مقالات

الذكرى الـ ( 51) لإستشهاد الطبيب يحي جابر

ليس مستغربا ان تجد إسم ” يحي ” أينما وليت وجهك في أسرة الشيخ جابر عمر أو بلاتا جابر، فقد رج الرحيل المبكر للشاب الدكتور الأسرة رجا وهي التي خرجت توا من فاجعة إستشهاد شقيقة المناضل جعفر جابر عضو القيادة العامة لجيش التحرير، وليس مستغربا أيضا ان يتخذ  المؤتمر الثاني للاتحاد العام لطلبة إريتريا الذي انعقد في بيروت صيف 1972 يوم 31 يوليو يوما لإحياء شهداء الحركة الطلابية الإريترية.

ما بين 32 إبريل 1970 و 31 يوليو 1971م نحو من عام ونصف جسد خلالها الدكتور الشاب مفهوم المثقف العضوي الذي قال بها المفكر الإيطالي غرامشي. 

قبل عام كتب الزميل فتحي عثمان ” أكمل طبيبنا الشهيد عقد الكوكبة النظيم من الأطباء الذي وهبوا حيواتهم فداء للإنسان وحريته وأشواقه في الحرية والسمو: الطبيب تشي غيفارا، الطبيب أوغستينو نيتو الذي قاد نضال شعب أنغولا، الطبيب فرانز فانون الذي قاتل مع الشعب الجزائري وهو القادم من المارتينيك والطبيب الشاب الذي قضى نحبه في سجون نظام جنوب افريقيا العنصري ستيف بيكو. مثلهم كان يحي جابر لا خان بمغريات ولا هان مقابل ثمن. درس في ايطاليا وحاولت السفارة الاثيوبية في روما اقناعه العمل في اثيوبيا وله أعلى المناصب ولكن آثر الحياة مع الرفاق حتى الممات”.

أشقاء يتحدثون عن الدكتور والإنسان :

تقول شقيقته السيدة زينب جابر” لم ولن ننسى ذلك الوسيم فاع الطول، المتفائل الذكي المحب للحياة والمرتبط بحياة الناس ، لذا ليس بمستغربا ان يمنحهم حياته بعد ان منحهم علمه، فقد كان شديد الاهتمام بمن حوله من الأسرة والجيران لذا ليس غريبا ان يمتد ذلك لكل الناس”.

وتضيف يفصلنا نصف قرن عن رحيله الفاجع ومع ذلك هو حاضر بيننا بوسامته وإبتسامته، ويومه المنظم والدقيق الصارم كأن الله خلقه ليكون طبيبا يعطي الناس الأمل بالحياة.. أتذكر هنا انه أعاد الأمل للسيدة الفضلى كلتوم هاشم التي يئست من مراجعات الأطباء بمدينة كسلا ولأسباب طبية وعلاجية كادت ان تفقد بصرها فكانت الوصفة السحرية من قبل يحي لتعود إليها العافية وترى النور.

المهندس المدني عبد الله جابر يتذكر تلك السنوات بوضوح متحدثا لـ ” عدوليس ” عن كيفية معرفة الأسرة بخبر إستشهاد الدكتور بالقول ” في مساء ليس ككل المساءات من شهر أغسطس ١٩٧٠ تم اعتقال الوالد عن طريق وحدة كوماندو ،حيث اصطحبوه الي مدينة تسني وسلموه للجيش الإثيوبي، وبعد ثلاثة أو أربعة أيام تقريبا عرفنا الخبر الزلزال عن طريق الخال أبوبكر حاج محمود مع التنبيه بعدم العويل والبكاء وعدم إقامة المراسم المرعية، كان قدرنا ان نبكيه وحدها نسبة للظروف الأمنية المعروفه”.

“والدنا رحمه الله بالرغم من معرفته سلفا بان طريق النضال يعني النصر أو الشهادة إلا ان الخبر كان ثقيلا عليه، خاصة وهو يشاهد محققي الإستخبارات العسكرية يقدمون له  دليل إدانته، ـ تلك الصورة التي تضمه وريحانة روحه في موسم الحج بالمملكة العربية السعودية ، حيث إلتقيا لآخر مرة، قبيل إلتحاق يحي بالميدان.. تم نقل الوالد بعدها للعاصمة أسمرا ليقضي ستة أشهر في المعتقل دون محاكمة “.

 ويضيف محمد صالح جابر لا أتذكر ملامحه جيدا ولكن ما أتذكره ان الوالد كان يعد العدة لافتتاح مستوصف في مدينة “علي قدر”  ليعمل به يحي، ذلك المشروع الحلام الذي لم يكتمل  تحول فيما بعد لمدرسة إبتدائية  لتحمل بعد التحرير إسم مدرسة الشهيد يحي جابر الإبتدائية.  

السيرة الذاتية:

 الدكتور يحي جابر وحسب ما سمعته وقرأته عن سيرته الذاتية ان الرجل لايملك حياة خاصة ، فحياته مبذولة للعامة، فقد كرس كل حياته للعمل العام وللنضال الذي كان يستعر في بلاده .. وشترك الطبيب يحي جابر عمر مع الطبيب والمناضل الأممي شي جيفارا فكلاهما درسا الطب بنبوغ مشهود وكلاهما سكنتهما هموم العامة وأشتعلت فيهما جذوة النضال وروح التضحية وللأسف خانهما من كرسا حياتهما من أجلهم، فقد وشى البعض بمكان جيفارا ، كما وشى من قدم له العلاج بمكان يحي ورفاقه وكلاهما قاتل حتى النهاية .

تقول سيرته ” من مواليد بلدة علي قدر سنة 1938 وفيها درس المرحلة الابتدائية وانتقل إلى مدينة كسلا ليكمل المرحلة المتوسطة في المدرسة الاميرية الوسطى، وبعدها انتقل إلى مدرسة حنتوب، مدرسة النخبة السودانية في ولاية الجزيرة” حسب ما أورده الزميل فتحي عثمان .
أسس يحيى مع عدد من رفاقه “الجمعية الاريترية الايطالية ومن خلالها لعب دورا هاما في دعم جبهة التحرير الإريترية حيث استطاع ارسال الصحفي الايطالي فرانكو براتيكو إلى الميدان في ذلك الوقت.

هل كان ضروريا ان يدخل  يحي جابر الطبيب اللامع والمناضل الجسور الميدان في ذلك الوقت ؟

لا أملك جوابا وكل الذي أعرفه ان الباسل السمهرى قضى في معركة تشبه تلك المعركة التي قضى فيها جيفارا ورفاقه .. الوشاية والمداهمة وعدم التكافؤ، في 31 يوليو 1972م.

“أيها المتعالي علي التعالي، أيها العالي من فرط ما انحنيت بانضباط جندي أمام سنبلة، ونظرت حزيناً غاضباً، إلي أحذية الفقراء المثقوبة، فإنحزت الي طريقها الممتليء بغبار الشرف .” *

من كلمة محمود درويش في أربعين “تأبين” الشاعر السوري ممدوح عدوان في دمشق، 31 يناير 2006 *

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى