أخبار

معتقل ألم بقا … وسيرة مناضل

2-Sep-2014

عدوليس

معتقل وسجن ( ألم بقا ) الرهيب في العاصمة الإثيوبية أديس ابابا هو واحد من السجون التي شكلت ما يمكن ان نسمية بمدرسة السجون الثورية . منه تخرج عدد كبير من مناضلي الثورة الإرترية قد يصعب حصرهم هنا .. من هؤلاء محدثنا المناضل الاستاذ آدم محمد صالح .

تخرج من هذا السجن الرهيب دون ان يفت من عضده .. ناضل في عدد من المواقع النضالية ثم جلس ينظر للثورة في استراحة محارب . هي صفحة نضالية ناصعة تحدث عنها صاحبها بتواضع وبساطة . بمناسبة ذكرى سبتمبر عيد الثورة الإريترية يسعدنا ان ننشر هذا الحوار مع المناضل آدم متعه الله بالصحة والعافية .
اجري الحوار : جمال همـــــــــــــــــــد
1 : حدثنا عن الحياة السياسية في المدن الإريترية في بداية الستينات ونهاية الخمسينات .. ؟
ان الحياه السياسيه في المدن الاريتريه في نهاية الخمسينات كانت حياة غليان مستتر يشبه كما يقال (النار تحت الرماد) واليأس وفقدان الامل في العيش بكرامه وحريه كما كان متوقع من الاتحاد مع اثيوبيا فيدراليا ،وذلك منذ تدخل اثيوبيا في الشوؤن الداخليه الاريتريه غير مباليه بالقرار الفيدرالي الذي اصدرته الامم المتحده في ديسمبر 1950م وبطريقة تصاعديه ,بدأ بحل الاحزاب الاريتريه في عام 1953 ثم منع الصحف الاريتريه الوطنيه المعارضه مثل (صوت اريتريا) في عام 1956م تلاه تهميش اللغه العربيه خطوه فخطوه ، ثم الغاء شعار الشرطه الاريتريه واستبداله بشعار الشرطه الاثيوبيه في عام 1957م تلاى ذلك الخطوة الأكثر خطوره وهي إنزال العلم الاريتري الوطني في عام 1960م تقريبا . وكل ذلك كان يتم بيد الحكومه العميله لاثيوبيا .
ازاء هذا التغول الاثيوبي على الحقوق الاريتريه ماكان من الشباب الاريتري وخصوصا الطلبه في اغوردات وكرن وغيرها إلا القيام باي عمل مهما كان حجمه. فقام الطلبه في كرن واغوردات بتوزيع المنشورات ليلا في الشوارع كما قامت مظاهره عماليه كبيره في اسمرا وغيرها في عام 1957 مطالبين بحقوقهم العماليه وفي طياته استنكار للتدخل الاثيوبي في الشوؤن الاريتريه وقد قمعت هذه المظاهره السلميه بدون رحمه وملئت السجون بالشباب وبسرعه لكي لاتقوم في المدن الاخرى. هزت هذه المظاهرات والمنشورات الليليه ، النظام الاثيوبي الذي لايعرف في تاريخه اضطرابات ومظاهرات عماليه او طلابيه خلافا لما تعارفت عليه دول العالم. وكا ن ذلك يتم تحت حصار اعلامي وتكميم للافواه. وكان ابناء الشعب الاريتري شيبا وشبابا يأملون الكثير من زعمائهم , وهم في تلك الفتره وعلى سبيل المثال : السيد /محمد عمر اكيتو في عصب والشيخ عثمان هندي في مصوع والسيد /محمد عمر قاضي والشيخ امام موسى في اسمرا والقاضي علي عمر في عدى قيح والشيخ ابراهيم سلطان علي والقاضي موسى ادم عمران في كرن والسيد/ادريس محمد ادم والشيخ محمد ابراهيم طلوق في اغردات . اما في اوائل الستينات فحدث ولا حرج جاء الفرج وفرح المؤمنون فقد ذرت الرياح الرماد وبانت النار وازدادت اشتعالا عظيما بقيام الثوره الاريتريه حركة تحرير إريتريا وجبهة التحرير الإريترية . فقد تأسست حركة التحرير الاريتريه بقيادة المناضل محمد سعيد ناود وزملائه في بورسودان في عام 1958 ، ودخل هذا التنظيم الى اريتريا في اواخر عام 1960م واوائل 1961م . كان تنظيم حركة التحرير الاريتريه تنظيما وطنيا واكثر تنظيما ودقه وسريه تامه وانتشر في كل اريتريا كالنار في الهشيم في كل ربوع اريتريا في خلال سنه واحده على الاكثر .
وفي 1/9/1961 قامت جبهة التحرير الاريتريه بزعامة المناضل ادريس محمد ادم وزملائه معلنة ثوره مسلحه بقيادة القائد : حامد ادريس عواتى وعاش الشعب الاريتري الذي اعطى المال والولد عاش ثوره في ثوره وحريه في حريه , ولم يبالي هذا الشعب بمسرحية انضمام اريتريا الى اثيوبيا في نوفمبر عام 1962م لانه كان مشغولا بالعمل لانجاح التحريرولا وقت لديه للكلام والوشوشه بل سكوت مطبق وعمل دؤوب ووجوه مستبشره . ياالله كيف كنا وكيف اصبحنا!! . ورغم كثرة وسطوة جواسيس السلطه الاريتريه العميلة والاثيوبيه المستعمرة ، تم تأسيس العمل الثوري بسلام دون علم السلطات البوليسيه حتى انكشف العمل الثوري في نهاية عام 1962 وقام الامن الاريتري والاثيوبي بسلسلة اعتقالات وعمليات تعذيب في السجون كما قام العملاء بعمليات قتل لعدد من الشرفاء ،في كل انحاء اريتريا واستخدموا نصوص الماده 10 التي تنص على الاعتقال وتجديد الحبس من 3 او 6 اشهر ودون محاكمه ، واستمر هذا الوضع الخانق حتى يناير 63 م ثم ازداد بعد ذلك الفتك بالشعب الاريتري حتى التحرير في ابريل 1991م. وفي عام 1963م قام المناضلون من رجال الشرطه في جندع بحمل السلاح والخروج الى الريف معلنين أنضامهم للكفاح المسلح ، وكانوا بقيادة كل من الشهيدين محمد سعيد شمسي وادريس قمحط ، وبعد اقل من اسبوع حوصرت هذه القوه المناضله من قبل قوة كبيره من الشرطة والجيش الاثيوبي واستشهد على أثرها عددا من المناضلين وفي مقدمتهم الأخ الشهيد ادريس قمحط وبعض من رفاقه واما الشهيد شمسي قد دخل الاراضي السودانيه ثم عاد الى الساحه الاريتريه وقاد قوة من المقاتلين واستشهد في عام 1965م بمنطقة شعب . رحمهم الله جميعا.
ارجو ان تحدثنا عن ملابسات إعتقالكم .. متى .. كيف .. والاسباب .. وأين تم سجنكم قبل ترحيلكم لـ ( ألم بقا ) ؟
بدأ اعتقالنا في اكتوبر م1963 وكان عددنا قليل في البداية ثم تبعنا اما العدد الاكثر اعتقاله في يوم 13/11/1963 (24 شخصا ) وكلهم من حركة التحرير الاريتريه ماعدا شخص واحد وهو الشهيد عامر طاهر شهابي وكان عضوا في جبهة التحرير الاريتريه وأستشهد في فبراير عام 1972م في بداية الاقتتال الاهلي في الساحه الاريتريه للاسف الشديد معظم الزملاء اعتقلوا من منازلهم والبعض الاخر اعتقل من اماكن عمله ، وكنت احدهم فقد اعتقلت من مكتبي في الشركه التي اعمل بها وقد اعتقلني مدير المباحث الجنائيه الكولونيل (مقدم) اجزاو براخي ،وكان معه الملازم اول /اسحق ابرها وكان يعرفني لانه سبق ان اعتقلني في نهاية ديسمبر 1962 وهذا الاعتقال كان الاعتقال الثاني . اما الاسباب هي تهمة العضويه في تنظيم سري يسمى حركة تحرير اريتريا يعمل لفصل اريتريا عن اثيوبيا ودفع اشتراكات شهريه وتجنيد الاريترين للانضمام الى الحركه وتحريض الشرطه لهذه الغايه . تم سجننا في زنزانات في مختلف اقسام الشرطه في اسمرا اما انا فقد سجنت في مركز شرطة ميركاتو (السوق) في زنزانه بمفردي وبعد ايام قليله نقلت الى غرفه اخرى كان فيها الشيخ صالح سليمان ألولا ولم ينتبهوا اننا معتقلين في تهمه واحده وتعارفنا لاول مره.
أـسباب الترحيل ومن كان معكم وكيف تم ترحيلكم ، أقصد الوسيلة . .. حدثنا عن المعتقل ومن كان معكم والحياة اليومية في المعسكر .. كيف كانت تصلكم أخبار الثورة ؟.
مكثنا في السجن أ كثر من شهرين ، أحتج بعض من أسرنا على اعتقالنا دون توجيه اي تهمه بحقنا او الافراج عنا وقدموا احتجاجهم الى المحكمه العليا في اسمرا وفورا طلبت المحكمه العليا في اسمرا حضور مدير المباحث الجنائيه المقدم اجزاو براخي ولكنه رفض الحضور الى المحكمه بامر من الحاكم العام لاريتريا الرأس الامير) أسرات كاسا ) وهو ينتمي الى العائله الامبراطوريه الحاكمه . وماكان من المحكمه الا ان أصدر حكما باطلاق سراحنا والحكم على المقدم اجزاو بالسجن لمدة ستة اشهر وغرامه بمبلغ ثلاثة الاف دولار اثيوبي وكانت المحكمه العليا مكونه من ثلاثة قضاه وهم القاضي اسحق والقاضي فسها والقاضي حامد عثمان ادريس (اغراو ) ومر قرار المحكمه لصالحنا بصوت اثنين من القضاة المذكوره اسمائهم ومعارضة القاضي الثالث حامد عثمان ادريس وكان على معرفه تامه بسبعه متهمين منا وخصوصا انا وكنت احد طلبته في مدرسة اغوردات الاوليه ،عندما كان ناظرا لها وكان ذلك الموقف من الاستاذ ثم القاضي حامد شيئا مؤسفا لنا وعوائلنا وللاسف الشديد انه كان من سكان كرن التي اعتز بها . وتم مكافأة القاضي حامد عثمان بإستمراربقائه في محكمة اسمرا العليا لانه عارض الحكم . واما القاضيين النزيهين فقد نفيا الى اديس ابابا وبقيا هناك دون عمل وقد التقيتهما في مجمع المحكمه العليا في اديس اببا وقدمنا لهما شكرنا وتقديرنا على حكمهما العادل . وانا اسف ان اذكر هذا ولكن هذا تاريخ تلك الفتره من حياة الشعب الاريتري والحق احق ان يقال دون رتوش ومن باب ( وظلم اهل القرى اشد مضاضة من وقع الحسام المهند ) كما قال الشاعر ابن عبد غفر الله له ورحمه رحمة واسعه نتيجه لما تقدم من حكم محكمة اسمرا العليا كما ذكرت انفا , قررت السلطات الاثيوبيه نقلنا الى اديس ابابا وقدمنا الى المحكمه العليا في اديس اببا وهي في مستوى واحد مع محكمة اسمرا !! وكان عددنا نحن المرحلين الى اديس ابابا 24 متهما وجلنا من قيادات مركز اسمرا اي القيادات التنفيديه وكنت عضوا فيها مند ربيع 1962 بعد نقلي من عصب. تم ترحيلنا بطائره عسكريه اثيوبيه من مطار اسمرا مكبلي الايادي وهبطت بنا الطائره في مطار قاعدة (بشفتو ) العسكريه ومن هناك رحلنا في بص الى مركز شرطة سد ستنيا وبعد فتره غير قصيره افرج عن 7 اشخاص منا والباقي 17 شخصا ونقلنا الى سجن (الم بقا )الرهيب وهناك انضم الينا شخصين اخرين وكانا في اديس ابابا , فااصبحنا 19 شخصا (متهما ) وبعد يومين كما اذكر قدمنا الى المحكمه العليا في اديس ابابا . يقع سجن (الم بقا ) داخل سور يحيط بقطعة ارض بمساحة بضعة افدنه شيد فيها عدد كبير من الابنيه الزنكيه يسجن فيها اصحاب المدد القليله بين 5 و 10 سنوات سجن وفي جانب السور المذكور يقوم سجن الم بقا البغيض وهو عباره عن برج خرساني ذي ثماني اضلاع اسود اللون وكان من اطول مباني اديس ابابا ويرى من مكان بعيد مفتوح وفي قمته دائره يتحرك الحراس فيها ولا تري شيئا الا السماء او طائرة تمر احيانا ومكون من طابق ارضي وطابقين علويين وبه غرف صغيره مساحة كل منها 9 امتار مربع ودون منافد وكنا نحن ال 19 متهما محشورين في غرفة واحده وتقاسمناها على ان ننام بالتاونب في مساحة التي تقدر شبرين فقط .اما السجناء الاخرين لهم غرفة لكل 9 او 10 اشخاص وحول الطابق الارضي تدور قناة مياه قذره تمر امام كل غرفه ويوجد حمام واحد مساحته 15 متر تقريبا لقضاء الحاجه في النهار اما في الليل يوضع جردل لكل غرفه وهناك غرفه للاستحمام بمساحة 20 مترا مربعا لـ ( 250 ) سجينا . وان سجن الم بقا يسجن فيه المحكوم عليهم بالاعدام والمؤبد والمتهمون بالنشاط السياسي ( ويا وقعتهم) لان الاتهام بالسياسه جريمه كبرى واكبر من قتل عشرات الاشخاص . وبالمناسه لايوجد أضواء في كل الغرف او ساحة السجن الاسمنتي ولا يفتح باب السجن بعد السادسه مساء حتى السادسه صباحا مهما كان السبب الا اذا جاء ت الشرطه لاخذ شخص محكوم عليه بالاعدام لاعدامه , وفي الصباح تسمع البكاء لان فلان من الغرفه رقم كذا أخذ لاعدامه . ومن هؤلاء الدين اعدمو ثلاثة سجناء من (الارمو ) بعد سجنهم 18 سنه وكنا نراهم وهو يتوضؤن للصلاة صباحا مساء . وقد هز اعدامهم كيان كل السجناء وكذلك افراد الشرطه ، وبكاهم كل السجناء لانهم كانو يتوقعون لهم التخفيف الى سجن مؤبد او 20 سنه ولم يتوقع احد إعدامهم بعد 18 عاما!! مما خلق ارهابا بين السجناء .
وبعد شهر او شهرين جاء الينا في هذا السجن اللعين الشهيدين محمد الحسن حسنو وعبدالرحيم محمد موسى من سجن اسمرا انتظارا للاستئناف الى محكمة الامبراطور (زفان شلوت ) وكان محكوما عليهما بالاعدام في اسمرا في قضية الهجوم بالقنايل وتفجيرها في يوليو 1962 في اغوردات ، التي أستهدفت حفل ترحيب بزيارة ممثل الامبراطور الجنرال ابي اببي ورئيس الحكومه الاريتريه اسفها ولد مكئيل ورئيس الجمعيه الاريتريه الشيخ حامد فرج والوزير السيد عمر حسنو وغيرهم بالاضافه الى اعيان اغوردات . مع العلم ان من القى القنبله كان من فدائي جبهة التحرير الاريترية واستشهد في هذا الحادث كل من السيد عمر حسنو وزير العدل وعم الشهيد محمد حسنو كذلك استشهد فيها الشيخ صالح ود سيدنا مصطفى وجرح فيها الشيخ حامد فرج والسيد ابراهيم باشاي الدي توفى في مستشفى اسمرا بعد ذلك رحمهم الله جميعا . ولم يصب ممثل الامبراطور ورئيس الحكومه الاريتريه بأذى وكانا المقصودين في ذلك الهجوم. الشهيدين المذكورين سجنا في غرفه لوحدهما مقابل غرفتنا تبعد مسافة 30 مترا او اكثر وكنا نلتقي بهما في ساعات اخراجنا لمدة ثلاث ساعات في اليوم ساعه في الصباح واخرى بعد الظهر وساعه اخيره في الخامسه مساء وذلك للذهاب الى الحمام والتنزه قليلا في مساحه صغيره لانتجاوزها , وغير مسموح لنا بالخروج نهارا او ليلا وكان يقفل علينا باب الغرفه ولكن بعد احتجاجنا على قفل الباب نهارا وعدم مقدرتنا على التنفس في غرفة دون نافده ففتحو لنا الباب بشرط ان لا نخرج . وكان غير مسموح لنا الاختلاط او الكلام مع السجناء الاخرين لاننا نعتبر اجسام جرباء . لان السجناء الاخرين المحكوم عليهم بالاعدام او المؤبد مسموح لهم بالخروج طول النهار ماعدا الثلاث ساعات المخصصه لنا للخروج . وطلب الشهيدان من السجانين اخراجهما في ساعة خروجنا من الغرفه وكانا رابطي الجأش مملؤين بالشجاعه والصبر والتوكل على الله وبعد اطلاق سراحنا من سجن الم بقا بستة اشهر اعدما شنقا في اغردات في يونيو 1965 رحمهما الله رحمة واسعه . ان الحياه اليوميه في سجن الم بقا كانت كئيبه . كنا محشورون 21 ساعه يوميا في غرفة صغيره جدا بالنسبه لعددنا الكبير . وبالنسبه للطعام كانو يقدمون لنا خبز ذره لانعرف نوعيته مخبوز في رماد الفرن ونص استواء ومعه ملاح (دمعه) مكون من (تمتمو ) نوع من الفول وشطه كثيره جدا يغرف من برميل مقرف . ولكن بفضل الله ثم بفضل الاخوه الاعزاء في اديس أنقدنا من المرض فقد كانوا يمدونا بالطعام وإلا لمتنا بسبب هذا الطعام الردي . ففي الزيارات الاسبوعيه وكانت يوم الاحد كانو يمدوننا بالطعام الطازج من ملاحات طيبه وخبز وكسره وفواكه وبمؤونه اسبوعيه تتكون من الخبز ومعلبات الجبن والتونه والسردين والمربى والحليب والفواكه وغيرها . وأن هؤلاء الاخوه الافاضل الدين قدموا لنا كل هده الخدمات طيلة سنه من وجودنا في السجن هم الأخوه : يونس وعبد الوهاب وحسن عمر عنططا (نائب في البرلمان الاثيوبي ) وحسن شيخ الامين ايضا كان نائبا في البرلمان الاثيوبي وكان خلف هؤلاء رجالا يقفون من ورائهم بالمال وكل مانحتاج اليه وهم على سبيل المثال لا الحصر الشيخ عثمان كيكيا والساده محمد حديش وعلي برحتو وجعفر ابوبكر وصالح كبيري يمدنا بالكتب من وقتا لاخر وكانت هده الكتب سلوانا الوحيده والتي كانت تشعرنا باننا احياء كباقي الخلق . وكان هؤلاء الاخوه الاعزاء يمدوننا بالاخبار في كل زيارة يوم احد وغيرهم كثر لايتسع المجال لذكر اسمائهم جزاهم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتهم واننا نشكرهم ماحيينا ولا ننسى فضلهم ابدا . وهناك من كان يزورنا من الاخوه القادمين من اريتريا ويمدوننا بالاخبار عن الثوره الاريترية واخبار العالم , وغالبية هؤلاء الأخوه الأعزاء غادروا دنيانا قبل تحرير اريتريا رحمهم الله رحمة واسعه . كيف تم إطلاق سراحكم .. متى كان ذلك .. وبعدها إلى إين أتجهة وكيف كانت تبدو الساحة الإريترية آنذاك ؟ تم اطلاق سراحنا بالبراءه عدا الاخ (كحساي بهلبي ) الدي حكم عليه بالسجن لمدة عامين . جاء حكم المحكمه العليا في اديس بعد مداولة وجلسات طويله وتأجيل متكرر لمدة أسبوعين او ثلاث اسابيع بعد كل جلسه والأستماع الى شهادة شهود الحكومه استغرق ذلك سنه تقريبا . واخيرا حكمت المحكمه ببراءتنا في يوم 14-1-1965م واتجهنا بعد ذلك الى اسمرا بالبص . وجدنا الساحه الاريتريه تستبشر بالانتصارات الحربيه في كل مكان ضد العدو وخصوصا عندما ارسلت سوريا الشقيقه طائرات محمله بالسلاح للثوره الاريتريه عبر مطار الخرطوم بعد نجاح ثورة اكتوبر السودانيه في سنة 1964 م واصبحت الحكومه الاثيوبيه تعيش في قلق قاتل من التطورات الحربيه في الساحه الاريتريه .
عملت مع زميلك المناضل علي محمد سعيد برحتو في منظمة التضامن الأسيوي الإفريقي .. حدثنا عن تلك الفترة .؟.
تعرفت على الاخ المناضل على محمد سعيد برحتو عندما كان يزونا في السجن وبعد خروجنا منه وكان يهتم بنا بعد ذلك كنا نلتقي في اسمرا وكان يسألني عن احوال الثوره لأنني كنت كثير السفر الى المديريه الغربيه وعندما وصلت القاهره في 1972م التقيت به وكان حينها مسؤل الاعلام في بيروت (قوات التحرير الشعبيه وكنت عضوا بالتنظيم بعد ان تركت تنظيم جبهة التحرير الاريترية بعد المؤتمر الوطني الاول في نوفمبر 1971م بسبب قرارته الخطيره ضد قوات التحرير الشعبيه الاريترية . وكان الأخ برحتو يمثل الثوره الاريتريه في منظمة التضامن الاسيوي الافريقي فضمني معه كعضو في هذه المنظمه لكي امثل اريتريا معه . في تلك الفتره كانت لنا اتصالات مستمرة بسكرتارية المنظمه وكانت برئاسة الاستاذ يوسف السباعي رحمه الله ومده بكل شيء يتعلق باريتريا وحضور المناسبات التي تتعلق بقضايا التحرر في اسيا وافريقيا . وفي مارس 1973 سافرنا الى جمهورية اليمن الجنوبي لحضور مؤتمر المنظمه السنوي في عدن كممثلين لاريتريا وخرجنا من المؤتمر بقرار تأييد للثوره الاريتريه ضد نظام اثيوبيا الامبراطوري . وكانت تلك الفتره مفيد للثوره سياسيا واعلاميا كما كانت صلاتنا جيدة بممثلي بلدان اسيا وافريقيا .
برأيكم الآن كيف تبدو ساحة المعارضة الإريترية .؟
قامت المعارضه الاريتريه لتبقى وستبقى ان شاء الله مهما كانت ضعيفه اعلاميا وعسكريا وآمل واتمنى من كل اريتري ان يدعم المعارضه الاريتريه في جميع المجالات لانها الامل الوحيد المتوفر الان ضد النظام الطائفي الدكتاتوري بدلا من نعتها بالضعف والجمود .
كمناضل قديم عاصر فترات المد والجزر .. الإقتتال الأهلي .. الإنتصارات والإخفاقات … تنافس التنظيمات .. الخ ماهي الخلاصة ؟
في رأي ان الاقتتال الاهلي كان خطأ فادحا وجريمه نكراء بحق الشعب الاريتري الذي قدم المال والولد , لاسباب تافهه وغير مبرره اطلاقا . وكان هذا الاقتتال الاهلي خساره لاتعوض ، وهزيمه نكراء لكلا الطرفين المتقاتلين استفاد منها عدوهم الاستراتيجي الذي كشف عن وجهه الحقيقي الطائفي الحاقد الذي ظهر في مابعد وحتى الان وبطش باابناء الشعب الاريتري وفي مقدمتهم رفاقه المفتونون به و (رؤية التقدمية) حتى لو كانت ضد شعبهم في المدى القريب و البعيد . أن الاختلاف والتنافس بين التنظيمات يحل بالحوار الجدي والصادق وليس بالسلاح ارضاءا لافكار صبيانيه قاصره .
الخلاصه , نحن اولاد اليوم فلنجمع صفوفنا لمقاتلة العدو الجديد كوطنين لنا حقوق وليس كتقدميين او رجعيين وغير دلك من الافكار المستورده التي شهد العالم افلاسها ودفنها الى الأبد . اترك لك هذه المساحة لتقول ما تريد . امل وارجو من المعارضه ان تتسلح بالسلاح والاعلام النشط في كل مجالاته . لان العدو لايفهم الا لغة السلاح الناري . كذلك ارجو من المعارضه ان تتحرك في الشرق الاوسط بصفه خاصه والعالم لشرح اوضاع اريتريا الحالي بدلا من الركود في مكان واحد , والله الموفق وشكرا
ــــــــــــ
الأستاذ آدم محمد صالح من قدامي المقاتلين والمناضلين في الساحة الإرترية، ابتداءً من حركة تحرير إرتريا وومروراً بجبهة التحرير. وقد ذاق مع زملائه ويلات سجون النظام الإثيوبي، حيث سجن مرتين في أسمرا، ثم تم ترحيله مرة أخرى إلى (سجن ألم بقا) الشهير في أديس أبابا في عام 1964، ومكث فيه عاما كاملاً. بعد أن خرج من السجن واصل نضاله ضد الاستعمار الإثيوبي، فانضم إلى العمل الجماهيري في السودان وتم اختياره ضمن اللجنة المركزية في عام 1969، ثم واصل العمل وانتقل إلى الميدان وعمل فيه حتى نهاية عام 1971. ثم تم تكليفه مع زميله الأستاذ علي برحتو بتمثيل الثورة الإرترية في منظمة التضامن الآسيوي الإفريقي التي كان مقرها في القاهرة حتى عام 1973. ثم عمل عضوا بمكتب الجبهة في ليبيا خلال الفترة بين عامي 1973 و1975. وهو الآن مقيم بالرياض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى