مقالات

فى الندوة الدولية حول اعماله الفكرية : محمد أبو القاسم حاج حمد.. الشخصية والرؤية والمنهج

17-May-2007

ecms

رصد : التقى محمد عثمان
انعقدت صباح امس بقاعة السودان الكبرى بفندق الهيلتون الندوة الدولية حول الاعمال الفكرية للمفكر الراحل محمد ابو القاسم حاج حمد ، تحت عنوان »محمد ابو القاسم حاج حمد.. الشخصية والرؤية والمنهج«، خاطبها لفيف من اهل الفكر والثقافة يتقدمهم الامام الصادق المهدي والبروفيسور طه جابر العلواني والدكتور ابو يعرب المرزوقي ، وتحدثت فيها الاستاذة دينا زوجة الفقيد.

»الصحافة« تقدم فيما يلي رصدا لفعاليات الجلسة الافتتاحية على ان تقدم لاحقا عرضا لمداولات الجلسات الممتدة ليومين والتي تتناول اربعة محاور، ثلاثة منها عن »الفكري والمعرفي« ، والرابع عن »السياسي والاستراتيجي« لدى حاج حمد، تتخللهما مائدتان مستديرتان، الاولى تناقش »كونفيدرالية القرن الافريقي« ، والثانية تتناول »منهجية القرآن المعرفية«. سنتان وخمسة أشهربعد ان تقدمت اللجنة المنظمة للندوة بكلمة ضافية شكرت فيها كل الذين تعاونوا في انجاز الفعالية ابتداء من رئاسة الجمهورية وانتهاء بالهيئة العربية للانماء، اعلنت تدشين الموقع الالكتروني للراحل باسم www.haghhamad ونيتها رصد جائزة لأفضل مقال فكري باسم حاج حمد، ليفسح بعدها المهندس عبد المنعم مصطفى رئيس اللجنة المنظمة المجال لاسرة الراحل ، ممثلة في زوجته دينا، التي استهلت حديثها بالاشارة الى مرور سنتين وخمسة اشهر على رحيل »الرجل الذي كان امة وحاملا ليس فقط لهموم شعبه ووطنه بل لمعاناة الانسانية جمعاء وهو يقدم عصارة فكره ومجاهداته يمنى ويسرى وفي كل بقعة حاملا البشارة والنذارة فيضا يتدفق في جدلية تربط بين الغيب والانسان والطبيعة« ، وتقدمت دينا بشكرها الجزيل لكل الذين شاركوا وساهموا في اعمال الندوة معتبرة اياها »وقفة اجلال وتقدير للمفكر والباحث الاستراتيجي محمد ابو القاسم حاج حمد«.صورة نادرةالإمام الصادق المهدي قال »كثير من المفكرين السودانيين لا يشتغلون بالسياسة وكثير من الساسة لا يشتغلون بالفكر، ولكن فقيدنا جمع بين الهمين.. وكثير من الساسة نجدهم محصورين في الواقع الداخلي غير معنيين بما يحيط بالسودان اقليميا ودوليا.. وكان فقيدنا الراحل ملما بالسياسة السودانية مهتما بمحيطها الادنى الاقليمي ومحيطها الاوسع الدولي بصورة نادرة«. ويشير المهدي الى ان ما جمعه بالراحل »مودة واحترام متبادلان وحرص على الحوار الهادف وتبادل الآراء« ، ورغم اختلافه معه في كثير مما ورد في كتابه الاشهر »السودان المأزق التاريخي وآفاق المستقبل«، يعلن الامام الصادق اتفاقه مع حاج حمد في امرين هامين هما »وجود جاذب تاريخي يستلب ارادة الشتات السوداني الى وحدة فعلية على حد تعبيره، وان السودان حسبما تقرره جدليته موقفا وتاريخا وطبيعة يعرف نفسه ويتعرف عليها حين يتدافع عبر مساره اهله من عرب وبجة وزنوج ونوبة ونوباويين.. واوافقه ايضا ان كوش بفرعيها الشمالي في نبتة والجنوبي في مروي لم يدركها المحو التام بل غذت الخصوصية السودانية«.ويمضي المهدي الى القول ان »التحدي الذي يواجه الفكر والسياسة في السودان هو استيعاب التنوع الداخلي في ديباجته الوطنية واستيعاب التعددية في محيطه الاقليمي« ، حامدا لصاحب الذكرى فضله في »انه وضع هذه القضايا في اجندتنا الفكرية السياسية ليجد في تناولها العقل السياسي السوداني الذي يواجه اليوم تحدياً قوياً«.معارف وخبراتالبروفيسور طه جابر العلواني الرئيس السابق للمعهد العالمي للفكر الاسلامي، تناول في ورقته »ابو القاسم حاج حمد.. المفكر الاسلامي العظيم« ، دعامتين اساسيتين في خطاب ابو القاسم الاولى: استيعاب تراث العصر والتراث الاسلامي معاً بالقرآن المجيد، الثانية: القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية التي تجعل لخطاب النهضة وللمفكرين الذين يتناولون جوانبه المختلفة مغزى ومعنى، ويعرض العلواني الى فترة التحاق حاج حمد بالمعهد قائلا »حين اكتشفت الرجل كنت اعتبر مسؤوليتي بوصفي رئيسا لتلك المؤسسة الكشف عن الطاقات الاسلامية المتميزة في العالم كله والعمل على ايجاد الروابط والصلات بينها وتقديم منبر اوميدان لهم يلتقون فيه ويتحاورون ويتابعون ثمار الافكار التي يمن الله تبارك وتعالى بها على أي منهم« ، وبالفعل يلتحق حاج حمد بالمعهد ويصبح مستشارا لرئيس المعهد وواحدا من رجاله يستطيع ان يتحرك بشرعيته، ولكن الامر لم يمض بسلام كما يوضح العلواني »الانفتاح على البعض كان موضع ملاحظة واعتراض من عناصر الدعوة والحركة الذين كانوا يرون ان على المعهد ان يستمد شرعيته من عمق حركي دعوي عليه ان يؤسسه ويعترف به في داخل الحركة الاسلامية وبصورة خاصة في كبرى الحركات الاسلامية وما تفرع عنها، فعز على هؤلاء ان ينفتح المعهد على رجل مثل محمدابو القاسم حاج حمد، وكذلك كان موقف البعض من استقطاب المعهد للاستاذ العلامة محمد عمارة والاستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري وامثالهم الذين يندر وجود امثالهم في العالم الاسلامي اليوم في معارفهم المتنوعة وخبراتهم الكثيرة«.ترقيات فكريةالبروفيسور حسن مكي ، قال في »قبسات من سيرة محمد أبي القاسم حاج حمد على ضوء نصف شمعة ان »سيرة الأستاذ المرحوم تحتاج لكشافات قوية الاضاءة لتحيط بقدرات واسهامات هذه الشخصية الفذة«، مشدداً على أن حاج حمد »لم يك مجرد مفكر أو منظر بل كان ناشطاً ومناضلاً«، »وبالاضافة إلى نضاله السياسي كان المرحوم مكتب علاقات عامة على امتداد العالم العربي، حيث ما من مثقف عربي إلا وامتدت يده إليه« ، ويلقى مكي اضاءة حول شخصية حاج حمد »فهو ينحدر من عائلة رباطابية معروفة تنتمي الى سلك الطريقة الختمية التي كان عنوان رؤيتها للعمل السياسي في السودان »الاتحاد مع مصر« وكان والده من قلائل السودانيين الذين تلقوا تعليماً وتدريباً مكنهم من متابعة الترقيات الادارية في عهد الاستعمار وما بعد الاستقلال، كما أصبح والده نائباً برلمانياً، كل ذلك مكن محمد من الاحاطة والالمام بواقع الثقافة والسياسة السودانية، ولد محمد في جزيرة مقرات في 28/11/1942م واكمل الكتاب والوسطى في بورتسودان وجزءاً من الثانوية في عطبرة حيث فصل بسبب مشاركته في مظاهرة ضد سياسات حكومة الرئيس الراحل عبود في الكنغو والمتعلقة بمقتل لوممبا، ثم التحق بالاحفاد ولكنه زهد في الدراسة ولم يؤد امتحان الشهادة وانقطع للتثقيف الذاتي، ولم يواصل محمد تعليماً مدنياً عالياً وانما اكتفى بالتكوين الذاتي ثم عمد إلى تثقيف نفسه ومتابعة ترقياته الفكرية«.دين مستحقالسفير محمد نور أحمد، سفير اريتريا السابق في الصين، وعضو المكتب التنفيذي للحزب الديمقراطي غطى على الغياب الاريتري الرسمي بمقال عن الراحل قدمه بين يدي الجلسة الاحتفائية جاء فيه ان حاج حمد »وان كان سوداني الاصل والمولد والمنشأ فنحن الاريتريين نعتبره اريترياً لهذا كان يحمل الجنسية الاريترية الى جانب جنسيته السودانية لما قدمه لحركتنا الوطنية من أعمال جليلة في حقبة الكفاح المسلح« ، ويعرج نور في حديثه الى دور حاج حمد في ولوج الثورة الاريترية الى الرأي العام السوداني سيما بين المثقفين فقد كان »أحد المفاتيح واهمها« في هذا الشأن ، ذاكراً عدداً من الصحفيين والمثقفين كالفاتح التجاني ومحمد الحسن أحمد وصديق محسي وخالد المبارك وجمال عبد الملك »ابن خلدون« الذي لعب مقاله دوراً رائعاً في الحملة لاجهاض الكتاب الذي صدر باسم الصحفي أحمد طيفور أو أجبر على وضع اسمه عليه من قبل »تارقي« الملحق العسكري بالسفارة الاثيوبية في عام 1965م أو سفير جهنم كما كان يطلق عليه الراحل محمود محمد مدني لأنه دخل اريتريا وكتب تحقيقاً عن الثورة الاريترية وقد استهل هذه الحملة صالح محمود اسماعيل صاحب جريدة أكتوبر التي نشرت التحقيق بكلمة في الافتتاحية تحت عنوان »واأسفاه«.ويمضي محمد نور إلى أن دور حاج حمد لم يقتصر في دعمه للثورة الاريترية على قلمه والندوات »بل نجده أيضاً مع زملائه في مجموعة الاشتراكيين العرب عندما ساهموا بنقل جزء من أسلحة الثورة في عام 1965م في حقائب ملابس على القطار من الخرطوم إلى كسلا حيث أمكن تسريبها إلى داخل اريتريا«، خالصاً إلى أن اسهام حاج حمد »دين في عنق كل اريتري وسيكون محفوظاً في سجلات الثورة الاريترية لتعود إليه الأجيال بعد الأجيال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى