مقالات

المدرسة الثأرية وخطاب المظلومية. بقلم / احمد شيكاي ( ألمانيا)

31-Mar-2016

عدوليس ـ ملبورن

عادةً أي ديكتاتورية تستخدم بطانة معينة لإطالة أمد حكمها، وتأخذ شكل التاثير الجمعي حينما تتماهى هذه البطانة مع طرح الديكتاتورية لغايات إيدولوجية أو عرقية أو إنتصارات ثقافية أومكاسب في الموارد وغيرها , وكل ما إشتدت قبضة الديكتاتورية تآكلت هذه البطانة وتضيق مساحة الخطاب المستقطِب والمحرِض والدافع لذلك،ونتيجة لسوء النتائج أو إسقاطات الديكتاتورية السلبية ينشأ وعيّ ايجابي لمنتسبي البطانة ويتفاعلون في اتجاه عكسي لخطاب ومصالح الديكتاتورية . وهذا التفاعل

العكسي يعتبر سانحة مناسبة للجهات التي تقابل خطاب الديكاتورية لتستقطب المنسحبين من تحت تاثير الخطاب الأحادي الذى أدى الى صناعة وتمكين الديكتاتورية, وهنا تنكشف مدى قوة وتماسك ومنطقية الخطاب الموازي – الذي يقف بالمقابل للديكتاتورية ونهجها – مع الإقرار دائماً، بأن الجميع ليسوا على مسار واحد في الشأن العام وخاصةً السياسي، مهما تطابقت جذورهم الثقافية أو العرقية . من خلال تتبع الواقع السياسي والنضالي الاريتري نستنبط بكل بساطة تأثر الوعي التراكمي لمجموع الشعب وخاصةً الفاعلين والمهتمين بالشأن العام , سواء كان هذا الوعي نتاج برامج وخطاب الجبهه الشعبية كتنظيم ثوري او كتنظيم أوحد حاكم الآن , ويتكئ على حامل اجتماعي وثقافي فاعل ومؤثر في مجريات الوطن وشؤونه، أو نتاج للخطاب الموازي الذي يعتمد على “شيْطنة” خطاب الشعبية كفرضية اساسية يقف عليها ويرمي عليه كل أسباب الفشل وضياع ثمرات النضال وفرص التطور لدولة نتجت عبر سلسلة من التضحيات الجسام , ثم تشهد هذه المجموعات إنشطارات وتضاف لخطاب “شيطنة” الآخر البعيد , آخر قريب , وهو أحد أطراف الإنشطار وإجترار لخطابات المظلومية وتكثيف دور الضحية الذي دوما هو -المفعول به – لينشأ في ظل ردات الفعل الدائمة دون أي إستعداد لتقديم فعل إبتدائي , ينتج ما بعده ويكون سبب الخروج الآمن من كل هذا المحبس التاريخيّ. إذ يخلق خطاب المظلومية قتل روح المبادرة، لأنها تتكئ على رصيد تاريخي إيجابي ولامع ومقارنته بما هو عليه الحال الآن , وهذه المقارنة نفسها تستصحب معها مظلومية نشأت بالتزامن مع التاريخ الإيجابي المسوّر في قيد زماني سابق لا يصلح إسقاطه على الواقع المعاش ولا يمكن ان ينسل من بين ثناياه ما يضمن مستقبل أفضل إذ انه يدور في مدرسة الثأرية ؛لتتخذ من المجموعات الثقافية منصات إنطلاق بديلاً للحزبية التي أوجدت المدرسة ووفرت لها حاضن للخطاب ومساحات تحرك بكل سلاسة وسهولة . عندما يتركز الخطاب على المظلومية وضرورة الثأر كقوائم يقف عليها ،دون دعائم منطقية تصلح كمادة للتعقّل والنقد الموضوعي ،هنا يقف الخطاب أمام محطة يعجز حتى معدو الخطاب أنفسهم عن تجاوزها وكل محاولة لإصلاح العطب في متن الخطاب هي خيانة للبدايات والثوابت الثورية المبني عليها، فيضطروا أمام خيارين: الإنزواء أو المواجهة بكل روح ثورية، والأخيرة تندر في ساحتنا.أن مدرسة الثأر لا تخرّج إلا أجيالاً يقف عندها المستقبل بالتغيير الأولي للواقع السياسي فقط وتخلو خزينتهم المعرفية التجاربية، مما يمكن أن يساهم في البناء وتدوير عملية التغيير حتى لا يعود الواقع الذي نعمل كلنا لمفارقته، إذ أنهم ورثة مشروع إسترداد الحق من الآخر، مع ضبابية تعريف الآخر،لأن هدا الآخر يتغير مع كل منعطف سياسي، وإصطراع بيني متوهم وحسب تغير المنصات التي ينطلق منها الخطاب الذي نشأوا عليه خلال إحتضانهم داخل مدرسة التربية الثأرية وخطاب المظلومية وهم الضحية المثالية دائماً وما دونهم ضحية ولكن دون المستوى الذي يسمى بموجبه مظلوم!المنطق السليم والطريق القويم يحثنا على أن نكون عدليّون لا طلاب حقوق فحسب،فالعدل يعبر مساحات أكبر ووأسع ويتجاوز بِنَا سياج الحقوق التي تبعدنا عن الآخر،العدل للجميع بينما الحق وفق المطالب خاص، والوطن للجميع كما نقول دائماً.فليكن العدل هو الوطن والوطن هو العدل، ثم أن الإختلاف مع الغير يكون في ما يتبناه من أفكار إنسانيّة وكونية وغيرها وليس في إنتماءاته الفطريّة من عرق وثقافة ومسائل ذات جذور تكوينيّة لا يمكنه الفكاك عنها مهما تبنى غيرها من أفكار يكتسبها على سبيل الحياة والتعايش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى