مقالات

في وداع محمود سليمان أبوحنفي : إبراهيم إدريس محمد سليمان *

9-Oct-2012

المركز

-اليوم وفي حوالي الساعة الثالثة و النِصف “وارى” الثرى العم / محمود محمد سليمان في مدينة أديس أبابا حيث وافته المنَيةّ حوالي العاشرة من صباح الأمس السابع من أكتوبر ؛ إذ حضر للمدينة التي – درس فيها وعمل وناضل – حتى أن عرفته سجونها في الستينيات بين سجن ” ألم بقا/ وسجن / سمبلّ / وسجن / عدي خالا التاريخي التي كان من نصيبه تلقي أعنف صنوف التعذيب من المدرسة الإثيوبية الإسرائيلية حينها لمدة تجاوزت العامين ونصف مع رفاقه الكُثر والبسطاء “. كان قد حدثني عن بطولاته رفاقه وأعظمهم الشهيد / سعيد حسين ؛ حيثُ الأريتريون دوماً يتحدثوا عن رفاقهم لا عن أنفسهم !.

رفيق وصديق الشهيد/ محمود محمد صالح حيث كلاهما رضعا منذ نعومة أظافرهما التحدي والتجاوز من مدينة الصمود أغوردات وهران وسايجون أريتريا .”أبو حنفي ” إمتهن العمل السري بحكم تواجده في مدينة أديس أبابا مع ثلة من رفاقه الذين ساهموا بتأسيس فرع جبهة التحرير الأريترية في “قلب العاصمة الأثيوبية ” في بداية العمل العسكري والسياسي للثورة الوطنية وتبنى الكفاح المُسلح ؛ تلك التجربة التي شكلت منعطفا تاريخيا، أفرز جيلا “عنيدا ومثابرا بل قُل ومغامرا ” في تحديهم ؛ إذ محمود ورفاقه كانوا هُم اللذين تمكنوا من إيصال صوت أريتريا لداخل العاصمة الأثيوبية حينها في ردهات قاعة ” منظمة القمة الأفريقية ” حيث كان يعملُ حينها في الخطوط الجوية المصرية عندما “كان” جمال عبد الناصر في مقابلة الملك و الإمبريالية و تلك القصة التي لم يكتمل سردها بعد للأجيال. كانوا هناك في قلب قلعة الإمبراطور يقولوا لبعضهم ” لن نذهب للخارج لأن نضال هو الداخل هو الأمر ” وكلاهما جسداً واحداً والذين يعرفوا تجارب العمل السري والعمليات الفدائية والعمل المُنظم هم خير من يتحدثوا عنها حيث كل رجال ونساء وأطفال الوطن حينها هُم وقودها ضد كافة المؤامرات و الدسائس و الغدر، والتاريخ حتماً سينصف هؤلاء .- عندما علم “أبو حنفي ” وهو في السجن أن زوجته السيدة ” جوفانا” حاملة بإبنه طلب منها أن يسمىّ ” جيفارا” تحدياً ونكاية بأعدائه ؛ لأن القتل و الإعدام كان مصير رفاقه حينها في السجون الأثيوبية وخاصة للإريتريون . هنا كان محمود ورفاقه قد أعلنوا التحدي في وضوح وسخرية ضد كل الإرهاب ؛ أغردات حينها وشهدائها وشهداء الوطن في كل المدن الأريترية المقاومة ومقاومة الطلاب الأثيبوبين و الأريتريون في جامعة أديس أبابا ومقاومة الثورة في معارك الكفاح المسلح وحركة المد الثوري العالمي كان نُصب عينيه الوطن الكبير . بحق يا “أبو حنفي ” الذي رأى ليس كالذي سمع ! هكذا كان جيلكم يا “أبو حنفي” الذي ُأبكيك الأن في حُرقة لأنك كُنتَ بحق “بطلاً” تراجيديا مثل الأخرين الكُثر لم تهون العزة أبداً من نُصب حياتكم وممارسات الشعب و الثورة الأبية.- أعزيك يا محمود نيابة عن أخي الدكتور / أحمد إدريس وعن نفسي علناً لأنك في أحلك ظروف أسرتنا الصغيرة تمكنت من الإصغاء للوالد لكي تساهم في ترحيلنا من العاصمة الإثيوبية ومن حُضن وأمي وأخي الأصغر وأنا في عُمر” الخامسة” فقط من أجل أن أكون في الخرطوم و أنتمي للثورة الأريترية ورؤية سقف السماء المُضئ ” لأكون أريترياًّ” !و كيف لا ُأبكيك اليوم وأنت بعيداً عن وطني وكيف لا أبكي الوطن لأنك ليس هناك مع الكثير من الشرفاء الذين تعلمت منهم معاني النضال حيث كان أخرهم أخي الأكبر الشهيد / سراج موسى عبده الذي لم تجف دمعتي بعد لِفراقه و الأخرون الكثُر في الوطن وخارج الوطن . بالله و العِزةِ أوقفوا هذا النحيب وبالله أترحمك والأخرون الشرفاء ليسكنم الله فسيح جناته ” إنا لله وإنا أليه لراجعون ” وأعيدُ إليك اليوم قول أحكمَ الحاكمين من سورة التوبةِ ” إن اللهَ لهُ مُلكُ السماواتِ والأرض يُحي ويُميتُ ومالكُم منّ ِدون الله من وَلىّ ٍ ولا نَصيِر” ١١٦ .- محمود ترك لنا ثلاثه من أبنائه وإثنين من بناته وزوجته وأسرة و شعب و وطن والله.من دنفر كلورادو/ أخُط هذه الكلمات بعد أن هاتفني العم كحساي منقستَأب قائلاً : لقد دُفن محمود بعد أن تم غُسله وصلوا عليه أهلكَ وأنا الأن راجع من المقبرة وبالأمس كانت معنا أُمكَ يا : إبراهيم التي قبل يومان تحدثوا مهاً عن تاريخ طويل وتجربة وضحكوا وأبكوا !نُمّ هانئا يا : أبو حنفي …إنكَ الأن مع بارئكَّ .*كاتب مقيم بالولايات المتحده·

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى