مقالات

شاعِريَّة التجاني حسين وهَوَاه الإرتري! بقلم مكي المغربي

21-Nov-2014

عدوليس نقلا عن صحيفة السوداني

عُرِفَ الأستاذ التيجاني حسين دفع السيد، الشاعر والإعلامي والإقتصادي، بالهوى الإرتري، وقصيدته (يا جارة البحر) من أشهر الأغنيات الإرترية الوطنية، ولكن لفتني فيها ذكره لطفولته الإرترية بيد أن ما أعرفه عن الرجل أنه كردفاني المولد والنشأة؛ فقد وُلِدَ في أم روابة، ودرس في (خور طقَّت)، ثم تَخَرَّج في جامعة الخرطوم كلية الإقتصاد. وأحسست أن الخيال الشعري ساق الرجل إلى طفولة إرترية

وفعلاً، عندما التقيته سألته فأجاب بأنه تَقَمَّص شخصية الثائر الإريتري وذاب فيها. وعندما قال هذا الشعر كان ثائراً إرترياً في جبهة التحرير. وفي قصيدته:إريتريا يا جارةَ البحر ويا منارة الجنوب،من أجل عينيك الجميلتين يأتي زحفنا، من أقدس الدروب؛يا وردةً يعشقها أحبتي، يا جنة عشتُ بها طفولتي،يا أنت يا ضحية الحروب، لا زلت بين أضلعي ناراً وفي دفاتري قصيدة،وفي ظلال أعيني كدمعةٍ جديدة،وفي شعاع الشمس لوناً زاهياً، يسطع في تلالنا البعيدة،لازلت مثل وردة الربيع يا وحيدة، من أجل عينيك الحزينتين يا حبيبتي،سيطلع النهار؛ من أجل أطفالك يا مدينة الصغار.أجمل ما في قصائد التيجاني حسين الإريترية الست هو مزجه لكل المكونات الإريترية: “العربية والسامية والإفريقية والمسيحية التاريخية القديمة”. وهذا المزج ينساب دون أن تشعر فيه بالفرز؛ فالرجل يستعير الرموز الدينية، ويمنحها بعداً وطنياً جامعاً، ومثال ذلك:أعودُ يا حبيبتي وفي يدي السلاح، ومثل أمواج البحار يصعد الكفاح،وحين تستفزني مذلتي في وطني السليب،وحينما أشعر أني فارسٌ مسمَّرٌ في خشبِ الصليب،أكون يا إريتريا، كأيَّ نسرٍ ثائرٍ غضوُب.ثم يعود مرة أخرى ليذكر المكونات مفروزةً ومجتمعةً في سياق واحد يُشعِرُكَ بأنه إريتري حقيقة لا تقمصاً:عرفتُكِ أنتِ يا عربيةً تزهُو عزيمتها، ومسلمةً تصلِّي منذ نشأتها،وتدعو الله أنْ يأتي بأبناء لها خرجوا، وتتلو “الفتح” و “الفرقان” و “الشعراء” و “البقرة”؛عرفتك أنتِ يا أختي المسيحية،ويا قديستي السمراءَ يا روحي،أتيتكِ من عيون الفجر رمحاً يقهرُ الأعداءْ، ويُبعِدُ عنك كل جحافل الدخلاء.شكراً أستاذ التيجاني، واعذرنا على أن أطَلَّت دهشتنا لهذه القصائد، ومن حقنا أن نندهش لهذه العذوبة والرقة تنساب من بين المصطلحات الإقتصادية التي كتبتم عنها كثيراً؛ مثل التضخم والإنكماش والكساد ومرونة منحنى العرض والطلب ونحو ذلك مما عرفتم به في وجهكم الآخر. وأختتم عمودي هذا بسؤال ثاني: دلنا على قصيدة لك نشعر من خلالها أن مؤلفها رجل إقتصادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى