مقالات

محمد إبراهيم أبر .. رحيل يشبه صاحبه !

بقلم / جمال همــد

الرجل القصير القامة .. سريع الخطوات وبإنتظام عسكري، السريع التفاعل والإنفعال .. القوي الشكيمة والجسور، الذي لم يكل ولا يمل لأكثر من نصف قرن، خذله الجسد المسخن بالجراحات العامة ليسلم أمانته في دقائق لبارئها وليلحق برفاقه في يوم عيدهم، الأول من سبتمبر عيد الثورة الإريترية المظفرة.
محمد أبر كما يطلق عليه أبناء جيلة في مدينة اغوردات أو محمد أبراهيم أبر رحل في الفاتح من سبتمبر وكأن الإرادة الإلهية تقول لنا لا زال الرجل سبتمبريا دون رياء. ومناضلا دون أدعاء .
رحل المناضل الشجاع دون ان يُتعب أحد .. رحل سريعا كرحيل رفاقه في ميادين القتال.
(ابوي ياجمال مات موتة تشبه ) تستهل أمال محمد إبراهيم أبر أفاداتها حول الساعات الأخيرة لوالدها الشهيد ، وتضيف :
( بطبعه كان شخصية تكره الانهزام والاستسلام….حتى المرض كان يحس انو لو استسلم حيتمكن منه…عشان كدا مابحب احساس الضعف او الاعتماد على احد)
وسردت لنا الساعة الأخيرة من حياته ، حيث ذهب للطبيب مشيا على الأقدام مع ابنه عثمان وتمدد في سرير العيادة في إنتظار الدكتور وبين دخول الطبيب للفاصل الذي يقسم غرفة ” الكشف ” بقماش يأخد اللون احد تدرجات اللون الأزرق أسلم روحه لرب كريم.
محمد أبر ككل أبناء جيلة إلتحق في بداية الستينات بجبهة التحرير الإريترية ، وقاتل في عدد كبير من المعارك العسكرية متدرجا في المواقع العسكرية ، ليصبح ضمن عدد قليل من الرماة في المدفعية الثقيلة، وحسب البيان الصادر من جبهة التحرير الإريترية الجناح الذي يقوده محمود ألمداي تقول سيرته النضالية أنه ( إلتحق بمسيرة الكفاح المسلح في وقت مبكر عام 1963م ولم تمضى على طلقة أدال الثورية سوى سنتان ، فأمتطى ود أبر صهوة اصراره وعزمة على مواجهة فلول العدو وصال وجال في وديانها وهضابها وركب الصعاب في ساحة الميدان وهو الذي تلقى تدريباً متقدماً في المدفعية والهاونات حيث كان بارعاً ودقيقاً في اصابته لمعاقل العدو وحصونه وارتاله الهمجية ، وفي كثير من المعارك التي خاضها ومن بينها معركة تحرير اغردات كان يوجع العدو برمياته الدقيقة ويربك صفوفه ليتيح التقدم لرفاقه). نذكر هنا ان الفقيد القائد شغل عضوا في المجلس المركزي لدجبهة التحرير الإريترية حتى وفاته.

المناضل محمد أبراهيم


محمد أبراهيم المناضل العنيد تصدى لمهمة يفترض ان تقوم بها مؤسسة تمتلك تمويلا ماليا، وكادر بشريا متمكنا للتأسيس لإرشيف يضم كل أسماء الشهداء والمقاتلين في جيوش التحرير، ولكن الرجل بعنادة المشهود وقوة عزيمته وصبره أبى إلا ان يفعل ذلك متجاوزا كل الإشتراطات المعرفه وحاول ان يضع لبنات أساسية لذلك واستطاع الوصول لعدد كبير من الصور والوثائق.
رحم الله المناضل الشهيد محمد إبراهيم أبر وأسكنه فسيح جناته مع رفاقه الأبرار، وخالص العزاء للسيدة زهور عثمان عيسى التي تحملت معه أعباء النضال ولأولادة وسائر رفاقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى