مقالات

الفزاعة !؟ : عمر جابر عمر

4-Apr-2011

المركز

الأنسان عدو ما يجهل — تلك طبيعة بشرية فطر عليها الناس والوسيلة الوحيدة لهزيمة ذلك المجهول هى بالحصول على ( المعرفة ). بعد أن تعرف المجهول ستتضح لك أبعاده الحقيقية وستدرك مخاطره وتشخص نقاط ضعفه وبالتالى تكون قادرا على مواجهته والتعامل معه. يصدق ذلك فى حالات مواجهة المواقف الأنسانية العادية واليومية ( حشرا ت – الظلام الدامس – الأصوات التى لا تعرف مصدرها أو سببها … الخ ) وصولا الى مواجهة الفراعنة !

قبل الأحداث الأخيرة فى المنطقة أذا قلت لأى شخص أنه يمكن أسقاط النظام المصرى بالحراك الشعبى كان سيعتبرك ( جاهلا ) بقوانين الصراع وبموا زين القوى وأنك تعيش فى عالم خيالى …الجيش القوى – الأمن المركزى – المخابرات –الأعلام – القدرات الأقتصادية – المؤسسات الدينية والثقافية التى تبرر للنظام وتدافع عنه …وحلفاء الخارج … وبالمقابل هنا ك الشعب ( الغلبان ) الذى لا يملك قوت يومه ولا مأ وى يحميه من حر الصيف وبرد الشتاء … تلك بالتحديد كانت نقطة ضعف الأنظمة ونقطة قوة الشعوب . وصلت الشعوب الى مرحلة ما عادت تخاف فيها من شىء … ماذا ستخسر أكثر مما خسرت ؟ ماذ ا يمكن أن يصيبها – الموت ؟ حسنا ربما كان ذلك أفضل لماذا لا نجربه !؟ … أنكسر حاجز الخوف لدى الشعوب وأنتقل الى الجانب الآخر – الى الحكام ؟ أصبح الفراعنة يواجهون ( مجهولا ) لا يعرفونه ! ماذا فعلوا … لجأوا الى حلفائهم ( الدول الغربية ) يستنجدون بهم ويعملون على تخويفهم من خلال التلويح بالفزاعة !؟ما هى الفزاعة ؟؟ هى د مية تستخدم لتخويف الآخر بهدف حماية الذات – أنها خيال مآتة يستخدمها الفلاحون فى مزارعهم لحماية محاصيلهم من غزو الطيور والجراد. وهناك الفزاعة المعنوية والتى تتمثل فى القصص التى ترويها الأمهات لأطفالهن أذ ا رفضوا النوم فى مواعيدهم المعتادة … ولكن الفزاعة التى تستخدم لتخويف الدول الحليفة هى من نوع آخر : تهديد مصالح تلك الدول وعدم أستقرارها أذا جاء البديل؟ومن يفعل ذلك غير الأسلاميين وخاصة القاعدة !؟ فرعون تونس حاول أن يتملق أوربا ويقول أنه ( حامى الحضارة ) الغربية فى الجزء الجنوبى من المتوسط وهو الذى قمع الحركة الأسلامية … ولكنها كانت بضاعة كاسدة عرضت فى غير أوانها وتعارضت مع قيم ومبادىء لا تستطيع تلك الحضارة تجاوزها أو تجاهلها. فرعون مصر أستخدم نفس الفزاعة ولكن الحركة الأسلامية سلمت القيادة لشباب الثورة وأعلنت تمسكها بالتعايش والتداول السلمى للسلطة ! فرعون ليبيا كان أكثر صراحة ووقاحة – قال أن القاعدة وراء الأحداث وعندما بدأ قصف طائرات التحالف ضد قواته أستنجد بالجيوش الأسلامية بما فيها القاعدة لمواجهة العدوان ( الصليبى ) !؟ أما فرعون اليمن فقد أستخدم عدة فزاعات :# فزاعة أنفصال الجنوب – وهذه أفشلها الحراك الجنوبى بأسقاط شعار الأنفصال من شعارات الحراك الشعبى والتمسك بأسقاط النظام فقط .#-عودة الأمامة – وهذه ثبت أنها سخافات وترهات لم يصد قها حتى مؤيدوه .#- الحوثيون والقاعدة – وتلك معادلات لا تستقيم مع مجريات الأحداث وعلاقات المجتمع اليمنى الأجتماعية –لم يبقى لديه الا التلويح بالقوة والحرب الأهلية …!؟وماذا عن فرعون أرتريا ؟ ما هى الفزاعة التى يستخدمها ؟ بعد الأستقلال أستخدم فزاعة المجاهدين – ولكن بعد أن خسر الغرب وقف الى جانب المجاهدين فى الصومال !؟ بعد حرب بادمى أستخدم فزاعة ( ويانى ) واليوم يردد تلك الفزاعة بصوت عالى وينبرى كتابه ومؤيدوه لتصوير الوضع على أنه خيار بين القبول بالغزو الأثيوبى أو القبول بالنظام الدكتاتورى والدفاع عنه لأنه مهما كان ( مننا وفينا ) !؟أنها معادلة عجيبة وغريبة لا تجد لها توصيفا فى الموسوعات السياسية ولا سندا فى المراجع القانونية ولا تبريرا فى القيم الأخلاقية والمشاعر الأنسانية. أذا أحسنا الظن ببعض الكتاب الوطنيين الذين يروجون لمثل هكذا خيارات نقول أنه قد أختلطت لديهم الأولويات وتداخلت الصورة بحيث تراجعت عندهم قدرة الفرز فى الأشكال والألوان ! لماذا نضع الشعب الأرترى أمام خيارين أحلاهما مر ؟ ألا يوجد خيار ثالث ؟لماذا يضعون الشعب الأرترى أمام خيا رين : الموت شنقا على يد النظام الدكتاتورى أو الموت ذبحا بيد الغزاة ؟؟ كلا … الشعب الأرترى يريد أن يحيا ويجب أن يحيا ويستحق أن يحيا .. سيعلق المشانق للطغاة ..وسيلحق الهزيمة بالغزاة .1- بادىء ذى بدء نحن ضد أى غزو لأرتريا من أى دولة كا نت – ثم أن أثيوبيا لا تستشير أحدا أذا قررت غزو أرتريا ولا حتى المعارضة الأرترية – هذا أذن ليس خيارا أرتريا ولا يجب مناقشته من الأساس.النظام الأثيوبى بحاجة الى أستقرا ر للحفاظ على المكاسب التى حققها حتى الآن :التنمية – الأستقرار السياسى – العلاقات الأقليمية والدولية .. الخ لماذ ا يخوض حروبا لا تعرف نهايتها ؟اذا قامت أثيوبيا بغزو عسكرى لأرتريا ستواجه موقفين :تدخل أقليمى ودولى لوقف القتال ومن ثم تفعيل وتنفيذ قرارا ت المحكمة الدولية حول الخلاف الحدودى بين البلدين .. وهذا ما يريده النظام الأرترى !؟ واذا نجحت فى تغيير النظام الأرترى عسكريا فذلك وضع جديد يحمل الكثير من المفا جآ ت ولن يمكن السيطرة عليه .. أى أن أثيوبيا لن تجد الأستقرا ر والأما ن الذى تقول أنها أفتقدته بسبب النظام الحالى — والتجربة الصومالية خير دليل .أما التصعيد الأعلامى الذى نشاهد فهو محاولة من النظام الأثيوبى لأقناع المجتمع الدولى لممارسة المزيد من الضغط على النظام الأرترى ومحاصرته أقتصاديا وسياسيا – بعبارة أخرى قد تكون ( فزاعة ) تستخدمها أثيوبيا من جانبها أيضا .2- أرتريا أصبحت دولة مستقلة ذات سيادة – عضو فى الأمم المتحدة والأتحاد الأفريقى وبحدود معترف بها من كل دول العالم . نحن لا نعيش فى غابة حتى يتم تغيير الحدود وأجتياح الدول بهذه البساطة – اللهم الا أذا كان النظام الأرترى يريد الدخول فى مغامرة عسكرية يائسة كما فعل فى الحرب السابقة لأنه أصبح فى وضع لا يفقد معه شىء – خسر العالم من حوله وأصبح فى مؤخرة الدول فى كل مجالات الحياة ( التنمية – الصحة – التعليم – حقوق الأنسان – اللجوء …) وقبل ذلك وبعده خسر شعبه. هكذا أنظمة من الصعوبة أن تحلل خطواتها وتوجهاتها وأن تتوقع ما يمكن أن تقدم عليه !؟3- تغيير النظام فى أرتريا هى مهمة الشعب الأرترى وليس أثيوبيا – لا نريد تلك المساعدة ( شكر الله سعيهم ) ! واهم من يعتقد بأن الأثيوبيين يمكن أن يخوضوا حروبا من أجل مصلحة الشعب الأرترى – الا أذا كنا نقتنع بأن قوى التحالف تقا تل اليوم فى ليبيا من أجل مصلحة الشعب الليبى !؟4- أن أقوى سلاح لمقاومة أى غزو خارجى هو أسقاط الدكتاتورية وأقامة نظام العدالة والمساواة ودولة القانون والديمقراطية. العلاقة بين الجبهة الشعبية فى أرتريا والجبهة الشعبية فى تقراى كانت دائما ثنائية بعيدة من رقابة الشعبين ومن غير أخذ رأيهما – منذ تحا لفهما فى مرحلة الثورة ضد جبهة التحرير وصولا الى أعلان الأستقلال وتوقيع التحالف الأستراتيجى وأنتهاءا بحرب ( بادمى ) . الأرتريون منذ الأستفتاء على الأستقلال لم يمارسوا ( التصويت ) !! كان الشعب غائبا ومغيبا من الجبهة الشعبية – لماذ ا يطلبون منه الآن أن يؤيد موقفا لم يشارك فى صيا غته وتحديد أهدافه ؟5- سنقاوم الغزو الخارجى وفى نفس الوقت نقاوم الكتاتورية – التاريخ ملىء بنماذج مماثلة …ليسأل هؤلاء الذين يضعون الشعب الأرترى أمام هكذا خيارات – ليسألوا أنفسهم : أى وطن هو ذلك الذى يحرصون عليه ويدافعون عنه ؟ الوطن الذى سرقه أسياس بعد الأستقلال وقتل وأعتقل وشرد المئات من أبناء هذا الشعب فى سبيل الأحتفاظ بالسلطة فيه ؟ الوطن الذى أصبح لفئة واحدة وتم أقصاء وتهميش بقية مكونات المجتمع فيه ؟ ذلك ( وطن ) ضد التاريخ فى وجوده وتكوينه وأستمراره – تلك دولة حسب تقارير مجموعة الأزمات الدولية والهيئات الحقوقية والقانونية الأقليمية والدولية المتخصصة فى طريقها الى الفشل .أما الوطن الذى نريد ونحرص عليه وندافع عنه – فهو لكل الأرتريين وبكل الأرتريين – مسلمين ومسيحيين – مرتفعات ومنخفضات – بحر وساحل – صحراء وغابة — تلال ووديان …بل أن بعض أنصار النظام يستخدمون فزاعة ( الحرب الأهلية ) أذ ا ذهب الدكتاتور !؟ لماذا – الشعب الأرترى كان قبل أسياس وسيبقى بعده وهذه فزاعة بالية أستخدمها الفراعنة من قبله فى مصر وليبيا واليمن.ولعل أكثر الفزاعات سخفا هى تلك التى يرددها أنصار النظام والذين أصابهم العمى السياسى والصمم العقلى حيث يقولون :أنه لا بديل أذا رحل الدكتاتور !؟ وكأ ننا بحاجة الى سفاح آخر ومغتصب للسلطة – أى أرترى غيور على وطنه وحريص على شعبه هو بديل … الخشية كلها هى أن يأتى ( شبيه ) آخر ويكرر نفس المأساة ..أما البديل نحن على ثقة بأن حواء ( أرتريا ) – ولادة – وقد أنجبت وستنجب من ابنائها وبناتها من يكون قادرا على تحمل مسئولية قيادة هذا الشعب .أذا كان هؤلاء لا يتا بعون ولا يتعلمون من الأحداث التى تجرى حولهم فتلك مصيبتهم ولكنها لن تغير من مجرى التاريخ – النهر يسير فى أتجاه واحد – ولا بد أن يصل الى مصبه.هناك شروط وعوامل يجب توفرها فى أى نظام حتى يكون مؤهلا للقيادة وقادرا على الدفاع عن السياد ة وقابلا للأستمرا ر والحكم :@- أن يكون منتخبا من الشعب وفق دستور يحكم مفاصل الدولة ويجمع الجميع تحت مظلة العدالة والمساواة وحكم القانون – هذا النظام سرق السلطة وفرق الأمة وقتل وشرد الرعية.@- أن يتبع سياسة حسن الجوار مع جيرانه يحترم خياراتهم ويحرص على أمنهم ومصالحهم –هذا النظام أصبح مشاغبا – منبوذا من جيرانه – معتديا عليهم من اليمن الى السودان وجيبوتى …@- أن يكون عضوا أيجابيا فى المنظومة الدولية يساهم مع شعوب العالم فى أرساء قيم السلام وحقوق الأنسان والتعاون الدولى – هذا النظام أصبح متمردا ورافضا لكل المواثيق والعلاقات الأقليمية والدولية.وعرضة للعقوبات والأدانات من الهيئات الدولية والأقليمية.لكل ما سبق فهو نظام غير مؤهل أن يقود – وغير قادر للدفاع عن الحدود – وغير قابل للأستمرار فى الوجود !؟ أنه جسم سرطانى أصاب الوطن وأذا ترك دون أستئصال سيموت ( الوطن ) موتا سريريا ليس بسبب غزو خارجى ولكن بسبب تركيبته وبرنامجه وممارساته ! وأى محاولة لأطالة عمر هذا النظام من خلال الدفاع عنه أو حمايته أنما هى خطوة تساعد من يريد غزو البلاد لأنه سيجد بلدا مريضا غير قادر على الدفاع عن نفسه ! هل نسيتم ماذا حدث فى حرب بادمى ؟ حاول النظام أن يجمع ممتلكاته ويهرب الى الساحل نجاة بنفسه – لم يفتح عليه الله فى تلك الحرب أن يتخذ خطوة وطنية تكون رسالة الى كل الأرتريين مثل أطلاق سراح المعتقلين وفتح حوار مع المعارضة – كلا أنه نظام يفهم الوطن بأعتباره ملكية خاصة .لذا فأن فزاعة ( ويانى ) يجب – أذا كانت صحيحة – أن تجعلنا نسرع فى أسقاط النظام وأنقاذ الوطن حتى نكون على أستعداد لمواجهة الغزو الخارجى !؟ نريد وطنا معافى – موحد – يقرر مصيره بنفسه ويرسم سياساته وفق مصالحه الجامعة وليس مصلحة حزب واحد أو فئة واحدة.الوطن الذى يفهمه ويريده حزب الجبهة الشعبية الحاكم هو عبارة عن ( ضيعة ) خاصة والشعب فى قاموسهم هو ( قطيع ) يساق الى حيث يريدون هم وليس الى حيث يختا ر ذلك الشعب ويريد:حكمتم الناس بلا شرع ولا بيعةظننتم أن الدار لكم ضيعة …دفنتم أحلامنا بلا كفن ..كذبتم على الله والوطنسنحمى الوطن الذى نريد وندافع عنه ضد كل عدوان خارجى .. ولكن قبل ذلك وبعده لا بد من أستعادته من الذين سرقوه ونجعله معافى .. قويا .. موحدا .. واقفا على أقدامه ومتفاعلا مع محيطه .. تسود فيه العدالة والمساواة .. والحرية والديمقراطية. أحيانا قد تسخر الأقدار من البشر وتنقلب الفزاعة الى حقيقة – هل تذكرون قصة ( عمر والذئب ) ؟ عندها يكون الوقت قد فات ويأكل الذئب ضحيته .أكبر وأقوى وأصدق ( فزاعة ) يمكن أستخدامها ضد الفراعنة والطغا ة هى الشعب – التاريخ !أنها الحقيقة الوحيدة التى تبقى وتدوم … وما عداها مجرد فزاعات تزروها الرياح .المعارضون الأرتريون الذين يناشدون النظام الأثيوبى بضبط النفس … أثيوبيا دولة لها مصالح وأجندة وأسترتيجية – لا تتراجع اذ ا كانت قد قررت الغزو .. ولا تفيد مساعى ( الأجا ويد …)ثم لماذا لا تتوجهون بالنداء الى النظام الأرترى ؟ فى اللحظات التاريخية الحا سمة تعرف مواقف الأنظمة التى تعطى الأولوية لمصلحة الوطن على مصلحة حزبها … لماذا لا تطلبون من النظام الأرترى أطلاق سراح المعتقلين وأطلاق الحريات العامة والجلوس مع المعارضة لتكوين جبهة وطنية متحدة لمواجهة الغزو المحتمل … سيقولون لك أن النظام الأرترى لا يستمع الى نصيحة ولا يرى فى المرآة الا وجهه– لماذا تقلقون عليه أذن ؟ أذا كان قلقكم على الوطن – أطمئنوا – هذا الوطن ولد ليحيا .. كيف ؟ ذلك هو التحدى الذى تواجهه المعارضة الأرترية كلها – خذوا زمام أموركم بأيديكم ولا تتركوها للغريب أو لمن ليس هو موضع ثقة –أمسكوا بالقلم والفرشاة لترسموا خطوط وألوان الصورة الكاملة لمستقبل الوطن – الحاضر هو بداية المستقبل و ( كما تكونوا يولى عليكم ) !كان الله فى عون الشعب الأرترى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى