مقالات

الحصة الأولى : أوقفوا تهريب البشر وإلاّ الجحيم!! – عبد الجليل سليمان *

5-Mar-2013

المركز

وعندما نقرأ في موقع “عدوليس” الذي يشرف عليه الأستاذ القاص رقيق العبارة عالي المهنية والتجويد “جمال همد”، ثم يطرح ذات الأمر في قصة مؤثرة ومشوقة على صفحات جريدة (الخرطوم) في نسختها الجديدة، الأستاذ “أمير بابكر” بأسلوبه الروائي الساحر، فلا بُدّ لنا كـ(صحافة) أن (نترك النوم ونصحو)، فالأمر أصبح خطيراً جداً، وصارت منطقة (الفشقة) بولاية القضارف مرتعاً للعصابات التي تنشط في اختطاف البشر والاتجار بهم، وابتزاز ذويهم بطلب فدية، أو تهريبهم إلى مصر عبر مسالك صحراوية وساحلية وعرة، بينما نحن كـ(صحف) لا تأتينا سوى (نتف) إخبارية من هنا وهناك.

بالطبع ليس بمقدور (الصحفي) التقصي في هكذا نشاط خطير وهدّام، للأمن القومي ربما يضع البلاد كلها في مهب الريح، بتعرض مواطنين وأجانب مقيمون بصفة قانونية (لاجئون) للاختطاف من بين يدي الدولة داخل قراهم ومعسكراتهم، فإن على الجهات المسؤولة أن لا تحتفي كثيراً بإخفاء الأمر، بل عليها أن تقدم كل الدعم للصحافة وتدعوها للذهاب إلى هناك، وتحت (حمايتها) للتحقيق في الأمر، وإلاّ ستأتي جهات أخرى لتسد هذا العجز الكبير، حينها ستنصب (الحكومة) سرادقها وتبكي على اللبن المسكوب.ما جعلني أتناول هذا الموضوع اتصال هاتفي من أحد القيادات الشابة بجبهة الشرق، تعرض فيه إلى هذه الظاهرة الخطيرة، وحكي بين تضاعيف حديثة قصة مؤثرة، عن نجاة صبيين تتراوح أعمارهما بين ( 15- 16) سنة، بأعجوبة من براثن إحدى العصابات التي اختطفتهما من (خلاء) بلدة (ود الحليو) كبرى بلدات محلية الفشقة.والقصة تقول، إنّ الصبيين كانا برفقة ماشيتهما يعلفانها العشب النابت حول البلدة، عندما دهمتهما عصابة تنشط في اختطاف وتهريب البشر، وطلبت من أسرتيهما فِدية تبلغ (10 ألف دولار)، لكن هذا مستحيل، أليس كذلك؟ بالطبع فشلت أسرتيهما في تدبير مبلغ (خرافي) كهذا، ثم انقطع (حبل المفاوضات) بينهما وبين العصابة، فأنقطع معه الأمل بعودتهما، واعتبرا في رحاب الراحلين.وفي الأسبوع الماضي عاد الصبيين إلى السودان، عادا بمهارتهما الفردية وشجاعتهما النادرة، إذ بعد أن عرفا أنهما في منطقة تدعى (العريش)، قررا أخذ حريتهما بيديهما، ولما أرخي الليل سدوله في ليلة ظلماء، وبعد أن اطمأنت العصابة على أنه ليس بمقدور هذين اليافعين (عقلياً وجسدياً) الهروب، تركتهما يجولان بأغلالهما التي توثق رجليهما داخل (الزريبة)، وبعد جولات عديدة ويوم بعد يوم اكتشف الصبيان بعض الثقوب ومواطن الخلل في محبسهما (الزريبة) المحاطة بأسلاك شائكة، فوضعا خطة محكمة للهروب أو الموت.انتصف الليل وأظلمت (العريش) وادلهمت، خلع الصبيان ملابسهما الداخلية (الفنائل)، وغلفا بهما الجنازير الملتفة على أقدامهما فأسكتا صوتها، وببطء شديد توجها إلى ثقب كانا أحدثاه قبل عدة أيام على السلك الشائك، وخرجا، إلى أن وصلا معسكر للجيش المصري، ثم إلى السفارة السودانية، ثم إلى حيث هما الآن في (ود الحيلو) بين أهلهم.ترى كم من الأطفال والصبية السودانيين واللاجئين، قضوا موتاً أو بيعاً من قبل هذه العصابات الإجرامية، فلماذا لا تُطلق الجهات الأمنية أقلام الصحفـ وتسهل لها الوصول إلى هناك والتقصي والتحقيق عن هذه الظاهرة ما يساعدهم على محاربتها والقضاء عليها، وإلاّ فأبشركم بالجحيم؟ ألا هل بلغت؟ــــــــــــــ* 2مارس 2013م ـ صحيفىة المجهر السياسي السودانيةعمود الزميل عبد الجليل سليمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى