مقالات

علاقة صحفي بقضية شعب .. سيد احمد نموذجا : جمال همد*

2-Aug-2010

المركز

وكما كسر الحصار المطبق على مأساة الشعب الإريتري عام 1967م كسره في العام 2006م وبذات القلم الوضيء .. وكما واجهه العتاة من المدافعين عن سياسية الإمبراطور هيلي سلاسي بحجة عدم التدخل في شؤون الغير والحفاظ على (حسن العلاقات )و هم يشاهدون جيوشه الإمبراطور العجوز تجوب الوديان والجبال وتحرق الأخضر واليابس وتشرد الأطفال والشيوخ والنساء والآمنين من أبناء اريتريا ، واجه ابو السيد المدافعين عن سياسة أسمرا الرسمية والساكتين عن مأساة شعب جار !.

سيد احمد خليفة رجل متماسك الأفكار واضح الرؤية وثاقب النظرة .. القضايا التي آمن بها لاتشيخ ولا تتبدل مادامت مسبباتها قائمة . الرجل لم ينطلق من محركات أيدولوجية تخضع للإسترتيجية والتكتيك .. ولا من برنامج حزبي يأخذ الظروف الموضوعية والذاتية في الأعتبار عند إتخاذ قراراته ، ولا من صرامة مركزية القيادة والقائد ، بل ينطلق من مقولة مفادها ( ما يجب ان تكون عليه الأمور) وما يجب ان يكون عليه الإنسان … وان لاتمس الكرامة الإنسانية . هذا الأفكار طبعت كل سياساته التحريرية في صحيفته وكل الصحف التي عمل بها داخل وخارج السودان وهذا ما ربطه بحبال الود والتقدير والإحترام مع البسطاء مع ابناء شعبه والمناضلين من أبناء القرن الإفريقي وكذلك المناضلين العرب.يقول المناضل السابق في الثورة الإريترية عثمان بدوي عمريت ( الراحل كان ينطلق من رؤية جيو بولوتيكية ونظرة شمولية لأحداث المنطقة ولم ينظر للصراع الإريتري الإثيوبي بعيدا عن وطنه حيث كان يرى ان وجود دولة إريترية مستقلة وآمنة أفضل للسودان من إستمرار دولة إثيوبية إستعمارية) وأضاف عمريت الذي كان يتحدث في تأبين الأستاذ في مدينة مالبورن الأسترالية ( ان الأستاذ تحرك بقوة في أوساط شخصيات سودانية قريبة من الرئيس نميري حتى ينصح بعدم التفريط في حقوق الشعب الإريتري عند لقاءه بالرئيس الأثيوبي منقستو هيلي ماريام في العاصمة السراليونية فريتاون في سبعينات القرن الماضي ).القيادي البارز في حزب الشعب الديمقراطي الإريتري وزميل الأستاذ في النضال محمد نور احمد تحدث عن اللحظات الأولى التي ربطت الصحفي الشاب والتواق للحقيقة سيد احمد خليفة بالثورة الإريترية وقال استطاع الراحل ان يلهب مشاعر الشارع الخرطومي ويحوله الى كتلة ضخمة مطالبة بإطلاق سراح المناضلين الإريترين من السجون ولم يجد وزير الداخلية السوداني آنذاك بد من الإنصياع لمطلب المظاهرة الشعبية الهادرة أمام مقر الرؤساء العرب في الخرطوم في قمة الآءات الثلاثة عام 1967م).القيادي السابق بجبهة التحرير الإريترية والمقيم باستراليا عمر جابر عمر أشارة الة ميزة مهمة في علاقة الأستاذ بالثورة وهي عدم تورطه في صراعات الفصائل ومشكلاتها مما أكسبه إحترام الجميع.ياسين محمد نور الموظف السابق في الشركة السعودية للأبحاث والنشر زامل الفقيد في تلك الفترة ولاحظ ان الأستاذ كان يعطي الأولية في النشر لقضايا إريتريا وقال ان الإريتريين انفسهم تعرفوا الى قياداتهم من خلال سيد احمد خليفة .هذا التابين الذي أقيم في 24يوليو الماضي ونظمته الجالية الإريترية بأستراليا بالتعاون مع إذاعة الجالية قصد منه لفتة وفاء لرجل كرس كل حياته لقضية شعب آمن بها . لم يرتبط سيد احمد خليفة بجزء دون آخر من فصائل الثورة الإريترية ولاحقا المعارضة الإريترية بل كان يقف على مساحة متساوية من الجميع .. كما أرتبط الراحل بالبساط من أبناء الشعب الإريتري فكان ملجأ لهم في كل شجونهم وهمومهم وبوجه السمح المريح كان يهون عليهم ويحل مشكلاتهم دون تذمر ولا ضيق ، وقد سمعت العشرات من القصص من غمار الناس الذين افتقدوه .كان يقف وحده أمام الجميع وضد السائد بإيمان لايتزعزع وبقلب مفتوح ليرسخ علاقة قل مثيلها بين صحفي صاحب رؤية وقضية شعب ، بل نقول شعوب القرن الإفريقي.قبل أكثر من خمسة سنوات تعرفت إليه استوقفني مرة في بهومبنى الصحيفة وقال : (عندك قدره تحرر صفحة إسبوعية تهتم بالشأن الإريتري ؟ ) قلت أحاول ! قال لا حدد إجابتك . قلت إستطيع . طيب جيبها يوم الأحد الجاي وتعال . بتردد قلت له ( طيب أجيب ليك تصور مكتوب لشكل ومضون الصفحة ) رد قاطعا : ( جيب مادة جاهزه يوم الأحد الجاي .) وتجاوزني ! أسقط في يدي وتملكني الرعب من الفكره التي وافقت عليها ، عدت الى زملائي وبسطت الأقتراح بين يديهم وكانت الصفحة التي تنشر تحت عنوان ( رسالة إريتريا ) ولأكثر من سنتين . تعلمنا خلالها ما يجب نشره في صحيفة بقامة سيد احمد خليفة ، لم يتدخل قط فيما نحرره من مواد ليملؤنا الفخر ولنقول بفخر تتلمذنا على يد سيد احمد خليفة .* نشر في صحيفة الوطن – السبت 31/7/2010م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى