مقالات

أريتريا بين الجبهتين «الشرق» «والخلاص».. عبدالملك النعيم

5-Feb-2007

المركز

كانت لدىّ قناعة راسخة ومازالت بأن الجارة أريتريا عندما أعلنت وساطتها بين حكومة الوحدة الوطنية وجبهة الشرق والتي توجت بتوقيع اتفاق في اكتوبر الماضي بالعاصمة اسمرا ولكنه لم يرواح مكانه حتى كتابة هذه السطور لأسباب يتعلق جزء كبير منها بدور الوسيط نفسه..

كانت القناعة راسخة بأن النظام الاريتري عندما أعلن عن قيامه بهذا الدور لم يكن ذلك من اجل السلام في السودان ولم يكن ذلك من أجل تقوية علاقاته بالخرطوم رغم أن أمن الدولتين او أي دول متجاورة مرتبط ببعضه ولكن كانت اريتريا تنظر الى مصالحها هي قبل مصالح جبهة الشرق التي وجدت كرم الضيافة.. من اريتريا في حالتي الحرب والتمرد وحالة المفاوضات الاخيرة وما تلاها ايضاً لان ثلاثي جبهة الشرق مازال يقيم في اريتريا وان كان هناك ما يعني اريتريا من سلام في السودان هو قطعاً سلام وأمن ذلك الجزء الذي يجاورها والذي توجد فيه جبهة الشرق بتنظيماتها الثلاثة. لسنا من الذين يطلقون الحديث على عواهنه لذلك عندما نقول ان الجارة اريتريا لايهمها كثيراً سلام السودان فإننا ننطلق من جملة «تصرفات».. وممارسات للنظام الاريتري تجاه الخرطوم وأول هذا السلوك هو «التعثر» الشديد الذي صاحب تطبيع العلاقات السودانية الاريترية في الفترة التي سبقت إجراء المفاوضات رغم تبادل الزيارات على مستوى عالٍ والوعود بترفيع التمثيل الدبلوماسي لمستوى السفراء. وثاني هذه الشواهد هو عدم إتساق وانسجام المواقف الاريترية تجاه قضايا السودان وبالاخص قضايا السلام فيه بل ليس عدم اتساق فحسب وإنما تناقض وتعارض في احيان كثيرة وخير مثال هو انه في الوقت الذي قبلت فيه حكومة الوحدة الوطنية الوساطة الاريترية بينها وبين جبهة الشرق وأعلن رسمياً عن بداية جولة مفاوضات جديدة بين جبهة الشرق والحكومة في اسمرا في نفس هذا التوقيت ،وكان ذلك في يونيو من العام الماضي ، أعلنت الحركات المتمردة في دارفور والرافضة لاتفاق ابوجا عن تكوين جسم جديد اطلقوا عليه اسم «جبهة الخلاص الوطني» وكانت اجتماعاته وتكوينه ونقطة انطلاقه والتصريح للإعلام ببداية «حربه» على اتفاق ابوجا كان من العاصمة الاريترية اسمرا نفس العاصمة التي سوف تستضيف مفاوضات جبهة الشرق فكيف بالنظام الاريتري ان كان صادقاً في مساعدته لحكومة الوحدة الوطنية في ايقاف الحرب في الشرق وإشعال الحرب في الغرب؟ كيف تكون هذه المواقف متسقة ان لم تكن اريتريا تسعى لأن تكون محطة الضغط المستمر على الخرطوم بمعنى أنها تدعي دعمها للسلام في الشرق وتتبنى حرباً جديدة في الغرب رغم علمها التام ان هذه الحركات المتمردة في دارفور والرافضة لإتفاق ابوجا هي بشهادة المجتمع الدولي ـ الذي لايصدق أبداً ـ هي تعتبر مجرمة حرب ومع كل ذلك تجد الدعم والايواء من اريتريا.. ليت الامر وقف عن هذا الحد فبعد أقل من أسبوعين من اعلان تكوين جبهة الخلاص بدعم اريتري وفيما بعد تشادي ـ شنت جبهة الخلاص هجوماً مسلحاً على حمرة الشيخ بشمال كردفان هذه المرة وليس دارفور تنفيذاً لتهديدها بنقل الحرب لمواقع أخرى خارج دارفور. وكل ذلك يتم بترتيب مع أريتريا فكيف لنا ان نثق في ان اريتريا تريد سلاماً للسودان.. اعتقد ان الجارة اريتريا تتعامل مع قضايا السودان بما يحقق لها هي مصالحها ويحفظ لها وجودها الدائم على مسرح الاحداث.. مناسبة كل ذلك ـ التصريحات الاخيرة التي جاءت على لسان قيادات في مؤتمر البجا وفي جبهة الشرق ـ رغم نفي بعض منسوبي الجبهة لهذه التصريحات ومفادها ان اريتريا مازالت تعرقل تنفيذ اتفاقية الشرق لانها تريد إملاء بعض الشروط على الحكومة ولكن عن طريق قيادات الجبهة الموجودين بأسمرا وتهدف من إملاء هذه الشروط لفرض شخصيات بعينها في الجهاز التنفيذي في السودان حتى تضمن لها وجوداً أكثر تأثيراً في منطقة الشرق وحتى تكون صلتها بجبهة الشرق أكثر قوة الامر الذي رفضه قادة مؤتمر البجا الذين يعارضون سياسات ممثليهم في الجبهة.. فهل بعد أن تم توقيع الاتفاقية في اسمرا بوساطة اريترية وتم شكرها على ذلك هل تريد اريتريا ان تتمدد لما بعد توقيع الاتفاق لإملاء شروط جديدة تسعى من ورائها الى تحقيق اهدافها هي وليس اهداف الجبهة لتضمن بعد ذلك ولاء الجبهتين معا….ً؟؟..صحيفة الوطن السودانية – 4 فبراير2007م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى