مقالات

ما وراء الحدث… مواقف ومحطات !! : علي محمد سعيد

25-Oct-2007

المركز

تنويه : مع إنه قد يكون من بدهيات المعرفة لدى القارئ ولكنني آثرت البدء به ، وهو إن ( ما ) التي تتصدر عنوان المقال ليست ( ما ) الاستفهامية وإنما أعني بها هنا ( ما ) الموصولية ( اسم موصول ) .ومع أن الموضوع يتناول أحداثاً متعددة فقد أفردته (بالحدث ) وذلك لأن أهل العربية يقولون إن بناء الجملة العربية يقوم على الإفراد وليس الجمع ، وهي أصل الكلمة وبها كلام ( قد يؤم ) كما قال ابن مالك في الألفية .

صحيح إن الأحداث التي سيتم تناولها عديدة ولكن ينظمها خليط واحد مفرد وأترك محاولة التعرف عليه للقارئ الكريم !!.سأسرد الأحداث دون ترتيب منطقي أو تسلسل تاريخي وسأتناول كل حدث وأعلق مباشرة ثم انتقل للتالي :الأول : حادث محاولة اغتيال نائب مدير الأمن والمخابرات في النظام الإرتري العقيد ( سايمون قبردنقل ) في يوم 13/10/2007م وهو اليوم الذي وافق ثاني أيام عيد الفطر عند المسلمين وتداعياته المتلاحقة ، ومصير الرجل ، فما الذي يعنيه هذا الحدث بالنسبة للإرتريين والنظام ؟!إن هذا الحدث يعيدنا إلى الوراء بالذاكرة لنستعيد الطريقة التي وصلت بها الجبهة الشعبية إلى السلطة ، وكيف كانت تتعامل مع الرفقاء ومع كل من كان يخالفها الرأي .فبرنامج الاغتيالات السياسية والتصفيات الجسدية من أهم أدبيات نظام أفورقي وهو نهج وديدن لا ينفك عنه مهما كانت الظروف أو الشخصيات التي يحين وقت قطافها إذا ما استنفدت أغراضها أو حاولت تجاوز الأدوار المرسومة لها من قبل الذين يديرون دفة التنظيم ويخططون الخطط من وراء الكواليس ، ولكن مؤخراً وصل الخلاف إلى الذروة ، وكما يقال الثورة بدأت تأكل بنيها بل صانعيها من الرؤوس والعقول التي كانت تدير كل مسلسل الاغتيالات والاختطافات ، وما أحداث اعتقال مجموعة ال( 15 ) وما تلا ذلك إلا واحد من هذه الأدلة والشواهد ، وأخيراً محطة (سايمون دنقل) ، فما الذي ينظم كل ذلك ؟ إنه الظلم والطغيان فالإنسان عندما يمتهن الظلم ويصبح واحداً من مكوناته الرئيسة لايرى ممارسة مهام القيادة إلا من خلال نافذة الظلم والظلام وبالطبع فإن الظلم مرتعه وخيم وعاقبة الظلمة والظالمين على مدار تاريخ الإنسانية معلوم للذين يقرأون التاريخ ويتأملون مصارع الطغاة والجبابرة . وعند سايمون نتوقف ونتساءل ؟!!:- كم من برئ قد سفك دمه وأخذ ماله وأصدر التوجيهات والأوامر بذلك ، وقد كان حسبما تقول المصادر هو الآمر والناهي في قمة جهاز المخابرات ؟!! ألم يكن يتوقع إن يوماً مثل هذا يمكن أن يحل به ؟! وهل سايمون يكون محطة للاتعاظ لرفقائه الذين يسيمون شعبنا العذاب! وكم مثل سايمون داخل مؤسسات النظام القمعية ؟! وهل سايمون هو آخر ما في كنانة أفورقي من زبانية العذاب والتنكيل بالشعب ؟!وما الدوافع الحقيقية للحادث أصلاً ؟! ومن وراء هذا الحدث المجلجل الذي يمكن أن يهز أركان النظام الظالم ؟!وهو معتبر لذاته و لرمزيته داخل هذه المؤسسة القابضة .وهل حقاً هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير ، وأدت إلى الطلاق البائن بين جنرالات جيش النظام ، والقيادات الأمنية العليا ؟!ألا توجد داخل هذه المؤسسات نفوس حرة يمكن أن تسارع في وضع حد لمثل هذه الأوضاع المزرية وتنحاز إلى الشعب والوطن ؟! يقال في أدبيات الأوطان والدول عندما تتأزم المواقف ، وتصبح الأوطان في مهب الريح تتدخل المؤسسة العسكرية وتنحاز إلى الشعب وتضع حداً للديكتاتوريات والاستبداد وتسلم السلطة إلى الأيدي الأمنية ؟! فهل بإمكاننا أن نشهد الأيام القادمة مثل هذا داخل المؤسسة العسكرية الرسمية في إرتريا ؟! أم إن هذا أقرب إلى المحال في ظل وجود الجنرالات الموثوقين لدى أفورقي الذين يديرون البلاد حالياً ؟ ألا يمكن أن يتكرر مثل حادث سايمون هنا وهناك وتتحول رماح الظالمين وترتد إلى نحورهم وصدروهم ويذهبون إلى قبورهم غير مأسوف عليهم فقد أذاقوا شعبنا الويلات و الثبور .. آمل ذلك ، ولا أخال بأن كل منسوبي هذه المؤسسة ينعدم فيها من أهل المرؤة والنجدة ولو كانوا قلة والحركة فيها بركة فتحركوا وحاولوا ولا تخافوا ؟!قيل بأن خلفية هذا الحدث هو قيادة سايمون لفريق التحقيق الذي كان يحقق مع رجل الأعمال الشاب ( 36 ) عاماً حسبما رشحت الأنباء ، وإن هذا الفتى الثري اتهم بأن له علاقات مع جنرالات كبيرة وشخصيات نافذة في الدولة وإنه قد أدلى بمعلومات قد تورط كل الذين كانوا يتعاملون معه وهم يدركون مصيرهم ، فلذلك قرروا تصفية سايمون حتى لا ينكشف المستور وتظهر الأمور ، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هل هو أول رجل أعمال يتعامل مع النافذين أو يعمل مع النافذين ويشكل لهم غطاءاً تجارياً ؟! هل هذا هو الأول ؟ وهل هو الأخير والوحيد في الوقت ذاته ؟! لا أعتقد ذلك إطلاقاً فكم من الملايين قد سرقت ولكن لا نملك أدلة مادية غير أن صور الجريمة ومشهد البلاد أدلة دامغة فإرتريا وبعد استقلال فاق ( 16) عاماً ما تزال تعيش على الإعانات وحتى الإعانات يسرقها الكبار وتتحول إلى تجارة عبر القارات ، والتصريحات التي أدلى بها ممثل الإتحاد الأوروبي والتي أفادت بأن النظام أخذ ثلاثة ملايين من الدولارات من المنظمات العاملة في إرتريا عنوة وبقوة السلطة الغاشمة .فهذا التاجر هو واحد من مجموعة تجار صغاراً وكباراً يتحكمون في مصير البلاد والعباد؟! فمن هم الباقون ؟! وهل يمكن أن يلاقوا ذات مصير رفيقهم الذي لا ندري إن كان بريئاً أو كان واحداً من الذين استغلوا موارد وإمكانات الدولة من خلال الحظوة والقرب من رجال القرار ، هذا ما يمكن أن تسفر عنه الأيام القادمة ؟!.فهل كانت هذه هي الحقيقة كلها والحدث بحذافيره ؟ أم إن ما علم ليس كل الحقيقة ؟! . وقد رشحت الأنباء بأن من تداعيات هذا الحدث تم القبض على نائب مدير الشرطة في النظام ومعه من خواص ( ودي وشو ) ذلك الجنرال السيئ الصيت ، وقد حاولوا التسلل إلى الجارة إثيوبيا ، وإن طائرة هليكوبتر كانت في انتظارهم في الحدود ، ولكن الخبر لم يوضح الطائرة تتبع لمن ؟! ومن الذي رتب هذا الأمر ؟! وذلك على خلفية اتهامه بتسهيل مهمة الذين نفذوا هذا الحادث ، فهل يعتبر (ودي وشو) هو القادم الذي سيلقى مصير رفيقه سايمون ؟! وهل هو ممن تورطوا حقاً في ذلك ؟! أم أن كل ذلك يتم في إطار سيناريوهات تدار هنا وهناك ليخرج علينا ضابط إيقاع وكاتب القصة في نهاية المطاف ويقول بأن اللعبة قد انتهت وإننا سنبدأ مرحلة الإعداد لمسلسل جديد وبلاعبين جدد وبطريقة أخرى لكنها ناعمة هذه المرة ، فأين نحن مما يجري الآن داخل إرتريا وما دورنا في صراع الفيلة وصناعة الحدث فإن الذي يجني ثمار الحدث هو الذي يصنعه ويتابعه ويحميه لحظة بلحظة لا من ينتظر أن تتنزل عليه الرحمات هكذا ! أو يعطي ما يجود به صناعة الحدث وممسك خيوط اللعبة ؟!الحدث الثاني: تأجيل زيارة أفورقي إلى السودان والتي قرر لها أن تتم بتاريخ 20/10/2007م إلى أجل غير مسمى ما دلالة الحدث ؟! ومن الذي تدخل وأجل أو ألغى الزيارة إلى أجل غير مسمى ؟!!فبعد أن طارت بعض صحف الخرطوم الصادرة في يوم السبت الماضي بأن أفورقي قادم إلى الخرطوم وسيساهم في حل مشكلة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وحددت الأجندة وحددت كذلك مستوى اللقاءات وفجأة تم تأجيل أو إلغاء الزيارة ؟!فما الذي يحمله هذا الحدث ؟ وهل يعني بأن النظام قد استنفد أغراضه الخارجية والتي كانت كذلك من قبل وأن الخرطوم قد توصلت إلى هذه الحقيقة ؟! ولا تريد أن تسبح عكس التيار أم إنها قد نصحت بذلك من أصدقاء فاعلين في المنطقة تنتظر منهم الخرطوم أن يكون لهم دور مقدر في هذه الأزمة وأفورقي ليس من بينهم ! أم إن الخرطوم توصلت بقناعاتها ومعرفتها لأفورقي بأنه يريد أن يتاجر بمواقفه ويقبض قبضة ما ( مقدرة بالطبع ) !! كما قبض من قبل وتاجر من قبل بالعديد من قضايا السودان ولكن لمصلحته هو فقط ، وإن الخرطوم تعتزم أن تتجاوز هذه المحطة بعد الآن فنظام أفورقي جار لا تؤمن بوائقه ولا يسلم من أذاه حتى رفاقه !.وبقطع النظر عن من وراء الحدث ودواعي التأجيل فإن ذلك يعد صفعة في وجه الدبلوماسية الخارجية لأفورقي وكانت هذه المرة في خد الجلاد نفسه ، فهل نشهد في الأيام القادمة مزيداً من مثل هذه الصفعات لعلاقات النظام الخارجية المتدهورة أصلاً ويكون ذلك بداية لأفول نظام الديكتاتور الطائفي ؟! الحدث الأخير وهو مركب من شقين :الأول : ظهر في بعض مواقع الإنترنت بأن حكومة وهمية قد شكلت في المنفى وأعلنت عن أسمائها تنفيذيين وتشريعيين ،والثاني : رشحت أبناء عن أن النرويج قادت وتقود وساطة بين نظام أفورقي ورفاقه السابقين من مجموعة ال (15) الذين عرفوا بالإصلاحيين وإن وفد حكومة أفورقي قادة الأمين محمد سعيد ، ويماني قبرآب .وقد تم اللقاء وقدم كل من الطرفين تصوره للحل .فإذا ما صح الشق الأول من الحدث ( تكوين الحكومة ) ولم يرد في المواقع ما يكذبه وإذا ما صح الشق الثاني أيضا ما الذي يحمله هذا الحدث ؟!يمكن إجماله في الآتي :1. إن الإعلان عن الحكومة الوهمية وبالشكل الذي تم يعني تجاهل مبدأ الشراكة الوطنية ، وتهميش الجانب المسلم لدى النخبة المقدرة من أبناء الطائفة النصرانية في إرتريا ، وإن عقلية الإقصاء والتهميش ما تزال هي سيدة الموقف عند هؤلاء وإلا لماذا لا يكون الإنصاف في التوزيع ولو كان وهمياً أم إن هذا هو ما يخفيه العقل الباطن للنخب النصرانية في إرتريا ، وما زالوا يتعاملون بعقلية المواطن من الدرجة الثانية وإنك لا (تفهم اللغة) أي لغتهم!! ، ومن ثم لست مؤهلاً لتولي المناصب السيادية في الدولة حتى ولو جاءت من الخارج وكانت من المعارضة بأي شكل من الأشكال إن لم يكن الأمر كذلك لماذا لم يرد على هذه الأماني المنصفون من أبناء النصارى ويقولون هذه قسمة غير عادلة ؟! حيث لم يبلغ نصيب المسلمين حتى النصف حسب زعم النظام ، أليس كان من حقهم 50% من المناصب الوهمية ليرسلوا لنا إشارات بأن القوم قد استفادوا من أخطاء الماضي وإنهم جادون معنا في تحقيق معنى الشراكة الوطنية ، وإنهم ينصفون المظلوم والضحية ! أم إن المسلمين عندما يزول نظام أفورقي سيحنون إليه ، ويعتبرونه أرحم من هؤلاء النكرات الذين لا يعرف لهم بلاء في هذه المرحلة ولا أعني القائمة المذكورة ولكن أعني الذين اختاروا هذه القائمة المذكورة وروجوا لها في الإنترنت ونقول لهم هذه أشبه ما تكون بحلم إبليس في الجنة ، وقد أبعدتم النجعة وكشفتم لنا عن نواياكم الخبيثة في ظرف مهم جداً للذين ما زالوا يعدونكم شركاء وأمناء في الوطن ؟!.2. كنا ننتظر رداً وتوضيحاً من الأسماء البارزة التي وردت في تلك القائمة ( المشبوهة ) ولكن لم يحدث لحين كتابة هذه الأسطر فلماذا ؟ هل لم يقرأوها ؟ لا أعتقد ؟ فلماذ ؟ لا يردون ؟!!3. هل هذه مقدمات لسيناريوهات يجري إعدادها الآن في أوربا وبمباركة بعض الذين يشغلوننا في معارك جانبية ويبطئون بنا السير ، ومن ثم الانقضاض في اللحظة المناسبة والالتحاق بالثورة الأم ،والأصل كما فعلوا في عهد الثورة ؟! ربما ؟! ولم لا ؟!4. نريد أن نسمع أصواتاً من عقلاء القوم في هذه المرحلة في وسائل الإعلام ليقولوا كلمتهم ويأخذوا بأيدي طغام العقول من إخوانهم ، فإن هذه المعركة معركة حقوق ولا بد أن تنتزع أو نهلك جميعاً دونها مهما كان الموقف سواء في إطار الوضع القائم أو القادم المجهول إذا تطاول على حقوقنا وأقصانا للمرة الثالة من الدولة الإرترية!! .أما حدث اللقاء إن صح فإنني أقرأه في إطار إعادة اللحمة لفرقاء الطائفة وتقوية مركزهم خاصة وإن من يتولونه هم النرويج فلا اعتقد إنهم يسعون لمجرد حل المشكلة السياسية في إرتريا دون حسابات خاصة تتعلق بمركز القرار والحفاظ على المكتسبات القائمة لهؤلاء.فالتصدع الحادث الآن لهؤلاء وتفرقهم شذر مذر في دول العالم وخوفهم من انهيار النظام القائم دون إعادة ترتيب أوضاعهم وتجاوز خلافاتهم الثانوية ليس من مصلحتهم ولذلك هم يضربون ذات اليمين وذات الشمال بحثاً عن بوصلة الاتجاه وأحكام المسيرة ، فها نفعل ذلك نحن ولو من باب الغيرة ؟! والتحدي ؟!آمل ذلك ولكن الوقت ليس في مصلحتنا إن لم نعد ترتيب أولوياتنا ، ونوحد صفوفنا ونقدم الأصلح والأقوى منا ، ونعرف كيف ندير المعركة بذكاء ، فإن القوم لهم من يخطط لهم وعلى مستوى العالم ويستندون إلى مراكز القوى العالمية التي تماثلهم ملة ونهجاً !!فما وراء الحدث ما الموقف والمحطات التي تنتظرنا وما دورنا فيها صناعة وتوجيها واستثماراً أم إننا سنحال إلى الرصيف مرة أخرى أو يكون نصيبنا الفتات وينوب عنها من هم على شاكلة الذين يسبحون بحمد أفورقي صباحاً ومساءاً أمل أن لا تكون هذه وتكون قد علمتنا الحياة دروساً عديدة ومفيدة !.تنويه مستحق :يتردد منذ فترة في بعض مواقع الإنترنت بأن الذي يكتب بهذا الإسم هو الأستاذ برحتو ( علي محمد سعيد برحتو ) ومن باب الأمانة والمسئولية الاخلاقية بأنني لست الإسم الذي يقصده هؤلاء وأنا شخص أخر ذاتاً ومعنى وواحد من جنود وأبناء الحركة الإسلامية لم أنتم قبلها لأي تنظيم إرتري ودون الدخول في الردود رأيت ضرورة التنبيه حتى لا يتحمل برحتو ما لم تخط يداه . 12 شوال 1428هـ – 23/10/2007مAlisaed30@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى