مقالات

سلفاكير على الخط : اريتريا .. معارضة واحدة وثلاث عواصم

16-Feb-2008

المركز

تقرير: محمد عبد العزيز
تعيش أريتريا حالياً حالة من الإحتقان السياسي الداخلي مبعثه الإحساس بإنفراد الرئيس اسياس افورقي بالقرارات كافة متجاهلاً وضارباً عرض الحائط بزملاء الكفاح الذين خرجوا واهبين حياتهم من أجل قضية الاستقلال.

وهذا الانفراد انعكس أيضاً على علاقات اريتريا الإقليمية والدولية.فبالأمس على سبيل المثال لا الحصر، أعلنت الأمم المتحدة ان قواتها لحفظ السلام المنتشرة في المنطقة الحدودية بين اريتريا وأثيوبيا، بدأت انتشارها المؤقت الى خارج اريتريا وغادرت هذه القوات اريتريا بعدما قطعت عنها الحكومة إمدادات الوقود.. وكانت هذه القوات انتشرت بعد توقف الحرب الحدودية بين أثيوبيا واريتريا العام 9991م.والاحتقان الداخلي هو الذي دفع الفريق سلفا كير النائب الأول لرئيس الجمهورية بالسفر أمس الى أسمرا التي تعد أحد أصدقاء الحركة الشعبية ويقول المراقبون إن نصف الشعب الاريتري يسعي لمغادرة كيس البندقية (شكل اريتريا في الخريطة)، سواء عبر البحر أو البر، ويبدو الخيار الاخير انسب واقل تكلفة خاصة الى السودان، رغم ان هناك آلاف الجنود يحرسون الحدود، مدججين بالسلاح والكلاب البوليسية، بل ان البعض اشار الى ان حكومة اريتريا استعانت أخيراً بالذئاب وتربيتها على الحدود لوقف موجات التسلل للسودان التي قد تصل في اليوم الواحد الى (400) حالة. الامر الذي يهدد اريتريا نفسها وربما يجعلها دولة بلا شعب، خاصة ان عدد سكان اريتريا حوالى (5) ملايين نسمة فقط.وترجع موجات اللجوء المتزايدة في الاساس الى طبيعة النظام الاريتري القابضة، التي تقوم على سياسة اقصاء الآخر، ويسعى الرئيس أفورقي الى سحق أية قوة على الساحة. الامر الذي اضطر القوى المناوئة لنظامه لقيادة المعارضة من عواصم خارجية، كانت الخرطوم واديس أبابا أشهرهما.وفي ظل تصاعد وهبوط تيرمومتر العلاقة بين مثلث اسمرا -الخرطوم- اديس.تباينت ردود الفعل بتغير الزمان والمكان.ففي الوقت الذي طالبت فيه المعارضة الاريترية وعدد من المراكز البحثية المهتمة بالشأن الاريتري بالخرطوم، السودان بلعب دور فعال للوساطة بين أسمرا ومعارضيها، كشفت رصيفتها بأديس عن مساعيها لإقامة حكومة موازية في المنفى.فقد ورد تصريح تناقلته وكالات الانباء منسوب لـ (أدحنوم قبرماريام) رئيس الحركة الشعبية الإريترية إن التحالف المعارض المكون من (13) تنظيماً سيجتمع في أديس أبابا في مارس القادم للإعلان عن حكومة في المنفى وانتخاب القيادة ومجلس الوزراء والبرلمان، وأضاف أن المعارضة ستحدد استراتيجياتها للإطاحة بنظام أفورقي الديكتاتوري، وإرساء دعائم الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات .الا انه عاد ونفى تصريحاته في وقت لاحق، ويرجع البعض هذا التراجع الى الضغوط التي مارستها بعض قيادات المعارضة عليه.ورغم ان بعض فصائل المعارضة لجأت لحمل السلاح بعد ان قنطت من الحوار مع افورقي، إلا أن العديد من فصائل المعارضة المختلفة سواء القومية او الوطنية او الاسلامية ترى ان لا حل للأزمة الاريترية الا بالحوار، وتستدل بما حدث في السودان، ووصول الصراع المسلح الذي استمر لاكثر من عشرين عاماً الى محطة الحوار والسلام بعد ان لم يجد المتحاربون بداً من ذلك.ويرى بعض المراقبين ان المعارضة الاريترية يغيب عنها ان الصراع المستعر بين الأطراف السودانية لم يصل الى محطة نيفاشا الا بعد ان فشلت الحكومة في سحق الجيش الشعبي، وفشل الاخير في الوصول الي الخرطوم والقضاء على الحكومة. وهنا يبدو ان المعادلة ينقصها اقتناع نظام اسمرا نفسه بجدوى الحوار مع المعارضة.والمتابع للعلاقات السودانية الاريترية يجد ان السمة البارزة لها هي التوتر والشك من الجانب الإريتري، رغم المصالحات الآنية ومعالجة الدبلوماسية لكل محاولات التعكير بتفهم ووعي، ولذلك تظل مؤثرات توتر الخلاف بين البلدين بوجود الخلاف الفكري بين النظامين والخوف الإريتري، من التوجه الإسلامي العربي في إريتريا عبر السودان، إضافة إلى وجود المعارضة ولو شكلياً في كلا البلدين قائمة. إلا أن التطبيع الأخير لعلاقة البلدين ومساهمة إريتريا في سلام الشرق قد يبشر بعلاقات مستقبلية جيدة بينهما. وربما هذا هو الذي دفع الجماعات المعارضة في السودان ولو بشكل اجتماعي الى مطالبة الحكومة السودانية للعب دور كبير للوسطاء في منبر تفاوضي بدعم قطري ومصري خاصة وأن الخرطوم تتمتع حالياً بعلاقات جيدة مع أسمرا.ويقول الخبراء إن زيارة سلفا تأتي في هذا السياق خاصة وأن الزيارة تمت بعد ساعات قليلة من زيارة لمصر.وبطبيعة الحال ليس السودان الفاعل الوحيد، فالجارة الجنوبية اثيوبيا ليست ببعيدة عن المشهد. فالحرب بين الجارتين اصبحت في الفترة الاخيرة تتسم بسياسة الحرب بالوكالة، حيث تستخدم إريتريا المعارضة الصومالية وفي الأوجادين فيما تستخدم أديس أبابا المعارضة الإريترية والتي يعدها البعض لا تمثل أي تهديد لحكومة أفورقي نسبة للتباينات الواسعة في أوساطها، وعدم التنسيق الكافئ، وامتلاك آليات الضغط الفاعلة على افورقي. بعض التقارير المخابراتية في الآونة الأخيرة المحت الى ان إثيوبيا ربما تقوم بمحاولة إنقلاب ضد الرئيس الإريتري أسياس افورقي يتبعها تدخل عسكري إثيوبي، بتأييد من واشنطن لحماية أديس أبابا من الإدانة الدولية . ومن ثم تسليم السلطة في اسمرا لإدارة إريترية مختلفة بعد سيناريو الإجتياح المفترض وذلك حتى تنجو من العقوبات المتوقعة من الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي بسبب اعتدائها على دولة تحظى بعضويتهما.غير ان أية محاولة لاجتياح اريتريا على غرار ما حدث في العراق، سيقوي نظام افورقي، خاصة ان صورة اثيوبيا في الذهن الاريتري البسيط ما زالت هي المستعمر المتسلط، الامر الذي سيعزز من صورة افورقي بطل التحرير و حامي الدولة الاريترية.وتبقي المعارضة الكرة في ملعب المعارضة الاريترية، التي توصف بأنها الوحيدة في المنطقة التي لم تصنف كمعارضة ارهابية في منطقة القرن الافريقي. الامر الذي يرشحها للعب دور اكثر اثارة وفعالية، سيتكشف في منتصف مارس القادم.المصدر: صحيفة الرأي العام السودانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى