مقالات

الصومال ينتخب رئيسا للبلاد منذ أكثر من عقدين! محمد ابو حامد *

17-Sep-2012

hglv;.

وأخيرا وبعد أكثر من عقدين اختار الصومال رئيسا للبلاد بعد ان ظل يتقلب بين الحكومات الانتقالية ومن مؤتمر إلى آخر منذ سقوط حكومته المركزية عام 1991 بفعل انتفاضة شعبية سرعان ما تحولت إلى حرب أهلية ظلت تطحن عظام الصوماليين لسنوات طويلة ولم تفلح مختلف المبادرات المحلية والخارجية في رأب صدع الأخوة الأعداء والنتيجة كانت دمارا للبلاد وتشريدا وقتلا للعباد وسيادة لقانون الغاب الذي وضعته مجموعة خارجة عن القانون من أمراء الحرب الفاشلين والذي عاثوا فسادا في الأرض واستباحوا كل شيء من اجل مصالحهم ليجعلوا من مناطق الصومال جزر معزولة وعمقوا القبلية في مجتمع يعطي كل ولائه للقبيلة وأشعلوا الحروب الأهلية ورسخوا مبدأ الثأر والانتقام.

وبانتخاب الرئيس الصومالي الجديد وقبله رئيس البرلمان، يدخل الصومال مرحلة سياسية جديدة وهامة لها خصوصيتها البالغة ستحدد مستقبل هذا البلد بصورة كبيرة خاصة وان الوصول إلى هذه المرحلة كانت دونه الكثير من التضحيات والتحديات وعمل متواصل على الصعيدين المحلي والأفريقي والدولي. بيد ان المهمة والتحدي الذي ينتظر الرئيس المنتخب حسن شيخ محمود والذي خرج من ركام الحرب الأهلية لم يكن سهلا باي حال من الاحوال وبإجماع كل المراقبين، حيث تنتظره الكثير من الملفات الشائكة والمعقدة دون شك في سبيل تدشين أسس الجمهورية الجديدة في الصومال وإصلاح ما أفسدته عشرون عاما من الحروب والاقتتال بين فئات المجتمع الصومالي بقبائله وعشائره، مجتمع يعطي الأولوية للقبيلة والعشرية وليس الدولة والوطن الأمر الذي يتطلب الكثير من الحنكة والحكمة لتجاوز حقول الألغام الكثيرة. ورغم السيرة الذاتية الناصعة التي يتمتع بها الرئيس الصومالي الجديد وخبرته الطويلة ولنقل “النظرية” في جذور وأسباب النزاع الصومالي على الأقل من موقع قيادي بها الوزن ، الا ان المهمة الملقاة على عاتقه الآن وبعد ان جلس على الكرسي الساخن ستكون خير اختبار لتطبيق تلك الخليفة الأكاديمية التي يتمتع بها في مختلف ميادين العمل الاجتماعية والإنسانية والأمنية والسياسية والاقتصادية والتنموية، كما ان ملف المصالحة الوطنية في الصومال هو الآخر يعد من أهم القضايا، كي يتمكن حاكم مقديشو الجديد من الإمساك بتلابيب العملية السياسية في بلاده. ومن الأولويات التي تنتظر الرئيس الجديد إحلال السلام والاستقرار في البلاد، كي يتمكن الصومال من العودة إلى حظيرة الأسرة الدولية وينفتح عليه المجتمع الدولي ويكون متصلا بالعالم الخارجي من خلال استقبال البعثات الدبلوماسية الدولية من مختلف دول الإقليم والقارة والعالم العربي ودول العالم الأخرى وفي ذلك أهم مؤشرات الاستقرار الأمني والذي سيكون مقدمة لعملية تنموية طويلة الأمد لا يمكن ان يشهدها الصومال دون استقرار الأوضاع الأمنية فيه.صحيح ان الرئيس الصومالي السابق شيخ شريف استطاع في عامه الأخير معالجة بعض من مشاكل الملف الأمني عبر مساعدة مركزة من قبل الاتحاد الأفريقي ودول الجوار الصومالي في عملية توجيه المجهود في محاربة حركة الشباب العدو الأول لأي عملية سياسية في الصومال، حيث هزمت الحركة في مقديشو العاصمة ومعظم المدن الصومالية لينحصر نفوذها في مناطق أقصى الجنوب الصومالي، لكن يمكن القول ان الحركة لا تزال عنصر مؤثر سلبا على مجريات الأحداث من خلال ما تقوم به من هجمات خاطفة هنا وهناك في العاصمة مقديشو من تفجيرات وهجمات منفصلة بعد ان تقلصت قوتها كقوة مسلحة في الميدان، حيث كان اخر هجماتها القاتلة هو محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس الصومالي الجديد في العاصمة. رغم ذلك فان الخطة الأمنية التي وضعت في عهد الرئيس السابق لمعالجة الملف الأمني لا تزال تحتاج إلى الكثير من الدفع والعمل كي تكتمل، فيما لا تعرف بعد خطط الرئيس الجديد امنيا لمواجهة هذا الخطر الذي يمثله الشباب والمتعاطفين معهم والتي تمثل بإجماع المراقبين الكابوس الذي يقلق مضجع الحكومة الصومالية، خاصة وان الحركة لن تعلن برنامجا سياسيا او مشروع دولة كما لا تؤمن بالحوار للوصول الى الهدف الذي تسعى إليه الا بالقوة والسلاح، وفشلت حتى في إدارة المناطق التي سيطرة عليها على مدى عامين، حيث لم تفلح القبضة الحديدة ي مناطق إدارتها. ان الرئيس الصومالي المنتخب وهو من التنكقراط أي من ذوي الكفاءات والمؤهلات عكس سلفه شيخ شريف المحسوب على التيار الإسلامي في الصومال، أمام تحدي إقناع الرأي العام المحلي والعالمي بجدوى الديمقراطية في الصومال والتي جاءت به الى سدة الحكم بعد عقدين من القتال، وكيف ان الشعب الصومالي جدير بان يعيش كبقية شعوب الأرض في سلام واستقرار وتنمية وبالتالي استقطاب الدعم الدولي والإقليمي لبناء دولة مستقرة في الصومال تتصالح مع نفسها ومحيطا وتبدأ بطبيعة الحال من نقطة الصفر في كل المجالات في إعادة البناء والتعمير والقطاعات الأخرى المدمرة من صحة وتعليم وتأهيل الشباب ومعالجة الظروف الإنسانية الصعبة التي يعاني منها المجتمع الصومالي خاصة النازحين داخليا والمشردين واللاجئين في دول الجوار وغير ذلك من البرامج الإستراتيجية في بناء الدولة الصومالية من جديد والتي سيكون المدخل إليها بحسم الملف الأمني والذي يمهد الطريق لكل ما ذكر. ان الرئيس الصومالي الجديد سيكون أيضا أمام تحدي آخر وهو الحفاظ على وحدة الصومال أرضا وشعبا تحت مظلة الوطن الواحد، حيث لا تزال ما تعرف بجمهورية ارض الصومال تطالب بالانفصال من طرف واحد فلم يترك القادة السياسيين في ارض الصومال باب الا وطرقوه لانتزاع الاعتراف من الأسرة الدولية، لكن كل المنظمات الفعالة في المجتمع الدولي كالأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والإيقاد والاتحاد الأوروبي وغير ذلك تتمسك بوحدة الصومال.والرئيس الصومالي سيكون مطالبا وبشدة التواصل مع ارض الصومال”الاقليم الصومالي الذي يطالب بالانفصال” بحكمة وعبر رؤية توافقية غير منفرة وجاذبة وتقديم ما أمكن من تنازلات في هذا الخصوص لضمان الوحدة الصومالية والاستماع أكثر الى مطالب ارض الصومال، خاصة وان الأجواء تعد مواتية في ظل تهنئة قيادة ارض الصومال للرئيس الصومالي الجديد بفوزه بمنصب الرئاسة، لكن وقبل ذلك ان تتمكن مقديشو من إقناع هرجيسا بجدوى العملية السياسية الجديدة التي تتشكل في الصومال وما ستسفر عنه من نتائج تنعكس على الأرض من استقرار ومصالحة وتنمية اقتصادية واجتماعية.* متخصص في شؤون القرن الافريقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى