودٍ..وأكثر. عن أي مفهومٍ للإصلاح تتحدثون أيها الإصلاحيون؟ وعن أي تبّاشير وتفاؤلٍ تُبشرون أيها..المُصّفقون؟!!.
لكن، يبدو أن هناك فريقان:فريق لا يفصل بين السيادة والاستبداد، وليس لديه اشكالية في التعامل معه، والعيش في جمهوريات الديكتاتوريات بأريحية. أو هكذا يبدو الأمر. وفريق آخر يفصل تمامًا بين الأمرين، يرفض الاستبداد، ولا يرى سيادة في وجود استبداد وظلم وقهر، ومصادرة لجميع حقوق الأنسة..وكذلك المواطنة. هذا موقف، وذاك موقف آخر مخالف، والنقاش حول الموقفين لا يمكن تسميته نقاش سياسي جاد، الغرض منه الوصول الى شيء مشترك. بالعكسِ نحن مختلفون، وإختلافنا هو في المباديء، وهذه مرحلة متطورة ومُعقدة من مستويات..الاختلاف.
في المقابل (قوى التغيير) أي المعارضة كما يُفضل البعض أن يسميها، جميعها دون تمييز، وبلا استثناء هنا لأحدٍ، ومع احترامنا الشديد للجميع، وتقديرنا لمحاولاتهم المستمرة، وصمودهم طول هذه المدة، الحقيقة أنهم لم يُوفقوا للأسف الشديد في تحقيق التغيير المطلوب، الذي لم يكن غير التخلص من هذه الجماعة التي أفسدت كل شيء جميل حلم به شعبنا، كخطوة أولى في مسار التغيير. وأنا هنا لستُ بصدد تقييم هذا أو ذاك، فتلك مسألة متروكة لأهل البحث والدراسة من الأكاديمين والمُختصين بالأمر. ولكن كان لا بد من الإشارة الى بعض الأسباب التي جعلت من عمل (قوى التغيير)، التي كانت تخرجُ من تحالفٍ لتدخل في آخر، ومن مُؤتمرٍ لتدعوا  لمُؤتمر ثاني دون أن تحقق أي نجاح يُذكر، يقودها إلى نجاحات ومكاسب سياسية أخرى أكثر تطورًا. وبعيدًا عن الدخول في تفاصيل بعض الجماعات وخلفياتهم السياسية/الثقافية والمعرفية، وبعيدًا عن مستوى المتابعة والتدقيق للتطورات السياسية على جميع المستويات محليًا وإقليميًا ودوليًا وعدمها أو الاستفادة منها. يكفي القول أن عمل (قوى التغيير) كان عملًا سياسيًا..ناقصًا، وكان عفويًا وعاطفيًا في كثيرٍ منه هذا إذا أحسنا الظن به، وكان بعيدًا عن نبض الجماهير، وعن حركة وتطور الشارع. وحتى عن الفعاليات والتظاهرات التي كانت تحدث بين الحين والآخر في الخارج هنا وهناك، وهي في الواقع محاولات أفراد او جماعات محدودة، أكثر منه عمل مؤسسي مخطط له، علمًا بأن فعلها وتأثيرها ما كان يتجاوز الشارع الذي تبدأ عنده، لتنتهي بنقاشات غرف الزووم (مع أهميتها)، وتموت هناك. فضلًا عن أن الكثير من التنظيمات والتكتلات السياسية لم تكن منسجمة فيما بينها، وكذلك في تحالفاتها، وأيضًا أن بعضها لم يكن مُتسقًا مع المبادئ والشعارات التي كانت تُرفع هنا وهناك، بالعكس كان كثير التخبط، والعبث الشديد. قد تبدو هذه المسائل ثانوية للبعض، لكنها في الواقع هي أساسيات العمل السياسي (الثوري_المقاوم)..الناجح. وللأسف الشديد حتى الآن ليس هناك في المشهد ما يمكن أن نقول عنه أنه..مُختلف.
وعن مبادرة الكاتب والمستشار الإعلامي/أحمد حسن نافع  (نحو ثورة اللاعنف والتغيير..الناعم) أقول: أنا لا أُزيعَ سرًا إذ أقول مبادرة الأستاذ كانت أحد الأسباب المهمة والضرورية التي جعلتني أخرج الى الناس بفكرة النداء لتأسيس تنظيم سياسي جديد. من كون أن المرحلة في حاجة الى مبادرات جادة من شأنها تغيير هذا الواقع البائس الأليم هذا بشكلٍ عام. وبشكلٍ خاص المبادرة كفكرة، ومشروع يُعتبر شيء متقدم جدا وضروري، ليس لهذه المرحلة وتعقيداتها فقط، بل لكل المراحل، فنحن رغم أن قضيتنا هي سياسية بالدرجة الأولى، لكن في جانب كبير  منها لها علاقة شديدة بالوعي لدى الأمة الإريترية. وهي (أي عملية الوعي) عملية مستمرة، التأسيس لها بشكلِ علمي ومُمنهج شيء مهم، يجب الاهتمام به، وتشجيعه ودعمه طالما ظل ملتزمًا بنشر الوعي، وطالما ظل..مسؤولاً، لأن الكلمة مسؤولية. ومن هنا تأتي أهمية هذه المبادرة واصحابها!!.
ولكن،  في اعتقادي أن الوضع الحالي السياسي الاريتري المتردي جدا، والذي يواجه خطرًا شديدًا في ذاته، جعل من ثورة التغيير، أنها لم تعد ترفًا سياسيًا بعد، بقدر ما أصبحت ضرورة مُلحة، تحتاج إلى عمل سياسي كبير ، وكبير جدًا، يتجاوز في فعله وتأثيره ثورة السلم واللاعنف، فضلا عن أن النضال (السلمي-اللاعنف)من أجل التغيير، يجب أن تتوفر له أجواء ومناخ سياسي،   يوجد فيه قدر من الحريات، ووجود فعلي لجماعة واعية وفاعلة في الداخل، لديها قدر كبير من الوعي بضرورة التغيير، من كون أن التغيير السلمي، وثورة اللاعنف تعتمد (في جزءٍ كبير منها على الأقل) على الاحتجاج والخروج الى الشارع والتظاهر، وكذلك العصيان المدني، الذي هو ارفع درجات الاحتجاج، والأكثرُ تأثيراً. وقبل كل هذا لا بد من ثقافة التضحية أو شيء منها، لأن كل التجارب البشرية أكدت أنه لا تغيير، بدون تضحيات، وتضحيات كبيرة أحيانًا، وأنا لا أعتقد أن هذه الأجواء السياسية (من حريات وجماعة فاعلة ووعي كافي….) متوفرة في الداخل، . ومن باب تنشيط الذاكرة فقط أقول: ( طرد العقول، وتفريغ البلاد من القوة الفاعلة، وكذلك التجريف السياسي لم يكن محض صدفة ).
أعود وأقول مشروع الأستاذ (نحو ثورة اللاعنف، والتغيير الناعم) مشروع مهم جدًا، ولكن وحده، وفي هذه المرحلة الحساسة الشديدة التعقيد، لا أعتقد أنه كافي لتحقيق تغيير سياسي حقيقي، ونحن إذ ننادي بتأسيس تنظيم سياسي جديد الآن، لا نختلف كثيرًا مع المشروع (التنويري) في الغايات على الأقل، بالعكس نحن متفقون، وان اختلفنا في الآليات والوسائل ، وهو شيء مشروع في العمل السياسي. 
وبعيدً عن توقيت الدعوة إلى (التغيير الناعم!!) وعن تفاصيلها التي لم تبدأ بعد، هي فكرة تبدو أشبه بمشروع(حركة تحرير إريتريا) مع الفارق طبعًا، لكن، وهذا رأي شخصي: لو كانت (الحركة) واصلت في مشروعها بشكلٍ منفصل مستقل، داعم للكفاح المسلح، الذي كان خيارًا استراتيجيًا حينها، بالتأكيد كانت ستساهم في سرعة نشر الوعي لدى الأمة الإريترية..حينها، وبالنتيجة  كنا قد إختصرنا من الوقت الكثير، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كنا قد أسسنا للعمل السلمي من أجل التغيير، ولأصبحت (السلمية_اللاعنف) ثقافة التغيير عندنا. ولكن لكلِ مرحلةٍ ظروفها واحتياجاتها،  والمرحلة الحالية في إريتريا تحتاج إلى عمل سياسي كبير وجاد أكثر من أي شيء آخر، كما كان الحال..بالأمسِ، وما أشبه اليوم بالبراحة حتى ولو بدى..مُختلفًا.


انطلاقًا من هذا الفهم قراءةً وتحليلًا أقول: أن الساحة الإريترية، والمشهد السياسي الاريتري لم يكن في حاجة كما هو الآن إلى تأسيس تنظيم سياسي جديد مُختلف، قوي مُؤثر ، شديد التأمين. يُحدث انقلابًا، وثورة على هذا التراجع الغير مسبوق، وعلى جميع المستويات، السياسي الثقافي الاجتماعي، وكذلك على مستوى المفاهيم والثوابت. تنظيم مدخله وطني خالص..ومُوحد، تنظيم قوى في الطرح والآليات والخطاب، تنظيم بصفاتٍ ومواصفاتٍ شديدة الوطنية وشديدة الحساسية، تنظيم يُعرفُ بالقوةِ والحزم، وثبات الموقف وحصافة الرأي هذا أولاً، وثانيًا بالشفافية والوضوح في كل شيء، سيما الموقف الشديد من الجماعة الحاكمة، كثابت وطني لا يقبل النقاش والمساواة، حتى لو أدى ذلك إلى الاختلاف مع جميع القوى السياسية الاريترية أفراد أو جماعات تتماهى بشكلٍ او بآخر مع النظام وسياساته الخاطئه، التي أصبحت هي المهدد الأول والرئيسي لمستقبل البلاد ومصيره، بالاستهبال والتساهل مع قضايا الوطن المصيرية كما هو الحال مع الشلة الحاكمة، أو بالكذب والتضليل الذي أصبح هو الحالة الطبيعية عند الكثير من الإصلاحين الجدد هذه الأيام، الأمر الذي يجب أن يواجه (أي التضليل واصحابه) بجدية وحزم، وبذات القوة التي يواجه بها النظام الفاشل..واستبداده.
قد يرى البعض الحديث عن تنظيم سياسي جديد شيء من عجائب الأمور، الم يكن درب من الجنون، من كون أن الأمر ليس جديد، وأنه تكرر كثيرًا، وأنه كان كل جديد فيه يبدأ من حيث بدأ القديم وليس العكس، ويسير في ذات المسار، مجربًا المجرب، ومكررًا المكرر، ليصل إلى ذات النتائج، وهي تعثر المحاولات في أحسن الحالات. هذا صحيح، بل هو واقعنا السياسي المرير للأسف الشديد، لكن، ألم يكن هذا الأمر في ذاته، بمراراته ونتائجه التعيسة، ومساره البائس سببًا كافيًا، يجعلنا أن نأخذ المسألة بجدية واهتمام أكثر، لأنه ببساطة جدًا يبدو أن التنظيم الذي سيغير النتائج، متبعًا اسلوب تفكير وتعاطي جديدين لم يأتي..بعد!!. او هكذا يبدو.
وقد يسأل آخر قائلاً: هل هذه دعوة إلى تنظيم سياسي جديد، أقول: لطالما لم تُوّفَقْ جميع قوى التغيير حتى اللحظة (دون استثناء) في إحداث التغيير المنشود، ولطالما نحن لم نستطع تغيير عقلية وتفكير القيادات السياسية، ومن يتقدم الصفوف من قوى التغيير، فالأمر الطبيعي هو أن تنفصل الجماعة الجادة، عن هذا المسار الذي لا ينتهي ولا يقود الى شيء، وعن تلك العقول التي لم يعد لديها ما تقدمه لمسيرة التغيير، لتبدأ بدايات أخرى  جديدة مُنفصلة، بخطاب سياسي جاد وحديث، بعيدا عن تلك الأجواء السياسية التي أصبحت لا تتناسب ومستوى التحدي والحاجة، سيما التطلعات.والحقيقة أن مسألة تأسيس تنظيم سياسي جديد منفصل ليس إختراعًا جديدًا نبدأه نحن، بل حدث من قبل ويحدث كل يوم في كل التجارب البشرية، بما في ذلك تجربتنا النضالية/السياسية، الفرق دائمًا كان يكمن في التزام وجدية وثبات الموقف عند هؤلاء، وعدمه عند الآخرين، وفي تقديري الشخصي هذا ما ينقص تجارب ومحاولات قوى التغيير القديمة والحالية دون استثناء. (الجدية..والحزم..ثبات الموقف).
أعود وأقول: أنا هنا لا أعلن عن تنظيم سياسي جديد قائم، ولا عن قياداتٍ جديدة وأسماء. هذا نداء الى الناس كافة، وبصفة خاصة هو نداء لأولئك المهتمين بالشأن العام، أصحاب المعارف (المعرفة) والقدرات، والشخصيات المسؤولة المؤثرة أن تقوم بدرها الطبيعي، وتتحمل مسؤولياتها، فالأمر لم يُعد يُحتمل بعد، وأن الشعب الإريتري وصل الى الحد الذي لا يحتمل فيه الاستمرار في كهذا سيناريوا مُتكرر، يسميه البعض فعل سياسي، وهو في الحقيقة أقرب إلى الدروشة السياسية منه إلى عمل سياسي..مُؤثر.
لهذا أقولها صراحةًمرحبًا بالتنظيم  السياسي الجديد، ومرحبًا بأي قوى سياسية حديثة تطرح نفسها كبديل أفضل، تقاوم النظام الفاشل وتحارب استبداده من جهة، ومن جهة أخرى تواجه وتتصدى بكل الوسائل المتاحة، وبما لا يتنافي مع ما أتفق عليه وطنيًا، كل انواع  الكذب والتضليل، والمضللين والمارقين، ومن يحاول الخروج عن الخط الوطني جماعات كانوا أم أفراد باسم الوطن والشهداء أحيانًا، وتارةً باسم الاستقلال والسيادة كما يفعل البعض. فالأمر لم يعد إختلاف في وجهات النظر السياسية، او القراءات والاجتهادات حتى نتناقش حولها، لنختلف في جزءٍ ونتفق في آخرٍ، ولم يعد إختلاف سياسي حتى، كي نحترم فيه اختلافنا كما يقال في العرف السياسي، المسألة أبعد وأعقد من ذلك..بكثير!!.
مرةً أخرى، مرحبًا بالتنظيم السياسي الجديد..المُختلف، ومرحبًا بالقوى السياسي الحديثة، التي تحمل برنامجًا سياسيًا حديثًا، ينطلق من موقفين، كثابت وطني لا يقبل النقاش ولا المساومة:.
1- الموقف المشدد من السلطة الحاكمة لأنها أصبحت تشكل خطرًا على مستقبل البلاد ومصيره السياسي.2-  الموقف المشدد من الجماعة المضللة التي تنشر وعود كاذبة، وتقوم بمحاولات تلميع النظام وفعله، وهو خطر ليس أقل من الأول في تهديده لوحدة الأمة الإريترية ومستقبلها ومصيرها السياسي.
وهكذا تكون (القوى السياسية الحديثة) قد مارست حقها الديمقراطي المشروع، وقامت بمسؤوليتها..التاريخية.  رحم الله جميع شهدائناوالنصر للجماهيرود الشريف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى