مقالات

الوطن يفقد رائده : محمد ادريس عبد الله

24-Sep-2010

المركز

لا اعتراض على حكم الله ,الفقد والفجيعة كبيرين برحيل المناضل والاب محمد سعيد ناود , انا لله وانا اليه راجعون .الفقيد شخصية وطنية بقامة الوطن افنى عمره من اجل شعبه وقضية وطنه , ورائد للفعل الارتري فى السياسة والادب والتاريخ منذ ريعان شبابه .

ناود السياسي :ناود من الناشطين السياسيين ابان الاستعمار البريطانى للجارة السودان فى( جبهة المعادات للاستعمار) وعضو(الحزب الشيوعى السودانى) فى مدينة بورتسودان ومن مؤسسى( مؤتمر البجة)في الاقليم الشرقى قبل ان يكون هذا الحزب عنوانا قبليا فى الاقليم وشارك مع القوى الوطنية السودانية من اجل استقلال السودان وعمل لفترة موظفا بشركة التلغراف ببورتسودان. هو قائد ومؤسس (حركة تحرير ارتريا عام1958 )المعروفة فى ارتريا ب( محبر شعتي) وهى اسست فى منزله بحي ترانسيت ببوتسودان وهى حركة سياسية سلمية وسرية كانت تناهض الاستعمار الاثيوبي لارتريا ابان الامبراطور هيلى سلاسي وانضوى تحت لوائها الكثير من الوطنيين الارتريين دون تمييز بين طوائفهم واقاليمهم وقبائلهم وكانت تسعى للانقلاب باستغلال الادارة المدنية فى ارتريا وعند نشوء جبهة التحرير الارترية متبنية الكفاح المسلح بقيادة الشهيد حامد ادريس عواتى خاض التنظيمان صراعا سياسيا مريرا تحت خلفية تعارض الوسائل فى مواجهة الاستعمار الاثيوبى ادي الى مواجهة عسكرية فى منطقة ( عيلا طعدا)فى معركة غير متكافئة راح ضحيتها دماء ارترية .كان الشهيد ناود يتجول بين ارتريا والسودان ويقود الاجتماعات بين تجمعات محبر شعتى فى ارتريا دون خوف من الاستعمار الاثيوبى وعقد مؤتمر الحركة الثانى قى العاصمة اسمرا . ببروز القيادة العامة وانقسام المجلس الاعلى لجبهة التحرير التحق الشهيد بقوات التحرير الشعبية التى اسسها الشهيد عثمان صالح سبى العضو المنشق من المجلس الاعلى فى (سدح عيلا) بدنكالياوذلك عام 1970, تولى الشهيد ناود مسؤوليات قيادية , كمسؤول المكتب السياسى لقوات التحرير الشعبية ومسؤول الاعلام الخارجى فى بيروت , وبعد انشقاق اسياس من قوات التحرير التى انضم اليها بعد انشقاقه من الجبهة بقى ناود مع صديقه ورفيق نضاله الشهيد عثمان صالح يسبي فى قوات التحرير الشعبية وذللك عام 1975 وبعد انقسام اللجنة الثورية الجناح البعثى العراقى من القوات بقى ايضا مع رفيقه يسبى وذللك فى عام 1979الى ان عقدت اتفاقبة جدة1985 برعاية سعودية بين جبهة التحرير الارترية جناح المناضل عبد اله ادريس واللجنة الثورية بقيادة عبد القادر جيلانى و القوات بقيادةالشهيد عثمان يسبى وذلك بعد انهيار الجبهة فى حربها مع الجبهة الشعبية بقيادة رمضان محمدنور واسياس افورقى وحليفتها وياتى تقراى الاثيوبية الحاكمة الآن فى اثيوبياعندها بقى الشهيد ناود معارضا لاتفاقية جدة وهى المرة الاولى التى يفترق فيها عن صديقه يسبى وبقى رئيسا لشق من قوات التحريرمع احمد جاسر واستغل هذا الفصيل من قبل اسياس ضد التنظيمات الوطنية الاخرى واعتقد انه كان لا يروق لناود هذا المسلك الذى كان يستهوى احمدجاسر الى ان لحق بمكون جدة (النظيم الموحد)بعد انقسام كل من عبد الله ادريس وعبد القادر جيلانى منه واستشهاد المناضل عثمان يسبى وبعد التحاقه بالتنطيم الموحد اصبح الشهيد رئيسا له الى ان حل التنظيم الموحد نفسه والتحق بالجبهة الشعبية ابان تحرير ارتريا ومنذلك الوقت كان الفقيد يقوم بواجبه من اجل شعبه رغم الظروف الصعبة حيث اصبح في عام 1993_1996 حاكما لاقليم الساحل الشمالي و عضوا بالمجلس الوطني المعين ثم رئيس المركز الارتري للدراسات حتى انتقل الى الباري فى يوم الخميس 17_9_2010بالعاصمة اسمرا. ناود مؤرخا :يعتبر الشهيد محمد سعيد ناود ينبوع المكتبة الارترية الذي مانقطع حتى وفاته مؤلفا للكتب ومحررا لمقالات فى الصحف والمجلات الارترية والاقليميةوسدا منيعا فى الدفاع عن اللغة العربية التى كان يخط بها انتاجه الفكري والادبى الذي يوثق ويؤرخ لنضالات الشعب الارتري وتحفظ تراثه الوطني وتكون مرجعا هاما للباحثين عن التاريخ الارتري وصلات هذا الشعب بروابطه الثقافية والحضارية , فى عهد الثورة كان يخط انتاجه الفكري والسياسى فى مجلة الثورة التى كان يصدرها تنظيم قوات التحرير كما ساهم فى الكتيبات التى كانت تفضح الاستعمار واعوانه وله كثير من الكتب نذكر منها:قصة الاستعمار الايطالى لارتريا1971,العروبة والاسلام فى القرن الافريقى عام1993,حركة تحرير ارتريا الحقيقة والتاريخ1996.ارتريا طريق الديانات والهجرات مدخل الى الاسلام فى افريقيا 2003 ,عمق العلاقات العربية الارترية 2003 ,شخصيات ورموز ارترية ,شاهد على بعض عصره , تاريخ الطريقة الختمية فى ارتريا , وقصته الاولى رحلة الشتاء(صالح) 1978وله بعض الانتاج تحت الطبع ومذكرات وبوميات قى الثورة الارتريةو له رواية مفقودة ايام الاجتياح الاسرائيلى للبنان وانه الوحيد الى جانب رفيقه يسبي الذين لهم مساهمات مقدرةبالكتابة باللغة العربية التى تخضع لتحدي كبير فى ارتريا. ماريت تفقد صالح فلذة كبدها :قرية ماريت فى رورا حباب بالساحل الشمالي هى هى الحضن الدافئ الذي كان يحن اليه ناود وهى مسقط راسه وفيها كتب البرنامج السياسى لحركة تحرير ارتريا وهى المكان الذى تدور فيه قصة رحلة الشتاء (صالح) محاولته الادبية الاولى وهى هضبة مرتفعة تعلو نقفة (المدينة)وهى ذات طقس جميل وبارد شتاءا لدرجة الجمود وهى ارض زراعية يزرع فيها الشعير والقمح وتمتاز باشجار الوقرى اى (الزيتون البري )والتسس والقلنقال ( المطاط)على مدى مساحة الهضبة تقطنها اسر عريقة زاولت الزراعة اجيال متعاقبة ومارست رحلة الشتاء والصيف اي(سبك ساقم)بلقة التقرى والمزارعون من مختلف قبائل الساحل الشمالى تعود اصولهم الى قبائل التقرى السامية والسيهو وسب لاعاليت وبيت اسقدى وفقيدنا الشهيد ناود ينحدر من قبيلة بيت الاسقدى التى كما يقال انها تنحدر من الطنعى دقلى التى نزحت من الهضبة الارترية واعتنقت الاسلام واندمجت ضمن ثقافة مجتمع التقرى( نسبة للغة)وكانت ذات خبرة ادارية وزراعية فحلت وسط قبائل الساحل الرعوية التى تزاول الزراعة موسميا, وعند قدوم الاستعمارات اصبح لفرعها( بيت اسقدى) سلطة اهلية باسم(كنتيباي)تتوارثه بالعصب ولهم اخوة فى عنسبا وضواحى كرن يدعون (عدتماريام ) وعد (تكليس)هذا حسب السيرة المتداولة وفى عهد الاستعمار البريطانى لارتريا نشب خلاف بين شقيقين من آل كنتيباى فى وراثة منصب الكنتيباى فتدخل الانجليز الذين كانوا يستعمرون القطرين ارتريا والسودان بان يحظى كلا الاخوين بالمنصب فاصبح عثمان كنتيباى فى نقفة وحسين كنتيباى فى طوكر بالسودان وتعرف بنظارة الحباب,وتعرف اسرة الشهيد ناود بعدعد ادريس ود ناود وهناك اقاربهم يدعون عد ناود ود فكاك والاسرتان من سكان نقفة وطوكر وبورتسودان لان الحدود الادارية والسياسية هى التى جاءت لهذه الجماعات وليس العكس وهم مكون اصيل من البلدين ارتريا والسودان اللذين تجمع بينهما روابط اجتماعية وثقافية. يعتبر الشهيد ناود صاحب اول محاولة ادبية مكتوبة باللغة العربية منذ الكفاح المسلح فى قصته رحلة الشتاء (صالح)وهى من الادب الثوري الارتري صدرت 1978وهى تضاهى من حيث السبق فى التأريخ للادب الارتري الحديث رواية (زينب) للاديب والكاتب محمد حسننين هيكل التى تؤرخ للادب العربي الحديث ,كما أن لناود سمات مشتركة مع الاديب السوداني الطيب صالح فهما يحترفان الكتابة ومن ابناء بورتسودان ,الطيب شايقي قادم من الشمالية وناود قادم من ماريت وكلاهما تسكنه علاقات القرية والريف والترحال الموسمي وذهبا كليهما وفى نفسهما غصة وحالهما يقول:بلادي وان جارت علي عزيزة واهلي وان ضنوا علي كرام .قصةصالح هى عمل سردي قدمه الفقيد للاجيال ا لارترية وللقارئ العربي معتمدا اسلوب السيرة الذاتية فى تجسيد احداث القصة بلغة بسيطة تبعد عن الحبك المعقد وتنطلق مكانيا من قريته ماريت , يقول بطل القصة (صالح)…..انحدر من اسرة فقيرة تحترف الزراعة شتاءا والرعي صيفا , مارس اجدادي واجداد اجدادي ووالدي رحلة الشتاء والصيف دون انقطاع , الثروة والممتلكات ورأس المال كل ذلك لم يكن معروفا فى مجتمعنا وثروتنا الوحيدة كانت الارض التي نحرثها وتعطينا محصولا من القمح والشعير وهو قوتنا طوال العام …ص7.),لم يفارق الفقر الشهيد ناود رغم انه كان من المستنفذين فى قوات التحرير ومات وهولايملك منزلا وكان يعيش فى بيت اجرة متواضعة فى حين هناك من اصبح غنيا من اموال الشعب و الثورة الارترية وربما حال ناود يكون افضل من هؤلاء الرعيل الذين يعيشون فى معسكرات اللاجئين وبعضهم استشهد فيها ودفن فى النفى وهم يحسدوه فى انه وجد شق يضمه فى الارض التى افنى عمره من اجلها, وعن الحرب العالمية الثانيةيقول البطل…(من خلال ماكانوا يرددونه (الآباء)علمنا بأن ان الايطاليين ليسوا جيدين كما كنا نتصور,ففي اثناء دخولهم الى ارتريا قاموا باخضاع السكان بالقوة والقتل , كما انهم طبقوا نظام السخرة فى بناء الطرق والجسور والانفاق , وكانوا ينقلون الشباب والرجال القادرين لمعسكرات العمل الاجباري دون مقابل , كما يفعلون اليوم بالنسبة للتجنيد الاجبارى ….) وهذه العبارة الاخيرة كافية لشرح حال اليوم وليست من عندي ص20. واسرة ناود خضعت كغيرها من ابناء ارتريا للاضطهاد من قبل المستعمرين ويذكر ان جارهم عبد الله فايد عندما قبض عليه الانجليز لذنب لم يرتكبه وسيق الى نقفة اسيرا قال عبارته المشهورة والتى يرددها سكان ماريت (عبدالله طبطا حبنا نفعنا )( يعتبر فخرا لنا ان يقال قبض على عبدالله )ومن طرائف الامور ان من احب ماريت ولم يفارقها فى كل الشدائد لم يحالفه الحظ فى ان يدفن فيها كحال امنة ولت فكاك والدةالشهيد التى توفيت فى بورتسودان وعينها على ماريت وزوجها والد ناود وجارهما ود عبد الله فايد حمد ودسليم الذى عندما سمع ان الارض تخضع للتسجيل من (الهقدف) سارع رغم مرضه السفر ولكن كان القدر اذ توفي فى طوكر وهو فى طريقه الى مزرعته والمفارقة ان اخيه الذى هرب من الشعبية وعاش فى السودان لسنوات دفن فى ماريت, حقا تستحق هذه القرية ان تكون موضوعا قصصيا. اطمايت هى الاخرى ماريت :اطمايت هو اسم اخر لقريةالفقيد ناود وسكان اطمايت هم اناس متكافلون ومتحابون رغم اختلاف قبائلهم وماريت هى الجامع وهى رابطة القبيلة يحنون الى بعضهم وفى الشتات تجدهم بذرفون الدمع عند التلاقى وكل ام من اطمايت هى ام لكل طفل من سكان ماريت واذكر حتى اليوم كيف ان ام الشهيد ناود وزوجةعمه صالح ناود كانتا بمثابة والدتى التى توفيت ولم ارها منذ ذلك اليوم الذى اخذوها ب(الساوريت) حسب قولهم الى (الاسبديس )فى بداية السبعينيات ولاانسى ذلك المعروف الذي اسدياه الي ولايفارقنى طعم الانجيرا ولم اتذوق طعما يماثله بعده وعندما حضرت مع ابى فى سرداق المرحوم اب محمدسعيد ناود ببورتسودان وعرفنا النسوة بهويتى رغم الحزن والفقد للمرحوم الا اننى كنت مرحوم أخر ذرفنا الدمع من اجله وتحلقنا من حولى وكلهن يذكرن ماريت والايام الجميلة ومآثر والدتى رحمها الله , بفقد الاب ناود اكون فقدت ابا آخررغم انه لايعرفتى شخصيا وحتى السانحة الوحيدة التى هممنا فيها باجراء لقاء معه وهوذاهب الى اسمرا بمرافقة المناضل عمر جابرفي دمشق بعد التحريرالاانه لم يحالفنى الحظ و تشرف بتلك المهمة غيري من الاخوةومازلت اندب حظى لانها كانت فرصة مواتية لنتعارف ونذرف الدمع كعادة اهل ماريت ولكن هذا شعور رد المعروف الارحمك الله يا ناود ورحم كل امواتنا ,بفقدك اعزى نفسى واخوتى ابناء الشهيد ناود , محمود , عزة,عبدالله ,مصطفى,سارة, وزوجته امنة عمر هبتيس اخت المناضلين عثمان وعبد القادر هبتيس واعزي اخوته العم عثمان ,ابراهيم , والعمات فاطمة وسعدية وزينب وستل وجمع وكل ابناء الشعب الارتري المحبين لبعضهم ,تقبلوا اخوتى عد ادريس ناود تعازي جيرانكم بماريت (اطمايت)عد ادريس جيواى,عد فكاك,عدصالح باره , عدعامر ودعثمان, عد خضر, عد دافئ, عد احمدمحمود, واسرتى عد حمد ود سليم, واخيرا ارجو ان نتمكن من تكريم الفقيد بتخصيض جائز للبحث والادب الارتري لنرد جزء من معروفه على رقابنا, رحمة الله عليك. عد تعنى بلغة التقري (آل) او( بيت) الانجيرا تعنى الكسرى الارترية ماريت واطمايت ورورا حباب اسم مكان بارتريا الاسبديس هم المبشرون السويديون الذين كان لهم مشفى فى نقفة الساوريت:الة حدباء يحمل فيها المريض وفى ماريت تكون غالبا مغطاة بالقماش

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى