مقالات

مُعلِّم إريتريا.. نصير الكويت : يوسف عبد الرحمن

25-Dec-2013

نقلا عن جريدة الأنباء

رحمك الله يا أستاذ صالح محمد محمود إسماعيل.رحمك الله يا من نصرت الكويت في محنتها ابان الاحتلال العراقي الغاشم بعزة نفس، رافضا كل الاغراءات في اتحاد المعلمين العرب.رحمك الله يا نصير المعلم الكويتي في الجلسة التاريخية للمعلمين العرب في الفترة من 8 – 13 يناير 1991 في صنعاء.رحمك الله يا صاحب المواقف المشرفة في قضية اريتريا والمبادئ النقابية وفي قضية الاحتلال العراقي للكويت في 8/2 /1990م.

اسم شعبي الكويتي الحر نذكر لك وقفتك الأبية في وجه الاحتلال العراقي الغاشم دون منة وبصمت واباء كما يفعل الشرفاء الأحرار.
رحمك الله يا صالح وأنت صالح على الدوام
بكيت دما لو في الرزايا دم يجري
ذوبت روحي كل روحي على خدي
ولكن من قد راح ليس بعائد
اترجع الايام من بات في اللحد؟
الى جنة الخلد يا مربي الاجيال الاريترية الباسلة.
رحلت وستبقى خالدا في قلوب الاريتريين رمزا لنضال المعلم والتربوي والنقابي، نعم رحل ملك الكتاب والكراسة والقلم والاصبع السادس ربان التعليم والعمل النقابي في اريتريا في يوم الجمعة 22 من نوفمبر 2013 خارج وطنه اريتريا والذي عمل جاهدا من أجل تحريرها وعندما تحررت زجت به وأمثاله الى السجون والمقابر.
انني بهذا الرثاء أتوجه الى أبنائي وأولادي في الكويت واريتريا والوطن العربي عارضا نموذجا يحتذى في النضال الوطني والدور التربوي والنقابي.
أيها الأعزاء الذين يتواصلون في كل وسائط التواصل الاجتماعي من شبكة الانترنت والتويتر والفيسبوك والانستغرام أعرض لكم اليوم بطلا حقيقيا من اريتريا، بطلا متوجا بالنزاهة والشهامة، سيفا مجردا ضد كل محتل غاشم، فلقد كان رصاصة ضد الاثيوبيين، وسيفا صارما ضد العراقيين البعثيين.
كان والله يبتسم لمن يحب ليشعره بحبه.
ويبتسم لعدوه ليشعره بقوته.
ويبتسم لمن تركه وحيدا ليشعره بالندم.
فمن هو هذا الاستاذ صالح محمد محمود إسماعيل؟
وكيف أفنى هذا المدرس عمره من أجل أن تتحرر اريتريا؟
وما دوره في إحباط مخطط العراقيين لمحو الكويت من اتحاد المعلمين العرب؟
المربي صالح محمد محمود
عرفت استاذي صالح محمد محمود من خلال عملي في جمعية المعلمين الكويتية في عام 1982 بحكم وجوده في منصب نقيب المعلمين الاريتريين ولو كان الامر بيدي بعد ان عرفته لنصبته على اتحاد المعلمين العرب لانه يشرف الكرسي الذي يجلس عليه. دعوته للمؤتمرين الثالث عشر والرابع عشر اللذين ترأستهما وهو فعال يعمل بهمة ونشاط في اي فعالية تربوية او نقابية، وفي هذا تذكره كل البقاع والاماكن التي حولها الى قاعات للدرس والتعليم، راضيا بكل الامكانيات المتواضعة التي بيده ليحولها الى فكر مستنير، واسألوا جميع من تخرج من دورات هذا التربوي والنقابي الهمام.
كرن
عندما سمعت خبر وفاته اقسم بالله العلي العظيم انني بكيت لانه وعدني وكان صادقا في وعده بأنه سيستضيفني في «كرن» التي كان يصفها دائما بالاصالة ومهد التراث الاريتري، اتذكره وهو يحدثني عن حبه لاريتريا وعن كرن على وجه الخصوص، وعندما اقول له «ايه يا أستاذ صالح انت مناضل كرني» يضحك ويقول استاذ يوسف «أنا مناضل مجاهد ارتيري»؟. حب اريتريا مقدم على حبه للارض التي ولد عليها وترك بها مرتع صباه ونسبه وارواح اجداده.في الثمانينيات كان يمني النفس وهو يتحدث معي باقتراب الفرج وتحرير اريتريا وكيف ستتحول كرن الى منتدى ثقافي يجمع كل الاريتريين.كان يصف كرن بانها حصن التاريخ الاريتري بكل ابعادها وترابطها لان النموذج الاريتري المثالي الذي يدفع المواطن الاريتري لتقليده وكان حافظا لتاريخها الاداري واشهر احيائها وسماتها الحضارية والقيادات التاريخية فيها وهو احدهم بلا ادنى شك واتذكره يشيد على الدوام بدور الحضارمة من اليمنيين وكيف عصت كرن على الانجليز والطليان وغيرهم من المحتلين، كان استاذنا صالح محمد محمود يتقن لغة البلين والتجرايت ويعلم العربية ويدعو لها ويناصرها ،وطبق في المهجر كل ما تعلمه من خلاوي كرن القرآنية وموروثها الديني من صوفية وختمية وكان متمسكا بالكتاب والسنة.كرن حزينة
أتصور ان كل المدن الاريترية ستحزن لفقدان هذا القائد التربوي والرمز النقابي غير ان كرن ستجلل وتتسربل بالسواد على حزن هذا الابن البار الذي خرج من رحم النادي الاجتماعي بكرن والرابطة الاسلامية ولا عجب فكرن كان يسميها استاذنا صالح محمد محمود «مدينة الشهداء» وان ما خانتني الذاكرة فانه كان يعتز دائما برمزه الشهيد محمود عثمان حسب الله، رحمه الله، وهو من الرابطة الاسلامية والذي قتل في عام 1948 في مظاهرة كرنية، ومما قاله لي ان اكثر من 20 شهيدا سقطوا في مواجهة العدو الاثيوبي في معركة محلاب.ويذكر لنا التاريخ ان ابطال كرن سقط لهم اكثر من 45 شهيدا في مدينة حلحل وهم يواجهون العدوان الاثيوبي على كرن في عام 1968 وايضا لا ننسى بطل معركة «طنقلس» عام 1965 البطل الشهيد محمود محمد علي جنجر، رحمه الله، وهو بلا شك احد ابناء كرن المناضلين ومن اوائل الذين سقطوا ورووا بدمائهم مهر تحرير اريتريا، هذا ما كان يذكره لي، رحمه الله، عن مدينته وحبيبته كرن.رحيل في المهجر
هكذا يرحل الأستاذ صالح محمد محمود عنا بعد أن قدم لوطنه ما لم يقدمه ثائر لأرضه بعد أن قام بتحمل مسؤوليات الأمانة الملقاة على عاتقه.في الملتقيات معه كنت أمازحه: يا أستاذنا لم كل هذه النحافة ؟! والله إنك تذكرني بالمجاعة في أفريقيا!يبتسم لي ثم يقول بهدوئه المعتاد وكلماته القليلة: وكيف نسعد بالطعام والشراب وإريتريا محتلة؟ وكيف نهنأ وأهلنا مهانون محتلون يعانون الذل؟ وكيف نرتاح وكل أهلنا في الداخل والخارج في محنة الاحتلال والتهجير والقتل والتعذيب؟نعم من خلال معرفتي به وعشرتي معه وجدت هذا الأستاذ النحيف الضعيف غارقا في هموم شعبه.في إحدى زياراته للكويت قلت له: أستاذ صالح دعني أعد لك زيارة للأسواق وما تريد رؤيته،فقال: أريد أن أزور المدارس من رياض الأطفال إلى الجامعة.وقد كان، رتبت له الزيارة وزرنا حضانة جمعية البيادر ومدرسة الرؤية ومدارس النجاة، وهكذا رحل الأستاذ صالح محمد محمود في المهجر بعيدا عن إريتريا وكرن. نصير الكويت بمبدئية الشرفاءإنني أتوجه بهذا النداء إلى الزملاء رئيس وأعضاء جمعية المعلمين الكويتية، فلقد انتقل إلى رحمة الله المجاهد الإريتري الأستاذ صالح محمد محمود، هذا الرجل التربوي النقابي الذي قال «لا للاحتلال العراقي» علانية وبقوة الحق والمبادئ المتمثلة به وأنا سأعرض بالوثائق دور هذا البطل الحقيقي الذي ناصر الكويت دون منة ولا طلب «?نطة دولارات» وفي صمت عجيب لا يعلمه إلا الله ونحن الذين رافقناه وعايشه إخواننا النقابيون الشرفاء وكان يقول رحمه الله «نحن شعب نعاني الاحتلال ونؤيد احتلالا لايجوز ابدا ابدا..».موقف مبدئي لهذا النقابي الإريتري
لم ينحصر نشاط جمعية المعلمين الكويتية ضد الاحتلال العراقي بل كان لأعضاء مجلس الإدارة وأعضاء الجمعية العمومية المتواجدين خارج البلاد إبان الاحتلال العراقي الغاشم دور مميز ومناهض لمحاولات الاحتلال العراقي طمس الوجود الكويتي على جميع الأصعدة وفي المحافل وكان لنا جميعا ـ ومعنا المرحوم بإذن الله الأستاذ صالح محمد محمود الإريتري ـ دور كبير في تثبيت شرعية جمعية المعلمين الكويتية التي هي إثبات لشرعية الكويت واستقلالها وحريتها.وكانت الخطوة الأولى التي استلزمت أن تلعب جمعية المعلمين الكويتية دورها في التصدي لاجتماع لمجلس اتحاد المعلمين العرب الذي عقد وأغفل اسم جمعية المعلمين الكويتية ولمعالجة هذا الوضع والخطأ الفادح الذي ارتكبه اتحاد المعلمين العرب بدأ أعضاء مجلس إدارة جمعية المعلمين وأعضاء مجالس الإدارات السابقة المتواجدون في الخارج تشكيل مجموعة لتوحيد العمل باسم جمعية المعلمين الكويتية للوقوف بقوة أمام المخططات العراقية التي تقوم بها نقابة المعلمين العراقية وبعض النقابات المنحازة وقد تشكل الوفد من كل من الزملاء: «عبدالله الجاسم، يوسف عبدالرحمن، بدر بورحمة، جمعة ياسين، عبدالرحمن بوزبر، طارق إدريس، فيصل العبدالجادر، يعقوب العصفور وفهد العدواني».وقد بدأت هذه المجموعة بتنظيم زيارات لبعض النقابات والجمعيات ومنظمات المعلمين لشرح قضية الكويت وشرعيتها وبيان الانتهاكات الدموية التي تمارس ضد الشعب الكويتي، وقامت المجموعة بتقسيم نفسها إلى وفدين أحدهما قام بزيارة مصر وسورية والسودان واريتريا واليمن والوفد الثاني قام بزيارة ليبيا والجزائر وتونس والمغرب وكانت مصر الحبيبة أرض التقاء الوفدين للتشاور والانطلاق من جديد لتنفيذ الخطط الجديدة التي تحقق الأهداف المرجوة.اتفاقية
عندما وصلنا السودان وانتهينا كلفني الوفد بأن أزور اريتريا لعلاقاتي ومعرفتي بالطرق اليها وهذا ما حصل إذ ذهبت من «الخرطوم إلى كسلا» عن طريق البر في سيارة أعدها لي مبارك قسم الله ـ رحمه الله ـ بالاتفاق مع منظمة الدعوة وفي مباركة من المشير عبدالرحمن سوار الذهب وهذا الرجل له موقف طيب من قضية الكويت لا يخفى على أحد.وفي 3/1/1991 عقدنا اتفاقية مع اريتريا ويمثلها الأستاذ صالح محمد محمود ـ رحمه الله ـ والتي تؤكد على عمق الروابط الكويتية – الاريترية والتنسيق لجلسة الاتحاد في اليمن القادمة.جلسة تاريخية للمعلمين
حضر وفد جمعية المعلمين الكويتية جلسة اتحاد المعلمين العرب من 8 إلى 13 يناير 1991 في صنعاء وأنا أقول هذه جلسة تاريخية لأن الكثير خذلنا من اخوتنا العرب اللهم الا الشرفاء منهم وكان أولهم الاستاذ صالح محمد محمود الذي حرص طوال الجلسة على ان يثبت بالجهر ان الكويت لا يمكن ان تطمس على الصعيدين النقابي والشعبي، واستطاع واعضاء الوفد الكويتي وبعض اعضاء الوفود المشاركة المنصفين ان يحبطوا محاولات نقابة المعلمين العراقية، معلنين ان الاحتلال العراقي لا يجوز وطالبوا بسحب القوات العراقية من الكويت رغم طلب رئيس الوفد العراقي تسجيل تحفظه على وجود جمعية المعلمين الكويتية وهنا يسجل أيضا لرئيس وفد دولة الإمارات دوره في التحرك لمنع المؤامرة على طمس هوية جمعية المعلمين الكويتية ونجحت الكويت ممثلة بوفد جمعية المعلمين في ان تحافظ على اسم الكويت بعد أن انسحبت مع وفد دولة الإمارات بعد ان تبين ان لجنة الصياغة مكونة من تونس، فلسطين، العراق، اليمن والسودان، وكلها دول وقفت ضد الكويت.
مسيرة فخر
بعد هذا العرض المتواضع عن أستاذنا صالح محمد محمود ـ رحمه الله ـ نستطيع أن نؤكد أنه كان يتدخل في كل ما هو مختلف ويحول المواقف بحنكته وخبرته نحو الإصلاح المنشود بسداد رأي عجيب أذهل المراقبين منهم وأنا أحدهم لأنه بحر من الخبرة التعليمية والنقابية والثقافة العامة وكما قال الشاعر:
لبيب أعان اللب منه سماحة
خصيب إذا ما راكب الجدب أوضعا
بفقد هذا المعلم الاريتري الرمز، أستطيع أن أقول إننا فقدنا راحلا عظيما كالطود الاشم على الأعداء، فلقد دافع عن محبوبته اريتريا وكانت هي «رسالة الدكتوراه» التي حشد عمره لها وأفنى زهرة شبابه من أجلها وليقطع على كل المتربصين من الأعداء أهدافهم.
نعم، كان نحيل الجسم، قوي الهمة، والله إن قامته بطول قارة وحنانه حنو المرضعات على الفطيم.
كان صاحب مبادئ وآيات وسباقا لكل ما يفيد شعبه ويحقق رسالته في حركة دائبة وعزيمة صادقة رافعا هامة الاريتريين على الدوام لا يعرف اليأس او القنوط.
وداعاً
فارس التعليم وداعاً..
لقد كنت أمة في رجل ورجلا في أمة.
وعى أن التعليم جسر للتنمية لمواجهة الأعداء فاتكأ على التعليم والعمل التربوي والنقابي ليواجه أعداء اريتريا.
والله.. ثم والله انه كان رجل دولة ولو كان هناك نظام يفهم في أسمرة لكان هذا هو باني التعليم بعد التحرير لأنه يدرك الموازنات وطبيعة كل مرحلة، وقضى عمره في التعليم شامخا سدا منيعا أمام كل أنواع الظلم والقهر والبغي والعدوان.
شهادة
نشهد الله أيها الأستاذ الغالي على قلوب الاريتريين والنقابيين والتربويين على امتداد الوطن العربي والعالم الإسلامي بأنك واخوانك من أبناء جيلك أديتم الرسالة التربوية والنقابية والنضالية في ساحات الوغى والبناء.
ونشهد الله كم أنت تحملت ولم «تنخ» كما «نخ» الجبناء المنهزمون، وكتبت بيدك الطاهرة المتوضئة كتاب «نقرأ ونناضل» وكان لي شرف طباعته وتمويله، فنم قرير العين فأنت عند ربك.
العظماء لا يموتون
تبكيك اليوم اريتريا المحاصرة المخنوقة المحتلة وتبكيك أقاليم دنكاليا وبركا ومصوع ونقفة وكرن، لك بصمة عبر الأجيال الاريترية الرائعة اليوم في الداخل والخارج.
ولك أعلى وسام اريتري سيوضع على قبرك الطاهر في مشهد مهيب لم تره، أستاذي بكتك الجاليات الاريترية بل كل أب وأم اريتريين، بكتك الجموع في الداخل والمهجر.
أتذكر مقولة عظيمة قلتها لي وأعرضها اليوم عندما قلت لك ان الأجيال الاريترية للأسف لا تعرف حامد إدريس عواتي ورفقاء دربه من مسلمين ومسيحيين، فقلت بلغة الواثق: العظماء لا يموتون، نعم العظماء والرموز لا يموتون وأنت منهم.
محطات في سطور
٭ الأستاذ صالح محمد محمود إسماعيل.
٭ ولد في مدينة كرن 1934.
٭ تعلم في اسمرا في معهد المعلمين وتنقل في مناطق اريتريا.
٭ حاصل على دبلوم باللغة الإنجليزية من المعهد البريطاني ثم حصل على منحة تفوق ليدرس في اديس بابا.
٭ عين مديرا لمدرسة أغردات الثانوية.
٭ انتمى لحركة تحرير اريتريا وأصبح عضوا فاعلا وناشطا سياسيا في جبهة التحرير الاريترية.
٭ هاجر إلى السودان عام 1976 وافتتح مدرسة اليونيسكو عام 1977 في منطقة كسلا شرق السودان واصبح أول مدير لمدرسة تحتضن اللاجئين الاريتريين.
٭ يستحق هذا النموذج الاريتري التكريم على مستوى جمعيات ونقابات المعلمين العرب وايضا المؤسسات التربوية مثل اليونيسكو والايسيسكو لاخلاصه في أداء واجبه المقدس.
٭ اقترح ان تجمع له الجالية الاريترية في المهجر اموالا لوقف تبنى فيه مدرسة او جامعة خارج اريتريا اما في اريتريا فلن ينساه شعبه الحر الثائر من التكريم الحقيقي.
٭ اتمنى ان يؤبن في جمعية المعلمين الكويتية ويكتب عنه ملف في مجلة المعلم لدوره المناصر لقضايا الكويت وجمعية المعلمين الكويتية.
رسالة تاريخية من الأستاذ صالح محمد محمود
أخوك: صالح محمد محمود
.في أواخر نوفمبر 1993 وصلتني رسالة كريمة من استاذنا الكبير صالح محمد محمود ـ وهي بحق رسالة تاريخية توثيقية أعرضها أول مرة ليشاهدها الشعبان الكويتي والاريتري، ويعرض فيها كيف انبرى بعفوية وشفافية لرد المكائد العراقية والمؤامرات والزيارات الماراثونية من أجل رشوته وتغيير موقفه وتسليط الاريتريين الجبناء الخونة من البعثيين عليه ليغير مواقفه المتضامنة مع الكويت وكيف كان بوده ان يناقش الكويتيون والإماراتيون البيانات وعدم التعجل بالمقاطعة وقد زودت نسخة منها الى أخي الاستاذ د.أحمد الهولي رئيس جمعية المعلمين الأسبق لأهميتها.
ثم يعود في الرسالة التاريخية الى توضيح كيف سرقت ثورة الشعب الاريتري بمؤامرة أميركية مع الأحباش وإسرائيل والكنائس العالمية.
وتأكيده في آخر الرسالة على مواصلة الجهاد والنضال من أجل إعلاء اسم الله عز وجل على أرض اريتريا، وطلب أخير بأن ترسل له مجلة المعلم الغراء:
بسم الله الرحمن الرحيم
كسلا – ص.ب. – 234
25 نوفمبر 1993م
الأخ العزيز والصديق الحميم الأستاذ يوسف عبدالرحمن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد، فأهدي اليك اخلص تحياتي القلبية واشواقي العميقة واصدق امنياتي لعلك واسرتك الكريمة وجميع اهلك قد عدتم الى رحاب الكويت الحرة بالسلامة وتعيشون في أمن وأمان واستقرار تام بعد تلك التجربة المرة التي ألمت بالكويت.
كم حاولت بعد تحرير الكويت ان أتصل بك لاهنئك ولاطمئن على احوالك، ولكن كل محاولاتي لم توفق وبين حين وآخر كنت اتلقى اخبارك من بعض الاخوان القادمين من منطقة الخليج، فاحمد الله على سلامتك، وقد زارنا اخيرا احد شبابنا الذين يعملون بالكويت وأوضح لي الكثير عن مواقفك الشريفة وشجاعتك وجهادك المستمر، وأنتهز الان فرصة زيارة ذلك الشاب وأبادر بكتابة هذه السطور لعلها تصلك وانت في رحاب السعادة والسلامة.
ان شعبنا الاريتري العربي المسلم دوما يذكر مواقفك الشجاعة الشريفة نحو المسلمين في اريتريا ومساعيك الحميدة لتوحيد صفوفهم وكلمتهم في مجالسنا وندواتنا الرسمية وغير الرسمية، نذكرك قبل كل الاشقاء والاصدقاء الحادبين المخلصين، واننا نذكر مشاركتك في ندوة تونس، ومطبوعاتك المصورة اثناء الوحدة بين الفصائل الاريترية الثلاث، وموقفك نحو قضايانا في اتحاد المعلمين العرب وجهودك لدعم تعليم ابناء اريتريا، وتشجيعك لابنائنا المتواجدين بالكويت، وقد علمنا اخيرا بكتاباتك في الصحف الكويتية، كل هذه المواقف ستبقى خالدة في افئدة الاريتريين المسلمين ما دام هناك بقاء للمسلمين في اريتريا.
ان اجتياح الكويت والتدمير الذي جرى لها يعتبران عندنا بلاء لجميع العرب والمسلمين، فمنذ ذلك اليوم تعيش الامة العربية في حالة تمزق وتشتت وتنافر وكذلك المسلمون في شتى انحاء العالم، وهذا يؤكد ان الكويت كانت قوة توازن بين العرب وبين المسلمين، واجتياحها سبب اختلال ذلك التوازن.
بعد لقائنا في الخرطوم عام 1990م ذهبت الى اليمن لحضور اجتماع مجلس اتحاد المعلمين العرب. وقبل يوم الافتتاح جالت بين الوفود مقولة رفض مشاركة جمعية المعلمين الكويتية في الاجتماع. وجاء إليَّ أحد الزملاء العراقيين وصرح إلي بأن الفكرة لها قبول من مختلف الوفود وان زميلي الذي جاء للمشاركة موافق على الفكرة. فانبريت له غاضبا بأن مثل هذه الفكرة ليست تنظيمية ولا قانونية وأنا شخصيا أعارضها الآن وسوف أُعارضها داخل قاعة الاجتماع، وان زميلي الذي أشرت اليه لا يمثل المعلمين الاريتريين في شيء. وبعدها تحركت في أوساط الزملاء الذين كنت أثق بهم ووضحت لهم مغبة مثل تلك المحاولة. والوفدان الكويتي والإماراتي لم يحضرا إلا في وقت متأخر من الليل، ولذا لم أتمكن من مشاورتهما. وفي الجلسة الاولى بعد الافتتاح طرح رئيس الوفد العراقي نفس الاقتراح، ولحسن الحظ فان رئيس الاتحاد رد ردا حاسما وأسكته، وكفى الله المؤمنين القتال.
وكان بودي لو انتظر الاخوة الكويتيون والاماراتيون مناقشة البيانات، ولكنهما تعجلا وقاطعا الاجتماع. ومنذ ذلك الوقت لم أحضر أي اجتماع للمجلس لأسباب صحية واقتصادية وعراقيل خارجية خلفتها الظروف المحيطة بنا في الوقت الحاضر.
كما لا يخفى أن تضحيات شعبنا ومعاناته من أجل الحرية والحياة الكريمة قد راحت أدراج الرياح. فقد سرقت ثورة الشعب بمؤامرات حاكتها أميركا مع الأحباش وإسرائيل والكنائس العالمية. الطغمة المستولية على السلطة لا تعترف بأي حق للمسلمين في اريتريا. انها استولت على أراضي المسلمين وأسكنتها لمسيحيين وأبطلت اللغة العربية في الدواوين الحكومية وفي المدارس، وتهدد بقفل المعاهد الدينية القليلة في البلاد، وغيرت العلم الاريتري واستبدلته بعلم الجبهة الشعبية. ووطدت علاقاتها مع إسرائيل عسكريا واقتصاديا كيدا للأمة العربية والاسلامية وحماية لسلطتها في البلاد. بالرغم من تساقط الفئات الاخرى، فإننا مازلنا صامدين في الميدان وفي الخارج، ولكننا لم نجد حتى اليوم التفاتة من أشقائنا العرب واخواننا المسلمين. حتى المحسنون المسلمون حرموا علينا أبسط مستلزمات الحياة مجاملة لتلك القوة الكافرة الفاسدة المتسلطة على المسلمين في اريتريا.
إن تلك الطغمة مازالت تعتمد على إعانات الكنائس العالمية التي دبرت مع هذه الطغمة أساليب إنهاء الإسلام والمسلمين في اريتريا، بتشريدهم، وتعذيبهم وإفسادهم وتنصيرهم، بينما نجد اليوم مدارسنا في السودان تغلق الواحدة بعد الأخرى بعدم توافر وسائل التعليم وإعاشة المعلمين.
والنتيجة النهاية حتما هي تشرد الاطفال وسقوطهم في مهاوي الفساد والدمار.
اننا نطلب منك أن تواصل جهادك وتسمّع صوتنا الى القريب والبعيد في المنطقة. واننا نؤكد لك على أننا سوف نواصل الجهاد والنضال من أجل إعلاء اسم الله في هذه الأرض واسترداد حقوق المسلمين المسلوبة.
أرجو أن تتصل بالأخ عبدالله ادريس الذي يذكرك دائما لتكون على صورة واضحة من سير الأمور عندنا. اخواننا الشباب في الكويت بإمكانهم أن يدلوك على مكان تواجده وعنوانه.
أرجو أن تبلغ تحياتي للاخوة في إدارة جمعية المعلمين الكويتية، وأن توصيهم بإرسال مجلة المعلم الغراء إلينا لنكون على صورة من سير التعليم في الكويت. وإذا كان المؤتمر التربوي الذي تنظمه الجمعية مستمرا، فأرجو أن تحاول مشاركتي فيه هذه السنة.
وفي الختام أرجو قبول تحياتي واحترامي ومودتي.رابط صحيفة الأنباء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى