مقالات

مرة اخرى قصة الأرض : أبو حيوت

23-Jun-2008

المركز

كنت تناولت في مقال سابق عن ما يمكن أن نسميه تعاملاً حضارياً من قبل بلدية اسمرا مع اصحاب الأرض في ضواحيها, وذلك عندما قامت بتعويضهم أو بتقسيم الأرض عليهم, ليتصرفوا فيها كما يشاءون بالبيع أو بالبناء, كما حدث في قجرت و قودايف.

ولكن لنرى كيف تصرفت نفس الحكومة مع اصحاب الأرض في القاش عبر مندوبها, الكولنيل قبري قال, الذي كانوا قد فصلوا له مديرية جديدة حسب الطلب بفصل القاش من بركه, بعد رفض المرحوم الأمين ادريس التنازل عن حقوق اصحاب الأرض. فاطلق قبري قال يد القادمون الجدد من منطقته للإستيلاء على بادمي ومناطق اخرى من القاش دون احترام أو مراعاة لحقوق اصحابها. فكيف نفسر هكذا تصرف بوجهين في وطن واحد وفي فترة واحدة؟ تعويض هناك واغتصاب هنا !!!!!!!!.إذا كان اعلاه هو تصرف حكومة اسفها ولدي مكئيل, فكيف تصرفت حكومة اسياس؟ الإجابة على السؤال لا تختلف الا في الحجم حيث شملت كل إرتريا, بتقسيمها الى ستة اقاليم ليسهل التهام الأرض بإطلاق يد حكام الأقاليم وقيادات الجيش, بإختصار, قبري قالات بدلاً من قبري قال واحد. مايحدث من نهب للأرض يحتم علينا طرح سوأل, هل قدر هذا الشعب, أن ينكب بحكومات تكيل بمكيالين؟ وكذلك يأتي السؤال, هل يحصل هذا لضعف اصحاب الأرض وعدم الدفاع عن ارضهم والتمسك بها مثلما يفعل اصحاب الأرض في المرتفعات, أم لقوة الهجمة عليهم؟ المؤسف هو ان تتكرر هذه الجريمة ويستمر النهب والسلب في ارتريا المستقلة بشكل عام و في القاش المنكوب بشكل خاص حيث توطن فيه حكومة اسياس مئات الفلاحين من المرتفعات نهاراً جهاراً وتدوس على اصحاب الأرض في المناطق الإرترية التي ظلت تستهدف لعقود وبأشكال مختلفة وتحولهم الى اجراء في أرضهم . هذا التصرف اللاوطني يعيد الى الأذهان بدايات هذه المجموعة التي تحكم ارتريا وميثاقها ” نحنان علامانان السيئ الصيت” الذي كان هدفه الأول الدفاع عن مصالح فئة محددة من الشعب الإرتري لا كل الشعب. فهل اغتصاب الأرض من البنود السرية لميثاقهم؟ كم كنت اتمنا أن لا يشارك شعبنا من المرتفعات في تنفيذ سياسات النظام في نهب ارض اخوتهم في الوطن من منطلق ” حب لإخيك ما تحبه لنفسك” او بالعكس, لأنهم لا يقبلون نهب ارضهم ولا أن يشاركهم فيها اخرون بل لا يسمحون حتى بدفن الغرباء في ارضهم حتى لايأتي مستقبلاً من يطالب بالأرض بحجة أن هنا دفن اباه أو جده, وفي هذا قصص مشهورة يعرفها الكل وهذه بعض الأمثلة: رفض اهل منطقة طلوت دفن رجل عاش حياته كلها معهم كأجير (لا يملك الأرض) ولكنهم اجبروا على دفنه بعد الإستقلال وكذلك القصة المشهورة للرجل الذي عمل دليلاً ومترجماً للإستعمار الإيطالي ابتداء من مصوع حتى اسمرا وقبلها كان يعمل اجير(عقيتاي) في قرية امبادرهو القريبة من اسمرا ولم يسمح له بتملك قطعة ارض, فصمم العودة الى امبادروه بعد وصول الإيطالين الى اسمرا, وحاول تحقيق حلمه إلا أن اصحاب الأرض رفضوا الخضوع فتم التنكيل بهم. ولأن احفاد الرجل لم ينسوا, اعادوا المحاولة بعد مايقارب ال 90 عاماً, بعد وصول اسياس الى السلطة ولكن احفاد اصحاب الأرض لم يكونوا اقل من اجدادهم دفاعاً عن أرضهم, فحدثت مواجهة عنيفة مع قوات النظام وتم ارسال العديد من الرجال والنساء الى سجن نخرى السيئ السمعة. ينسى من يتعاونون مع النظام ويستولون على اراضي الغير, أن حكم الظالم لن يستمر واصحاب الأرض سيعودون طال الزمن ام قصر. الذي يحدث في القاش ذكرني بما حدث في تقراي اثناء حكم يوهنس, عندما كان يقال ” اب زمن يوهنس مريت زي حذي حذي” ليكون عندنا ” اب زمن اسياس مريت زي حذي حذي” ولكن ماذا عندما ينتفض صاحب الأرض؟ ارجو أن يكون ماقاله الشهيد سيوم عقبامكئيل ” قنطبطب ايلكم مريت اندا اماتكم اي توسدوا” ويعني “لاتستولوا على اراضي الغير” هو المثال التي تحتذي به التنظيمات والأحزاب فيما يخص قضية الأرض مستقبلاً, لأن هذا سيكون المقياس الأساسي للإلتزام واكتساب المصداقية امام الجماهير التي تتطلع الى التغيير والعدالة والمساواة وهنا لابد من ذكر الموقف الواضح للمجلس الثوري عندما كان ينادي بإعادة الأرض الى اصحابها دون لف ولا دوران, وليس بتعويم المسألة لتكون إعادتها الى الشعب و ارجو أن يكون موقف التحالف الديمقراطي اكثر وضوحاً ليحذر من عواقب الإستيلاء على ارض الغير مستقبلاً على استقرار الوطن والعيش المشترك فيه. على الماشي حالة الإسهال الإعلامي التي اصيب بها اسياس ليجري هذا الكم من المقابلات الصحفية توحي بأن الرجل وصل الى المرحلة الأخيرة من الجنون ولم يبقى في ذاكرته الا ماضيه المشين مع الإستخبارات المركزية مما جعله يرى كل الناس عملاء مثله ومن هذا المنطلق تعامل مع صحفي الجزيرة الذي لم ينجى من لسانه السليط. وهنا اقول اذا كان هذا تعامله عبر الأثير وبعيداً من متناول اليد فليكن الله مع الصحفيين في الداخل.قرأت في الصحف السويدية خبر عن مشروع كبري بين اليمن وجيبوتي وهذا حلم كان يراودني منذ ان عبرنا ليلا باب المندب مع رفاق من المناضلين على متن سنبوق الجبهة الذي كان يقوده الناخوذة حمادي في ليلة رأس السنة من عام 1972, والمفارقة أن العالم كان يحتفل بإستقبال 73 ونحن نصارع الأمواج العاتية قبل الدخول الى البحر الأحمر لنصل جزيرة ميون اليمنية قبل الفجر. الترحيب الأخوي من الوحدة العسكرية اليمنية انسانا مشاق ومتاعب الليلة الأولى. لنعود الى حلمي المبكر, عند عبورنا المضيق تمنيت أن يأتي اليوم الذي يرحل فيه الإستعمار ونتمكن من بناء كبري يختصر الزمن والمعاناة ويساهم في رفاهية شعوب حوض البحر الأحمر والمنطقة. الخبر يوحي بأن الحلم سيتحقق ولكن للأسف بمعزل عن ارتريا, كنتيجة للتصرفات الجنونية والحمقاء للنظام في اسمرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى