مقالات

بعيداً عن خطاب الكراهية المعارض، وقريباً من واقع القهراليومي. بقلم/ أمال علي

3-Mar-2017

عدوليس ـ ملبورن

“اباشاول”. كوني بخير اباشاول،/ سلامٌ عليك قبل هدمك أرض كل الفقراء./اباشاول الكبرى سأغنّي لها الْيَوْمَ بكل أركانها قبل أن تُهدم”./ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(كلمات من أغنية شعبية- الأمين عبداللطيف). /

ومن منَّا لم يُطربْ ويتمايل، كما يفعل الفنان اللطيف، الأمين عبد اللطيف وهو يغني بعذوبة وشجن “اباشاول”.
في بداية ستينيات القرن الماضي، كانت اباشاول ، ” وهي منطقة سكنية شعبية في قلب العاصمة اسمرا ” قد أُدخلتْ في نوع من مشاريع اعادة التخطيط والبناء للتتناسق مع جمالية المعمار العام للعاصمة اسمرا . وربما، ولست متأكدة تماماً، كان ذلك في عهد الإمبراطور هيلي سيلاسي الذي كان يحكم ارتريا حينها. ان تتغير ملامح منطقتك، دون ان تكون مهيأً لهذا التغيير، ليس بالأمر السهل . ولكنه يهونُّ اذا كان التغيير نحو الأفضل وحضاريٌّ . لهذا غنى الأمين عبد اللطيف ابا شاول وتسامح مع تغيير ملامحها. التغيير الذي لم يحدث في عهد الإمبراطور ولا في عهد الديكتاتور .
وإن لم تخنِ الذاكرة. تتمدد “اباشاول” على مساحةٍ أفقية واسعة مابين منطقتيَّ “عداقا حموس” و “اخريَّا”.
“اباشاول” منطقةُ الفقراء ، كانت ومازالت تجمعُ بين بيوتات أُسرٍ عريقة، سكنتْ المنطقة وتوارثتها عبر أجيال وينتمي اليها مبدعون كثر، كالفنان الأمين عبد اللطيف .ويماني باريا(كما يقال ). وجيلٌ من فدائييّ ومقاتليّ جبهة التحرير .
وبين أزقة ضيقة في أسفلها تنحدرُ بهدوء، وَتحتضِنُ بيوتات بائعات الخمور الشعبية والحياة الصاخبة للطبقةِ المسحوقة في العاصمة. ومن هناك، ترتفعُ أيضاً وتدريجياً اباشاول الى ان تتربع على تلة جبلية حيث بُنيَّ متنزه هو عبارة عن مطعمُ ومقهى دائري الشكل . ” تشرحي “. ومن هناك تُطلُّ على جزءٍ من العاصمة اسمرا. منظرٌبديع،خاصة في الأمسيات الصيفية.
اما”اباشاول” فقد كانت ومازالت، فقيرة ومعدمة . والمأساةُ ، ان ترى الْيَوْمَ أهالي المنطقة يقومون بمحاولة لترميم طرقات الحيّ وأزقته. (بمبادرة “ذاتية”. طبعاً كما تُعرض في التلفزيون الحكومي لنظام افورقي). رجال ونساء ، منهكي البنية. أناسٌ معدَمونْ، يرصفون شوارع اباشاول بايديهم وأرجلهم ،يصبون الرمل على الحصى ويتبادلون الدور في الزحف والترميم وتعديل اعوجاج الطريق . و ياله من اعوجاج !. مشهد سريالي . وعندما يُسألون. يردد أحد هؤلاء العمال من ابناء اباشاول، الفقراء، كليشيه مكرره و(مُلقنه مسبقاً)، امام كاميرا التلفزيون الاريتري وهي توثق لهذا” الإنجاز في مجال التنمية :
( هذه مبادرتنا الذاتية ، نحن أهالي اباشاول لتعبيد شوارع الحيّ. فالشارع ملكٌ لنا، وعليه لا يجب ان نتوقع من الحكومة ان تقوم بهذا العمل نيابةً عنّا. ويتابع آخر :الحكومةُ ،أي ( نظام افورقي) تتحملُ الكثير وتفعل الكثير ، وعليه من واجبنا مساعدتها على الأقل بتعبيدِ الشوارع – شوارعنا التي نستخدمها يومياً. (تعبيد الطرقات واجب ومسؤولية المواطن في اريتريا.).
وتزغرد النساء، نساءُ اباشاول في الأزقة المنحدرة أسفل الحيّ وهن يقدمنّ القهوة و”الحمباشا” للعمال. العمالُ، رجالُ اباشاول المسحوقون وهم يخلطون الرمل بالحصى ويرصفون الطرقات . ودحن خوني اباشاول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى