مقالات

لمصلحة من الإساءة للمعارضة الإرترية ؟التحالف الديمقراطي الإرتري

30-Apr-2006

التحالف

مكتب الإعلام 3.04.2006
ليس بوسع أحد كائنا من كان أن يشكك في حبنا نحن الإرتريين لبلادنا ، هذا الحب الذي ترجمناه من خلال تضحياتنا الجسيمة في سبيل استقلالها .

ونشعر اليوم بكثير من الأسى والحزن ونحن نتابع ما آل إليه أوضاع شعبنا وبلادنا بعد الاستقلال من لجوء قسري لشبابنا ، واعتقالات تطال الجميع بما فيهم أولياء هؤلاء الشباب بتهمة المساعدة على تهريبهم ، والغرامات الباهظة التي تفرض عليهم ، وحملات التجنيد الإجباري ، والإرتفاع الجنوني لأسعار المواد الأساسية . وإقصاء الرأي الآخر . ولكن يظل الأمل حيا ، وبصيص الأمل في نهاية النفق قائما ، سيما عند سماع خبر وحدة قوى المعارضة الإرترية ، وإنكشاف النظام الدكتاتوري وسياساته أمام المجتمع الدولي. اليوم ننتظم نحن الإرتريون في تيارين اثنين ، التيار الأول هم القلة المنبوذه من شعبها والتي رهنت ذاتها واختارت الوقوف إلى جانب النظام الدكتاتوري ، فصارت أداة طيعة بيده مقابل مصالح شخصية آنية فانية . أما التيار الثاني فهي الغالبية العظمى من شعبنا التي اختارت درب النضال ضد النظام الدكتاتوري ، وهي تتطلع بعد تجاوز المصاعب الحالية ، العيش في كنف الديمقراطية والسلام والإستقرار والكرامة . ولكن وبرغم حقيقة هذا التصنيف الذي يؤكد اختلافنا في الرؤى والأفكار ، تظل حقيقة أخرى هي أننا إرتريون ، ولا يفصل بيننا سد برلين . وبالتالي فالانتماء إلى أحد هذين التيارين ليس خيار أبديا لا رجعة عنه أوالتنصل منه . ومصداقا لهذا نجد أن الذين كانوا يعترفون بالمعارضة قبل عشرة أعوام ناهيك الإنضمام إليها كانوا قلة ، بخلاف اليوم الذي أصبح فيه أؤلئك الذين كانوا يدافعون عن النظام ويسيئون إلى المعارضة قد تخلوا عن النظام وانحازوا إلى جانب المعارضة ، وأن أؤلئك الذين ما يزالون في خدمة النظام الدكتاتوري ، لهم أيضا مثل الآخرين مصلحة في التحول الديمقراطي في إرتريا .يشكل نضالنا اليوم البوتقة التي ينصهر فيها كافة الإرتريين الذين اختاروا مناهضة النظام الدكتاتوري الذي يسعى إلى تمزيق شعبنا على أساس اللغة ، والثقافة ، والأقاليم . ومن ثم فالعوامل التي تجمعنا إبتداءا من إرتريتنا هي أكثر من العوامل التي تفرقنا ، ولا يمكن بلوغ أهدافنا إلا بوحدتنا . ومن الطبيعي أن نجد في مرحلة النضال بعض الأحيان تداخلا بين عناصر الاتفاق والاختلاف . ولكن الشيئ الأساسي والضروري في مثل هذه الحالة تحديد نقاط الاتفاق والإختلاف بدقة ووضوح ، ومن ثم ننجز معا ما اتفقنا حوله ، ويحترم بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه . وضرورة الاحتكام لرأي الشعب في مرحلة التنافس الحر ، وقبول النتيجة نصرا كانت أو هزيمة . ولإنجاح هذا يتطلب منا السير قدما نحو تعزيز الإيجابيات ومحاربة المشاعر الهدامة ، وامتلاك رؤيا تتسم ببعد نظر وقبول الآخر ، والتحلي بروح المسئولية . ولو كان مرد إعمال مبدأ القبول والرفض منطلقه قناعتنا الشخصية والتنظيمية وحدها ، ربما كنا لا نقر بعض الآراء التي لا تتسق مع معطيات المرحلة وضروراتها من وجهة نظرنا ، ولكن ليس الأمر كذلك ، حيث أن متطبات المرحلة وضروراتها لا تحكمها أراء شخص أو تنظيم دون آخر . ومن ثم علينا أن نضع في الحسبان ونحن نعبر عن آرائنا وقناعتنا أنها لا تستفز مشاعر الآخرين بمثل ما نرغب ألا تستفز أراؤهم وقناعاتهم مشاعرنا . إذا علينا نحن الطرفين ليس فقط التصالح ، بل لابد من أن نتمكن من المشاركة معا في إنجاز متطلبات هذه المرحلة ، وإن لم نتمكن من ذلك ، وبقينا في تناحرنا فسيكون النظام الدكتاتوري الذي ترهبه وحدتنا هو المستفيد من استمرار هذا الوضع . وليس من الحكمة أن يكون خيار الطرفين الاستمرار في مدح الذات وإساءة الآخر ، وإنما يجب أن يسعيا لتحديد نقاط الاتفاق ، وتحديد وسائل وآليات النضال ، وتغيير النظام الدكتاتوري ، والعمل على نزع السياج الفاصل بينهم وبين الشعب صاحب السلطة والحكم النافذ ، وعرض آرائهم عليه ، واحترام الرأي الذي يحوز بقبول الشعب ، على أن يحتفظ الرأي الآخر بحق الطرح والعرض والبلورة في أوساط المجتمع. إن عدم وضع الأولويات بصورة واضحة والخلط بينها سيفضي بالضرورة إلى الخطأ في النتيجة المتوخاة ، بالإضافة إلى أنه سيؤدي إلي إضعاف جهود القوى التي كان من المفترض أن تعمل معا ، وبالنتيجة يصب في مصلحة النظام الدكتاتوري . وفي ظل مثل هذه الأوضاع النضالية من الطبيعي رؤية تطورات إيجابية أو سلبية ، والأسلوب الأمثل هو العمل على تعزيز الإيجابيات ومعالجة السلبيات بروح تتسم بالحرص والمسئولية ، وبهذا وحده يقياس مستوى ما نتمتع به من نضج وروح المسئولية الوطنية . نتابع اليوم من خلال مختلف مواقع الإنترنت أن البعض بدأ في استخدام عبارات تدغدغ المشاعر وتثير النزعات ، متدثرين بدثار المعارضة للنظام الدكتاتوري ، ولكنهم في نفس الوقت يستنفذون جهودهم وطاقاتهم في محاولة تضخيم بعض الأخطاء غير الأساسية لدى معسكر المعارضة الإرترية ، بل في بعض الأحيان ينسبون عليها أشياء لا تمت لها بصلة . والغريب في الأمر أنهم يحجمون عن ذكر إيجابياتها ، بل يعمدون على إخفائها . والأكثر غرابة أنهم يسعون بصورة حثيثة ومشينة لخلق حالة قطيعة وشقاق بين الشعب الإرتري وقواه السياسية المعارضة . وقناعتنا هي أن هؤلاء يقومون بتشويه المعارضة لمجرد التشويه ، ولو كان غرضهم وغايتهم من ذلك هو إصلاح المعارضة وتقديم النصح لها ومعالجة أوضاعها والبحث عن مستقبل أفضل لها كما يدعون ، فإن باب المعارضة مفتوح على مصراعيه أمام الجميع وخاصة الحادبين منهم . ولا يمكن أن يتم الإصلاح الحقيقي للمعارضة من على البعد ومن مقاعد المتفرجين ودون الإنخراط في أنشطتها . بالتأكيد أن من الأشياء المفقودة والمغيبة في إرتريا اليوم التعددية السياسية ، ونضالنا هذا هو من أجل تكريس الحقوق الأساسية بما فيها التعددية السياسية . ولا يمكن تجسيد ذلك على أرض الواقع دون أن يكفل للإرتريين حرية التنظيم ، وهذا بدوره يستدعي الإقرار بوجود تنظيمات تحمل رؤى وأفكارا متباينة . أما أن تتنكر للأحزاب والتنظيمات القائمة وتدعي الإيمان بالديمقراطية ، فالأمر بمثابة المرأة التي ترغب في الرجل غير أنها لا تريد لحيته . ولا يجب أن تفهم دعوتنا بضرورة الإقرار بوجود التنظيمات والأحزاب السياسية هي دعوة أو تشجيع للتعدد السياسي لذاته دون برنامج سياسي حقيقي . ونحن لسنا مع الإنشقاقات التنظيمية أوإنشاء التنظيمات دون أن تتوفر على برنامج سياسي متمايز عن البرامج السياسية الأخرى القائمة . وبالتالي هؤلاء الذين يتجاهلون هذه الأوضاع والحقائق عن عمد ، رغم معرفتهم للظروف التي نشأت فيها هذه التنظيمات ، وإنطلاقا من مشاعرهم ونزواتهم الشخصية يمعنون في تشويه التنظيمات السياسية المعارضة ، هؤلاء عليهم ألا ينسوا أنهم بذلك يخدمون النظام الدكتاتوري سواء كان ذلك عن قناعة أم بدونها ، وعن قصد وإدراك أم بدونهما .إن من أصعب الأمور على نظام أسياس الاعتراف بالمعارضة الإرترية والحديث عنها . ولكن ربما لو قرر التحدث عنها لن يكون حديثه أسوأ من حديث بعض أدعياء التغيير والتحول الديمقراطي عنها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى