مقالات

التعديل الوزاري الأكبر في إثيوبيا هل يشكل حلاً نهائياً لمشاكل البلاد؟ بقلم/ عبدالقادر محمد علي

4-Nov-2016

عدوليس ـ ملبورن

بعد ثلاثة أسابيع من إعلان أديس أبابا حالة الطوارئ في البلاد، يفاجئنا رئيس الحكومة الإثيوبية بتغيير وزاري واسع في الحكومة يطال عدداً كبيراً من الوزراء، في أعقاب أشهر متواصلة من الاحتجاجات المتصاعدة في البلاد، اتهمت إثيوبيا مصر وإرتريا بالوقوف وراءها ومحاولة استغلالها لإضعاف الحكومة في البلاد.وتعد الحكومة بصيغتها الجديدة الأكثر تنوعاً عرقياً وتمثيلاً لشعوب إثيوبيا؛ وقد دخل الحكومة بموجب

التغيير الأخير 21 وزيراً جديداً، كان لقومية الأورمو منها نصيب الأسد بـ10 وزراء في مقدمتهم وزير الخارجية الجديد الدكتور ورقنه قبيو بجانب وزارات أخرى يغلب عليها الطابع الخدمي والتقني، كما دخل 3 وزراء جدد من قومية الأمهرا التي تشارك الأورمو الاحتجاجات، وبموجب التشكيل الجديد فإن قومية الأورومو حازت على ثلث مقاعد الوزارة المعدلة، والأمهرا على 6 وزارات بينها منصب نائب رئيس الوزراء، في حين تضاءل نصيب التغراي، التي يتهمها المعارضون بالاستيلاء على السلطة في البلاد منذ عام 1991، إلى 3 حقائب.
وفي دولة متعددة الأعراق كأثيوبيا تعد الأورومو كبرى قوميات البلاد، ووفقاً لتعداد 2007 فقد بلغ حجمها 34.49% من مجموع السكان يدين أكثرهم بالإسلام.
ولا يستطيع المرء إلا أن يربط بين التعديل الجديد والاضطرابات التي يشهدها إقليم أوروميا، منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي أدت إلى مقتل 400 شخص على الأقل، على خلفية مشروع لتوسيع العاصمة أديس أبابا على حساب أراضي الأورومو الذين رأوا في ذلك استيلاء على أراضيهم دون تعويض مناسب، فيما كان تعبيراً عن أزمة أعمق تتعلق بإحدى أكثر مشاكل القارة الإفريقية انتشاراً وهي الاحتجاج على تقسيم السلطة والثروة، والانتقال بالبلاد إلى عملية ديمقراطية حقيقية تشارك القوميات في السلطة من خلالها بحسب ثقلها السكاني في البلاد.
وفي حين يرى مراقبون أن هذه الخطوة من طرف الحكومة الإثيوبية محاولة لتهدئة غضب الحركة الاحتجاجية في البلاد من قبل قوميتي الأمهرا والأورومو بشكل أساسي، فإن الحكومة رفضت ربط هذا التغيير بما يجري في البلاد بشكل مباشر، فقد قال وزير الشؤون الفدرالية الإثيوبي، كاسا تكلي، في مؤتمر عقده في السفارة الإثيوبية في الخرطوم أمس بالتزامن مع زيارته السودان، ن الحكومة الجديدة ضرورية لمواصلة التنمية إلى جانب أن هناك وزارات احتج عليها المواطنون بسبب ضعف أدائها.
كما أن موقف المعارضة الأورومية عد هذا التغيير مناورة ومحاولة لذر الرماد في العيون، فقد صرح زعيم المعارضة الأرومية، مرار غودنا، وفقاً لتصريحات صحافية إنه لا توجد علاقة بين التعديلات الوزارية والمطالب الشعبية نهائياً.
ولئن كانت الاحتجاجات الإثيوبية تذكر دوماً بروح الربيع في الاحتجاج السلمي المدني، فإن تصريح الحكومة الإثيوبية يكشفان عدم قدرتها على التعامل مع الوضع المتفجر بحلول جذرية ونهائية تجنب البلاد أي مخاطر محتملة، بل تتعاطى معه بطيقة تذكر من جديد بتعاطي الحكومات في العالم العربي مع ثورات الربيع العربي من حيث عدم القدرة على النزول عند المطالب الشعبية، وتعمد النزول المتدرج من الشجرة بما أدى إلى أن “فاتهم القطار”، بحسب العبارة المشهورة لعلي عبد الله صالح، كما أن من أوجه التشابه أيضاً الاعتماد على فكرة المؤامرة الخارجية التي تستهدف أمن البلاد واستقرارها بدل الاعتراف بوجود أزمة بنيوية في تقاسم السلطة والثروة بين قوميات البلاد المتعددة، في بلد لا يوجد في برلمانه معارض واحد، بحسب مصادر إعلامية.
على الجانب الآخر يبدو أن المعارضة الأورومية وحليفتها من الأمهرا أدركت قوة الضغط الذي تمارسه على السلطات في البلاد، وربما كان إعلان حالة الطوارئ أحد أكبر المؤشرات على شعور الحكومة بعد قدرتها على ضبط الأوضاع، ليأتي التعديل الجديد ليثبت، رغم نفي الحكومة، أن احتجاجات عام متواصل تؤتي بالفعل ثمارها.
وسواء كان موقف الحكومة الإثيوبية ذراً للرماد في العيون أو محاولة لجس النبض أو بادرة حسن نية، فإن موقف المعارضة الأورومية هو الرد المتوقع من قوة تعي قوتها وقوة التأثير الذي تمارسه على السلطة في البلاد، وبالتالي فهي تعمل على استثمار هذه الخطوة لتوضيح السقف الذي تدعو إليه ولتأكيد أنها لا تلبي مطالب المحتجين، ومن ثم تفتح الباب على استمرار الصراع بين الطرفين على أرض الحبشة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى