مقالات

التحالف الوطني خيار ضرورة (1- 3) : جمال الدين ابوعامر

12-Aug-2007

المركز

فى الفترة الأخيرة ظهرت أصوات خيرة هنا وهناك تنادى بالحوارالداخلى بين فصائل المعارضة عامة , وتدعو قادةأجنحةالتحالف الوطني أن يبتدروا ذلك بحوار مسئول يفضى بالجناحين إلى مربع ما قبل الافتراق الأخير,

ولقد أحسن قادة الجناحين فى الرد على تلك الدعوات صراحة اوضمنا من خلال إرسال رسائل ايجابية فهمت فى أدنى بشرياتها أن لا ممانعة لديهم للالتقاء من جديد على عمل مشترك جامع ولو على صبغة وشكل جديدين , مما مثلت عندي محفز ايجابي لتعزيز لتلك المطالب من خلال هذه المقالات . مدخل استهلالي:لاشك أن سنة الاصطفاف حول جسم جامع وكيان شامل والتوافق على ميثاق سياسي واحد وبرنامج عمل موحد سنة جديدة على الساحة السياسية الإرترية , حيث خلت التجارب السياسية الإرترية مع طولها من نماذج الكتل والتحالفات وافتقد ارثها النضالي مع عمقه من صيغ التجمعات والمظلات , والتي تنتظم تحت ظلالها تنظيمات عدة , برؤى مختلفة , وباطروحات متباينة , وأحلام متفاوتة, ومواقف متباعدة, مع ذلك تتراضى على برنامج سياسي يحقق أدنى طموحاتها, ويلبى اقل أشواقها ، و تتواثق على التحرك تحت غطاء سياسي ودبلوماسي واحد, كما هو مشاهد فى بعض التجارب من حولنا ( التحالف الديمقراطي السوداني , الجبهة الثورية لشعوب إثيوبيا -اهو دق -, تحالف المحاكم الإسلامية فى الصومال ).أهمية وضرورة التحالف: لا احد يقلل من ضرورة تجميع الجهود المبعثرة , والطاقات المتناثرة والاجتهادات المتنافرة فى بوتقة واحدة, والانطلاق منها إلى الغايات والمقاصد المشتركة , لذلك اعتبر ميلاد التحالف الوطني الإرترى حدثا كبيرا , وخطوة رائدة فى المسيرة النضالية الإرترية و ذلك لاعتبارات عديدة : الأول : ( فى المجتمعات التي تتصف بدرجة ما من التناقضات فى تركيبتها ونشأتها وتطورها و بقوة تأثير الظروف الاجتماعية والجغرافية, , وسيطرة الانتماءات الأولية للإنسان, يصعب نهوض كيانات وتنظيمات جامعة , تحظى بالقبول الصريح الذي يقترب من حد الإجماع, وفى مثل هذه الظروف غالبا ما يواجه المجتمع بإشكالات تعدد وتنوع فى تنظيماته وكياناته ,حتى و إن تطابقت فى أهدافها و تماثلت فى وسائلها لذلك ياتى خيار تاطيرها فى صيغ التحالفات والكتل الكبيرة كمخرج لحل مثل تلك الإشكالات ) . الثاني : ( إشكالات تعدد التنظيمات و الكيانات يفرز حتما تقاطع فى المصالح وتضارب فى المقاصد ,كنتيجة لتباين التطلعات والأحلام , مما يجعل من صيغ التحالف انسب الخيارات السياسية التي يمكن من خلالها البحث عن المشتركات وتلمس نقاط التقاء لتلك المصالح المتقاطعة , والطموحات المتباينة, من اجل الوصول إلى إجماع واسع حول مصلحة الجميع, وان أمكن حول المصلحة العامة والسياسات العامة ) . الثالث : (صيغ التحالف تتيح للتنظيمات الإرترية بكافة مكوناتها العمل يشكل متجاور من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار , تنظيمات التوجهات الفكرية والعقائدية مع التنظيمات الجهوية والقومية, أصحاب التطلعات والأشواق العامة مع اصجاب الهموم والمطالب الخاصة , وبذلك تكون قد شيعت إلى مزبلة التاريخ المفهوم السياسي التاريخي الخاطئ – الساحة لا تتحمل أكثر من تنظيم – إضافة لما تقدم فان التحالف يمكن أن يمثل منبرا هاما للحوار حول الإشكالات السياسية والاجتماعية المعمرة والحديثة والخلافات التاريخية المتراكمة, ومجالا معتبرا لاختبار النوايا والمقاصد وفحص المصداقية والجدية, وذلك من خلال وقوف التنظيمات أمام بعضها سافرة برنامجا وأشخاصا, ورؤى , وطموحا ) .الرابع : ( صيغ التحالف تمثل امثل إطار يمكن من خلاله أن تقدم التنظيمات نفسها للعالم الخارجي فهو يزين صورتها للآخرين- العالم الخارجي – ويبرزها بصورة وشكل مقبولين, كما لو أن شملها مجموع وصفها مرصوص . وكلمتها موحدة ) .الخامس : ( التحالف أسلوب بديل لفكرة الإجماع والوحدة – التي كانت من الأجندة الحاضرة والغائبة فى النضال السياسي الإرترى الطويل – إذ كان العماد الاساسى لمعظم التجارب الوحدوية مجرد مشاعر , وتطلعات عاطفية كانت تعجز على الصمود والثبات أمام الاختبارات العملية , لأنها فى الغالب كانت غير مقصودة لذاتها , بل وسيلة يتوسل بها إلى نقيضها , وكثيرا ماستخدمت الوحدة شعارا لممارسات اقل ما توصف أنها تتناقض كليا مع مضمونها نصا وروحا بل للأسف أصبحت أمضى أسلحة القهر والإذلال , وأنجع أدوات الاستغلال والاستغفال, وانكأ وسيلة لتمزيق الصفوف) التحالف بين الغاية والوسيلة : التحالف مثله مثل التنظيمات المكونة له لا يعدو فى حد ذاته أن يكون وسيلة والية إلا أن هنالك بعض الوسائل والآليات وفى ظروف معينة و لعوامل زمانية ومكانية خاصة ترتقي فى أهميتها وتتعاظم فى أدوراها حتى تقترب إلى حد الغايات وخاصة فى المجتمعات القائمة على التعددات الدينية والثقافية والاجتماعية مثل مجتمعاتنا .برنامج التحالف واولوياته :وبرنامج الحد الأدنى المعلن لدى التحالف الوطني الديمقراطي لا يخلو فى جوهره من السعي لتعديل سلوك النظام القائم , وتغيير سياساته تجاه الحريات والديمقراطية إن أمكن, وإلا يظل خيار إسقاط النظام القائم حاضرا, والإتيان بالبديل الديمقراطي الذي يجعل من اولويات برنامجه السياسي استكمال الاستقلال وبناء اقتصاد وطني وتحقيق التنمية الشاملة , وبناء دولة رائدة تقوم على معادلة سياسية واجتماعية واضحة المعالم , توازن بين الحقوق والواجبات وتستوعب كافة الكيانات السياسية والاجتماعية وفق أوزان ونسب يترك تحديدها لخيارات الشعب الإرترى وإرادته . وبداهة التراضي والاتفاق على برنامج الحد الأدنى لا يعنى إلغاء التنظيمات والكيانات لكينونتها , ولاالتخلى عن برامجها المستقلة ومناهجها المختلفة وأهدافها الخاصة بل يكفي أن تلتف حول هدف رئيسي وتلتزم بالخط العام , ولا يمنع من وراء ذلك أن تجتهد سعيا فى تحصيل مصالحها الذاتية , وتحقيق رسالتها الخاصة ومفهوم التحالف يتفهم ذلك سياسيا ويضفى عليه المشروعية من حيث المبدأ شرط أن لا يتناقض ذلك مع الهدف الرئيسي أو يعيق تحقيقه .رصيد التجربة :بتلك المفاهيم أو قريبة منها خاضت تنظيمات المعارضة الإرترية تجربة عملية استمرت زهاء (9) سنوات بمختلف أشكالها ومسمياتها , الاان جرد دفتر المكاسب والخسائر يكشف بوضوح إنجازات بالغة التواضع,لا ترقى لمستوى الطموح المأمول ولا تتناسب مع حجم التحديات الماثلة أمامه , ولعل من كبرى إخفاقاته هي :v العجز فى خلق صلة حميدة مع الجماهير والإخفاق فى كسب ودها وبالتالي ظهرت فجوات واسعة وشاسعة بينهما, بل هو يبدو للأسف و فى كثير من المواقف معزولا عنها.v الفشل فى تحريك القضايا الأساسية التي نهض للإطلاع بها وفى مقدمتها التسريع بعملية إسقاط النظام , والإتيان بالبديل المرتضاة من كافة مكونات الشعب. عموما قيادة التحالف قد لا تعدم من الأعذار والمبررات ما تدفع به هذه التهم لكن فى تقديرنا تظل هذه رؤية وقناعات قطاع معتبر من الشعب الإرترى , و قد يشاطرهم ذات الراى عدد لا يستهان به من قادة وكوادر التحالف , مرجعين الأسباب إلى ضبابية فى الفكر والرؤية , وقصور فى الوسائل والآليات وربما فتور فى الإرادة والعزم , إلى ضعف فى بنية التنظيمات والكيانات المكونة له .رغم ذلك وجد التحالف القبول والرضا من قطاع واسع ومؤثر من الاريتريين واعتبروه بارقة أمل وفأل حسن, وعلقوا عليه أشواق وامانى عراض , ربما تتجاوز سقفا حدود طاقاته جريا على عادة الشعب الإرترى الذي يبارك دوما كل مبادرات الوحدة , ويشجع كل خطوات التقارب, حتى ولو كان يدرك بحاسته وتجربته السياسية الطويلة أنها قائمة على أسس وقواعد هشة , ولن تقوى على الاستمرار والصمود أمام أول امتحان سياسي , ناهيك أن تثمر ماهو مرجو منها, وتأتى بالنتائج المطلوبة منها . مع ذلك والحق يقال أن فكرة التحالف ( كمفهوم ) تظل إحدى الاشراقات النضالية الجديدة فى ساحتنا السياسية الإرترية , و التي ينبغي التشديد فى الحفاظ عليها والعض عليها بالنواجذ, والحرص كل الحرص على أن لا تتسرب من بين أيدينا لأنها تأسس لإرث مستقبلي جميل قابل أن يعبر بنا محطات الفشل والخيبات نهائيا .ولقد أدرك الرأي العام الإرترى المعارض بمختلف توجهاته السياسية والاجتماعية خطورة التراجع عن هذه( الفكرة / فكرة التحالف ) وقدر باكرا نتائجها الاجتماعية والسياسية السالبة على مستقبل العمل السياسي الإرترى عموما والمعارضة خصوصا , فتقدم برجاءاته ومبادراته بتصحيح الوضع والعودة إلى محطة ما قبل الافتراق.الخلاف فى ظل التحالفات : فى ظل انعدام الثقة بين معظم التنظيمات المكونة للتحالف نتيجة لترسبات ومرارات سابقة , وعدم نضوج الظروف الذاتية والموضوعية لمعظمها , وقصور فى استيعاب مفهوم وطبيعة عمل التحالفات , وحداثة التجربة , وقوع الخلاف وراد ومفهوم. مع ذلك هل يمكن اعتبار نتائج اجتماع أديس الشهيرة (مغالطة بالمفهوم الفلسفي) ( درج الفلاسفة إطلاق مفهوم المغالطة إذا اختلفت النتائج عن مضمون المقدمات وإذا تناقضت المحصلة الأخيرة مع نتائجها الأولية) إلا جماع شبه التام حول الميثاق السياسي بتجاوز فقرتي (4 , 5) الشهيرتين واللتين جعل منهما الكثيرون شماعة تعلق عليها كل الإخفاقات والفشل , والتوافق الكامل على النظام الاساسى , والتصريحات الوردية لبعض قادة التحالف والتي كانت تصف المؤتمر بأنه الانجح فى تاريخ التحالف , والدعم المعنوي الكبير من قبل دول المحور متمثلة فى جلسة ملس زيناوى الشهيرة قبيل انطلاق فعاليات المؤتمر , كل تلك المقدمات الناجحة أفضت خلافا لكل التوقعات إلى نتائج مخيبة للآمال , ومغايرة كليا لمضمونها .بالتأكيد أن الخلاف والافتراق لم يأت عفو الخاطر, ولم يطل من فراغ وإنما له أسباب ومسببات , قد يكون بعضها موضوعي ومقبول , ولكن اللاموضوعية حين تقدم تنظيماتنا السياسية وبإتقان عال تازيم مشكلاتنا الصغيرة و بالدفع بتنا قضاتنا البسيطة إلى محطات البينونة الكبرى.وبالطبع قرانا, وسمعنا , مبررات , ودفوعات , كل الأطراف والمقالة ليست بصدد تصويب مواقف هذا الجناح, وتخطئة الآخر , ولا مناصرة هذا الفريق , ضد ذاك إدراكا منها أن ذلك ليس بالسهل ولا باليسر , فإذا كان قادة أطراف التحالف بكل خبراتهم السياسية المتطاولة , وتجاربهم التنظيمية الممتدة, عجزوا فى الوصول لفهم مشترك لتفسير مادة فى النظام الاساسى لم يمر على اجازاتهم لها بالإجماع التام وبالتوافق الكامل سوى ساعات , من باب أولى للمراقبين من النخب السياسية أن يحاروا فى فهم أحداث لحظات المفارقة الأخيرة فعبروا عنها كيفما اتفق بصورة أكدت بوضوح أن العقل الإرترى النخبوى – سياسيين , مثقفين – كتاب – فى حاجة ماسة لإعادة نظر فى طرائق تفكيره , والى تمارين شاقة فى التفكير الموضوعي والتعاطي المنهجي مع الأحداث وصفا وتقسيرا. عموما إن كان هنالك شيء يحسب لصالح قادة أجنحة التحالف فى تعاملهم مع حدث الافتراق هو نجاحهم الباهر فى امتصاص واحتواء حملة التصعيد الاعلامى التي أعقبت الحدث للخروج بأقل الخسائر الممكنة , ذلك فى الوقت الذي حاولت بعض الأقلام الماكرة ولحاجة فى نفسها إحباط الراى العام الإرترى المعارض بإخراج الحدث عن إطاره السياسي والواقعي وإعطائه حجما لا يناسبه من خلال التهويل والعويل وتصوير الحدث كما لوانه آخر محطات نضالت شعبنا وكفاحه , وإرسال إيحاءات شامته ِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى