مقالات

في موكب مهيب جماهير الشعب الارتري بولاية كسلا :تشيع القائد الرمز عبد الله إدريس: علي عبد العليم

11-May-2011

المركز

[ عبد الله شهيد لعهد جديد ] كان من الهتافات التي ودعت بها الجماهير الارترية الوفية بولاية كسلا الزعيم الوطني الرمز عبد الله ادريس محمد يوم أمس التاسع من مايو .انتظرت جموع المشيعين يتقدمهم أعيان ووجهاء مدينة كسلا ، والقيادات الرسمية والشعبية ، وقيادات التنظيمات الارترية .. انتظرت لحظة وصول جثمان الفقيد العزيز من الخرطوم التي وصل إليها من لندن حيث وافته المنية وهو على سرير المرض ، )ولا نامت أعين الجبناء (!. وبوصول الجثمان الطاهر تعالت صيحات التكبير والتهليل ، واشرأبت الأعناق لتلقي نظرة الوداع الأخيرة ، داعية الله تعالى أن ينزله أعلى عليين .

تحرك الموكب الجنائزي الحزين من الباحة أمام منزل الفقيد بغرب مدينة كسلا ، حيث نصبت سرادق العزاء ، حاملة علم ارتريا الأصيل ولافتة كبيرة مكتوب عليها [ أبناء الشعب الارتري وجماهير جبهة التحرير الارترية يودعون القائد الرمز عبد الله ادريس محمد ] .تحركت في الموكب جماهير غفيرة جاءت من كل حدب وصوب ، ومن كافة قطاعات الشعب الارتري ، راجلة ومحمولة على أسطول طويل من العربات غطت مد البصر ، حتى احتشدت في الساحة شمال مقبرة (الحسن والحسين) شرقي كسلا ، وأدت صلاة الجنازة ودعت للفقيد بحرارة وضراعة ، ثم أعقب ذلك كلمة تأبينية من المناضل حسين خليفة رئيس اللجنة التنفيذية لجبهة التحرير ، في القائد الرمز عبد الله ادريس ، عدّ فيها يوم التأبين هذا من اللحظات التاريخية التي وقف مثلها مرارا الارتريون للدفاع عن حقهم في الحياة الحرة والكريمة ، وأنه سيخلد في ذاكرة الأجيال .. وستنقش لحظاته المجيدة بأحرف من نور ، ذلك لأننا نودع فيه بطلا من أبطال ارتريا ورمزا وطنيا من طراز خاص ، وقائدا فذا ومقاتلا جسورا ..وعرج المناضل حسين في كلمته الى تعداد مناقب الشهيد أبو إبراهيم ، الذي سكنه الهم الوطني منذ الصبا الباكر ودفعه للالتحاق بجبهة التحرير الارترية ، في وقت [ إذ أنتم قليل مستضعفون تخافون أن يتخطفكم الناس ] ، حيث العدد والعتاد قليل ، والداعم والنصير أقل .تميز الفقيد بالحكمة والشجاعة النادرة وتحلى بالصفات القيادية العالية ، وكان مخططا عسكريا بارعا ، وخائضا غمار الحروب لا يشق له غبار ، يثق الجنود في قيادته ، ويسكنون لرمزيته ، ويطمئنون بنصر الله لهم وهو أمامهم يقتحم أتون المعارك غير هياب ولا متولي عن الزحف ، هذه الثقة الكبيرة التي أولاها القادة والجنود في جبهة التحرير لفقيدنا، بجانب صفاته الشخصية، أهلته لتولي مناصب قيادية في جيش التحرير حتى أصبح قائدا له في عام 1969م، وانطلق به وبمعاونة رفاقه الأبرار ( جيشا عرمرما ) انتشر في طول البلاد وعرضها ، يزرع الأمل في نفوس الجماهير ، ويبث الرعب في قلوب المستعمرين والطوابير المندسة ..من الصفات الشخصية التي تزيّن بها الفقيد الكبير التواضع والالفة والسماحة والشجاعة والحزم ، وعدم اليأس والقنوط في أحلك الظروف ، وفي أعقد المواقف ، وكان بحق رجل المواقف الحرجة ، فقد انتزع جبهة التحرير من الانهيار والاضمحلال بعد أن نخر العملاء والطائفيين داخلها كالسوس ، وتحالفوا مع قوة أجنبية لإبعاد جيش التحرير عن الساحة .. فانتفض عبد الله ادريس صائحا: ( أتنتقص الثورة وأنا حي ) فكانت الخطوة التصحيحية في 25/3/1983م ، والتي حفظت جذوة النضال ، وأبقت جبهة التحرير موئلا للمناضلين ..من الصفات الكريمة التي توشّح بها الفقيد الرمز، النزاهة وعفة اليد واللسان ونظافة الثوب ، فلم يرتع في الشهوات المحرمة مثلما غاص في مستنقعها بعض القيادات فكانت قيودا عليهم ، مكبلة لحريتهم لم يستطيعوا منها فكاكا !. وصارت كرت ضغط بيد العملاء والطائفيين عليهم.. أما عبد الله ادريس فقد كان كبيرا عفيفا ما غاب عنه هدفه السامي البتة ، ولم يسلم زمامه للخونة ، وربأ بنفسه أن يكون مطية لمخططات قوى الشر والقهر والظلم والظلام ، .. تلك لعمري مزية نادرة ، وعلامة فارقة في وقت كانت فيه المتع بألوانها مبذولة ، والشهوات البهيمية بأشكالها متاحة في كل حين ووقت ، وفي كل مكان وصقع ، حفّت طريق النضال والتحرر وقلَما سلم من شراكها أحد ، إلا أولو العزم من الرجال أمثال عبد الله ادريس ، فلم يتلوث بها وأورثته حرية خالية من أي قيد أو كابح ، يعبّر عن مواقفه ومبادئه بحرية ، هذه الحرية المطلقة لهذه النفس الأبية التي تصدر عنها الأفعال الوطنية والبطولية ، كانت كافية في نظر الظلاميين الأشرار من الطائفيين والعملاء لتصفيته وتغييبه عن الوجود !. وإزاحته برمزيته الملهمة عن طريق المقاومة والنضال ، ولكن باءت كل محاولاتهم بالخسران ، وأفلته الله من حبائل كيدهم ومكرهم وتآمرهم ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).إن النزعة الوحدوية بارزة في الفقيد عبد الله ، ويذكر هنا أنه كان قد انخرط مع زملائه في التنظيمات الوطنية في حوارات لتوحيد الجهود السلمية التي كانت وراء مذكرة التنظيمات الأربع الشهيرة لأسياس عبر الأشقاء السودانيين ، بعيد التحرير لإجراء المصالحة الوطنية وتجنيب البلاد المزيد من الدمار ، وليتفرغ جميع أبناء الوطن لبنائه واعماره !.كما قاد الفقيد مع زملائه القادة أبو نوال من الحزب الإسلامي الارتري ، وحسن أسد من المجلس الوطني حوارا وطنيا مسئولا أفضى الى تكوين أول تحالف ارتري معارض لنظام الجبهة الشعبية ، وذلك في عام 1996م ، وكان للتحالف الوطني آنذاك انجازات كبيرة على صعيد العمل العسكري ضد النظام ، وعلى صعيد الجماهير والكوادر والقيادات من حيث التقارب واتحاد الأهداف والغايات ، والتأكيد على ضرورة العمل الوطني المشترك لإنقاذ البلاد من الطغمة الحاكمة ، وانجاز المشروع الوطني الديمقراطي .لقد جاءت في كلمة المناضل حسين خليفة السالفة الذكر: [ اليوم نحزن للفراق لكننا نفخر بهذا القائد العظيم الذي لم تهتز قناعته ، ولم تلن عزيمته ، رغم كل المصاعب والمخاطر التي تعرفون ، وسيكون مشعلا يضئ لنا الدرب ويزودنا بكل معاني القوة والإصرار ، رصيدا في هذه التجربة العملاقة وذخيرة حية نطلقها في وجه المعتدين . ونؤمن تمام الإيمان أن الله ناصرنا لأننا على الحق ولن نفرط في حقنا وحق شعبنا وتاريخ شهدائنا ، وسنلقى الله مخلصين لمبادئنا هذه ، فهذا واجبنا وحق شهدائنا وشعبنا ووطننا علينا ، وليس في منهجنا الاستسلام لأن الصمود يصنع النصر إن شاء الله .]وزاد المناضل حسين: [ لقد أحب القائد الشهيد عبد الله ادريس وطنه حبا عظيما ، وأحب الارتريين بدون فرز، وأحبه كل الارتريين وما هذا الموقف الذي نعيشه اليوم إلا ترجمة صادقة لهذا الحب ، وليعلم نظام القمع والإرهاب في اسمرا الذي تنكر لحقوقنا في الحياة الحرة والكريمة التي ناضلنا من أجلها وظلم هذا الشعب المكافح وقادته، إننا عازمون على انتزاع حقوقنا وفاء للشهداء وتلبية لرغبة الشعب الارتري الذي لن يرضى بغير العيش الكريم على أرضه وسوف ينتهي ليل الظلم والنصر آت بإذن الله ].وفي ختام التأبين ارتفعت الهتافات بالتكبير والتهليل والشعارات من قبيل [ عبد الله شهيد لعهد جديد ]. استشرافا لعهد يبزغ فيه شمس الحرية والخلاص من الدكتاتور ، ويعم أرجاء الوطن السلام والوئام والعدل والمساواة .. يفخر فيه الارتريون بدولتهم الديمقراطية دولة المؤسسات والقانون ، دولة تحسن الجوار ولا تصدّر القلاقل ، وتفهم لغة المصالح المشتركة ، وتعلي قيم التحضر والتدين والتقدم والنماء .ألا رحم الله أبو إبراهيم القائد الرمز ، وكفّر عن ذنوبه وغسله منها بمعاناته في مرضه الطويل ، وأجزل له الثواب ، ورفع درجته في العليين ، وأسكنه فسيح الجنات ، وأبدل الله الشعب الارتري في مصيبته فيه خيرا .وأسوق خالص التعازي وجميل السلوان لأفراد أسرته الكريمة وسائر أهله وذويه ، ولرفاق نضاله وزملائه في الثورة الارترية ولقيادة وقاعدة جبهة التحرير الارترية .. وأحسن الله عزاء الجميع . و [ إنا لله وإنا إليه راجعون ] .علي عبد العليم : alialawe2000@hotmail.com10/5/2011م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى