مقالات

شيء من الذكريات بمناسبة اليوبيل الذهبي لانطلاقة الثورة الاريترية بقلم/ ولديسوس عمار

15-Sep-2015

عدوليس ـ نقلا عن http://www.harnnet.org

ليس من وطنيٍّ اريتريٍّ يستحق هذا الاسم بحاجة الي التذكير بأن الفاتح من سبتمبر 2011م يومٌ عظيم الخطر يؤرخ للذكرى الخمسين لانطلاقة الثورة الاريترية التي أعلن القائد الوطني الفذ/ حامد إدريس عواتي ورفاقه في وحدته الأولى من جيش التحرير الارتري بدايتها من خلال الطلقات التي ترَدَّدَتْ أصداؤها في جبل أدال بغربيِّ اريتريا حيث جرت وقائع المعركة الأولى للتحرير. هذه الجملة أو السطور الافتتاحية تتضمن حقائق كنا نرددها لعقودٍ خلت منذ بداية الكفاح المسلح الي هذا اليوم، أيضاً كنا نحاول، كلٌّ علي طريقته، أن نسرد قصة هذا الكفاح من أجل الوحدة، التحرُّر الوطني، الحرية والديمقراطية، إلا أن المؤسف والمثير للمقت والغضب أن يتسبب شخصٌ شريرٌ أوحد هو إسياس أفورقي في الحيلولة دون تحقــُّــق تلك الأهداف الوطنية السامية. لذا في الوقت الذي يتواصل فيه نضالنا لتحقيق نفس الأهداف القديمة ونحتفل باليوبيل الذهبي للحدث التاريخي للفاتح من سبتمبر 1961م، من المفيد أيضاً أن نسجل ذكرياتنا عن الماضي حتى نصل الي رواية مكتملة غير شائهة ولا ملطخة لقصة عواتي، قصة نضال شعبنا من أجل ارتريا مستقرة، مزدهرة، ديمقراطية وذات سيادة، ذلك النضال الذي ما تزال شعلته متقدة.

هذا المقال المتواضع الذي بدأته دون أن أدري ما سأقوله عن هذه المناسبة العظيمة، سوف أقصره علي ذكرياتي المتواضعة حول العام 1961م بالإضافة الي تغطية شذرات من أيام مفصلية في التاريخ الارتري، خاصةً تلك التي تخللت العقود الخمسة المنصرمة. كما يريد الموضوع لفت الانتباه الي تحديات ما بعد الذكرى الخمسين. كذلك أود أن أضع كل مواطنيَّ الذين عاصروا العام 1961م وهم يومها فوق الخامسة عشر من العمر أمام تحدي رواية أحاسيسهم وأفعالهم أو أدوارهم في مثل هذا الشهر قبل خمسين عاماً مضت، ذلك أن تخمينات إحصائية حديثة للأمم المتحدة تقول إن 3% فقط من الخمس ملايين سكان ارتريا اليوم هم فوق الخامسة والستين. وفق هذه التقديرات نخمن أن حوالي مائة وخمسين ألفاً من الارتريين الأحياء كانوا في 1961م فوق الخامسة عشر. في ذلك السبتمبر التاريخي من 1961م كنت قد بلغت الحلم أو سن المراهقة لذلك بإمكاني المساعدة في رواية قسطٍ من القصة. 1961م عام الأحداث العالمية الجسيمةخارج بلادنا، حفل العام 1961م بأحداث جسيمة شدت عقول وقلوب الكثيرين في العالم، ففي ذلك العالم أرسل السوفيت يوري غاغرين الي الفضاء كأول بشر يرتاد الفضاء، وهو أيضاً العام الذي شهد تقلد الرئيس جون كندي رئاسة الولايات المتحدة كأصغر من تولى المنصب الأول في امريكا وفي ذات الوقت تعهد بالرد علي الإنجاز الفضائي العلمي للسوفيت بإنزال أول بشر علي القمر. وفي العام ذاته بلغت المخاوف من اندلاع حربٍ نووية عالمية ذروتها فيما عرف بأزمة خليج الخنازير عندما غزت امريكا ذلك الخليج الكائن في كوبا صديقة السوفيت وعدو وجارة امريكا. كما شهد العام ذاته تشييد جدار برلين الفاصل بين الألمانيتين، في افريقيا كان العام السابق 1960م حافلاً بأعياد إعلان الاستقلال في 16 مستعمرة، هذا بالإضافة الي الصراع بين بطل تحرير الكنغو الرئيس باتريس لوممبا والمتمردين عليه وأعوانهم من المستعمرين، مما أدى الي مقتل لوممبا ومقتل همرشولد الأمين العام للأمم المتحدة الذي كان في مهمة بالكنغو لحل مشكلة الصراع بين الطرفين، حيث مات في حادث طائرة غامض الأسباب. 1961م في اريتريافي 1961م كان الناس يعلمون القليل عن تأسيس التنظيم الارتري الجديد (جبهة التحرير الارترية) بالقاهرة في 1960م، بينما ارتريون كثر سمعوا باجتماع الرياض بين الشيخ/ إدريس محمد آدم الرئيس السابق للبرلمان الارتري والشيخ/ ابراهيم سلطان السكرتير العام السابق للكتلة الاستقلالية الارترية من جهة والملك سعود بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمير/ فيصل بن عبد العزيز من جهة. أيضاً حظي الزعيمان الارتريان المذكوران وبتهيئة وتعاون من الفلسطينيين، حظيا بحضور المؤتمر الاسلامي الذي عقد بالقدس الشرقية في مايو 1961م. هذه التطورات علي ضآلة حجمها كانت حديث المهامسات السياسية في ذلك العدد الضخم من مقاهي كرن. أيضاً كان الموضوع الأهم بالنسبة للتطورات السياسية في ارتريا في الأشهر الأولى من 1961م هو محاولة ديسمبر 1960م الانقلابية بأديس أبابا التي قادها الضابط الاثيوبي/ منقستو نواي، المحاولة الانقلابية أثارت اهتمام عدد كبير من أقراني، أتذكر جيداً تلك الساعات الطويلة التي كنت أنفقها متسمراً علي سماعات المذياع أتابع بلهفة أخبار الانقلاب، كما هزَّ الحدث البقايا القليلة لحزب الوحدة القديم ( أنصار ضم ارتريا الي اثيوبيا والمشهور بلقب آندنت أو حبرت وكلاهما تعنيان الوحدة)، كما أعطى الحدث الارتريين الوطنيين ( أنصار الاستقلال ) جرعة أمل وتشجيع، حيث كانوا يأملون أن تؤدي إزاحة الامبراطور هيلي سلاسي ضمن أحداث أخرى مواتية الي تغيير إيجابي في البيئة السياسية في ارتريا. لكن المؤسف أن ذلك التغيير في الوضع السياسي الذي تمناه وتوقعه الوطنيون قد تأخر خمس عشرة سنةً أخرى. الشكر الجزيل لأصدقائي من متابعي الصحافة والإذاعات الناطقة بالعربية الذين أعانوني باستيعاب العديد من تطورات 1961م خارج ارتريا، إلا أن ما أمتعني أكثر ذلك العام تمثل في التقارير والصور في بعض المجلات النادرة التي صوَّرت الفرحة العارمة بالاستقلال التي أبداها الشبان الافارقة في سِـنـِّـي. كما كان يجتاحني غضب جارف عندما أرى ارتريا المحرومة من الاستقلال بينما تتمتع به دول افريقية أصغر مساحةً وسكاناً من ارتريا. هذا الغضب قادني والكثيرين من أبناء جيلي الي المزيد والمزيد من القراءة حول ما حدث في ارتريا في الأربعينيات والخمسينيات. في 1961م كنا نذاكر دروسنا بجدٍّ واهتمام لاجتياز الامتحان العام للانتقال من الصف الثامن نهاية المرحلة الإعدادية ورغم ذلك كنا نقضي الساعات الطويلة في سوق كرن نستمع الي مسامرات رواد وأصحاب وعمال المقاهي الذين عرفوا بخفة الظل وسلاطة اللسان في التحدث علناً حول قضايا السياسة في ارتريا، أمثال السيد/ عبد الكريم زينو. خلال ذلك العام كان من السهل جداً أن تلحظ الإحباط العام الذي اعترى عدداً كبيراً من الارتريين الذين كانوا يرون الموت البطيء للاتحاد الفدرالي بين ارتريا واثيوبيا يقترب من لحظاته الأخيرة. بعض الوطنيين المعروفين بالجرأة والمغامرة كانوا يعبرون عن غضبهم بالانضمام الي الخلايا القليلة لحركة تحرير ارتريا التي تأسست ببورتسودان في أواخر الخمسينيات. لذا وفي ذلك المزاح الملطـَّــف كان القلة فقط هم الذين يصدقون إمكانية أن يشهد عامهم هذا ( 1961م ) اندلاع كفاح ارتري مسلح. بيد أن مراهقاً آخر وزميل دراسة بذات الصف هو محمود محمد علي جنجر كان يبدو عليه أنه علي علم بنوعٍ من التمهيد يجري لإعلان مواجهة عسكرية، لكن عندما أخبرناه أنا وزميل الدراسة أيضاً – مكئيل قابر – بأننا من النشطين في كتابات ورسوم الحيطان أجابنا فوراً: (يا سلام، لم أكن أعلم أنكما أنتما اللذان قاما بذلك النشاط، لكن دعوني أؤكد لكم أن إخواننا الكبار مقدمون علي عمل أكبر من ذلك خلال الأيام القليلة القادمة).لم نفهم – ساعتها – ما يعنيه زميلنا جنجر بالضبط، لكن بعد عام من ذلك سمعنا عن ظهور نوعٍ جديد من (الشِّـفـْـتا) – قطاع الطرق – يسمَّــوْنَ (جبهة) – جبهة التحرير الاريترية – يحملون علم اريتريا السماوي اللون أينما ساروا. كنا ستاً وثمانين (86) طالباً ندرس بالصف الثامن في العام 1961م، لكن أربع فقط من هؤلاء الست وثمانين حصلوا علي الدرجة المؤهلة للانتقال الي المرحلة الثانوية والتي كانت محصورة في ثانويتين اثنتين فقط بالعاصمة أسمرا غير قادرتين علي استيعاب عدد كبير من الطلاب، في ذلك الوقت كان المرور في اللغة الأمهرية إجبارياً لا يجزئ عنه المرور في بقية المواد الدراسية، مما تسبب في إرباك حسابات أولئك الطلبة الذين ظلوا يتلقون دراستهم باللغة العربية حتى الصف السادس وبالتالي لم يتعرفوا علي الأمهرية وأبجديتها المختلفة عن اللاتينية والعربية إلا متأخرين، وعليه ولذلك السبب لم يكن بوسع زملاء دراستنا، أمثال محمود جنجر وصالح حيوتي وآخرين مواصلة دراستهم، ولم يلبث معظم هؤلاء أن التحقوا بالكفاح المسلح، حيث عمل جنجر كادراً سياسياً بالجبهة حتى استشهاده بمعركة بقـُّــو في ربيع العام 1966م. وقد صلب جثمانه الطاهر في مدينة كرن بالقرب من مقهىً كـُــنـَّــا والشهيد كثيراً ما نتحدث فيه عن السياسة حتى صيف 1961م. دعني أستطرد قليلاً في سرد هذه الطرفة التي أظنها ذات مغزى في حكايتي عن العام 1961م. فور استلام الفيتوراري/ أسفها ولد ميكائيل (الذي ترقى فيما بعد الي رتبة البَـيـْـتـَـوَدَّد) مقاليد رئاسة سلطة اريتريا التنفيذية في 1955م من السيد/ تدلا بايرو ذهب لتوه الي كرن المعروفة حينها بأنها الكرسي الساخن للسياسة في ارتريا، والتي هي في ذات الوقت المقر الرئيس للحزبين الكبيرين المعروفين بقوة دفاعهما عن خيار استقلال ارتريا في الأربعينيات، ألا وهما حزب الرابطة الإسلامية وحزب ارتريا الجديدة (نوفا ارتريا بارتي). سيادة الرئيس الجديد لحكومة ارتريا أسفها ولد ميكائيل كان يعلم جيداً الثقل الاجتماعي لمدينة كرن باعتبارها بوتقة الصهر للمجتمع الارتري برمته، حيث تؤوي كل تنوُّع الأمة الارترية، فور وصوله كرن خاطب الفيتوراري أسفها الحشد الجماهيري الذي استقبله بملعب كرة القدم بما يمكن تلخيصه في الآتي: ( ارتريا برميل من الماء لكن كرن كوب من السم، وإذا خلطنا الاثنين ببعضهما فلن يستطيع الماء علي كثرته أن يتغلب علي كوب السم علي ضآلة حجمه، بل العكس هو الذي سيحدث. لذلك من المؤكد أننا لن نخلط السم بالماء). ومع ذلك سرعان ما أثبتت الأحداث اللاحقة خطأ أقوال الفيتوراري، حيث تجاوزت الأحداث سيادته وفعالية مراسيم حكمه وأجهزة أمنه وحدث ما كان يخشاه من اختلاط قليل السم بكثير الماء. معلمونا بمدينة كرن الذين تشربوا بالعواطف الوطنية المتقدة أمثال الأستاذ/ سيوم نقاسي وأصحاب المتاجر أمثال عبد الكريم زينو، غرسوا روحهم الوطنية في أدمغتنا ودمائنا الشابة، في سبتمبر 1961م ذهبت أنا وصديقي وزميلي مكئيل غابر الي اسمرا لبدء الدراسة بالصف التاسع بمدرسة الأمير مكونن الثانوية، أعتقد أن ذلك الحدث الضئيل الحجم قد صنع تغييراً جذرياً في السياسة الارترية. في مدرسة الأمير مكونن جمعتنا فصول الدراسة بالصف التاسع بزملاء دراسة جدد، وأذكر تماماً أن هؤلاء الزملاء الجدد لم يكونوا مُـلِـمـِّـين ولا واعين بالحراك السياسي للكرنيِّـين والذي كنا نحن علي العكس منهم مسلحين بجرثومته الي الأسنان، كان من بين هؤلاء كلٌّ من: سيوم عقبا ميكائيل، ولد داويت تمسقن، هيلي ولد تنسائي (هيلي درُّوع)، إسياس أفورقي، موسيي تسفا ميكائيل (الأخير من مؤسسي حركة منكع بالجبهة الشعبية لتحرير اريتريا) وآخرين كانت لهم أدوار مشهودة في حركة التحرر الوطني الاريترية. بين سبتمبر 1961م ويونيو 1965م قامت هذه المجموعة الممتلئة بالروح الوطنية وحماسة الشباب بتنظيم تظاهرة طلابية بأسمرا جعلت العاصمة تهتز وتترنح طيلة تلك السنوات الأربع ولمدة طويلة بعدها أيضاً، حيث واصل خـَــلــَــفُ هؤلاء بالمدرسة أمثال عبد الله حسن وقرزقهير تولدي وآخرين الإمساك بشعلة التظاهر حية. في رأيي كان لتلك التظاهرات إسهام بارز في تشكيل واستنهاض الوعي الوطني الاريتري بأسمرا ومحيطها من القرى والمدن. مزيج من أحداث اريتريا علي رأس كل عقد من العقود الخمس المنصرمة:فاضت الخمسون عاماً المنصرمة من التاريخ الارتري بالأحداث الهامة الجديرة بالكتابة عنها حتى تعلم الأجيال الاريترية الجديدة أي أثمانٍ باهظة دفع شعبنا ليحرز استقلاله الوطني. هذا بالطبع يتطلب وقتاً وفراغاً أكبر، أنا شخصياً لا أزعم أنني في الوقت الحاضر سوف أقوم بشيء من هذا، بل سأعيد عليكم ما قلته قبل عشر سنوات في مهرجان تنظيم جبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري بمدينة كاسل الألمانية وذلك عقب الرسالة القوية التي وجهها زميل دراستي هيلي دروع عبر مهرجان تنظيم الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة ( الحزب الحاكم في اريتريا اليوم) والذي أقيم في يوليو 2000م بمدينة فرانكفورت الألمانية أيضاً. واليكم ما قلته آنذاك: في بداية كل عقد ( عشر سنوات ) حفل تاريخنا المعاصر بأحداث هامة إيجاباً أو سلباً، علي سبيل المثال نورد ما جرى في العقود التالية: “1941م”: شهد هذا العام انهزام إيطاليا في الحرب العالمية الثانية وبالتالي خروجها من ارتريا وأيلولة تركتها الاستعمارية في ارتريا الي الانتداب البريطاني، لقد كان ذلك حدثاً فارقاً في تاريخنا. “1951م”: في هذا العام بدأ شعبنا يتهيأ لدخول طورٍ جديد يتمتع فيه بالدستور الديمقراطي والانتخابات الوطنية.”1961م”: إنه العام الذي شهد الحدث المفصلي في التاريخ الارتري المتمثل في إعلان شعبنا ثورته التحررية. “1971م”: انعقاد المؤتمر الوطني العام الأول لجبهة التحرير الارترية بالميدان، كما أنه العام الذي شهد بداية الانقسامات التي انبثق عنها فيما بعد ميلاد التنظيم الذي تسيَّــد العقد الأخير من حرب التحرير الارترية.”1981م”: انهزام جبهة التحرير الاريترية عسكرياً في الحرب الأهلية بينها وبين الجبهة الشعبية (80-81م).”1991م”: تـَـتـَــوُّج الكفاح التحرري الاريتري المسلح بتحرير كامل التراب الارتري من الوجود الاستعماري بعد حرب تحريرٍ استغرقت ثلاثين عاماً. “2001م”: من يدري لعل هذا العام، أي 2001م، يشهد تغيرات في اريتريا؟!!! ( لكنه بالتأكيد كان العام الذي شهد تعرُّض الدكتاتورية الي تحدٍّ ومواجهة لم تعرفهما من قبل ). حسناً، اليوم أيضاً نستهل عقداً آخر جديداً في تاريخنا، وها هو النصف الأول من العام 2011م يشهد بوجود إمكانات هائلة لإحداث التغيير عبر قوة الشعب الأعزل وليس المسلح، إن الانتصارات الشعبية التي تحققت في كلٍّ من تونس ومصر وليبيا ربما تعم معظم دول المنطقة. ومن يدري، فقد يشهد 2011م ما يدهشنا ويفرحنا في آنٍ معاً، في ذات الوقت سوف يتذكر الاريتريون العام 2011م طويلاً، فهو العام الذي شهد انعقاد المؤتمر العام الأول لحزب الشعب الديمقراطي الاريتري (يوليو 2011م) والذي بعث فيه برسائل كبرى للتغيير والحياة الديمقراطية المستدامة في اريتريا. تحديات ما بعد الذكرى الخمسين:في يناير الماضي من هذا العام دخلت اريتريا العام الواحد وعشرين بعد المائة ( 121 عاماً ) من عمرها تحت هذا الاسم، والأول من ابريل شهد الذكرى السبعين لنهاية العهد الاستعماري الايطالي في اريتريا، والرابع والعشرون من مايو يصادف الذكرى العشرين للتحرير الذي هو الحدث الأهم في السنوات الخمسين الأخيرة من عمر النضال التحرري. لكن من المهم لنا جميعاً أن نعلم أن مستقبل ارتريا ما يزال شائكاً لا يسمح حتى بإيراد الحد الأدنى مما يجب أن يقال. وعلي كلٍّ يمكننا فيما يلي تلخيص المخاطر والتحديات الماثلة:•العشرون عاماً من الحكم الدكتاتوري لإسياس أفورقي أضعفت ارتريا في عدة أوجه، وأهم الأضرار في هذا الصدد كانت من نصيب الثقة بالنفس التي كانت هذه الأمة المقاتلة تتمتع بها، كما أصبحت الوحدة الوطنية أكثر عرضة للضعف والتمزق أكثر مما كانت عليه قبل عشرين بل خمسين عاماً خلت، فالوحدة الآن عرضة لكل العواصف التي تهب عليها من كل حدبٍ وصوب. •أغلبية قوى المعارضة الارترية تفتقر الي رسالة واضحة وموضوعية تخاطب بها الشعب.•دول الجوار الارتري باتت أكثر ميلاً الي تغليب مصالحها الوطنية مع بصيص من الاهتمام، بل يدفع الارتريون ثمن كونهم ضحايا نظامهم. اليوم ونحن أمام مناسبة اليوبيل الذهبي الجليلة التي تمر علينا وقد تلطخت بآثام رجل واحد وشرذمة قليلة من أعوانه فصارت ذهبيتها أقل بريقاً، نجد أحلامنا القديمة تسير في الاتجاه المعاكس لخط سيرها الطبيعي الإيجابي. الآن والأحداث تبدو وكأنها تسير مجبرةً الي أقدارها المحتومة، من الممكن جداً أن يصيب ارتريا في مقبل الأيام كل ما هو أسوأ وأقبح ما لم نقم بما يلي: – إصلاح وإعادة تأطير وتشكيل جميع قوى المعارضة حتي تكون قوى وطنية قابلة للحياة وقادرة علي مخاطبة ومجابهة الأخطار التي تتهدد حياة ارتريا وشعبها.- تمرير أوضح الرسائل الملائمة لمخاطبة القوى الشبابية الارترية بأن تأخذ قـَـدَرَها ومصيرها بيده لا بيد الآخرين وتكون بالتالي شريكاً جاداً في النضال من أجل إنقاذ الوطن. – أن نقوم بكل ما يقنع جيران اريتريا المهمين أن السياسة الصحيحة الواجبة الاتباع لتحقيق مصلحة الجميع ليست فقط تلك التي تنفذ المشاريع الخاصة دون مراعاة الآمال والأشواق بل والمصالح العريضة للاريتريين في عصر ما بعد أفورقي. الشعب الارتري جديرٌ بالانتصار فليتواصل النضال لتحقيق جميع الأمنيات والآمال. يوبيل ذهبي سعيد لذكرى الأول من سبتمبر المجد والخلود لشهدائنا ولد يسوس عمارغرة سبتمبر 2011م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى