مقالات

أسمرا الخرطوم … المصائب يجمعن المصابينَ !!

16-Jan-2007

المركز

تقرير: جريدة الصحافة السودانية
على عكس التوقعات التى اشارت الى انفضاض التقارب الذى حدث (فجأة) بين الخرطوم واسمرا , اخذت الاخيرة تضطرد فى صلتها مع الخرطوم التى كانت تسعى حثيثا فى الماضى الى توثيق صلاتها بها الا انها ظلت توليها الادبار ,

ولا تكتفى بذلك وانما تجتهد فى البحث عن ما يكدر صفو الحكومة السودانية ويقلق استقرارها فى كل الجهات من تحالفها جنوبا مع الحركة الشعبية الى استضافتها لتجمع المعارضة الشمالية واحتضانها لجبهة الشرق ثم الحركات المسلحة فى دارفور , ولم يقتصر سندها لكل هؤلاء سياسيا فقط , وانما كانت توفر لهم قاعدة الانطلاق للعمليات العسكرية ضد الخرطوم .لكن افورقى اليوم اخذ يتحدث بلسان (انقاذى) مبين , وقال لى احد الخبراء فى القرن الافريقى انه سمعه قبل اسابيع فى لقاء بقناة الجزيرة يستميت فى الدفاع عن نظام المحاكم الشرعية فى الصومال وخيار الصوماليين فى تحكيم الاسلاميين فيهم اتساقا مع هويتهم وشخصيتهم الحضارية , حتى ظن الرجل ان من يتحدث فى اللقاء المفكر الاسلامي المعروف حسن الترابى وليس افورقى . الرئيس الارترى بدا جزعا فى الحوار الذى اجرته معه الصحافية اسماء الحسينى ونشر فى (الصحافة) امس الاول من الوجود الامريكى فى منطقة القرن الافريقى , ولم يلجأ الرجل الى اللغة الدبلوماسية فى التعبير عن مخاوفه وانما كان صريحا جدا عندما اشار الى قوى تعمل على عدم الاستقرار فى المنطقة اتهمها بأنها هى التى افشلت مساعيه فى الوساطة بين الحكومة السودانية ورافضى ابوجا , وعندما سئل عن من تكون كان رده : لاتوجد اشباح وانما توجد قوى تعمل فى المنطقة لعدم استقرارها مثلما شاهدنا فى الصومال … من يقصف المناطق الصومالية غير الطائرات الاميركية ؟ ومن يحتل العراق سوى الاميركيين الذين يدفعون الان باتجاه فرض شئ معين على السودان … انهم هم الاميركيون الذين يحاولون زعزعة استقرار المنطقة ويعملون على الانفراد بها، وعلى السودانيين حل مشاكلهم بأنفسهم وعدم الاستعانة بالدول المجاورة وسط تعقيدات اسبابها معروفة للجميع ) . ويبدو غريبا ان يشاطر افورقى الخرطوم فى موقفها (المعلن) من الولايات المتحدة , وهو من كانت تدمغه تصريحات مسؤوليها حتى وقت قريب بأنه يمثل الادارة الاميركية فى المنطقة !!.مخاوف افورقى من الاميركيين واضح انها حقيقية وليست احاديث لدغدغة العواطف العادية لامريكا فى المشرق , فالرجل بدأ يدرك ان اوان تصفية الحساب بينه وبين الولايات المتحدة اخذ فى الدنو . فقد ظل يحكم بلاده بقوة الحديد والنار ويرفض الانصياع للنداءات المتكررة من المجتمع الدولى بفتح المجال امام المعارضين واحترام حقوق الانسان , بل انه تمادى اكثر من ذلك وظل يعتقل اثنين من طاقم السفارة الاميركية فى بلاده لسنوات , الامر الذى جعل حكومته على رأس القوائم التى تصدرها منظمات حقوق الانسان الدولية و على رأس لائحة وزارة الخارجية الاميركية للدول التى تنتهك الحريات الدينية . ويرد استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم , الدكتور حسن حاج على (الانقلاب) الامريكى على نظام اسمرا الى تباين وجهات النظر داخل الادارة الاميركية حيالها , فبينما كانت وزارة الخارجية الاميركية تصنفه ضمن الانظمة السيئة فى العالم , كان البنتاجون يوفر له الدعم السياسى والمادى لاعتبارات متعلقة بأمن البحر الاحمر والحرب على الارهاب , ويضيف بأن تغير قيادة وزارة الدفاع فى امريكا الى جانب ان القوات الاميركية فى جيبوتى التى كانت تحارب بنفسها فى السابق بعد ان اوجدت لها بدلاء قامت بتدريبهم ليقوموا بمهمام ضبط المنطقة مثل الجيشين الاثيوبى واليوغندى ، اضعف اهمية النظام الارترى بالنسبة للولايات المتحدة, وخلص الى ان دور اسمرا انتهى فى المنطقة وآلت المهام الى اثيوبيا بثقلها السياسى والعسكرى . لكن العميد امن (م) حسن بيومى، اوضح لى ان ما لايعلمه الناس ان امريكا لا تستسيغ افورقى منذ ان كان ثوريا معارضا فى السودان , وقال انهم على ايام جهاز الامن القومى سابقا كانوا يعلمون برأيى الاميركيين وتحفظاتهم على افورقى ذى الخلفيات اليسارية , مشيرا الى انهم لم يكونوا يقدمون له اى دعم بينما كانوا يدعمون ملس زيناوى الذى كان يقيم ايضا فى السودان , ورأى بيومى ان صبر الاميركيين على افورقى منذ ذلك الوقت وحتى اليوم راجع الى عدم وجود بديل مناسب له فى ارتريا .وكان الجيش الاثيوبى على وشك اجتياح اسمرا فى الحرب التى استعرت بينهما اخيرا لولا الضغوط الاميركية على اديس ابابا واثناؤها عن ذلك لاعتبارات متعلقة بسياسة امريكا فى السودان , ويرى محللون ان الجفوة بين اسمرا وواشنطن ترجع الى خذلان الاخيرة لحليفتها فى مواجهتها مع جارتها اثيويبا ثم عدم ممارستها لضغوط عليها للانصياع لقرار التحكيم الدولى الذى اقر بأحقية اسمرا فى مثلث بادمى الحدودى المتنازع عليه بين البلدين . لكن يرى كثيرون ان اسمرا تستمد قوتها من علاقتها الحميمة مع تل ابيب التى تقيم لها سفارة كبيرة فى اسمرا , وتعتبر اسرائيل علاقتها بالنظام الارترى مهمة جدا لامنها القومى فى منطقة البحر الاحمر التى تطل على شواطئها دول عربية واسلامية لذا فإنها توفر التغطية السياسية لها فى مواجهة اىة ضغوط دولية قد تتعرض لها , وان اسمرا استطاعت وحتى الان ان تلعب بذكاء على التناقضات داخل المجتمع السياسى الامريكى وتوظيف مجموعات الضغط واللوبيات لمصلحتها .واضح ان خيارات افورقى آخذة فى الضيق وبدا ان الاميركيين ومعهم المجتمع الدولى يضيقون عليه الخناق اكثر فأكثر بجانب عداوته اللدودة مع جارته الكبرى اثيوبيا , لذا فإنه ليس امامه من خيار سوى الخرطوم التى تعانى ايضا من وطأة الضغوط الدولية عليها , فهل يقتنع الرجل متقلب المزاج بأنها ملاذه الاخير ؟.16 يناير 2007م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى